الانتخابات بين المكافأة والمحاسبة

واثق الجابري

2025-11-22 04:12

أفرزت نتائج الانتخابات السادسة، دلائل وإشارات لتغيير كبير في وعي ورغبات العراقيين، خلافًا لتوقعات كان أفضلها سيّئًا. صبت التوقعات بشحة المشاركة، وصولاً إلى نوعية الاختيار وتأثير المال العام والحزبية في الانتخابات.

أوضحت الانتخابات خسارة 100 نائب، وثلاث شخصيات يحملون الرقم الأول في قوائم فائزة، وتسلسلًا أول خسروا كذلك مع قوائمهم رغم قدمهم في العمل السياسي، وخسارة محافظ ورئيس مجلس محافظة، ورجال أعمال وشيوخ عشائر، وقوائم لا تتناسب عدد مقاعدها مع كم الأموال الكبيرة التي أنفقت للدعاية الانتخابية.

 يبدو أن زيادة نسبة المشاركة هي الأخرى غير متوقعة، أمام اصوات المقاطعة والتحريض على النظام السياسي بالتدخل الخارجي والفوضى الداخلية، مع التشكيك بمفوضية الانتخابات والأحزاب الحاكمة، لكن الأهم ما أثبته الشعب بالتمسك بالخيار الديمقراطي لتداول السلطة سلمياً، ويبحث عن الأفضل والأصلح. وسيكون المستقبل أفضل وأشد عقوبة لمن يفشل، وخلافًا لإشاعة أن النتائج مسبقة بإرادة قوى بذاتها، ومحاولات ثني الناخبين عن المشاركة، إلاّ أن نسبة 56‎ بالمئة‎ لم تكن متوقعة عند افضل المتفائلين، رغم حرمان أصوات الخارج وعدم تصويت آخرين لأسباب معقولة، منها عدم حصولهم على بطاقة ناخب.

إن المشاركة الكبيرة ونوعية الاختيار، أعطت انطباعاً عاماً، بأن المشاركين لم يتأثروا بصيحات المقاطعة والعزوف وتخوين النظام السياسي والذهاب للمجهول، ولم تتأثر خيارات الناخب بالمال ولا السلطة ولا سلطة العشيرة والمؤثرات الأخرى، وكأن العملية تقويم للعمل السياسي ومكافأة ومحاسبة. 

ما يلفت الانتباه، هو خسارة شخصيات كان لها باع طويل في السياسة ونتاج على ارض الواقع، لكن غياب تواصلها مع الجماهير جعلها في تقويم واقعي وضعف أصواتها لدرجة الخسارة، بعد أن غادروا الواقع إلى أبراج عاجية تمنعهم من التواصل، وشخصيات اخرى لم تفُز من تجار ورجال أعمال، رغم أن لبعضهم كثيرا من الأعمال الخيرية، إلا أن الناخب لا يظنهم مؤهلين للعمل النيابي والسياسي، وقيادات لمحافظات خسرت ولا بد للأحزاب مراجعة إصرارها على بقائهم، وفشلهم دليل على عدم إنجازهم ملفات هي من واجباتهم الأساسية، التي تتعلق بالخدمة المباشرة، لذلك كانت هذه الانتخابات هي الأفضل، فحاسبت أو كافأت مَن كان في السلطة، ومنعت من هو غير مؤهل للعمل السياسي، أو بالضد من توجهات الشعب العراقي.

ذات صلة

متى وكيف يمكنك أن تلتقي بالإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف؟!انتخابات مجلس النواب 2025.. قراءة في المشاركة والنتائجمواصفات الآداب الرفيعةالتربية والتعليم في العصر الرقميإنقاذ الثقافة من الرداءة