عيوب الأطباء: تحت المجهر

مصطفى ملا هذال

2023-01-12 07:14

قبل كل الشيء أتمنى الا ينتظر أحد في عيادات الأطباء، وتترقب عيونه الداخلين الى الطبيب والخارجين منه، ذلك لان الانتظار بطبيعته مزعج، فكيف إذا كان الانتظار لتعرف ما بك من سقم؟، وقد يكون مرض عضال يضعك على مقربة من النهاية.

بالتأكيد لا نراجع عيادات الأطباء الا إذا اصابنا مكروه وهنا أعني المرض، وبما ان الشخص المريض يتحول الى انسان غير اعتيادي، فمن الواجب التعامل معه معاملة خاصة وغير اعتيادية من الجميع، ويأتي ذلك التعامل الفريد او الخاص نتيجة الضغوط النفسية التي تحاصر المريض وتجعله ييأس من الحياة ويتصور الموت صار قاب قوسين او أدنى.

من الأطراف التي يجب ان تتحلى بقدر كبير من المرونة والتعامل البسيط هم الأطباء، الذين يلتقون يوميا بالعديد من الحالات المرضية، ولكل حالة مزاج معين ونفسية تحتاج من يعي ويفهم كيفية تقبلها وجعلها تعيش حالة مستقرة بعيدة عن الانفعال المعتاد، وهنا ما لا نجده في اغلب الأطباء الذين على تماس مباشر مع المرضى.

خشونة التعامل من قبل الطبيب مع المراجعين يعود الى حزمة من الأسباب، ومنها كثرة المراجعات في اليوم الواحد، لاسيما وانه يذهب الى العيادة الخاصة بعد انتهاء الدوام الرسمي في المستشفى الحكومي، وبالتالي لا يمكن ان يحافظ على نشاطه الصباحي ويفقد تركيزه تدريجا.

الفقدان التدريجي للنشاط والتركيز، يؤدي بشكل مباشر الى حدوث أخطاء طبية، إضافة الى عدم دقة في التشخيص، ولذلك يحدث في أحيان كثيرة كوارث تشخيصية لا يمكن السكوت عنها، او تلافيها لأنها قد تكون أودت بحياة الفرد المريض، اذ نسمع يوميا بحوادث من هذا القبيل.

ومن المؤشرات السلبية التي يمكن تدوينها على شريحة الأطباء وطبيعة تعاطيهم مع الحالات المرضية، هي ان الاهتمام يقتصر على نوع من المرضى، تاركين البقية دون رعاية كافية، وسبب الاهتمام بالنوع الأول من المرضى؛ كونهم من المراجعين بصفة دورية الى العيادات الخاصة لهؤلاء الأطباء.

فمن يراجع طبيبه الى العيادة الخاصة يحصل على شارة التمييز في المستشفى الحكومي، وهنا الفارق الكبير بالتعامل مع ان الجميع يجب ان يحظون بنفس الدرجة من الرعاية والاهتمام، الا ان الواقع يشير الى الكثير من الإخفاقات التي يمكن اعتبارها من المثالب الكبيرة على الأطباء.

الحمل الكبير الذي يحمله الطبيب على اكتافه طوال اليوم، يرجع بالأساس الى رغبته في جمع الأموال، فمن يكتفي في الراتب الذي يتقاضاه في الوظيفة الحكومية، يعيش فقيرا مقارنة بزملائه من الأطباء الذي يمتلكون عمارات شاهقة ومجمعات طبية خاصة بهم، ومنازل فارهة وسيارات بحفنة آلاف من الدولارات كلها بفعل العمل الطبي الذي ابتعد كثيرا عن محور الإنسانية.

ولا يمكن للخطأ ان يستمر في حال ارادت الحكومة والجهات الرقابية إيقافه بمرور الأيام، فمن السهل جدا ان تضع وزارة الصحة مجموعة من الضوابط والمحددات التي بموجبها تمنع الطبيب من مزاولة عملين في آن واحد، وعليه الاختيار اما العمل في المستشفيات الحكومية او القطاع الخاص ولا يصح الدمج بينهما.

وضع كل قدم في قطاع يجعل من الطبيب عرضة للأخطاء التي سبق وان تحدثنا عنها في السطور السالفة، لذلك يعد من أنجع الحلول لمثل هذه المشاكل هو التقييد وإجبار الأطباء على العمل الأحادي، وذلك من شأنه خلق الابداع والتطور المستمر، عن طريق التفرغ للمهنة والتمتع بفائض الوقت للاشتراك بالمؤتمرات العلمية التي تطور العمل وتساعد الاطلاع على آخر المستجدات في مجال من المجالات.

الطب مهنة ربما هي الأكثر من المهن اللواتي لا يقبلن الخطأ، لان الخطأ فيها ثمنه حياة الافراد، لذا فهي بحاجة الى أكثر الدرجات من الدقة، يرافقها مزيد من الإنسانية التي تشعر المريض بالراحة والطمأنينة التي تعد بمثابة الأرض الخصبة لإنجاح العلاج وإعطاء مفعوله بصورة أكبر، وحين هذه المرحلة نكون قد بلغنا مرحلة من التقدم والتطور في المجال الطبي والإنساني ولا يمكن ان ندون عيوب أخرى للأطباء.

ذات صلة

التنمية المتوازنة في نصوص الإمام علي (ع)أهمية التعداد السكاني وأهدافهالموازنة في العراق.. الدور والحجم والاثرفرصة الصعود في قطار الثقافةموقع العراق في سياسة إدارة ترامب الجديدة