بَيْنَ (جَريمَتَيْن)
نـــــزار حيدر
2015-02-08 08:55
سألني (ارهابي) ذات مرّة حاول ان يُقارن، بل يُساوي، بين جرائم عمليّات حزّ الرقاب وتفجير السيارات المفخّخة والاحزِمة النّاسفة في المساجد والحسينيات والأماكن العامة المكتظة، والتي يرتكبها زملاءه الارهابيين بحقِّ ضحاياهم، وبين إدماء الرأس في يوم عاشوراء، متسائلاً؛
ما الفرق بينهما؟ فكلاهما عملٌ إرهابي؟!.
هي مقارنة سخيفة بلا شك وغبّية لا تستحقّ الرّد، إنّما سقتها لأمرٍ آخر.
فنفس المقارنة يجريها اليوم بعض المغرضين الّذين يحاولون التصيّد بالماء العكر واستغلال وتوظيف بعض الجرائم الشاذّة التي قد يرتكبها أفراد للطعن بنوايا الحشد الشعبي والتقليل من إنجازاته العظيمة، من خلال مقارنات مشبوهة تساوي بين جرائم الارهابيّين التي يندى لها جبين الانسانيّة وبين مثل هذه الاعمال الشّاذة، اذا بهم يقيمون الدّنيا ولا يقعِدونها لكذبةٍ يكذبونها او حبّة يصنعون منها قُبّة كما يقول المثل.
انهم يقارنون لتبرير جرائمهم، او على الأقل للتقليل من أهميتها، وهي مقارنة ظالمة بلا شكّ ومغالطة كبيرة يتلمّسها كلّ منصف؛
اولاً؛ ان جرائم الارهابيين منهجيّة وليست فعلاً شاذاً او شخصياً او فردياً، انها القاعدة وليست الاستثناء، انها اعمال ممنهجة تعتمد الفكر التكفيري وثقافة الكراهية، ولذلك فهم يرتكبونها في كلّ مكان يتمكّنون منه، في الرقة والموصل وكوباني وأفغانستان والباكستان ونيجيريا وفي كل مكان.
فأين ما حلّوا حلّت معهم جرائم حزّ الرقاب وتفجير السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة وتدمير الآثار والمراقد والحسينيات والكنائس ودور العبادة الاخرى وانتهاك الأعراض وسبي النساء.
حصل هذا في سوريا وفي العراق وفي أفغانستان وفي ليبيا وفي افريقيا وفي كلّ مكانٍ تمكّنوا منه ولو لليلة واحدة، ما يعني انّ جرائمهم منهجٌ وليست حالات شاذة او مبادرات شخصية او قرارات فردية، ابداً.
امّا (الجرائم) الشاذّة التي لو سلمنا جدلاً بأنّ عناصر في الحشد الشعبي ترتكبها في المناطق التي يتم تحريرها من يد الارهابيين، فإنها ليست ممنهجة ابداً، بل العكس هو الصحيح، فهي ممارسات شاذة لا تنتمي الى ثقافة الحشد الشعبي ابداً، والدليل على ذلك انها استثناء في القاعدة.
ثانياً؛ ان جرائم الارهابيّين مُستحسنة من قبل فقهاء التكفير وفقهاء البلاط وغير مُستهجنة وهي ليست مُستنكرة ابداً، بل على العكس من ذلك فهي موضع فخر وترحيب وإشادة من قبلهم، بل ان غيرهم كذلك يستحسنها، وببحثٍ بسيط في الشبكة العنكبوتية والاطلاع على رسائل التواصل الاجتماعي التي يديرها الكثير من السلفيّين والتكفيريين، فسنلاحظ ذلك واضحاً وجلياً.
انّهم يدعون للارهابيين بالنصرة من على منابر الجمعة في جلّ الدول العربية والإسلامية، ولعلّ القارئ الكريم شاهد مقطع الفيديو لاحد خطباء (جمعة موزة) وهو يدعو للارهابيين ويثني على جرائمهم البشعة.
اما الجرائم الشّاذّة التي يرتكبها جدلاً عناصر في الحشد الشعبي فهي مُدانة جملةً وتفصيلاً، وبلا تردّد او توقّف، ادانتها المرجعيّة الدينية العليا وأدانها خطباء المساجد والجمعة وأدانها كلّ الزعماء والقادة الدينيّين والسياسيّين الّذين يقاتل مريدوهم وأنصارهم في صفوف الحشد الشعبي، لأنّها لا تعبّر عن ثقافته ولا عن نظافة أدواته ووسائله في الجهاد في سبيل الله تعالى والوطن، كما انها لا تعبّر عن الاستجابة الواعية لفتوى الجهاد الكفائي التي يتعبّد بها المجاهدون الطاهرون في ساحات الوغى، فمن يستبشر بالشهادة يرفض ان ينالها الا بأدوات طاهرة ونقية.
ثالثاً؛ جرائم الارهابيين ليست بدعاً في سيرتهم ومسيرتهم فهي امتداد طبيعي لمنهج القتل والذبح على الهوية والتدمير الّذي كرّسه الامويّون.
كما انها نفس المنهجيّة التي أسس لها التحالف غير الشرعي المشبوه بين (ال سعود) والحزب الوهابي قبل قُرابة ثلاثة قرون تقريباً عندما بايع الاول الثاني على قاعدة (الدم والهدم) ولذلك فليس غريباً ابداً ان نقرأ على الجدران المتبقية من مباني مدينة كوباني المدمّرة على يد الارهابيين شعارات (الدم الدم..الهدم الهدم) فهي نفس الشعار ونفس الأدوات ونفس الأهداف.
رابعاً؛ الارهابيون يحتفلون بجرائمهم البشعة فتراهم يصوّرون حزّ الرقاب وهم يكبّرون ويهلّلون، وقد ارتفعت خلفهم آية من كتاب الله المجيد، وينشرون أفلام الجلد والرجم، لبث الرعب والخوف في نفوس النّاس، وكل ذلك باسم الدين والدين منهم برآء.
انّهم يلوون عنق الحقيقة ويفسّرون آيات الذِّكْر الحكيم قسراً وتعسّفاً لشرعنة جرائمهم.
امّا العناصر الشاذة في الحشد الشعبي التي ترتكب جرائمها أحياناً فلا أحد يجرؤ على تصوير افعالها المنكرة، خجلاً، ولم يدّعي احدٌ بانّها تفعل ما يرضي الله تعالى ورسوله الكريم ابداً.
هي نفسها، العناصر الشاذّة، تخجل من افعالها، ولذلك تخفي نفسها ولا تنبس لا بآية ولا برواية، فلم نسمع أحداً منهم او من غيرهم يشرعن جرائمهم او حتى يتحدث عنها، لانه مستهجنة ومرفوضة وان من يعترف منهم بها يتعرّض للعقوبة بعد الطّرد، كما فعل ذلك مرّة زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر عندما تناهى الى مسامعهِ انَّ بعضاً من المحسوبين عليه ربما ارتكب مخالفات شرعية ووطنية في ساحة الجهاد فبادر فوراً الى الكشف عن أسمائهم وطالب بطردهم وتطهير صفوف المجاهدين منهم.
بالله عليكم، هل سمعتم انّ مثل ذلك حدث في صفوف الارهابيين؟!!!.