أمريكا وإدارة صفقة الاتفاق النووي بين إسرائيل وإيران

كمال عبيد

2015-09-08 01:19

بعد جعجعة سياسية محتدمة من لدن المتشددين في امريكا وايران بشأن مستقبل الاتفاق النووي، تجسدت بالعناد والمماطلة السياسية بين طرفي الاتفاق ضمن مسلسل الصفقات المفتوحة والتنازلات الكبرى، وفي اخر تطور في هذا الشأن حقق الرئيس الأمريكي باراك أوباما انتصارا كبيرا على صعيد السياسة الخارجية حين نجح في حشد الأصوات الكافية في مجلس الشيوخ لحماية الاتفاق الإيراني في الكونجرس، لكن الجمهوريين تعهدوا بمواصلة حربهم ضد الاتفاق بفرض عقوبات جديدة على طهران.

فيما اظهرت المستجدات بشأن تداعيات الاتفاق النووي المستقبلية في امريكا، ايران، اسرائيل، تبريرات سطحية من لدن رئيس وزراء الاخيرة بنيامين نتنياهو، الذي أكد في تصريحاته بأن معظم الأمريكيين يتفقون مع إسرائيل بشأن المخاطر التي تمثلها إيران، وذلك من اجل التغطية على خسرته معركة لإقناع الكونجرس الأمريكي برفض الاتفاق النووي الذي أبرم بين طهران والقوى العالمية بما في ذلك الولايات المتحدة، وفي وقت سابق أنفقت جماعات مؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة ملايين الدولارات على حملات تدعو الكونجرس لرفض الاتفاق.

وفي مقابلة مع صحيفة فوروارد وهي صحيفة يهودية أمريكية وموقع إخباري طرح أوباما احتمال تعزيز التعاون العسكري والمخابراتي مع إسرائيل بمجرد تطبيق الاتفاق النووي، وقال أوباما "سيكون هناك جدل مستمر بين الأسر والأصدقاء، وإسرائيل ليست حليفة فحسب وليست صديقة فحسب. إنها جزء من العائلة".

ويقول نتنياهو ومعارضون آخرون للاتفاق إنه يخفف العقوبات المفروضة على ايران اكثر مما يجب مقابل نظام غير كاف لتفتيش منشآتها النووية. ويشعر هؤلاء بالقلق من أن إيران سوف تستخدم أموالا تتاح لها بموجب رفع العقوبات قيمتها 50 مليار دولار لتمويل جماعات إسلامية متشددة قد تهدد حلفاء الولايات المتحدة بما في ذلك إسرائيل.

أما في ايران تبدو مناقشة الاتفاق النووي ستكون حامية كما توقع رئيس البرلمان الإيراني أن تكون مناقشة المشرعين الإيرانيين للاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية أكثر حدة على الأرجح من مناقشة الكونجرس حيث سعى الجمهوريون الى وأد الاتفاق.

ومهد انتخاب الرئيس حسن روحاني عام 2013 الطريق لتحسن العلاقات الدبلوماسية مع الغرب وقد رفض هو وحلفاؤه إجراء تصويت في البرلمان على الاتفاق قائلا إن هذا سيؤدي الى التزامات قانونية تعقد تطبيق الاتفاق.

أما خامنئي وله القول الفصل في كل أمور السياسة الايرانية قال "يجب ألا يهمش البرلمان في قضية الاتفاق النووي... لا أقول إنه يجب على النواب قبول الاتفاق أو رفضه. القرار بايديهم"، وأضاف في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي على الهواء "قلت للرئيس إن عدم إتاحة الفرصة لمشرعينا لمراجعة الاتفاق لا يصب في مصلحتنا".

كما انتقد خامنئي السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط مستبعدا تطبيع العلاقات مع العدو اللدود لإيران. ويبدو أن هناك خلافات بين إيران والقوى الغربية منذ إبرام الاتفاق على كيف ومتى ترفع العقوبات على وجه الدقة.

