الكُوَيْت؛ ما بَعْدَ الحِداد
نـــــزار حيدر
2015-06-27 12:28
حتّى الاغبياء والسذّج والمغفّلين توقعوا، منذ وقت، ما حصل اليوم من تفجير ارهابي في احد مساجد دولة الكويت.
اولاً؛ لقد كانت تفجيرات المنطقة الشرقية رسالة الى كل دول الخليج، فلماذا لم يأخذها احد في الكويت بنظر الاعتبار؟.
ثانياً؛ الارهابيون في الكويت دولة داخل الدولة، ينشطون علناً ويهدّدون علناً واخيراً ينفّذون علنا!.
ثالثاً؛ الكويت هي الهدف الاول للإرهابيين لانها اضعف حلقات نظام القبيلة الفاسد، ولكونها بلد مسالم يتعايش فيه الناس بوئام ومحبة وسلام.
رابعاً؛ انا شخصياً استلمت خلال الأسابيع القليلة المنصرمة عشرات، وربّما، مئات الرسائل التحذيرية من كويتيين، نقلوا فيها مخاوفهم وتوقّعاتهم من احتمال ان تشهد البلاد هجوماً ارهابياً وشيكاً!.
كلّ هذا والحكومة الكويتية لم تتّخذ ايّ اجراء أمنى احترازي لمنع وقوع مثل هذا العمل الارهابي الجبان! لماذا؟.
الكويت دولة صغيرة من السهل جداً حمايتها بقليل من الإجراءات الأمنية، خاصة وان الجهة المتهمة بالارهاب معروفة ومشخّصة الهويّة وواضحة المعالم [الاسماء، العناوين، وكل ما يتعلق بحركاتهم وسكناتهم] فلا يحتاج الامر الى اكثر من رقابة مشدّدة وضربة استباقية بسيطة لتفتيت جهدهم الارهابي، فلماذا لم تفعل الحكومة شيئا لحماية الدم والأنفس والارواح قبل ان نشهد وقوع مثل هذه الجريمة المروّعة؟!.
لا اشك قيد انملة هذه المرة في ان الارهابيين أمّنوا جانبهم وغطوا حركتهم مع جهات رسمية في الكويت قبل ان ينفّذوا جريمتهم، ولذلك ينبغي ان تتحمل الحكومة كامل المسؤولية إِزاء هذا العمل الارهابي الجبان.
لقد اثبتت حكومات الخليج لحد الان فشلاً ذريعاً في حماية المواطنين من الهجمات الإرهابية، فعندما يتمكّن الارهابيون من التنقل بين دولة واُخرى ليضربوا الأبرياء في المساجد، مع كل ما نسمعه ونقرأه من المسؤولين في نظام القبيلة الفاسد من وجود تنسيق أمنى بين هذه الدول، على صِغرها وبالرغم من انفاقها الملايين على المنظومة العسكرية والأمنية كما تدّعي، فهذا يعني انها فشلت فشلاً ذريعاً في ذلك.
لا ادري لماذا لا تكتشف الأجهزة الأمنية في الخليج الا الخلايا (الشيعية) النائمة والمجموعات التخريبية (الشيعية) فقط، والتي تُعلن عنها بين الفينة والأخرى؟ لماذا لم تكتشف خلايا الارهابيين، حتى المستيقظة منها والمستنفِرة قبل النائمة؟!.
انّ كل الاعمال الإرهابية التي يشهدها العالم، والتي شهدتها دول الخليج مؤخراً، تحمل بصمة واحدة لا غير، تهدينا الى هويّة واحدة فقط لا غير، فلماذا تعبث الأجهزة الأمنية بحقائب الاخرين؟ لماذا تضيّع الوقت؟ هل تظن انها بذلك تخدع الناس؟ ام انها تُشغل الراي العام؟ ام انها تذرّ الرماد في العيون؟!.
لم يعد احد يصدّق انّ الارهاب يستهدف كل الناس في المنطقة، ابداً، فالأعمال الإرهابية الجبانة والتفجيرات الانتحارية تستهدف (الشيعة) حصراً، على الرغم من ان بيانات الارهابيين عموميّة ربما تشمل الجميع في تهديداتها، الا ان الواقع يكذّب الادّعاء، فالواقع يحصر الهدف بالشيعة، ولذلك لم نسمع من غيرهم ايّة ادانة او اعتراض او اهتمام، لا على لسان (العلماء) ولا في الاعلام، بل العكس هو الصحيح، فهم يفرحون عندما تنقل الفضائيات صور الدم الشيعي المراق على الارض ظلماً وعدواناً.
انّهم يفرحون ويتبادلون التهاني ويشدّ بعضهم على أيدي البعض الاخر، ويدعون الى المزيد من الغزوات!.
واقولها بصراحة؛
ان الدّم الشيعي في دول الخليج تحديداً فقد الان قيمته في البورصة! فهي دون مستوى الصفر، فالكلّ يتمنّى ان يغترفَ منه ولو غرفةً بيده، ولذلك ينبغي على شيعة المنطقة ان يتعاملوا ككيانٍ واحدٍ لا تفرّقهم حدود، ولا تخدعهم شعارات ما يسمّيه الانبطاحيون المهزومون المخدوعون الجبناء من المصلحيّين بالاندماج! انها اكاذيب اثبتت الوقائع ذلك.
انّهم يريدون تدجين شيعة المنطقة بمثل هذه الشعارات المخادعة، ليلوذوا بالصمت وهم يُذبحون على يد الارهابيين بدمٍ بارد، والا ما معنى ان يفجّر انتحاري عفن نفسه في مسجد يؤمّه المئات من المصلين فيستشهد العشرات ويُجرح أضعاف العدد وهم اثناء السجود من دون ان يحرك احدٌ ساكناً؟!.
على شيعة دول الخليج ان يحموا انفسهم بأنفسهم، وبالطريقة التي يرونها مناسبة.
انهم وسط غابة من الوحوش تتحيّن الفرص للانقضاض عليهم.
واقول بوضوح، فانّ تفجير اليوم لن يكون الاخير اذا لم يبادر الشيعة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية انفسهم، والا فستتكرّر تجربة شيعة العراق والباكستان وغيرهم مرة اخرى في دول الخليج هذه المرة، والتي ستكون خطيرة جداً لحساسية الوضع في المنطقة.
انّ مبادرة شيعة دول الخليج لحماية انفسهم بأنفسهم يجنّبهم المزيد من اراقة الدماء وازهاق الانفُس والارواح، كما انّهم سيُجنّبون المنطقة من الانزلاق في متاهات الحرب الطائفية التي يخطّط الارهابيون لإشعالها بمثل هذه التفجيرات الإرهابية الجبانة، فهم لم يتورّعوا ابداً ولا يردعهم شيء ابداً!.
جرّبوا ان تحموا انفسكم بانفسِكم، ولا تتردّدوا في طلب الحماية الدولية او الإقليمية اذا احتجتم اليها، فقد لا يتمكّن الحمل من حماية نفسه من الذئاب!.
لماذا حقّ لأسرة آل خليفة طلب الحماية الإقليمية بمجرّد ان احسّت بالخطر يهدد أمنها وعرشها وسلطانها، ولا يحق لغيرها فعل الشيء نفسه؟ علماً بانّ كل حديثهم عن المخاطر التي قالوا بانها أحدقت بهم لم تُصب منهم حتى محجمة دم، اما المخاطر التي تحدق بشيعة دول الخليج فقد أسالت اليوم فقط وبتفجير ارهابي واحد نهراً من الدم!.
تعلّموا من الدرس الذي شهده العراق، وايّاكم ايّاكم ان تهِنوا او تضعُفوا او تستكينوا او تتكاسلوا او تخدروا او تُخدعوا، فأمامكم أياماً صعبةً جداً، اذا غفِلتم او أخذتكم سِنَةٌ او نومٌ فعدوّكم مستيقظٌ ومستنفرٌ وهو على اهبة الاستعداد، قد يضربكم في ايّة لحظة.
الحِدادُ وحده لا يكفي، والردع والاستعداد وحدهُ يحمي الدم!.
لا تتوقّعوا حمايةً من نظام القبيلة، ومن ايّ نوع كان، فهو شريك الارهابي في جريمته، انه مخترق من التنظيمات الإرهابية، وهو حاضنة لها ومموّل.
تحلّوا باليقظة والحذر والمبادرة {فَوَاللهِ مَا غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ في عُقْرِ دَارِهِمْ إِلاَّ ذَلُّوا} فاحذروا انْ {تَوَاكَلْتُمْ وَتَخَاذَلتُمْ حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الغَارَاتُ، وَمُلِكَتْ عَلَيْكُمُ الاَْوْطَانُ}.
لا تنتظروا ان يأتوكم الارهابيين ليضربوكم، بادروا بكلّ طريقةٍ لمنعهم من الوصول إليكم {فَلَا تَهِنُوا...وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}.
اللّهم ارحم الشهداء الابرار، ومنّ على الجرحى بالشّفاء التّام والهِم أسر الضحايا الصّبر والسّلوان، واقطع دابر الارهابيين والتكفيريين.
تعازيّي القلبيّة الحارّة لشعبنا الابّي المسالم في دولة الكويت الشقيقة.