المشروعُ السّياسي التِزامات مُتبادَلة
نـــــزار حيدر
2015-07-21 05:22
توطئة:
في (٣٠ حزيران) المنصرم، أجرت [الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الانسان في الولايات المتحدة الأميركية] استطلاعاً من ثلاثة اسئلة لمناسبة مرور عام على احتلال محافظة نينوى من قبل الارهابيين، شارك فيه عدد من السياسيين والأكاديميين والحقوقيين والباحثين.
ادناه، نص اسئلة الاستطلاع ومشاركتي فيه؛
السؤال الاول: ما هو تقييمكم لتقرير الجمعية العراقية لحقوق الانسان في الولايات المتحدة الامريكية الذي اصدرته بمناسبة مرور عام على احتلال تنظيم داعش لمدينة الموصل؟.
الجواب؛ لقد اطّلعتُ على التقرير المشار اليه فوجدته شاملاً ودقيقاً بكلّ معنى الكلمة، اذ احتوى على معلومات مفصّلة عن الجرائم البشعة التي ارتكبها الارهابيون في مدينة الموصل الحدباء خلال عامٍ من تدنيسها، ليس على مستوى الضحايا من الناس فقط، وانما كذلك على مستوى التدمير الذي تعرّض له التاريخ والتراث ودور العبادة وكل شيء، فكما نعرف جميعاً، فان جرائم الارهابيين لم تقتصر على الانسان فقط، فهم مشروع تدميري بكلّ معنى الكلمة.
انا على يقينٍ من ان التقرير يُعتبر الان احد اهم المصادر الحقوقيّة التي تعود اليه الكثير من المنظمات والمؤسسات المعنيّة بحالات حقوق الانسان في ظل سلطة الارهابيين، خاصّة في العراق.
السؤال الثاني: ما هي السبل التي يجب ان تسلكها الحكومة لإنهاء وجود تنظيم (داعش) في العراق؟.
الجواب؛ لقد ثبُت بالتجربة ان الارهابيين يستهدفون العراق، كلّ العراق، الارض والعِرض والتاريخ والحضارة والمدنية وكل شيء، ولذلك ينبغي ان يكون مشروعنا للقضاء عليهم مشروعاً شاملاً ينخرط فيه كل ّالعراقيين، ومن كلٍّ حسْبَ قدرته.
على صعيد التعبئة العسكرية والحرب الميدانية، ينبغي ان يشترك في القتال ضد الارهابيين كل العراقيين من خلال تعبئة عامة لا تستثني أحداً، فأبناء كلّ مدينة او منطقة مغتصبة يجب ان يجدوا الفرصة اللازمة للانخراط في تحريرها، تدريباً وتسليحاً، وهذا هو واجب الحكومة العراقية التي يلزم ان تتبنى مشروعاً أمنياً وعسكرياً وطنياً شاملاً، كلُّ العراقيين يجدون فيه فرصتهم الميدانية الحقيقية للقتال ضِدّ الارهاب.
على الصعيد السياسي، ينبغي على الحكومة العراقية ان تلتزم بتنفيذ البرنامج الحكومي والمشروع السياسي الذي تشكّلت على اساسه والذي تم الاتفاق عليه ببن القوى السياسية المنضوية تحت قبّة البرلمان، فالانتصار بالحرب المقدسة على الارهاب لا ينحصر في جبهات القتال فحسب وانما يتكامل مع المشروع السياسي المُتفق عليه بين الفرقاء والشركاء، وهو مسؤولية تشاركيّة والتزامات سياسية متبادلة، لا يحقّ لاحدٍ ان يرمي بكاهله على طرف دون الأطراف الاخرى.
كما ينبغي على الحكومة توظيف هذا الدّعم الدولي في حرب العراق على الارهاب، من خلال مشروع واضح يسخّر كل الإمكانيات في هذه الحرب المقدّسة.
السؤال الثالث: ما هي الاسس التي يجب ان تعتمدها الحكومة من اجل الاسراع بعودة النازحين للمناطق المحررة؟.
الجواب؛ انّ ما يُؤسف له حقاً هو اضطرار الملايين من ابناء الشعب العراقي للنزوح من المناطق التي تدور فيها الحرب المقدسة على الارهاب، خاصة من المناطق التي استولى عليها الارهابيون.
وان من واجب مؤسسات الدولة المعنيّة بالنازحين حمايتهم ورعايتهم مادياً ومعنوياً والوقوف على حاجاتهم ومشاكلهم، فلا ينبغي ان يعاني هؤلاء من ايّة مشاكل على الرّغم من ضخامة العدد الذي فاق حدّ التصوّر وقدرة مؤسّسات الدّولة على تحمّله، ولذلك يجب على المجتمع الدولي، دول ومنظمات وهيئات ومؤسسات، ان يمدّ يد العون والمساعدة للعراقيين بأية طريقةٍ ممكنةٍ، فانّ مسؤولية النازحين مسؤولية انسانية يجب ان يتحمّل المجتمع الدولي جزءاً من اعبائها الكبيرة، خاصة عندما تكون فوق طاقة الدولة ومختلف مؤسساتها.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، ينبغي على الحكومة العراقية ان تهيّء كلّ الظروف اللازمة لإعادة النازحين الى مناطقهم فور تحريرها من سيطرة الارهابيين، فهذا من حقهم، من جانب، كما انّهُ يبعث برسالة تطمين للأهالي الذين يوظف الارهابيون معاناتهم لبث الشائعات والدعايات المغرضة فيما يخصّ التّغيير الديموغرافي المزعوم.
للاسف الشّديد، فانّ الكثير من المناطق التي تمّ تحريرها من سيطرة الارهابيين، خاصة في المناطق التي تُسمّى بالمُتنازَع عليها، لم يتم اعادة الاهالي اليها على الرّغم من مرور اشهر طويلة على تحريرها، الامر الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام!.