ويرى الكثير من المحللين ان مهمة أمريكا الراهنة تتجسد بإدارة صفقة الاتفاق النووي بين إسرائيل وإيران، ويرى هؤلاء المحللون انه على الرغم من العقبات التي تضعها السلطات المتشددة في ايران وامريكا أمام قرارات السلطات المعتدلة في واشنطن وطهران، الا انه بات من الواضح نجاح السلطات البراغماتية في الحفاظ على الاتفاق النووي في المستقبل.

الرأي العام الأمريكي منحاز لإسرائيل

في تصريحات خلال مراسم رأس السنة اليهودية بوزارة الخارجية لم يشر نتنياهو بشكل مباشر لنجاح الرئيس باراك أوباما في تأمين ما يكفي من الأصوات في مجلس الشيوخ لحماية الاتفاق الذي أبرم يوم 14 يوليو تموز خلال تصويت سيجريه الكونجرس.

لكن نتنياهو الذي أثار غضب البيت الأبيض بإلقاء كلمة أمام الكونجرس في مارس آذار بدعوة من زعماء جمهوريين في إطار حملته ضد الاتفاق لمح إلى أن جهوده لم تذهب سدى، وتحدث عن ضرورة الحفاظ على العلاقات الوثيقة بين إسرائيل وواشنطن رغم ما وصفه "بالاختلاف في الرأي". وقال للموظفين الدبلوماسيين "ينبغي أن أقول إن الأغلبية العظمى من الجماهير الأمريكية تتفق معنا بشأن الخطر الذي تمثله إيران". بحسب رويترز.

ولم يذكر نتنياهو دليلا يعضد ما قاله. وخلص استطلاع أجرته رويترز وإبسوس في الولايات المتحدة إلى أنه حتى يوم الأول من سبتمبر أيلول كان 30 في المئة يؤيدون الاتفاق بينما يعارضه 30.7 في المئة في حين قال 39.4 في المئة إنهم لم يحسموا أمرهم، وقال نتنياهو إن رسالة إسرائيل للمواطنين الأمريكيين العاديين ستظل "إيران عدو للولايات المتحدة وتقول ذلك علنا بينما إسرائيل هي حليفة للولايات المتحدة"، ووفقا لبيان رسمي ذكر نتنياهو أن ضمان إدراك الرأي العام لهذه النقطة سيكون له "تأثير مهم على أمننا على المدى البعيد".

ووصف أوباما الاتفاق الشهر الماضي بأنه "أقوى اتفاق لعدم الانتشار جرى التفاوض عليه" وقال إنه إذا رفض الكونجرس الاتفاق فإن مسار إيران نحو القنبلة النووية سيتسارع وستتضرر مصداقية الولايات المتحدة الدولية بشدة.

لكن قالت باربارا ميكولسكي عضو مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي إنها ستؤيد الاتفاق ليصبح عدد من يدعمونه في مجلس الشيوخ 34 عضوا وهو عدد كاف لتأمين حق النقض الذي وعد أوباما باستخدامه إذا أصدر الكونجرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون قرارا بالرفض، وقال منتقدو نتنياهو إن قراره بإلقاء كلمة أمام الكونجرس بدعوة من الجمهوريين لم يسهم سوى في تنفير الديمقراطيين الذين كان يحتمل أن يرفضوا الاتفاق وأحبط مساعيه للقضاء على الاتفاق.

خامنئي يدعم تصويت البرلمان على الاتفاق النووي

فيما نقل التلفزيون الإيراني عن الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي قوله إنه يدعم تصويت البرلمان على الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع القوى العالمية الكبرى داعيا لرفع العقوبات تماما عن بلاده لا مجرد تعليقها.

ولم يعلن خامنئي نفسه عن دعمه الكامل للاتفاق أو معارضته له بل اكتفى بالثناء على جهود الفريق الإيراني المفاوض، وباشرت لجنة خاصة في البرلمان - حيث يحوز النواب المحافظون المقربون من خامنئي على الأغلبية- مراجعة الاتفاق قبل التصويت عليه. ولم تعد حكومة الرئيس حسن روحاني مشروع قانون بهذا الخصوص لاحالته إلى البرلمان.

