شكراً شرطي المرور.. ولكن

مسلم عباس

2022-12-20 07:21

دشنت مديرية المرور العامة حملة مكثفة في عموم العراق لإعادة ضبط سير المركبات في الشوارع وذلك بعد ازدياد الحوادث اليومية واختفاء القواعد القانونية من الشارع العراقي.

وزارة الداخلية وعلى لسان المتحدث الرسمي باسمها تهيب بالمواطنين الكرام التعاون مع مديرية المرور العامة لإعادة تنظيم حركة السير والمرور في بلادنا العزيزة.

مشكلة كبيرة وغير قابلة للتحمل، تزايد في أعداد المركبات، بطء حركة السير، الازدحامات خانقة، عجز الطرق عن استيعاب الأعداد الكبيرة من المركبات، انحدار أخلاقية الالتزام بحق المرور للجميع، كل هذه الأمور يعتقد المتحدث باسم الداخلية خالد المحنا إنها تستوجب وقفة جادة منا جميعًا لاستعادة الصورة التي تليق بكرامة البلاد وصورتها الحضارية بين الأمم.

ليس هذا فحسب بل تزايد الاستخفاف بالقوانين والأنظمة، الأمر الذي انعكس في كثرة الحوادث المرورية وارتفاع أرقام الضحايا وبما فاق ضحايا الإرهاب.

تتفق وزارة التخطيط مع الداخلية بشأن وجود زيادة في حوادث المرور ما يتطلب منا وقفة جادة لإيقاف نزيف الموت اليومي في شوارع العراق.

وأثناء تجوالي اليومي لاحظت خلال الأيام القليلة الماضية نشاطاً متزايداً لشرطة المرور، ولو أنه ليس بالشكل المطوب، ما دفعني لتقديم كتاب شكر وتقدير لمديرية المرور العامة باسمي وباسم من يوافقني على إهداء هذا الكتاب.

لكن

أين كانت مديرية المرور العامة طوال السنوات السابقة؟

لماذا تركت الشوارع لمن يشاء، للمراهقين والكبار، للعقلاء والجهلاء، من يملكون إجازة السوق ومن لا يملكون.

من سمح لمديرية المرور العامة أن تأخذ إجازة طويلة الأمد لنفسها، فامتنعت عن الوقوف بوجه المخالفين لقواعد السير.

هل تعرف مديرية المرور ما يجري في مواقع تسجيل المركبات؟ وهل تعرف المديرية كيف تمنح إجازة السوق؟ وهل تعرف نوعية الاختبارات التي تجرى للحاصلين على إجازة السوق؟

يمكن للمديرية تقديم إجابتها بشأن مشكلة السير وتلقي باللائمة على الوضع العام للبلاد، فالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لم يكن يتمتع بالاستقرار المطلوب الذي يتيح لشرطة المرور أداء دورهم في إنفاذ القانون وحفظ أرواح المواطنين.

وحتى لا نتشدد تجاه مديرية المرور، نحن نعرف جيداً بأن هناك ظروفاً خارج سيطرتهم بحاجة، مثل تهالك منظومة الطرق، وعدم تنفيذ مشاريع توسعات تتناسب مع حجم الزيادات السكانية وزيادة أعداد السيارات في العراق، إذ لا يمكنها استيعاب هذه الأعداد، مما يسبب مثل ضغط هائل، وهذا الواقع يقره المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي في تصريحه لموقع قناة الرابعة (9 تشرين الثاني 2022).

والظروف التي جعلنا نسامح مديرية المرور العامة بشأن إخفاقاتها في تطبيق قانون المرور، تفرض على المديرية ذاتها أن تأخذ هذه الظروف بنظر الاعتبار في كل لحظة يشاهد فيها شرطي المرور أحد سائقي السيارات وهو يقوم بمخالفة مرورية.

على شرطي المرور أن يتأكد هل أنه يطبق القانون المروري على جميع المواطنين أم بطريقة انتقائية، بمعنى هل يمكن لمواطن آخر تجنب الغرامة المالية في حال قيامه بنفس المخالفة أم أن الأمر يتعلق بمزاج شرطي المرور لحظة مشاهدته المخالف؟

هل سيقف شرطة المرور في جميع التقاطعات المرورية أم تنفذ الحملات بطريقة عشوائية.

نكتب عن تناقضات مديرية المرور العامة وهي كثيرة ويجب أن تأخذها بنظر الاعتبار، تصور أن المرور فشلت في التنسيق مع مديريات البلدية في المحافظات وأمانة بغداد لتوحيد صبغ الشوارع، وهو ما يجعل المواطن في حيرة من أمره.

في بغداد يصبغ الجانب الأيسر للشارع باللونين الأصفر والأسود للدلالة على منع الوقوف منعاً باتاً.

ويصبغ الجانب الأيمن بالأصفر والأبيض للدلالة على منع الوقوف والسماح بالتوقف لإنزال الركاب.

وفي كربلاء الصبغ معكوس، ما يصبغ به الجانب الأيسر في بغداد يصبغ به الجانب الأيمن في كربلاء، وما يصبغ به الجانب الأيمن في بغداد يصبغ به الجانب الأيسر في كربلاء.

سألت أحد ضباط المرور في بغداد عن الصبغ الصحيح للرصيف فقال إن الموجود في بغداد هو الصحيح.

وكتب أحد المواطنين استفساراً لإعلام مديرية مرور كربلاء في الفيس بوك بشأن اختلاف طريقة صبغ الرصيف فقال إن الموجود في كربلاء هو المتوافق مع القواعد المرورية.

التناقضات كبيرة في الأعمال الخاصة بمديرية المرور، وفي القضايا المرتبطة بتطبيق القانون المروري لكنها ليست من اختصاصها مثل تعبيد الشوارع القديمة وتوسيعها وبناء الكراجات في المراكز التجارية وغيرها.

إذا كانت مديرية المرور جادة في تطبيق قوانينها، فشكراً لجميع العاملين في مجال المرور، لكن المسألة لا تتعلق بفرض الغرامات فحسب، هناك أمور أخرى يجب أخذها في الاعتبار إذا كنا جادين في تنظيم حركة السير وإنهاء الزحامات المرورية.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا