سيناريوهات إدارة الأزمات

ندى علي

2018-05-14 06:24

إن سيناريوهات إدارة الأزمة تتطلب إعدادا حسنا وصياغة فاعلة، وتتطلب تدريب فريق الأزمة على استخدامها بنجاح، إذا أن هذه السيناريوهات تؤدي إلى تأهيل إدارة المنظمة للتعامل مع الأزمات بفاعلية وتمكينهم من سرعة التصرف وتقليل آثار المفاجأة والتحكم الدقيق في وقت إدارة الأزمة وتقليل المخاطر والتهديدات.

أولا: مفهوم السيناريو:

المفهوم اللغوي للسيناريو: السيناريو من الناحية اللغوية هو تعبير عن فن الحركة على المسرح أو في السينما، والسيناريو هو مخطط المسرحية أو الفيلم السينمائي المعد للإخراج المسرحي أو السينمائي وهو يشمل وصف الشخوص ويتضمن تفاصيل خاصة بالحوار والمشاهد ويتضمن كذلك إرشادات متعددة.

المفهوم الاصطلاحي للسيناريو: السيناريو يعبر عن الاحتمالات التي من الممكن أن تحدث في المستقبل، أو الحالات التي يمكن أن تحدث لكنها لم تحدث.

ثانيا: أهمية رسم سيناريوهات إدارة الأزمة:

إن النجاح في إدارة الأزمة والتعامل معها يتطلب رسم مجموعة من السيناريوهات الأصلية والبديلة للتعامل مع الأزمة، فهذه السيناريوهات هي الأسس المهمة التي تعتمد عليها عملية إدارة الأزمة ومواجهتها بنجاح.

وتكمن صعوبة رسم سيناريوهات إدارة الأزمة في أنها تتعلق بالتعامل مع أزمة لم تحدث بعد، ومظاهرها وتأثيراتها وانعكاساتها لم تتبلور بصورة فعلية.

ثالثا: مراحل إعداد سيناريوهات إدارة الأزمة:

إن أعداد أي سيناريو من سيناريوهات إدارة الأزمة يمر عبر المراحل الآتية:

- عقد وإدارة مجموعة من الاجتماعات التنسيقية بين فريق إدارة الأزمات وفرق مواجهة الأزمة، وتحديد المهام المطلوبة من كل فريق.

- التحليل الأولي لمهام كل فريق، وتحديد البيانات والمعلومات والمعرفة اللازمة لكل حالة من الحالات غير العادية.

رابعا: العوامل المؤثرة في رسم سيناريوهات ناجحة لإدارة الأزمات:

لضمان صياغة ورسم سيناريوهات جيدة لإدارة الأزمات المحتملة فإنه يجب مراعاة مجموعة من العوامل، وأهم هذه العوامل ما يأتي:

1- الإمكانات المتاحة في المنظمة والتي يمكن أن يجري استخدامها في التعامل مع الأزمة، وهذه الإمكانات هي إمكانات بشرية وإمكانات مادية وإمكانات تكنولوجية وإمكانات مالية.

2- مدى فاعلية وتناسق نظم المنظمة المختلفة وكفاءة نظم الاتصالات والمعلومات في أثناء الأزمة.

3- السياسة العامة للمنظمة بما تسمحه لفريق الأزمة من هامش للتحرك والتعاطي مع الأزمة.

وهناك مجموعة أخرى من العناصر التي تؤثر في رسم سيناريوهات إدارة الأزمة وتتحكم فيه، وأهم هذه العناصر ما يأتي:

1- تحليل الأرض.

2- تحليل الموقف العام.

3- تحليل المهمة.

 

4- تحليل الطرف الآخر (تحليل الخصم)

5- تحليل الإمكانات (القوى والأدوات المتوفرة لإدارة الأزمة ومواجهتها).

وفيما يأتي توضيح لكل عنصر من العناصر المذكورة:

1- تحليل الأرض: إن المواجهة بين أطراف الأزمة المختلفة تتم فوق الأرض، ومن هنا فإنه لا بد من دراسة وتحليل لهذه الأرض قبل رسم سيناريوهات إدارة الأزمة.

2- تحليل الموقف العام: أن رسم سيناريوهات إدارة الأزمة يتطلب تحليلا دقيقا ومتعمقا للموقف العام.

3- تحليل المهمة: أن النجاح في رسم سيناريوهات إدارة الأزمة يتطلب تحليل جميع المهام المرتبطة بإدارة هذه الأزمة ومواجهتها، إذا أن هذا التحليل يوضح مدى قدرة هذه المهام على التعاطي مع الأزمة بايجابية أو سلبية.

