حرب استنزاف مفتوحة
عباس الصباغ
2024-11-05 05:18
اتمنى وقبل ان يفوت الاوان ان تدرك حكومة اسرائيل التي يرأسها اليميني المتطرف والمتوحش النتنياهو لو انها استجابت لجميع المناشدات الدولية والاقليمية والشخصية بوقف الحرب والانتهاكات، وقبل ان تتحول الى حرب اقليمية او عالمية موسعة لا يمكن التكهن بمدى خطورتها وتأثيراتها السلبية على السلم الاقليمي او الدولي.
وهي الحرب التي كانت باكورة بدايتها بمناوشات داخلية بين اسرائيل وبين حماس، ولم يكن التوقع ان يكون الرد الاسرائيلي بهذه الصورة من التوحش والهمجية والابادة، كما اتمنى ـ وقبل فوات الاوان ايضا ـ ان يدرك حكام اسرائيل ان مايقومون به من تجاوزات وانتهاكات ونزف للدم قد تجاوز جميع الخطوط الحمر وقواعد الاشتباك المتعارف عليها، كما لن تكون حالة التوتر واللااستقرار في مصلحة اسرائيل بالذات.
وقد يأتي يوم ـ وهو آتٍ لامحالة ـ تتخلى فيه الولايات المتحدة عن شُرطيّها وربيبتها في الشرق الاوسط وحليفها الاستراتيجي.. اسرائيل، وكما يقال لايوجد اصدقاء او اعداء دائمون بل توجد مصالح مشتركة دائمة بعد ان تتحول اسرائيل ومشاكلها الى عبء كبير على واشنطن من كل النواحي وقد تقوم بالبحث عن جدد بعد ان ترميها مثل الفأر الميت كما فعلت مع شاه ايران وهكذا هي سنة الحياة فصداقة واشنطن لن تستمر الى الابد.
كما اتمنى ايضا عدم التوسع في التجاوزات والانتهاكات ضد دول الجوار كما يحصل حاليا مع لبنان وسوريا، اضافة الى وقف المناوشات مع جهات اخرى كما يحصل مع العراق وايران سواء عن طريق اسرائيل او من يساندها مع استمرار عرض العضلات والتوعد برد قاسٍ، وعدم الانصياع لمقررات الامم المتحدة ومجلس الامن وضربها عرض الحائط ذلك، استخفافا بها والدمار الشامل الذي احدثته في غزة ولبنان فضلا عن الرشقات الصاروخية وبالمسيّرات والصواريخ البالستية بين اسرائيل والجهات السبع التي تعاديها حاليا (في الوقت الحاضر فقط).
فقد تتطور الى جهات اخرى بسبب عدوانية اسرائيل وتحديها للمجتمع الدولي ومنطق العقل، الامر الذي يؤدي الى نشوب حرب استنزاف موسعة وطويلة الامد على غرار حرب الاستنزاف التي وقعت بين المعسكرين الغربي والشرقي في القرن العشرين المنصرم حتى سقوط الاتحاد السوفييتي بعد تفككه، وتسمى حرب الاستنزاف بحسب الموسوعة الحرة بأنها: العملية المستمرة لإرهاق العدو لإجباره على الانهيار الجسدي من خلال الخسائر المستمرة في الأفراد والمعدات والإمدادات، أو إنهاكه إلى النقطة التي يصبح فيها عرضة للانهيار والقضاء على إرادته في القتال، وغالباً ما تكون المناقشات حول حروب الاستنزاف مصحوبة بإشارات إلى الحروب بالوكالة إذ تستخدم الدول الأقوى عسكرياً واقتصادياً أنظمة سياسية ومليشيات مسلحة للعمل نيابة عنها بهدف تعظيم استنزاف القوى الأخرى)، وفي حالة نشوب صراع أوسع في الشرق الأوسط، فإنه لن يشبه على الأرجح الحروب البرية الطاحنة التي وقعت سابقا بل قد يتطور النزاع بتدخل القوى الكبرى التي لن تقف مكتوفة الأيدي حين تتعرض مصالحها الحيوية للخطر باعتبار ان منطقة الشرق الاوسط هي مرتكز امدادات خطوط الطاقة التي تعتمد عليها وتائر النمو المستدام عندها ولن تسكت على ذلك وقد تدخل الحرب بالأصالة.
في الوقت الحالي ومن خلال المعطيات الملموسة على الارض ان الاوضاع على الجبهة العسكرية المشتعلة بالصواريخ البالستية وفرط الصوتية والمسيّرات الاقتضاضية والحروب السيبرانية تنذر نحو التصعيد الاقليمي او العالمي لامحالة، وأن الكيان الاسرائيلي وبدعم من الدول الغربية سيذهب الى حرب مفتوحة مع الدول التي تدخل في محور المقاومة، وبغضّ النظر عن تطورات الصراع بدءاً من 7 /تشرين الاول 2023 أي عملية طوفان الاقصى ولغاية بدء شن اسرائيل الحرب على حزب الله في جنوب لبنان واغتيال قادة الصف الاول من حماس وحزب الله والتي لن تضعف من امكانات هذه الفصائل كما هو واضح.
إن مجريات الحرب على جنوب لبنان وطبيعة الموقف الايراني المتزعم للمقاومة تفرز دروسا خطيرة على جميع المستويات، وهذه الدروس والابعاد ينبغي الوقوف عليها والنظر لها باهتمام بالغ وبموضوعية وواقعية بان تلك المؤشرات الخطيرة تدل على احتمال نشوب حرب استنزاف كبرى بسبب عدوانية اسرائيل حين تكون الدبلوماسية وصوت العقل اصداء لمن لايسمع وفي اذنه وقر.