ما بعد الغياب

رياض محمد

2024-09-29 05:17

يعلمنا التاريخ المعاصر ان مثل هذه التنظيمات نادرا ما تموت مع موت زعمائها. الامثلة كثيرة جدا ولا تحصى: الحزب نفسه فقد قائده السابق الموسوي من قبل وحركة المقاومة قتل لها ياسين والرنتيسي والجهاد قتل منها الشقاقي بالإضافة الى تنظيمات اخرى مثل القادة وتنظيم داعش التي ذهب منها بن لادن والظواهري وابو مصعب والمصري والبغداديان وخلفائهم والقائمة تطول كما قلت، هذه ضربة كبيرة لكنها لن تكون مميتة، هناك ايضا حقائق التاريخ والجغرافيا. هذه المنطقة من العالم يهيمن عليها صراع اصدقاء ايران واعدائها. يتمنى الاصدقاء زوال الاعداء مثل اسرائيل وحتى السعودية وغيرها ويتمنى الاعداء زوال ايران نفسها من الوجود!

لكن الحقائق لا تتغير بالتمنيات. لم تتبخر ايران رغم ما حدث لها منذ 45 سنة ورغم ما قاسته في الحرب العراقية الايرانية. ولم تزل اسرائيل رغم حروبها مع اغلب جيرانها منذ 76 سنة، ويجب ان نذكر ايضا ان اسرائيل عقدت اتفاق سلام بعد غزو لبنان قبل 40 سنة مع الرئيس بشير الجميل لكن هذا الاتفاق لم يصمد وقتل الجميل ومعه الاتفاق!

ما حدث هذه المرة هو ان الحزب اصابته حالة من الثقة الزائدة منذ حرب 2006 ولهذا تراخت اجراءاته الامنية وتعرض لاختراقات متعددة. في حين ركزت اسرائيل كل قدراتها - وهي يشهد لها في ميدان التجسس الإلكتروني مثلا - عليه.

من جهة اخرى استهانت اسرائيل بحركة المقاومة في غزة التي تمكنت بفضل قائدها من تخفيف الاختراقات الاسرائيلية واوهمتها انها مالت للهدوء ثم باغتتها في 7 اكتوبر. 

الحزب كان مثقلا بانهيار الاقتصاد اللبناني وعدم رغبة قطاع واسع من اللبنانيين بجر بلادهم لحرب اخرى مدمرة. كما فقد بعضا من شعبيته التي حصدها بعد التحرير لأنه اصبح سلطة وبسبب موقفه في الحرب في سوريا. وكان قراره هو هذه العمليات المحدودة معتقدا ان ارث حرب 2006 وترسانة الصواريخ الكبيرة ستكفيه شر الحرب الشاملة. 

وفي الوقت نفسه استغلت اسرائيل 7 اكتوبر وارتكبت مجازرها في غزة لسنة كاملة دون رادع. وانهت جزءا غير قليل من قدرات حركة المقاومة واستفادت من افضل توقيت لها وهو عام انتخابي امريكي لا يجرؤ خلاله اي رئيس امريكي على معارضتها، ومن جهة ثانية فمن مصلحة اسرائيل الان تصعيد الامور وصولا الى الحرب الشاملة لان ذلك سيزيد فرص فوز دونالد ترامب وهو حليف نتانياهو بما قد يعنيه ذلك من عودة صهره جاريد كوشنر صديق نتانياهو القديم.  

وبينما كان ذلك يحدث, كانت ترد على ضربات الحزب المحدودة بقتل قادته الميدانيين وعناصره في الجنوب بالمئات. ثم قتلت قائده العسكري شكر ثم فجرت اجهزة اتصاله الملغومة ثم قتلت قادة الرضوان وقادة اخرين حتى وصلت للسيد حسن.

وهناك ايضا عامل اخر هو ضعف الرد الايراني بعد ضرب السفارة في دمشق وبعد اغتيال هنية لان ايران ايضا لا تريد الانجرار الى حرب. وبالمناسبة هذه الضربة قتلت نائب قائد الحرس للعمليات العميد نيلفروشان. الخلاصة هذه ضربة كبيرة لكنها لا تعني النهاية ابدا.

ذات صلة

ما وراء التجربةشرق أوسط مختلفتوظيف التكنولوجيا التواصلية في الصراعات الدوليةما الذي يجري في لبنان؟هل ستتدحرج كرة النار الى العراق؟