لماذا ترفض إسرائيل زيارة منسّق السياسة الخارجية الاوروبية؟
د. جواد الهنداوي
2024-09-22 04:38
أعتبرُ السيد جوزيف بوريل، منسق السياسة الخارجية الاوربية ، ونائب رئيس المفوضية الأوربية في بروكسل، ثالث او رابع شخصيّة سياسيّة ودبلوماسية في العالم ،بعد قادة المقاومة والرئيس أوردوغان، في تبني وعلناً تصريحات استنكار وادانة لإسرائيل، لما ترتكبه من جرائم و اعتداءات في غزّة و الضفة والمنطقة .
عَزمَ الرجلُ على زيارة مصر و لبنان، للتداول في ما يجري في غزّة والمنطقة ومحور فلاديلفيا ومعبر رفح وملفات لبنان، وما اكثرها واعقدها .
نصحه مستشاروه بألا يستثني اسرائيل من الزيارة ،وهي الطرف الآخر المعني بكل ما ذُكرْ، وطمأنوه إلى احتمال كبير برفض إسرائيل للزيارة، لأنهم يعرفون تماماً موقفه من إسرائيل، وعدم رغبته زيارتها واللقاء بنتنياهو وغيره، ويعرفون ايضا بأن إسرائيل لا تكن له الود ولا تريد زيارته. وهذا ما حصل فعلاً، حيث رفض وزير خارجية الكيان المحتل السماح للسيد بوريل بزيارة إسرائيل، وعلى اثر ذلك، اعلن مكتب المنسق العام للشؤون الخارجية، اليوم الخميس 2024/9/12، الغاء الزيارة .
ماذا كان تصريح السيد بوريل، في مؤتمره الصحفي عقب لقائه وزير خارجية جمهورية مصر العربية، قبل يومين؟ قال: ”سبب تعذر الوصول إلى اتفاق لوقف الحرب في غزّة هو إفلات منفذيها من العقاب"، قال ايضاً: ”اقتربنا من ذلك (ويقصد وقف إطلاق النار في غزة)، لكننا لم نصل بعد، لماذا؟
الأمر بسيط للغاية، لأن من يشنون الحرب ليس لديهم مصلحة بوضع حدٍ لها، ولأن تعنتهم مصحوب بإفلات تام من العقاب، وافعالهم لا يترتب عليها عواقب”. (انظر رأي اليوم ،جريدة إلكترونية ، تاريخ 2024/8/12).
شارك السيد بوريل في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية، في القاهرة، بتاريخ 2024/9/10، وقال ”ان حكومة نتنياهو تجعل من حلْ الدولتين امراً مستحيلاً ” .
تجدر الاشارة إلى ان وزير خارجية الكيان المحتل دعا، في آذار الماضي، السيد جوزيف بوريل للكف عن انتقاد إسرائيل، وذلك رداً على تصريح له قال فيه ”ان إسرائيل تستخدم الجوع سلاحاً وتمنع دخول المساعدات إلى غزة ” .
في لقاءاته ،اليوم ،2024/9/12 ، مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي و مع رئيس البرلمان نبيه بري، ووزير الخارجية عبد الله ابو حبيب، ادانَ بوريل القتل الوحشي المتعمد للأطفال والنساء في غزّة ، وقال ” ليس هناك امن دون الغاء الاحتلال ” و ان الحرب في غزّة خطر وتهديد لأمن المنطقة ، ويجب اقامة الدولة الفلسطينية.
زيارة بوريل لمصر ولقاؤه الرئيس السيسي ،في هذا الوقت، تُعّبر عن تفهّم اوروبي ،وحتى تضامن أوروبي مع موقف مصر الرافض لاحتلال اسرائيل لمحور فلاديلفيا، ونقض إسرائيل لبنود الاتفاقيات مع مصر حول المحور والحدود والمعابر (اتفاقيات كامب ديفيد 1979، و الاتفاق الملحق حول المحور عام 2005).
ما يُزعج نتنياهو و يجعله لا يُرحب بمجيء جوزيف بوريل إلى إسرائيل، بل لا يطيق رؤيته ومصافحته ،ليس فقط تصريحات السيد بوريل، وانما جهوده والاتحاد الأوروبي في دعم حلْ الدولتين، وجهودهم في الاستعجال بإزاحة نتنياهو و دعم شخصية فلسطينية جديدة لتتصدر المشهد، وهو السيد ناصر القدوة، واخرى اسرائيلية وهو ايهود أولمرت. وقد اشرنا في مقال سابق نُشرِ في هذه الصحيفة وفي صحف و مواقع اخرى، إلى جهود عملية اوروبية واجتماعات لطرح مشروع جديد لفلسطين قوامه هاتين الشخصيتين (انظر مقالنا السابق بعنوان ، سيناريو جديد لفلسطين بوجوه جديدة ،بتاريخ 2024/8/30) ، والتخلص ،في اقرب وقت ،من حكومة نتنياهو .
موقف و تصريحات بوريل، تجاه إسرائيل، تعبّر، بكل تأكيد عن موقف الاتحاد الأوروبي، بالرغم من تردّد بعض الدول الأوروبية في توجيه ادانة او استنكار لما تقوم به إسرائيل .
هل للموقف الأوروبي تأثير على إسرائيل؟
كلا … لذلك تتمادى إسرائيل في تجاهلها وعدم اعتبارها للتصريحات او المواقف السلبية التي يتبناها بعض الشخصيات الاوروبية او تتخذها بعض الدوائر السياسية الاوروبية. ما يهمُ إسرائيل، امريكا ودعمها اللامحدود في المال و السلاح والمواقف الاممية .
وبعكس موقف اسرائيل تجاه اوروبا، نجد ايجابية العلاقات العربية الاوروبية، وضرورة تعزيزها، على صعيد العلاقات الثنائية العربية الاوروبية (دول مع دول)، وعلى صعيد الجامعة العربية و الاتحاد الأوروبي. فالجانبان العربي والأوروبي لهما مصلحة كبيرة في استقرار و ازدهار ضفتي البحر الأبيض المتوسط .