وقال علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني للصحفيين في نيويورك إن مناقشة النواب الإيرانيين للاتفاق ستكون على الأرجح اكثر سخونة من مناقشته في الكونجرس الأمريكي حيث سعى الجمهوريون الى وأد الاتفاق.

وقال لاريجاني إنه شخصيا يعتبر الاتفاق جيدا. لكنه حذر من أن هناك بعض المواقف المعارضة للاتفاق الذي ترفع بموجبه العقوبات المفروضة على ايران لمدة عشر سنوات على الأقل مقابل فرض قيود على برنامج طهران النووي.

وقال رئيس البرلمان إن من بين الجوانب التي لا يرضى عنها المشرعون الإيرانيون إمكانية إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة في حالة انتهاك بنود الاتفاق، وقال نائب إيراني كبير طلب عدم نشر اسمه للصحفيين إن اللجنة ستتوصل الى اتفاق خلال أسابيع وإن البرلمان سيصوت خلال نحو شهر.

ونجح الرئيس الأمريكي باراك أوباما فيما يبدو في حشد ما يكفي من الأصوات في مجلس الشيوخ لضمان موافقة الكونجرس على الاتفاق غير أن العناصر المتشددة من أعضاء الحزب الجمهوري تعهدوا بمتابعة جهودهم لافشال الاتفاقية عبر فرض عقوبات جديدة على طهران، واعتبر خامنئي أنه بدون رفع العقوبات التي كبلت الاقتصاد الإيراني فان الاتفاق معرض للخطر.

أوباما يكسب الكونجرس

الى ذلك أعلنت السناتور الديمقراطية بربارا ميكولسكي تأييدها للاتفاق لتصبح العضو الديمقراطي الثاني والثلاثين في مجلس الشيوخ الذي يدعم الاتفاق إلى جانب عضوين مستقلين اخرين. ويقضي الاتفاق الذي أعلن في 14 يوليو تموز بتخفيف العقوبات عن إيران مقابل موافقة طهران على تقليص برنامجها النووي.

وبإعلان ميكولسكي تأييدها للاتفاق سيكون لدى الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه أوباما ما يكفي من أصوات لحماية الاتفاق النووي -المبرم بين إيران والقوى العالمية- في الكونجرس الأمريكي.

وسيتمثل هدفهم القادم في ما اذا كان بوسعهم جمع 41 صوتا على الاقل في مجلس الشيوخ لاستخدام قاعدة تعطيل الاجراءات لمنع المجلس من اصدار اي قرار بعدم الموافقة ومنع اوباما من اللجوء إلى استخدام سلطة النقض.

وقالت ميكولسكي "لا يوجد اتفاق مثالي. خاصة الاتفاق الذي تم التفاوض بشأنه مع النظام الايراني. توصلت إلى ان خطة العمل الشاملة المشتركة هذه هي افضل خيار متاح لمنع ايران من الحصول على قنبلة نووية"، أضافت "لهذه الأسباب سأصوت لصالح هذا الاتفاق"، وألقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري كلمة بخصوص الاتفاق في فيلادلفيا وقال فيها إن مزاياه تفوق أي عيوب. بحسب رويترز.

وأمام المشرعين الأمريكيين حتى 17 سبتمبر أيلول للتصويت على "قرار بالرفض" والذي قد يضعف الاتفاق الدولي من خلال شل قدرة أوباما على رفع الكثير من العقوبات الأمريكية عن إيران بصفة مؤقتة.

ومن المتوقع أن ينظر مجلسي الشيوخ والنواب في المسألة فور عودتهما إلى واشنطن في الثامن من سبتمبر ايلول بعد انتهاء عطلة اغسطس اب، وكان الهدف الأول لمؤيدي الاتفاق هو حشد الاصوات الكافية في مجلس الشيوخ أو النواب للحفاظ على حق أوباما في استخدام حق النقض على اي قرار بمعارضة الاتفاق.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا