حول التفوق التكنولوجي الاسرائيلي

محمد عبد الجبار الشبوط

2024-09-30 03:24

منذ قيام إسرائيل عام 1948، والتفوق العسكري والتكنولوجي يعد عاملاً رئيسيًا في تحقيق أهدافها الاستراتيجية. في المقابل، لم تستطع الدول العربية في معظمها تحقيق مستويات مشابهة من التقدم العلمي والتكنولوجي. هذا التفوق يجعل السؤال الأهم هو: كيف يمكن للعالم العربي الاستجابةً لهذا التحدي.

العلم والتكنولوجيا ليست مجرد أدوات، بل هي القوى الحاكمة التي تصوغ ملامح العالم المعاصر. تتيح هذه القوى للدول تحقيق الابتكار الاقتصادي، والاكتفاء الذاتي، وتعزيز القدرات الدفاعية. كما تلعب دورًا محوريًا في الاستدامة والتنمية البشرية.

نموذج إسرائيل يظهر كيف يمكن لدولة صغيرة جغرافياً وسكانياً استخدام التكنولوجيا لتحويل نقاط ضعفها إلى قوتها. تستثمر إسرائيل بنجاعة في البحث والتطوير وتبني استراتيجيات الابتكار في القطاعات المختلفة مثل الزراعة، الطب، وتقنية النانو. وتقارن هذا مع استراتيجيات الدول العربية نجد أن الاستثمار في البحث والتطوير لا يزال دون الطموح.

لم يكن ممكنا لإسرائيل ان تحقق هذا الاختراق الامني والاستخباراتي وبالتالي التفوق العسكري لو لم تكن ادواتها العلمية والتكنولوجية متقدمة بشكل كبير يفوق ما لدى الطرف الاخر. وهذا يفسر على سبيل المثال قدرة إسرائيل على رصد تحركات القادة والوصول اليهم ومن ثم قتلهم، وهذا ما لا يمكن القيام به من قبل الطرف الثاني. فمازالت القيادات العسكرية والسياسية والأمنية الاسرائيلية بعيدة عن متناول الطرف الاخر، وهذا يشكل خللا كبيرا في ميزان القوى لصالح إسرائيل. قد يكون الاستمرار في الحرب بدون تعديل هذا الميزان نحوا من الانتحار والعبثية؛ لذا قد يكون تعديل الميزان شرطا في استمرار الحرب. لقد حققت إسرائيل في عشرة ايام ما لم يحققه العرب في ٧٠ سنة. 

الاستراتيجيات المطلوبة

1. إصلاح التعليم: لا بد أن يركز التعليم على العلوم والتكنولوجيا. تحديث المناهج، تدريب المعلمين، وتوفير المعامل والأدوات هي خطوات أولية نحو إعداد جيل قادر على الابتكار.

2. البحث والتطوير: يجب زيادة الإنفاق في البحث والتطوير. تشجيع الشراكات بين الجامعات والصناعات، ودعم المشاريع الشبابية الناشئة، وتبني ثقافة الابتكار.

3. التعاون الدولي: التعاون مع الدول الرائدة في التكنولوجيا يمكنه أن يسرع من عملية التقدم. يجب الاستفادة من الخبرات الدولية والتكنولوجيات المتقدمة من خلال برامج التبادل والتدريب.

4. سياسات حكومية داعمة: دور الحكومة في سن التشريعات والسياسات الحافزة لا يقل أهمية. يجب توفير الحوافز المالية للشركات الناشئة في مجالات التكنولوجيا، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية.

5. تشجيع القطاع الخاص: القطاع الخاص يلعب دوراً محورياً في الابتكار التكنولوجي. يجب على الحكومات تعزيز البنية التحتية اللازمة، مثل الإنترنت عالي السرعة، والتسهيلات اللوجستية، لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية في التكنولوجيا.

إذن، يبقى السؤال الأساسي: كيف نغير معادلة الصراع مع إسرائيل؟ الإجابة ليست بالتفوق العددي فحسب، وإنما بالعلم والتكنولوجيا والحداثة. من خلال توجيه الجهود نحو الابتكار والتفوق التكنولوجي، يمكن للعالم العربي أن يحقق تغييرات جذرية في جميع المجالات، بما في ذلك الاستراتيجية الدفاعية والاقتصادية والاجتماعية. إذا تم تحقيق هذا التحول، سيكون له تأثير بعيد الأمد ويضع العالم العربي على مسار جديد من التقدم والازدهار.

هذا كله بشرط حماية الجبهة الداخلية وحمايتها من الاختراق الامني سواء كان اختراقا بشريا تقليديا أم اختراقا سيبرانيا. الاختراق الامني يكشف الجبهة الداخلية ويجعلها اهدافا سهلة الاستهداف.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي