شد الأطراف: متغيرات حرجة

مازن صاحب

2024-08-17 05:50

آثار الصديق الدكتور صباح ناهي على احد كروبات الواتساب، الحديث عن تحليلات المرحوم الدكتور حامد ربيع. استاذ كرسي السوريون المتخصص بالشؤون الاستراتيجية، ومدى انعكاساتها على متغيرات الواقع الراهن عراقيا، واذ احاول محاكاة منهجية الدكتور ربيع في تحليل قواعد الاشتباك وَمتغيراتها التي أجدها حرجة جدا في التضارب ما بين نوع الفعل وردود الأفعال في التأثير سلبا او ايجابا على الاهداف الاستراتيجية لمختلف أطراف النزاع... بعنوان (شد الأطراف لتمزيق الدول العربية) لاسيما وان فحوى هذه التحليل جاء ردا على دراسة إسرائيل شاحاك.. رئيس الموساد في الثمانينات التي تبناها الايباك.. اللوبي الإسرائيلي في أمريكا وتحولت إلى سياسات عمل لمجموعة من بيوت التفكير النافذة ثم اليمين الأمريكي الجديد في عهد بوش الاب.. وانتهت إلى تلك الخارطة التي رفعها ياسر عرفات في قمة بغداد ١٩٩٠.. وتضم اليات تقسيم الدول العربية طائفيا وعرقيا.. ومنها ما عرف بمشروع بايدن لتقسيم العراق إلى ثلاثة فيدراليات. 

وفق هذا المنظور.. يبدو من الممكن القول :

اولا: تعيش المنطقة العربية ومنها العراق أقصى تطرف في وقائع نتائج نظرية الدكتور ربيع (شد الأطراف) التي كانت مجرد مخاوف عند البعض تحت نظرية (المؤامرة الأمريكية الصهيونية).. سرعان ما تحولت إلى وقائع في شد مراكز القوى العراقية نحو خارج المجال الحيوي الوطني باستخدام التضاد والتضارب الطائفي بنوعيه المعروفين او القومي مثل حالة كرد العراق.. بما ولد كيانات هشة متصارعة كاقاليم عراقية رسمية او وفق متغيرات ثقافة المكونات وامراء مفاسد المحاصصة .

ثانيا: الفراغ الامني الوطني العراقي واستبداله بتعريفات متضاربة ومتعارضة في تعريف العدو والصديق من دون ظهور حتى بوادر اتفاق وطني عراقي جديد.. جعل الانحياز نحو شد الأطراف باتجاه مقابله كل طرف حزبي بعنوانه الذاتي او المكوناتي يتجه للتحالف او معاداة أطراف داخل وطنه الشامل دستوريا فقط.. او حتى ضمن ذات المكون .. فقط لتحكم الاجندات الحزبية بموارد العراق على وفق تصور قوات الاحتلال الصهيوني ممثلة في السفارتين الأمريكية والبريطانية.

ثالثا: كل هذا التمزق الوطني.. جعل التعبير عن مواقف عراقية بحته أقرب للمستحيل بسبب عدم وجود حقيقي لعنوان (عراق واحد وطن الجميع) .. وبالتالي فإن اي متغيرات حرجة على قواعد الاشتباك في الصفحة الإستراتيجية الجديدة للشرق الأوسط الجديد.. وفق نموذج الاحتواء الأمريكي.. او التدمير والاستبدال الإسرائيلي.. او الانصياع والمساومة خليجيا وتركيا وعربيا ضمن مشروع الشام الجديد على سبيل المثال لا الحصر .. كل هذه المساحة للمساومة انما توظف حالة شد الأطراف بمتغيرات رؤية ٢٠٣٠ لتكون منطقة الشرق الأوسط الجديد.. أوربا القرن الحادي والعشرين.. مقابل ثمن قد يجده البعض سهلا في تصفية القضية الفلسطينية من تحت عنوان ((حل الدولتين)) وفق المنظور الصهيوني الأمريكي والتعنت والعنجهية الإسرائيلية.

رابعا: في هذا السياق. كل متغيرات الرد الإيراني كما ونوعا.. وكل ردود الأفعال الأمريكية والاسرائيلية انما تتمحور ضمن تعريف استراتيجي واضح ومعلن للشرق الأوسط الجديد... في إطلاق واعد لمشروع (نفط وغاز شرق المتوسط) .. وربط غاز ونفط الخليج العربي نحو البصرة ومنها عراقيا إلى ميناء العقبة فميناء اشدود الإسرائيلي ومنه الي قبرص ثم اليونان فالدول الأوروبية .

في المقابل.. هناك اصرار إيراني واضح وصريح في حتمية امتلاك القنبلة النووية كمعادل نوعي موجب.. يفرض وجودها على نظام الشرق الأوسط الجديد.. دولة لها سيادة فاعلة وليس مفعولا بها !! 

عليه كل متغيرات الرد والردود المقابلة انما تمضي في هذا الاتجاه.. متضاربة في المصالح. متفقة في شد الأطراف للدول العربية ولعل أبرز تأثيرات ذلك تتمثل في عدم استقرار العراق وديمومة امنه التنموي.

رابعا: في ادراك صياغات التسريبات عن مجريات وقائع اغتيال الشهيد اسماعيل هنية.. واعتبارات رد الفعل الإيراني.. لابد من فهم معادلة حدود العنف المتاح للجميع.. تضارب الروايات عن طائرة او صاروخ او قنبلة موقوتة. فإنها انهت حياة الرجل.. لكن علامات الاستفهام تبقى تدور عن حقيقة ما هو متاح لإسرائيل.. وغير متاح لإيران او غيرها من الدول.. على ذات الخط.. كم ستكون قدرة إيران تجاوز الخطوط الحمراء في إدارة العنف ضد إسرائيل؟؟..

 هناك مصفوفة خيارات يجيد تاجر السجاد الإيراني استخدامها.. لاسيما وان نذر وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض.. لا تسقط من هذه الحسابات وربما تمارس سلطنة عمان دور الوسيط الدبلوماسي لتعريف طهران حدود العنف المتاح في إطار ما يمكن أن تقوم به.. 

ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي