جبهات القتال في العراق... الفساد وداعش
باسم حسين الزيدي
2015-08-17 06:57
العراق يقاتل على جبهتين... الأولى مع تنظيم "داعش"، الذي سيطر على ثلث مساحة العراق، تقريبا، قبل عام من الان، وهو عدو خارجي... فيما تنصب جهوده في مكافحة الفساد الإداري والمالي في الدولة ومؤسساتها، على الجبهة الثانية، وهو عدو داخلي... على الرغم من انهما وجهان لذات العملة... وهناك العديد من الأمثلة التي تثبت صحة هذه المقولة.
قبل عام سقط مدينة الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية، بعد العاصمة بغداد، من حيث تعدادها السكاني (2 مليون تقريبا)، وقد اختلطت، في حينها، أوراق المقصرين، ولم يتم البت بحقيقة ما جرى، وكيف انهارت واختف خطوط الدفاع العسكرية بلمح البصر، وسلمت "خلال ساعات" مدينة الموصل الى المتطرفين بسهولة، حيث كانوا يحتفلون بانتصاراتهم في ليلة سقوط المدينة، وسط مركز نينوى وشوارعها الرئيسية.
الاتهامات بين الكتل السياسية، انطلقت فور اعلان الخبر رسميا، فيما رفضت القيادات الأمنية والعسكرية التي كلفت بحماية المحافظة، الاعتراف باي تقصير او اهمال من جانبها، والقت اللوم على الاخرين، واحتاجت المسالة ما يزيد عن العام، حتى يمكن الوصول الى تقرير نهائي وتوصيات خاصة، صدرت عن اللجنة الخاصة للتحقيق بقضية سقوط الموصل، والمشكلة من أعضاء مجلس النواب العراقي بمحاكمة 36 شخصية، طالها الاتهام بالتقصير.
وخلص التقرير الى تظافر عاملي، (الفساد، التقصير)، في سهولة اجتياح المتطرفين لمدينة الموصل، واكد ان من شارك في هذا "الفساد" و"التقصر"، هم ضباط كبار في الجيش العراقي، وسياسيون نافذون في الدولة، وهما من شكل عوامل الضغط تجاه أي إصلاحات كانت لتثار في أي وقت، وعلى لسان أي شخص يتصدى لمسؤولية إدارة البلاد.
إضافة الى الموصل... الرمادي التي لم تكن هي الأخرى غائبة عن الاحداث، وقد شهدنا ذات السيناريو الموصلي، يعاد في محافظة الانبار، والرمادي مركز المحافظة أيضا، وقد انسحت قيادات امنية وعسكرية، من وسط المدينة واطرافها اثناء القتال، مع مخالفة الأوامر المباشرة التي أصدرها رئيس الوزراء، العبادي، بعدم ترك الأرض والثبات، ومنع انسحاب القوات العسكرية، في الفترات الحرجة، لتتركها فريسة سهلة بيد التنظيم المتطرف.
انه الفساد والتقصير معا في تحالف مصلحي جمع المؤسسة السياسية والعسكرية للبلاد في خانة واحدة....
العبادي، المدعوم من "المرجعية الدينية" و"الجماهير"، يحاول الموازنة بين إصلاحات سياسية مهمة، وأخرى تطال العسكرية منها، وقد أطلق حزمتين من الإصلاح السياسي، الأولى طالت رئاسة الجمهورية والثانية مجلس الوزراء، فيما أحال القادة العسكريين والذين تسببوا بسقوط المحافظة بيد "داعش"، الى المحاكم العسكرية، بالتزامن مع قرب اعلان نتائج اللجنة الخاصة بالتحقيق في قضية سقوط الموصل... والذي تضمن أسماء العشرات من المسؤولين، وجلهم من النخب السياسية البارزة.
طبعا هذه الإصلاحات لن تمرر بسهولة، وردود الأفعال الفاسدة ستكون عنيفة ضد أي "تمرد إصلاحي"، سيما مع ما يمتلكه المتهمون من نفوذ سياسي (خارجي وداخلي) حزبي قوي، يشبه الى حد بعيد "الحكومة الموازية" لخط الحكومة المركزية في العراق... لكن مع ما يمتلكه العبادي من أسلحة، يمكن ان تسهل له العمل للإطاحة بالرؤوس الفاسدة من النخب السياسية والقادة الأمنيين، وهو ما سينعكس، حتما، على خط المعارك مع التنظيم الإرهابي "داعش".