البطة العرجاء والتانغو الاخير!

مازن صاحب

2024-02-12 05:40

تتباين الثقافات في فهم متغيرات الشرق الأوسط بسخته ما قبل أحداث غزة وما بعدها.. معضلة هذا التباين في التشبث بالاجندات الحزبية وتطبيقاتها من قليلي الخبرة القائمين على صناعة السياسات العامة ومتخذي القرار من دون إدارة مصالح في عراق واحد وطن الجميع.. واستبدالها بنظام المحاصصة والمكونات.

نتيجة ذلك أن الطرف الثالث إقليميا او دوليا بات يتعاطى نموذج (البطة العرجاء) في التعامل مع الملف العراقي.. ما دام كل حزب بما لديهم فرحون... ظهر مصطلح (البطة العرجاء) لوصف الشركات الخاسرة لاسهمها في البورصة.

هكذا ظهرت أفعال اختراق سيادة الدولة العراقية.. الابشع والافظع في نظام دولرة الاقتصاد الكلي الشامل للعراق.. فقط لتوظيف مزاد العملة لصالح الهيئات الاقتصادية لذات الأحزاب التي يعلو صوتها اليوم دفاعا عن سيادة قاموا بتمزيقها في منصة الدولار بدلا من الدينار!!

ولم يتحقق من شعار (صنع في العراق) الا النزر القليل.. مقابل تصاعد تجارة العملة العراقية الخاسرة مقابل الدولار الأمريكي.

الخرق الثاني الابشع للاحزاب التي شاركت الاحتلال الصهيوني في مجلس الحكم العتيد من اعتقد منهم.. ان واشنطن منظمة انسانية لتغيير أنظمة الحكم.. لذلك لا يقرأون اتفاقيات الإطار الاستراتيجي وان قرأوا لا يعلنون غير ما يتناسب مع ذات اجنداتهم الحزبية.. لذلك القوم تحت الطاولة مع السفيرة الأمريكية.. ليس بشعاراتهم فوق الطاولة.. على الاقل امام جمهورهم الحزبي

.من أبرز معالم ذلك مطلب خروج القوات الاجنبية من العراق. مرحب به عند طرف يعتقدون انهم الاغلبية مقابل أطراف أخرى ترفض (حكم الاغلبية) في نظام محاصصة توافقي ويعتبرون ان بقاء هذه القوات (ضمانات سياسية) لعدم انفراد نفوذ دولة إقليمية تمثله إيران واذرعها العراقية مقابل مساعي دول الإقليم الأخرى مثل تركيا والاردن ودول الخليج تعمل للحد من نفوذ إيران في محور الشرق الأوسط الجديد على حافة هاوية مشروعها النووي.. ولان العراق بات منطقة تخلخل أمني نتيجة تراكم الأخطاء ..اصبخ ملعبا الجميع يلعب فيه ولكل منهم وكلاء في أحزاب سلطة المحاصصة!! فما بال تدخل القوات التركية وعدم تنفيذ اتفاق سنجار على سبيل المثال.. وايضا مسار جلسات القمة المتكررة للشام الجديد.. كلها تحت عنوان واحد.. لا نفوذ نووي إيراني ينطلق من العراق!!

هكذا بات العراق مجرد بطة عرجاء في سياسات دول المنطقة إقليميا ودوليا تفرض علي الوكلاء الحزبيين اجندات مطلوبة.. فيما لم تظهر اية اتجاهات حية متجددة لاستعادة دوره كفاعل إقليمي وليس العكس.. وكل الشعارات الرنانة وتلك الجيوش الإلكترونية لهذا الكم المتصاعد من عدد الأحزاب.. بادر او سيبادر للانتهاء من الأصول الدستورية للدولة.. مقابل ظهور نموذج الدولة الكليبوقراطية في مفاسد المحاصصة.. معتمدة على أجنحة مسلحة تفرض نفوذهم على الأرض بلا سيادة وطنية. في هذا السياق.. من يريد أن يرقص التانغو الاخير مع الولايات المتحدة الأمريكية.. ان يفهم قواعد الرقصات الدولية والإقليمية.. لان ضبط حركات الرقص ليست مجرد إيقاع بل اي حركة نشاز ستقابل بحركات مقابلة.

نعم هناك أطراف عراقية تجد العراق مجرد حديقة خلفية للملف النووي الإيراني.. ومستعدة ان يحترق العراق كله لصالح الوليتا تاتحلا.

مقابل اخرين يقدمون كل التبريرات فقط لحماية مصالحهم الحزبية في كعكة مفاسد المحاصصة.. بوجود القوات الأمريكية كضمان دولي.!!

هذا الكلام لا يقصد به سيادة الدولة الحقيقية بل ان تكون كل الأطراف امام استحقاق مباشر للإجابة على تساؤلات وقحة.. متى تكون هناك قيادات دولة قولا وفعلا.. تتعامل مع استراتيجيات عراق واحد وطن الجميع.

لذلك يظهر في نشاز البطة العرجاء لرقصة التانغو ان اغلب من تصدى للسلطة يتعامل مع مجموعة عوائل دكتاتورية اوليغشارية (حكم القلة) بعناوين حزبية بلا عقد اجتماعي دستوري يساوي بين المنفعة العامة والمنفعة الشخصية للمواطن الناخب.. من دون مشروعية برلمانية لتمثيل أغلبية عراقية بعد أن غادرت الاغلبية الصامتة صناديق الاقتراع.

لذلك يتطلب المنطق والعقل الجمعي ان تبدأ بيوت التفكير العراقية البحث عن (سمفونية وطنية) تنهي رقصة البطة العرجاء.. وإنجاز حكم المواطنة الفاعلة الرشيد..

قبل حصول ذلك .. لا أعتقد أن اي طرف من معادلة سلطة مفاسد المحاصصة باستطاعته الرقصة الأخيرة للتانغو العراقي.. فهل يدرك من يجلس على كراسي السلطة ان عراق اليوم والغد بلا سيادة من دون عقد دستوري لعراق واحد وطن الجميع.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون شؤون!!

..............................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا