وحان الرحيل

مروة حسن الجبوري

2015-07-20 03:52

كتب أحد الشهداء الأبطال وصية الى أمه وكأني بحاله يبكي على نفسه وأهله، فقال: سلام عليكم أمي، أعلم أن الليل مظلم وحزين، ودموعك لن تتوقف، فأنتِ لم تتوقعي موتي.. تحاكين نفسك وتنظرين الى صورتي..

تفتقدين صوتي في البيت وضحكتي مع إخواني.

مكان نومي خالياً..، لا تخافي يا أمي فأنا هنا نائم في أمان والكل نائمون شباب وشيوخ أطفال، لا أحد يزعج احد لا صراخ ولا بكاء.

أمي من يوم ولادتي وأنتِ معي تشاركيني الحياة...

رصاصة واحده أبعدتني عنكم!!

وها أنا الآن بعيد عنكم، أمي عندما تدخلين غرفتي لا تبكي، فقط رددي إسمي ورتبي ملابسي وكأني موجود، لا تطفئي الضوء، أمي فالظلام مخيف ولم اعتد أن انام في الظلام، أمي وقت الطعام اتركي صحني بجانبك، لعلي أشعر بدفئه، اشتاق لكِ يا أمي، لا أخفي عليكم، ظلام القبر ووحشة المكان وضيق اللحد تخيفني.

عندما جردوني من ملابسي في المغتسل، كان المكان باردا، اخذ المغسّل يغسلني بماء السدر والكافور، امي أين (الجلّ)، لقد غيَّرَ تسريحة شعري، وأخذ يقلم أظافري ويدخل القطن في أذني، لم اعد اسمع صوتكم، ها هو الان يربط قدميّ بطريقة قوية تؤذيني يا أمي، لم اعد استطيع ان ارجع لكم. ما بالك أيها المغسِّل لما كل هذا الاستعجال معي، لا تربطني هكذا، اريد ان احتضن امي آخر مرة اودعها. لما تصعّد الكفن على رقبتي؟ ارجوك تمهل، دعني ارى اهلي واخوتي، دع والدي يقبلني.. آه لقد ربط رأسي، الآن اودعكم الوداع الاخير، امي لا تنتظريني، ها قو قد كفَّنني ويأخذني الى القبر. كفكفي دموعك واصبري، فما هي إلا لحظة وانزل في بيتي الجديد. ويكون أول زائر لي هو عليّ، سأقول له قتلوني يا مولاي، قتلوني فقط لأني شيعي.

واحمل اسمك يا عليّ. سيحضرني ويفتح كفني، ويرى صدري أحمر لون، اثر لطم عاشوراء باقي في صدري، و(طبرة) رأسي تشهد لي، وفي ظهري ندبات الزنجيل، وقلبي يشهد على الرصاصة التي دخلت في جسدي فقتلتني.. لا تخافي يا أمي اني في أمان، سيأخذني معه لأرى من كان له بكائي وعزائي، يكفلني كما تكفل الايتام ويخلصني من ظلام الليلة وضغطة القبر.. رائحة القبر تملأ بالعنبر والعود.

أمي عندما رفعوا جنازتي سمعت صوت الزغاريد تعلو، تمنيت ان تكون ليوم عرسي وليس يوم وفاتي، لكن شاء الله ان تكون في اجمل الايام وهي شهادتي وزفتي، امي الرصاصة لم تعذبني يا أمي، فراقك هو الذي أصابني.. وصيتي يا أمي عندما تدخلون جنازتي في حضرة الامام الحسين (ع) ان تصلوا عليَّ بصحنه لعلّي احتضن تراب زائريه. لأن النار لا تمس جسماً عليه غبار زوار الحسين. وعند زيارتي العباس (ع) نزلوني، فأنا استحي أن أُرفَع عند مرقده الطاهر، لا تنسوا ماء الفرات، وتربة الامام الحسين، ضعوها معي في قبري، وعندما تصلون الى قبري تمهلوا قليلا.. توقّفوا لحظات فتلك نهايتي معكم، أوقدوا شمعة عند رأسي، اذكروني في ليلتكم بصلاة الوحشة، فإني في وحشه منكم. واستودعكم الله ودمتم في أمانه وحفظه.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا