صدام الحضارات ونزاع الثقافات في الشرق الاوسط
حسن السباعي
2024-10-08 04:46
هل ستقود الاحداث الاخيرة في المنطقة الى حرب شاملة ام الى تهدئة دائمة؟ وما هو موقف العراق من الاحداث الاخيرة والحرب المحتملة؟
كما يبدو أن القوى الكبرى لا تسمح باندلاع حرب واسعة في المنطقة؛ ففي الحرب الروسية الأوكرانية كفاية في استنزاف موارد الطاقة والتهديد الذي شعرت به أوروبا في موسم الشتاء من برد قارس جراء ذلك.
وبغض النظر عما سينتج عن هذه الأحداث الشرق أوسطية وهل ستؤدي إلى حرب شاملة أم تهدئة دائمة، وكذلك بغض النظر عن الأطروحات والنظريات حول الصراع في الشرق الأوسط، فإنها حقيقة قد فرضت نفسها على أمر الواقع حتى وإن هدأت المنطقة حسب الظاهر فهي نار تحت الرماد تنفجر بين الفينة والأخرى..
هذه الحقيقة كانت غائبة في نظرية "صدام الحضارات" التي طرحها صاموئل هنتنجتون في تسعينيات القرن الماضي، وربما كان غيابها هو لشدة ظهورها، فبالرغم من تنبؤاته المستقبلية عن احتدام الصراع بين مختلف الحضارات المتنافسة أو المتخاصمة في جميع قارات العالم من كونفوشية وإسلامية وحتى شرقية وغربية، بل وحتى فيما يرتبط بالمجال الإقتصادي من صراع بين الدول الفقيرة والنامية..
بل لم يغفل عن احتمال نشوب صراع بين روسيا وأوكرانيا بسبب اختلاف مذهبي بسيط حيث ينتمي أحدهما إلى الكنيسة الأرثوذوكسية والآخر إلى الكنيسة الشرقية وذلك رغم كل الاشتراك القائم بينهما، إلا انه غفل أو تغافل عن النزاع الطويل بين "إسرائيل" والمسلمين وعمرها بقدم وجود كلا الطرفين، فهو لم يذكره إلا بإشارة عابرة حينما يتحدث حول تزايد نفوس المسلمين وذلك لأنه يرى أن هذا الأمر هو جزء من أجزاء الحضارة الغربية.
من هنا وبناء على ان الصراع المذكور صراع متجذر وقديم، فإنه فيما يخص الجانب المقابل لـ"إسرائيل"؛ هو الجبهة الرمزية في من يمثلها من دول الإقليم..
فهي تتداول بتداول القوة والوزن؛ من مصر وسوريا وحتى العراق وإيران.. وتقلّب الأنظمة والحكومات لا يغير من الأمر شيئا، ذلك لأنه صراع حضاري أو ثقافي حسب نظرية هنتنجتون قبل أن يكون سياسيا أو عسكريا.. فيظهر تارة بصبغة قومية وتارة بصبغة دينية وأخرى حضارية أو تاريخية..
ويبدو أن العالم والقوى الكبرى قد وصل إلى إجماع أو إتفاق أن إيران وأذرعها هي من تمثل اليوم ذلك طرف الصراع في مواجهة الطرف الآخر.. ويبدو أيضا أنها تحاول أن تُغيّر هذا التمثيل فقط، ذلك لأنها غير قادرة على استئصاله من الأساس فتكتفي في تغيير الجهة دون النظر في من سيمثله فيما بعد.
أما العراق فحسب التقسيم الذي وضعه صاحب نظرية "صدام الحضارات" في خرائط كتابه فإنها تقع ضمن محور الغرب وهو حليف الطرف الإسرائيلي.. ويبدو أن تنبؤه هذا قد تحقق في بداية القرن الجديد، إلا إنه حتى وإن صح هذا التقسيم فالعامل الثقافي هو الأقوى من كل العوامل، وسيُظهر نفسه بشكل من الأشكال حتى وإن سلَّمت إيران وأذرعتها (ومنها في العراق) تلك المهمة إلى قوة أخرى..