براقش: ما قبل وما بعد؟

مازن صاحب

2024-03-25 07:18

أكثر من حدث عراقي يجعل المقارنة بالقول بالمأثور (على نفسها جنت براقش) محل قياس للاثر، عند القلة من عقلاء القوم وان كانت الاغلبية تتمسك بمضمون المحاصصة فكل حزب بما لديهم فرحون! اول هذه الأحداث، قرار الحزب الديمقراطي الكردستاني عدم المشاركة في انتخابات الإقليم المقررة في حزيران المقبل، وما صاحبه من مواقف وتصريحات وتلميحات عن المحكمة الاتحادية ومواقف رئيسها.

واقع الحال.. اغلب القيادات الحزبية العليا في مجلس الحكم العتيد على معرفة ودراية بمضمون الهدف الاستراتيجي الكردي الماضي نحو حق تقرير المصير، وان كل ما مر على وجود الأحزاب السياسية الكردية داخل العملية السياسية مجرد مرحلة تخضع لمتغيرات وظروف كردية وعراقية واقليمية ودولية.

لذلك الحلول الفضلى التي يمكن أن تطرح من اي طرف عراقي للحصول على موافقة القوى الكردية لإلغاء او تاجيل طويل الأمد (٥٠ سنة على الاقل) لهدف الانفصال غير ذي جدوى عمليا.. ما دامت المواقف الكردية متمسكة بقرار حق تقرير المصير والانفصال عن دولة العراق كليا.

ومع عظيم احترامي للحق الكردي.. فان تضارب المصالح الاستراتيجي المشهود خلال وبعد الاستفتاء على الانفصال من طرف واحد.. إقليميا ودوليا انما يؤكد الفارق الكبير بين حسابات العقل الكردي وبيدر المصالح الإقليمية والدولية. 

ناهيك عن النتيجة الكلية لأهمية الاندماج الكردي في هدف بناء دولة عراق واحد وطن الجميع.. كل ذلك يجعل من الممكن القول.. ان طاولة المفاوضات المتكررة لتشكيل الحكومات الاتحادية مطالبة بوضع حلول استراتيجية لهذه المعضلة ربما تتمسك بالهدف الكردي ماقبل ٢٠٠٣ بعنوان (الفبدرالية لكردستان العراق والديمقراطية لكل العراق) بعد الاتفاق دستوريا على مضمون الفبدرالية الإدارية وصلاحياتها حد التفاصيل الدقيقة... مقابل الغاء قاطع وكلي لمطلب الانفصال. 

نعم الموضوع فيه الكثير من التعقيدات ويحتاج رجال دولة لمناقشته على طاولة مصلحة وطنية واحدة.. عسى ولعل ان بنجح عقلاء القوم في جميع الأطراف تأسيس دولة عراق واحد وطن الجميع.. بدلا من عراق المكونات ونظام مفاسد المحاصصة.

الأمر الثاني الذي شهده الاسبوع الماضي وما زالت تداعياته تمضي في عالم التواصل الاجتماعي.. عن تلك الشبكات التي وصلت حسب بيان رسمي إلى مناطق مهمة في الجهاز الأمني.

هكذا تبدو المقارنة بين براقش وما جنته على نفسها وبين نظام مفاسد المحاصصة في تنوع سلطان الحكم وعدم حصر العنف ونفاذ القانون بيد جهاز أمني محترف مستقل يفرق ما بين الحزب والدولة في نظام سياسي لعراق واحد وطن الجميع.

تنوع السلطات الموازية حزبيا وعشائريا جعل الدولة العميقة تطفو على سطح الأرض السياسية بكل تفاعلاتها وتضارب المصالح فيها.. يذكرني ذلك بما ورد في كتاب خمسة قرون من تاريخ العراق ترجمة جعفر الخياط.. وكيف ان حمامات العاهرات كانت تقرر من يكون في هدا الموقع كمحتسب او اي منصب اخر في دولة الخروف الأبيض او الاسود التي وصفت بكونها من اشد الفترات المظلمة في تاريخ العراق.

المقارنة الوصفية بين ما يحصل وما نسمع ونقرأ على مواقع التواصل الاجتماعي.. عن بلوغرات.. ونوادي ليلية وبيوت... تحت حماية هذا أو ذاك.. ربما تنحصر كتصرفات شخصية.. لكن المطلوب بقوة ان لا يتحول هذا السلوك الشخصي إلى أعراف وتقاليد مؤسساتية كما هو حال الفساد البنيوي في نظام المحاصصة.. والسكوت عن سؤال من أين لك هذا؟؟

نعم.. لابد أن تباشر الأجهزة الرقابية سؤال هؤلاء الذين يتمتعون بخيرات العراقيين مقابل تقديم خدمات شخصية.. من أين لهم مثل هذه الشقق التي يصل سعرها إلى نصف مليون دولار.. او السيارات التي تتجاوز ٢٠٠ الف دولار.... لان التحقيق في هذه المظاهر.. تكشف عن الاثراء غير المشروع لذلك الشخص الذي منح ما لا يملك لمن لا يستحق.. فالمال العام. مال كل العراقيين وليس موروثا لهذا او ذاك.

يضاف إلى ذلك نوع العقوبات الرادعة التي تمنع اي طرف ثالث من توظيف مواقع التواصل الاجتماعي في ترويج ثقافة الدعارة والنوادي الليلية.. لاسيما توظيفه لاغراض الابتزاز السياسي او استغلال الوظيفة العامة لتبادل المنفعة في حماية غير قانونية للاماكن التي يعملون فيها مقابل تلك الصور والفيديوهات الفاضحة.. وتلك مهمة ينتظر العراقيون قرارات حاسمة في أقرب وقت ممكن. 

في كلا الموضوعين أعلاه .. فان السؤال المركزي المطروح.. هل جنت براقش المحاصصة على نفسها؟؟ وهل بات مطلوبا مواقف أخرى للخروج من مظاهر ظلام دولة الخروف الأسود.. على سبيل المقارنة الوصفية... تساؤلات ربما تكون ضرورية.. ما دام الترويج العام للاحزاب المتصدية لسلطان مفاسد المحاصصة تمضي إلى التركيز على أن سماهم على الوجوه من أثر السجود.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!

...........................................................................................

* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا