جميلة لم تعد جميلة هذا اليوم
زاهر الزبيدي
2015-08-15 06:23
كعادتهم ومنذ الصباح الباكر لهذا اليوم الخميس 13 آب، بدأ المتبضعون من أسواق جميلة بسرعة محاولة إكمال تسوقهم مع علمهم الكبير ويقينهم التام، حال كل العراقيين، بأن الموت مركون على نواص الشوارع فتراهم يتلفتون خوفاً من كل عجلة متوقفة على الرصيف فمنها تأتي منيتهم. العشرات من العراقيين استشهدوا اليوم وجُرحوا واختفوا من هول انفجار بشاحنة مفخخة كانت مركونة في أحد الطرق الداخلية، انفجرت لتصرخ معها سماء المدينة بألم جديد وتغفو الليلة على العشرات من بيوت العزاء ولنسجل في قائمة الارامل والايتام مجموعة أخرى من ابناء شعبنا اليتيم، نعم فالشعب اليتيم هو الشعب الذي لا يهنأ بيومه لحظة وكل جرح من شمال العراق الى جنوبه يُكلم كل قلوب العراقيين بكل طوائفهم وعقائدهم وقومياتهم.
قذارة الإرهاب يعلمها الجميع انها لم تعد تكفي إلا بكمية اكبر من دماء الأبرياء فانفجار خان بني سعد وما تبعه وإنفجار اليوم تؤشر لخلل أمني كبير على أحد ما أن يتصدى بجد أكبر للتخطيط السليم لإجتنابه وبعكسه فستظل الدماء تجري ولا ممسك لمجراها إلا الله أن يلطف بنا.
الخطط العسكرية الأمنية يجب ان تتجاوب مع الاحداث وتستشعر أماكن الخطر المحدق بنا وبالأخص الاسواق الشعبية التي أصبح أمر استهدافها يسيراً جداً على تلك المجاميع بخططها الماكرة وبغفلتنا نفقد أعزتنا والاحبة بلا مبرر كما أننا نلاحظ ان عناصر الغفلة لازالت قائمة لتسمح بالخروقات، على الجميع أن يفهم أن قواتنا الامنية في إنذار دائم عال المستوى ولغاية التحرير الكامل وأن لا ركون ولا سكون في البحث والتخطيط لحماية ابناء شعبنا وان نرفع مستوى الحس الامني لدى أبناء جيشنا وأن يتسلحوا بقوة العزيمة وعدم التراخ مهما كلف الامر.
لماذا لا يتم تنظيم عملية الدخول لتلك الاسواق الكبرى بهويات خاصة أو بأي وسيلة تعريفية على أن لا تكون كتلك اللواصق التي كان من المؤمل وضعها على عجلاتنا حين ندخل مناطق سكننا قبل عام وأكثر حين تبنتها مجموعة من المخولين من عمليات بغداد ـ على حد قولهم، وتم استقطاع مبلغ 15 ألف دينار عن كل لاصق عجلة حيث كانت تلك المجموعات تستقر قرب السيطرات الامنية فكانت هناك ثقة عالية للمواطنين بها، وفجأة اختفت تلك المجاميع وذهبت اموال المواطنين، هذا منفذ للفساد فمن يطالب بحق المواطنين من تلك الزمر التي سرقت اموالهم والاهم من ذلك من يطالب بثأر من ذهب ضحية التفجيرات التي حصلت في المناطق الشعبية.
الانفجارات من السهل السيطرة عليها بتنظيم الدخول لتلك المناطق المهمة وبوجود كاميرات المراقبة ذات الجودة العالية وتنظيم وقوف الشاحنات في مواقف خاصة بعيدة عن المارة ووجود التخاويل لمستخدميها وهي إجراءات بسيطة وبهمة عالية من رجال الامن ولا تحتاج لخطط عسكرية كبرى أو عقود تسليح ستراتيجية كان بالامكان تفادي ذهاب أرواح ابناء شعبنا اليوم وكل يوم يأتي نحقن فيه دماء أولئك الفقراء الذين رسمت دمائهم لوحة تعاسة وبؤس أخرى تضاف لمعارض حياتنا التي اتخمتها تلك الصور المؤلمة من الدماء واشلاء الابرياء.
من يتحمل مسؤولية ما حدث اليوم؟ لا أحد!.. لأننا مخطئون إن كنا نرمي كل يوم المسؤولية على الفرق العسكرية التي تستلم زمام الامن في تلك المناطق؛ علينا أن نوفر لها المعدات اللازمة التي لديها القدرة على فحص وتدقيق عدد كبير من العجلات والشاحنات وما تحمله من آلاف الاطنان من المواد الغذائية.. معدات كفوءة لا كجهاز الـ ADD سيء الذكر الذي ساهم في ذبحنا لا في حمايتنا، ثم اين أجهزة السونار واين المعدات والكاميرات التي وعدت المحافظة بنصبها، العراق اليوم ينفق جُل مليارات موازنته على الاستيراد، ألم يفكر احد في استيراد أجهزة حديثة تحول دون موتنا اليومي، أي عقل هذا الذي يحكم منظوماتنا الامنية وخططها !
على الحُزم الاصلاحية التي يطرحها رئيس الوزراء اليوم أن يكون في مقدمتها إصلاح المنظومة الامنية المسؤولة عن حماية أبناء شعبنا في احيائهم السكنية وعلينا إعادة رسم خارطة جديدة لتلك الاسواق وحتى إذا اقتضى نقلها لمناطق أخرى نعمل على تنظيمها والتخطيط لها منذ اليوم لنقطع الطريق أمام من يحاول العبث بمقدرات أبناء شعبنا وحياتهم.. رحم الله شهدائنا.. وحفظ الله العراق.