بين جنيف وفينا.. ازمات تبحث عن حلول
باسم حسين الزيدي
2015-10-31 12:49
غالبا ما تجذب الاجتماعات السياسية، رفيعة المستوى، اهتمام المجتمع الدولي والمتابعين، نتيجة لمدى حساسية ما يتم بحثه من قضايا مصيرية فيها، سيما على مستوى الشرق الاوسط، وان لم تككل كلها بالنجاح، الا انها تبقى عالقة في الذاكرة السياسية لكل المشاركين والمتابعين... على حد سواء.
خلال السنوات الاربع الماضية، عقدت بين جنيف (سوسيرا)، وفينا (النمسا)، ابرز تلك الاجتماعات والمؤتمرات... منها على سبيل المثال، مؤتمر جنيف الاول (2012)، ومؤتمر جنيف الثاني (2014) حول الازمة السورية، فيما شهدت فينا ابرز الجولات المارثونية بين ايران والقوى الكبرى لتوقيع الاتفاق النووي عام 2015، ومع ان جلسات جنيف الاولى والثانية، لم تاتي بحلول ناجعة لانهاء الحرب السورية، الا انها لم تمنع ايران من عقد اتفاق تاريخي يحد من نشاطها النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها، بعد مفاوضات فينا.
يبدو ان الامل معقود هذه الايام، في جنيف وفينا... مرة اخرى، لاطفاء المزيد من حرائق الشرق الاوسط، خصوصا في سوريا واليمن، حيث ستحجز هاتين المدينتين، للاسابيع او الشهور القادمة، لمفاوضات وصراعات، وربما خلاف وتراضي، من اجل التوصل الى حلول تنهي الازمتين بصفقتين او صفقة واحدة.
في فينا عاد "جون كيري" مجددا ليرسم "طريق الخروج من الجحيم"، حسب تعبيره، حيث سيلتقي مع نظيرة الايراني "جواد ظريف"، الذي تواصل معه خلال (22) شهر من المفاوضات المتعبة، بعد ان تغير التكتيك الامريكي والسعودي تجاه ايران وقبولها كطرف رئيسي في المباحثات المتعلقة بالازمة السورية ومحاربة تنظيم داعش.
اما جنيف، فالارجح انها ستكون المكان المناسب لعقد المزيد من المفاوضات التي ستجمع الحوثيين (انصار الله) مع خصمهم، (الرئيس هادي)، المدعوم من السعودية للتوصل الى انهاء الحرب المتواصلة منذ (7) اشهر، بعد ان اكد الوسيط الاممي "ولد الشيخ احمد" ان "هناك إيجابية من كلا الطرفين، من جانب الحوثيين الذين أظهروا قدرا كبيرا من المرونة كما من جانب الحكومة (...) واليوم هناك تفاؤل أود البناء عليه".
اجتماع "فينا" سيكون الاجتماع الاهم بعد ان اقنعت الولايات المتحدة الامريكية حلفائها بضرورة تغيير التكتيكات التي اعتمدت عليها في السابق، ولعل اهمها اهمال دور ايران المحوري، وشرط رحيل الاسد قبل اي مفاوضات، والمشاركة الجماعية في مكافحة الارهاب...
توم شانون مستشار وزارة الخارجية الأمريكية نقل عن الوزير اعتقاده أنه "حان الوقت لجمع الكل معا للتأكد فعليا من صدق مزاعمهم والتحقق مما إذا كان التزامهم العلني بمحاربة (داعش) والإرهاب هو التزام جاد، وإلى أي مدى هم مستعدون للعمل بشكل عام مع المجتمع الدولي لإقناع الأسد بأنه سيتعين عليه الرحيل في أي عملية انتقال سياسي"... ومن الواضح ان هذا الاجتماع سيكون اختبار لمدى امكانية تطبيق العمل الجمعي والتوافق حول "خارطة" جديدة للخروج من جحيم سوريا... كما عبر عنها كيري.
وليس من المستبعد ارتباط ملف فينا-سوريا الجاري الان، بملف جنيف-اليمن القادم خلال الاسابيع القريبة... وقد يكون التاثير متوازن، صعودا ام نزولا، بين الملفين في تم التوصل الى اليه مقنعة لحل سياسي في سوريا قد ينعكس على شكل قف للقتال في اليمن... والعكس صحيح ايضا.
بقي ان نشير الى ادوار روسيا والولايات المتحدة الامريكية المتبادلة في التاثير على حلفائهما للقبول بالحلول الوسطية، فعلى ما يبدو، يمكن التوقع بان الروس والامريكان باتوا يعملون بشكل اقرب من السابق، في ادارة ملف الشرق الاوسط، بدلا من ترك الفوضى والاعمال الارتجالية هي سيدة الموقف.