قلق اللقلق: ما بين جسر قرطبة والبيت الأبيض
مازن صاحب
2024-04-08 02:19
تنفرج الفرحة عند افتتاح جسر قرطبة فيما تتضارب أهوال غرناطة عند توقعات نتائج الزيارة المقبلة للسيد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني الى واشنطن.. فحساب بيدر الإنجاز في مشاريع فك الاختناقات المرورية لا يتطابق مع حصاد العلاقات المستقبلية بين البلدين.
هكذا جاء عنوان هذه المقالة عن قلق اللقلق العراقي وهو دائما يضع عشه في منارات عالية مثل امنيات الاغلبية الصامتة الباحثة عن الأمن والأمان في عراق واحد وطن الجميع.
فيما يبقى الفارق كبير جدا بين حقائق الإنجاز الذاتي لمشروعية شخص السيد السوداني في تعجيل تلك الحلول العراقية الأفضل لكي يطرح امام طاولة البيت الابيض المعضلات الأصعب.. التي ترسم مستقبل العلاقات بين واشنطن وبغداد بمنهجين متضاربين.
في هذا السياق تصدر خبر من دون تفاصيل عن حل بصيغة ما لموضوع تسكين رواتب موظفي إقليم كردستان مقابل تلك الاخبار التي وظفت هذا الخلاف وطرحته رسالة من أعضاء الكونغرس الأمريكي كورقة ضغط امام السجادة الحمراء لاستقبال السوداني في البيت الأبيض.
ما يثير قلق اللقلق العراقي في أغلبية صامتة.. يتجاوز الخلافات المكوناتية في مفاسد المحاصصة بل نوع الالتزام الرسمي عراقيا بما يمكن أن يطلب من السيد السوداني على حافات الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الملف النووي الإيراني مقابل التصعيد الإسرائيلي الذي يوظف هذا الفراغ الانتخابي في القرار الأمريكي للانتهاء من النفوذ الإقليمي الإيراني تمثلت في ضربة القنصلية الإيرانية في دمشق.
مقابل تلك الاثقال التي يحملها السوداني لملف خروج نهائي للقوات الأمريكية ونقل سلطة حماية الأجواء العراقية من الطيران الأمريكي الى قوات عراقية فيها من يعتبر وحدة الساحات الجهادية بقيادة قوات اقليمية فوق سلطة الدستور ونفاذ القانون الوضعي.
هذا التضارب واسع الفجوة في تعريف العدو والصديق وانتهاج سياسات عمل عراقية بحتة ستجعل هذا الملف من أصعب الملفات في جدول أعمال الزيارة العراقية الى واشنطن.
في التحليل المنهجي.. ان زعامات ما بعد ٢٠٠٣ لم يظهر فيها نموذج متجدد لشخصية نوري السعيد.. تتعامل مع وقائع الاحتلال الأمريكي للعراق.. كما لم يظهر رجال دولة يتعاملون مع متغيرات اقليمية ودولية مقابل أدوار عراقية فاعلة لقيادة الحراك الإقليمي لصالح أهداف وطنية عراقية ما زالت حتى الهوية الوطنية قيد تعارض مصالح حزبية!! .
كنت اعتقد ان المرحوم احمد الجلبي او الدكتور اياد علاوي يمكن لهما لعب هكذا أدوار ريادية في صناعة الأمة العراقية ضمن عقد اجتماعي لديمقراطية توافقية بمنهج للحكم الرشيد.. لكن كليهما انكفأ وتصدر الإسلام السياسي بمفهومي البيعة والتقليد صدارة المشهد وكليهما لا يعترف في ادبياته الحزبية بمفهوم دولة المواطنة.. فيما نجح الدكتور برهم صالح ان يكون المرهم الذي يرهَم... خلال منصبه الوزاري وليس رئاسة الجمهورية ولكنه أيضا سرعان ما تحجم دوره في أولوية القومية الكردية قبل الاندماج في عراق واحد وطن الجميع... مما جعل لديمومة الفشل في نظام مفاسد المحاصصة تزيد من فجوة التباعد بين الاغلبية العراقية الصامتة وبين عملية سياسية تقاد بالريموت كنترول!!
اليوم.. حينما ينجح السيد السوداني في إنجازات مجسرات فك الاختناقات المرورية.. السؤال هل ينجح في فك اختناقات تضارب المصالح الحزبية.. وطرح تيار الفراتين كبديل واقعي موضوعي خلال الانتخابات المقبلة؟؟
الاجابة الموضوعية.. ان فهم عقلية نوري السعيد تنجح في التعاطي مع وقائع متغيرات الشرق الأوسط الجديد.. فظروف الاعلان المتوقع عن (تحالف ميسا) يشابه ظروف الاعلان عن حلف السنتو.. الفارق الكبير.. ان نوري السعيد كان منهدسا ناجحا لذلك الحلف.. فيما السوداني والعراق خارج قيادة هذا الوضع الإقليمي الدولي الجديد.. بل ويعتبر على الخط المضاد له.. فكيف ستكون لغة الحوار الاستراتيجي على طاولة البيت الأبيض... هذه بعض أوجه قلق لقلق الاغلبية العراقية الصامتةعن أهوال غرناطة المتوقعة.. ما بين نموذج محو العراق.. ونموذج عراق واحد وطن الجميع.. وادوار قيادات سياسية.. لم تترفع من واقع وظائف حزبية الى مصاف وظائف رجال بناء دولة... ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!