كربلاء في مرآة الحاضر: هل تأثرت هويتها بدوامة الفوضى؟
علي الطالقاني
2024-07-21 05:54
كربلاء، المدينة التي يشهد لها التاريخ بملاحمها وأحداثها، تحتضن في أزقتها تراث قل نظيره وثقافة تستمدها من الشجاعة والكرم. كانت رمزا للتضحية والصمود، حيث يجتمع المحبون حول ضريح الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه وهم يحيون ذكراه ويستلهمون من روحه الايمان والقوة.
اليوم، يبدو أنها على مشارف اندثار هويتها العريقة وهي تواجه تحديات تهدد بتغيير ملامحها وضياع هويتها الثقافية.
حين نمشي في الشوارع، نستشعر عبق تاريخ زاخر بالعطاء وللمكان روحانية فريدة، إلا أن ذلك بدأ يتلاشى أمام الفوضى العارمة حيث تلتهم التجاوزات والمشاريع التجارية العشوائية مساحات كان من المفترض أن يحسب لها ألف حساب، أدى التخطيط غير السليم إلى تشويه طابعها التراثي بل وحتى الحضاري.
الذي يدقق في كل زاوية وشارع لن يجد ما يجسد تلك القصص العظيمة والتاريخية التي بدأت تختفي تحت وطأة الفوضى في كل شيء الطرق التي كانت ذات يوم يسير فيها من يزورها بطمأنينة وسكينة تحولت إلى شوارع مختنقة ومزدحمة والتي تفتقد الى البنى التحتية المتواضعة ولا تصلح لاستيعاب النمو السريع، بل أصبحت تعاني من الإهمال.
الشوارع المليئة بالحفر والمسارات المتعرجة، والأسلاك الكهربائية المتشابكة التي تحجب السماء، تعكس حالة من الفوضى وانعدام التنظيم.
أما النقل وطرق المرور فهي كابوسا يوميا فالحافلات الكبيرة والسيارات والدراجات والستوتات والتك تك وحتى الماشية من الحيوانات تملأ الشوارع بشكل عشوائي تعكر صفو روحانية المكان.
الأكثر إيلاما هو تقسيم كربلاء إلى كانتونات محاصصية تتنافس القوى السياسية وغيرها على النفوذ والسيطرة وتشعر بأنها مناطق نفوذ متناحرة. هذه السياسة أضعفت الوحدة الاجتماعية والثقافية للمدينة، وخلقت بيئة هجينة.
كربلاء لا تستحق ما يحصل الآن بل أنها تحتاج إلى رؤية مستدامة تحافظ على التوازن التراثي الثقافي وفق بنى تحتية تمتد لمئات أو الاف السنين.
"المشاريع التجارية والاستثمارية" يجب أن تتوافق مع خصوصية المحافظة والمدينة خصوصا بشكل منظم يحترم تاريخها وأصالتها، تلبي احتياجات سكانها وزوارها. كربلاء ليست مجرد مدينة ميتة، بل هي رمز للإيمان والثبات والحفاظ على هويتها هو حفاظ على جزء من تاريخنا وهوية العراق.