القوارير.. الضحية الأكبر للإعلام المناوئ
رقية تاج
2015-10-10 08:03
لا شك ان الانفتاح الذي شهده العراق بعد سقوط النظام المقبور قد رسم معالم فكرية متحضرة، غيرت مجتمع قبع تحت براثن الجهل لعدة عقود، وقد كانت وسائل الاعلام ولاسيما القنوات التلفزيونية، اللاعب الاكبر في المساهمة بفتح النافذة على مصراعيها في هذا البلد المنكوب، ليطل الناس على العوالم الاخرى بخيرها وشرها.
و(لكل جديد بهجة) كما يُقال، فقد ابتهج الجمهور بهذا الاعلام الجديد، وغزت مئات الفضائيات شاشات التلفاز، واستقبل الناس بدورهم طوعا هذا الوافد الغريب والمثير.
وبما ان النساء هن الاكثر تعرضا لوسائل الاعلام المرئي نظرا لمكوثهن في المنزل لساعات اطول من الرجال بطبيعة الحال، ونظرا لطبيعة المرأة العاطفية فكنَّ بذلك الاشد تأثرا بمضمون الرسائل المعروضة في اغلب البرامج والمسلسلات، ذات القالب الغربي والمتوجهة في غالبيتها لشريحة النساء، وما أخطرها من رسائل!!.
فقد سعى الاستعمار الغربي على طول العصور للإيقاع في المسلمين وكسر شوكتهم، فاستخدموا لذلك شتى الوسائل، وكانت المرأة الاداة الاقوى التي استخدموها في تخريب قيم المجتمع، فهي نصف المجتمع وهي التي تربّي النصف الاخر، ويكفي ان تتغير المرأة ليتغير من ورائها جيل بأكمله، ويقول الحديث الشريف (ما لإبليس جند أعظم من النساء والغضب).
ووجد اعداء الاسلام ضالتهم المنشودة في وسائل الاعلام وما تبثه من سموم، أفسدت بعض عقول النساء واصطادتها فريسة سهلة لغاياتهم ومصالحهم.. فحشدوا في سبيل ذلك البرامج التلفزيونية المتنوعة، منها ما تصب اهتمامها بمظهر المرأة وشكلها والازياء والموضة، وشجعوا في تلك البرامج على عمليات التجميل التي غيرت من خلق الله، فباتت كل الفتيات على شكل واحد، وهو الوجه والجسد الجميل الذي يبعث على السعادة ويزيد الثقة ويغري الرجال!!، فزرعوا في النفوس ضرورة الاهتمام بالقشور على حساب الجوهر والروح والفكر، وليصبح الجمال كل غاية المرأة، ويظهر ذلك جليا في الاعلانات والدعايات التي تظهر المرأة وكأنها سلعة تباع وتُشترى.
ومنها ما يدعو الى (التحرر) والخروج من سلطة الرجل (القمعي) وحقها في مشاركته في كل مجالات الحياة، وفي كل مكان وبأي طريقة تحت شعار المساواة !! وجاءت المسلسلات الاجنبية ومن ورائها التركية وحتى العربية مع بالغ الاسف، لتهدم كل العادات والتقاليد وكل الضوابط الدينية والاخلاقية التي طالما تربى عليها مجتمعنا المحافظ، وجاءت بأخرى لا تمت لديننا واعرافنا بأدنى صلة، وصورت لنا التبرج والابتذال بأنه حرية شخصية والعلاقة المفتوحة بين المرأة والرجل بالتحضر.
وجاء التقليد الاعمى من قبل بعض بناتنا وخصوصا المراهقات اللواتي اتخذن من تلك النماذج السيئة من الاعلاميات والممثلات (الجميلات والمتحررات من قيود المجتمع واللواتي يفعلن ما يرغبن به رغم انف كل معارض) مثلا اعلى يحتذى به!! وكثيرة هي القصص التي سمعناها عن تأثير هذه المسلسلات والشخصيات على الفتيات، فمنهن على سبيل المثال والطرافة من غيرت اسمها الى اسم ممثلة في فيلم!! واخرى طلبت الطلاق من زوجها بعد ان أحبّت بطل المسلسل بشغف كبير.
مؤلم ومعيب ان تترك المرأة أعظم قدوة على مر التاريخ وهي سيدة النساء فاطمة الزهراء وابنتها فخر المخدرات زينب! ويجرين وراء نماذج لنساء لن يجنين من ورائهن الا الخسران في الدنيا والاخرة. ويكفي لتتأكد من هذا الواقع المؤسف ان تذهب لجامعة وحتى في محافظة اسلامية ان شئت، لترى بأم عينيك اثر العولمة الغربية في الحجاب المضيع، والاختلاط غير الشرعي والمفاهيم المغلوطة التي يتبنونها بل ويفخرن بها.
وازداد الفساد كنتيجة طبيعية، وانطمست هويتنا الاسلامية، وتزعزعت ثوابتنا الدينية، فانتشرت المشاكل بين الاسر، وارتفعت نسب النزاعات والطلاق والقائمة في ازدياد ما لم يتم تدارك الامر.
وهذا لن يكون الا في زيادة وعي المرأة عن طريق العودة الى نشر مفاهيمنا الاسلامية، وتضافر الجهود بزيادة حملات الارشاد والتصدي لهذه المفاهيم المنتشرة بيننا كالنار في الهشيم، واهمية انشاء المزيد من الفضائيات والبرامج المضادة لتلك المسيئة لقيمنا، وخصوصا للمرأة، ولا بأس بمشاركة النساء في العملية الاعلامية، لكن بصورة تليق بها وتعكس صورة الاسلام المحمدي الاصيل، وهي مدرسة الاجيال، فالإسلام كرمها ورفعها عن سفاسف الامور، والمظاهر البراقة التي تعكس ثقافة ضحلة وفكر سطحي.
فهل نبادر جميعا الى ذلك وننقذ ما يمكن انقاذه؟!.