4- تحليل الإمكانات: قبل رسم سيناريوهات إدارة الأزمة فإنه يجب تحليل الإمكانات المتوفرة في المنظمة ومدى كفاية ومدى قدرة هذه الإمكانات على تحقيق الإدارة الناجحة والمواجهة الفاعلة مع الأزمة ومع قوى الأزمة.

والإمكانات التي تتطلبها عمليات إدارة الأزمة هي:

- إمكانات مالية.

- إمكانات بشرية.

- إمكانات تكنولوجية ومادية.

5- تحليل قوى الأزمة: إن بناء سيناريوهات فاعلة لإدارة الأزمة يتطلب تحليل قوى الأزمة، وفهم هذه القوى جيدا، والعمل على تجزئة هذه القوى إلى مجموعة أجزاء حتى يسهل فهمها ومواجهتها والتعاطي معها بنجاح وإيجابية.

خامسا: الهيكل العام لسيناريو الأزمة:

تجدر الإشارة إلى أن سيناريو الأزمة يختلف عن خطة إدارة الأزمة، إذ أن سيناريو الأزمة يجسد الإجراءات العملية والتنفيذية والميدانية لاحتواء الأزمة والتعامل معها وإدارتها بنجاح، أما خطة إدارة المنظمة وترشدها عند وقوع الأزمة، وتحدد دور كل مستوى من المستويات الإدارية في مواجهة الأزمة، كما أنها تتضمن جميع الجهات والأسماء التي يمكن الاتصال بها عند وقوع الأزمة.

ويتضمن هيكل السيناريو العناصر الآتية:

1- موضوع الأزمة: يتناول نبذة عن الأزمة واحتمالات وقوعها وأسبابها المتوقعة وآثار هذه الأزمة على المنظمة وبيئة المنظمة.

2- البيئة المحيطة بالأزمة: تتناول عناصر البيئة الداخلية والخارجية المرافقة للازمة والمحيطة بها.

3- أطراف الأزمة: هذه الأطراف هي القوى الصانعة للأزمة والمؤيدة والمناصرة لها، والقوى التي تقف في وجه الأزمة وتعمل على التخلص منها.

4- الإمكانات المتاحة في المنظمة: هذه الإمكانات تتضمن الإمكانات البشرية والمادية والمالية.

5- ردود الأفعال المتوقعة: هنا يتم تناول ردود الأفعال المتوقعة من كل طرف من أطراف الأزمة.

6- البدائل المتاحة: إدراج جميع البدائل الممكنة حسب درجة قوتها.

7- أساليب المواجهة: يجري هنا تحديد دور كل عضو وكل فريق في مواجهة الأزمة بنجاح والتخلص منها ومن آثارها.

8- التوصيات: تتضمن مجموعة توصيات فاعلة للتعامل مع الأزمة بما يقود إلى تحقيق الأهداف المرسومة، ومعالجة آثار الأزمة وانعكاساتها السلبية على المنظمة.

سادسا: أنواع سيناريوهات الأزمة:

هناك نوعان رئيسان لسيناريوهات الأزمة:

- النوع الأول: سيناريوهات صنع الأزمة:

هذا النوع هو الذي ترسمه وتعمل على تنفيذه قوى صنع الأزمة، أي أن جوهر هذه السيناريوهات ومحتواها هو العمل على إثارة الأزمات في المنظمة من أجل تحقيق بعض الأهداف لقوى صنع الأزمة وللقوى والأطراف المؤيدة والمناصرة لها. وخلاصة القول، أن هذه السيناريوهات هي تلك التي تتضمن إحداث الأفعال الأموية.

النوع الثاني: سيناريوهات إدارة الأزمة:

وهذا النوع من السيناريوهات يتطلب رؤية شاملة وواسعة، وتقدير لكل الأفعال والتصرفات التي قد تلجأ إليها قوى صنع الأزمة.

سابعا: العناصر الرئيسية لرسم سيناريوهات إدارة الأزمة:

أن عملية رسم سيناريوهات إدارة الأزمة هي عملية ديناميكية، وهذه العملية لا يمكن أن تتم وفق قوالب جامدة غير قابلة للتغيير، بل أن هذه السيناريوهات يجب أن ترتكز إلى الفكر الإبداعي لدى إدارة الأزمات، ويجب أن تتضمن أساليب وأدوات ابتكارية جديدة في مواجهة الأزمة وإداراتها بنجاح.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن قوى صنع الأزمة يكون لديها حصانة ونظم مقاومة للأساليب والأدوات التي كان قد جرى وتم استخدامها لمواجهة وإدارة أزمات سابقة.

وأهم العناصر الرئيسة التي يجب مراعاتها عند رسم سيناريوهات إدارة الأزمات هي ما يأتي:

1- شكل التدخل في الأزمة: أن الشكل العام للتدخل في الأزمة (لمواجهتها وإدارتها) يلعب دورا مهما في تحقيق فاعلية إدارة الأزمة.

2- تحديد المسؤوليات: أن النجاح في رسم سيناريوهات إدارة الأزمة يتطلب التركيز على تحديد مسؤوليات كل طرف في المنظمة ومسؤوليات كل فرد في فريق الأزمة (في أثناء مواجهة الأزمة وإدارتها)، ويتوقف حجم المسؤوليات على حجم السلطات الممنوحة لكل طرف ولكل فرد في فريق الأزمة.

3- مراعاة الزمان والمكان: لا يمكن رسم سيناريو ناجح لإدارة أية أزمة إذا لم يتم رسم هذا السيناريو في إطار يحقق التزامن بين عنصر الزمان وعنصر المكان، إذ أن تحقيق هذا التزامن يؤدي إلى تعظيم عمليات إدارة الأزمة.

4- تحديد وضع الأزمة لحظة المواجهة: يجب أن يتناول أي سيناريو لمواجهة وإدارة أية أزمة وضع تلك الأزمة في اللحظة التي تقع فيها المواجهة بين فريق الأزمة من جهة، وقوى الأزمة المختلفة من جهة أخرى.

5- تحديد الأفراد اللازمين: يجب أن يتضمن أي سيناريو لإدارة الأزمة تحديدا كافيا للأفراد اللازمين للعمل ضمن فريق الأزمة، وتحديد طبيعة هؤلاء الأفراد ومواصفاتهم وقدراتهم ومهاراتهم المطلوبة.

6- إدراج المؤثرات المادية ضمن السيناريو: إن نجاح أي سيناريو لإدارة الأزمة يتطلب إدراج مجموعة من المؤثرات المادية ضمن سيناريو إدارة الأزمة.

7- إدراج المؤثرات النفسية في السيناريو: ينبغي أن يتم استخدام مجموعة من المؤثرات النفسية التي تؤدي إلى إحداث تأثيرات كافية في قوى الأزمة، وتؤدي إلى إرباك عمل هذه القوى وتشويش أنشطتها.

8- مراعاة الثقافة في رسم سيناريوهات إدارة الأزمة: يجب أن تجري مراعاة الجوانب الثقافية في رسم ووضع وتنفيذ سيناريوهات إدارة الأزمة، والثقافة تشمل القيم والعادات والتقاليد والطقوس واللفات والأديان وغيرها من العناصر والجوانب الثقافية.

9- تحديد طبيعة الموقف بين المنظمة وقوى الأزمة: يتطلب السيناريو الناجح والفاعل تحديد طبيعة الموقف القائم بين المنظمة من جهة، وقوى الأزمة من جهة أخرى، فكل موقف يؤثر في الموقف الآخر.

10- مراعاة عدم وجود ازدواجية في المهام: قد يتم تكليف أكثر من فريق لتنفيذ مهمة محددة من المهام المتعلقة بإدارة الأزمات، وهذا أمر طبيعي في ظل وجود أكثر من سيناريو لإدارة الأزمة.

11- التنسيق: أن سيناريوهات إدارة الأزمة يجب أن تهتم بتحقيق التنسيق بين الأطراف المختلفة التي تشارك في إدارة الأزمة ومواجهتها، بحيث يجري تنسيق جميع الجهود والأنشطة لتصب في الهدف الرئيس لفريق الأزمة وهو التغلب على الأزمة والقضاء على آثارها وانعكاساتها السلبية.

12- التجميع والتكوين: إن أي سيناريو لإدارة الأزمة يتكون من مجموعة من الأجزاء والمكونات الفرعية، وإنجاز هذا السيناريو بنجاح وفاعلية يتطلب تجميع هذه المكونات والأجزاء مع بعضها البعض بصورة منطقية للخروج بتكوين سيناريو نهائي موحد قابل للتطبيق وقادر على مواجهة الأزمة وإدارتها بنجاح.

* هذا المقال ملخص لاهم المفاهيم والأفكار الاستراتيجية والادارية المعاصرة مقتبسة من كتاب إدارة الازمات للمؤلف الدكتور يوسف أبو فارة.

ذات صلة

التقية المداراتيّةأثر التعداد السكاني على حقوق المواطنينبناء النظرية الدينية النقديةأهمية التعداد العام للسكان في داخل وخارج العراقالأيديولوجية الجندرية في عقيدة فرويد