العراق ولعبة الأمم: كيف وماذا؟
مازن صاحب
2024-05-02 04:36
لا ريب ان عراق اليوم بحدوده السيادية المعروفة نتاج لاتفاقات دولية مثل سايكس بيكو وما لحقها بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الاولى.. فيما الواقع التاريخي لولايات البصرة وبغداد والموصل تمتد لمساحات أكبر.
في مذكرات مس بيل... واغلب الوثائق البريطانية.. تكرر الحديث عن المصالح الاستحواذ ية على نفط العراق.. ناهيك عن وصف الجنرال ويفل قائد الجيوش البريطانية في الشرق الأوسط للعراق بكونه مركز البؤرة الإستراتيجية للمنطقة.
هكذا انتقل العراق من المساحات المعروفة لولاياته الثلاث إلى مساحته الحالية ولم تعد الغمامة تمضي إلى أي مكان ليكون خراجها للخليفة في بغداد !
وفق هذا التصور تعامل رجال الدولة في العهد الملكي وابرزهم نوري باشا السعيد مع لعبة الأمم.. وهكذا أيضا وقعت بغداد في عين عواصف المد الشيوعي ثم القومي واليوم الإسلامي بمفهومي البيعة والتقليد.. فكانت عملية الربيع العربي التي جعلت تطبيقات الإسلام السياسي في مواجهة مع طموحات مدنية الشعوب العربية. ولم تنحج المرجعيات الدينية محاسبة المفسدين من قيادات هذه الأحزاب.. كما لم تستطع ردم فجوة المعرفة بين مفاهيم تاريخية للحكم باسم الشريعة المختلف فيها وعليها وبين تطبيقات الحكم الرشيد وإنتاج الديمقراطية لإدارة المعرفة وتعظيم انتاجية الفرد الذي ما زال يستهلك مجتمعيا واقتصاديا من أحزاب متضاربة المصالح باسم الإسلام السياسي.
في المقابل.. تتعامل الدول وفق متغيرات حقب متلاحقة.. تبرز الحاجات للنفوذ والاستحواذ.. فتحولت من الاستعمار المباشر إلى الحروب الناعمة.. في مرحلة العولمة للراسمالية المتوحشة.. بقيادة أمريكية ومشاركة أوروبية اولا فضلا عن أطراف إقليمية متعددة.. بما يطرح تساؤلات عما يمكن أن يصار في لعبة الأمم وتداعياتها على عراق الغد.
أبرز هذه الوقائع.. خطوات الاقتراب الأمريكية الأوروبية من إطلاق المرحلة الثانية من مشروع الشرق الأوسط الجديد وفق استراتيجية القرن الأمريكي الحادي والعشرين... بعنوان تسوية القضية الفلسطينية وإطلاق أكبر مشروع يكرر جني المكاسب في تدوير البترودولار تحت عنوان اقليمي لمشروع نيونيم السعودي لتكون أوروبا الشرق الأوسط مقابل تطبيقات الناتو العربي الأمريكي الأوروبي بعنوان مشروع (ميسا)
فوقعت تداعيات السابع من أكتوبر في غزة وما زالت مستمرة فيما تمضي المساومات داخل البيت الفلسطيني ومن خارجه إقليميا ودوليا ممن يستخدم الورقه الفلسطينية بتكرار مشهود في مأساة هذه القضية.. وكل من هذه الأطراف متضاربة المصالح.. تعمل لفرض بصمتها على نتاج متوقع ومرتقب للعقود المقبلة في الشرق الأوسط الجديد.
السؤال اين موقع العراق في جديد لعبة الأمم؟؟
ما تبقى من عراق الأمس البعيد في خارطة السيادة لدولة اليوم يقع تحت أثقال نفوذ إقليمي إيراني.. تركي.. عربي خليجي بشكل خاص.. التعامل الدولي مع هذه الاثقال يرتبط كليا بمضمون ما كرره الرئيس بايدن امام السيد السوداني في البيت الأبيض مؤخرا.. مضمونه.. ان واشنطن ملتزمة بأمن إسرائيل ولها رد صارم على اي طرف يعتدي عليها!!
عراقيا.. أيضا تكررت الرغبة في الاحتفاظ بالسلطة من خلال التنازل عن السيادة الاقتصادية.. فبعد عقود النفط الاستخراجية.. هناك عقود للغاز. وايضا طريق التنمية الذي يقدم للعراق منفذا للخروج من قرار بريطانيا في حينه تحجيم منافذه البحرية.. ولكن بإدارة تركية مدبلجة للاستراتجية الأمريكية عن القرن الأمريكي الجديد.
كل ذلك يتطلب ان تنزع الاحزاب العراقية جلَود اجنداتها وخطابها وتجديده وفق هذه الرؤية لعراق ما بعد طريق التنمية.. ومرتكز لتجميع غاز الخليج العربي وتصديره بخطوط نقل نحو العقبة.. وربما نحو تركيا.. او كليهما معا.. وهذا يتطلب مغادرة مفهومي البيعة والتقليد.. إلى آفاق التطبيقات المدنية لحكم رشيد متجدد.
هكذا يمكن توقع من يستطيع الحافظ على مواقعه في سلطة الغد.. ومن يسقط في تحالفات تشكيل الحكومة وتغانم أموالها بعد الانتخابات المقبلة.
كل ذلك يطرح الكثير من التساؤلات عن تحالفات الأمس القريب.. واشباح الدولة العميقة وأساليب مقاومة المتغيرات.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!