عندما تقع "السعودية" فريسة لويكليكس

باسم حسين الزيدي

2015-06-21 09:53

الوثائق التي قرصنها اليمنيون... نشرها "اسانج" على موقعه الشهير "ويكليكس"... تفصح عن فضائح سعودية رسمية بالجملة، شملت... المخابرات، الخارجية، الداخلية، امراء، سفراء... كلهم كانوا محور تلك التسريبات، في دفعة أولى صغيرة، من أصل نصف مليون وثيقة مسروقة من أرشيف وزارة الخارجية السعودية، طبعا الكثير منها لا يتعدى حدود المخاطبات الروتينية اليومية التي تجري بين الدوائر والجهات الرسمية في اغلب دول العالم... لكن البعض منها، وهو المطلوب، يعد على جانب كبير من الأهمية والسرية... والبعض الاخر من هذه الوثائق التي تم تسريبها مجانا على الانترنت تجمع بين المخاطبات العادية وبعض الإشارات الخطيرة في بعض فقراتها، بمعنى انها تجمع بين الأهمية والمستوى العادي... والوثائق تحتاج الى فرق متخصصة في فهرستها وتقسيمها واستخراج المهم منها، كونها تنطوي على كم هائل من المعلومات الحساسة... لكن وبنظرة اولية يمكن القول ان هذه الوثائق المسربة تحتوي على معلومات يمكن تصنيفها على أساس:

- معلومات فضحت المتعاونين مع النظام السعودي، سواء اكانوا اشخاصا ام مؤسسات ام دول، مثلما كشف القسم الاخر من المعلومات "المزعجين" للملكة من غير المتعاونين معها.

- معلومات أوضحت طبيعة تفكير وتعامل النظام السعودي تجاه الازمات العربية، خصوصا في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهي دول ذات مجال منافسة اقليمية تجمعها مع عدوها اللدود إيران.

- "الاعلام" و"الأموال" هما اقوى الأسلحة التي تعتمد عليهما السعودية في إدارة دفتها السياسية على المستوى الداخلي والخارجي... اما حالات اعلان الحرب القيام بها بصورة مباشرة، فهو استثناء خاص تمارسه المملكة عندما لا تجدي نفعا وسائلها الأخرى، وهو ما حدث فعلا في "عاصفة الحزم"... لذ تجد السعودية نفسها غير بارعة في ذلك... ومحرجة في إدارة ما الت اليه اغلب نتائج الحرب في اليمن... بخلاف سياستها في استخدام اسلحتها التقليدية الاخرى.

- أكثر مخاوف النظام السعودي لم تأتي من "إسرائيل" او "الإرهاب" او حتى من "الفكر التكفيري" المنتشر داخل المملكة والذي يهدد بإسقاط النظام الحاكم فيها، على سبيل المثال، وانما جاءت من... أولاً مخاوفها مما أسمته "التمدد الشيعي" في المنطقة... والثاني جاء من "إيران" ومحاولاتها للتمدد في الخليج... والثالث من دول تكن لها السعودية العداء من الأساس، لعدة عوامل تاريخية واجتماعية واقتصادية وسياسية... ومن أبرز امثلتها "قطر".

طبعا ما زال الوقت مبكرا عن أي تداعيات دولية او رسمية او شعبية لـ(ويكليكس السعودية)... فالنصف مليون وثيقة ما زالت تنتظر الافراج عن الجزء الأكبر منها... فضلا عن الوقت الذي يحتاجه من يريد ربط الأشياء بمسمياتها، فهناك الكثير من القرارات والتصريحات والافعال السياسية المبهمة في السابق... والتي صدرت من السعودية ومن غيرها، ولم نجد لها تفسيرا منطقيا في حينها... سوف تتضح بمجرد الاطلاع على الوثيقة المناسبة من مجموع الوثائق المسربة... التي وضعتها "ويكيليكس" في خدمة الجميع.

وحتى تخرج جميع التسريبات وما تحويه من خفايا... يبقى السؤال المهم الذي يدور في فلك تلك الوثائق وعملية التسريب الضخمة التي جرت... ونسبت الى جماعة يمنيين يوالون "أنصار الله" او جماعة "صالح" هو... من الجهة الحقيقية التي تقف وراء هذه العملية؟... ولمصلحة من جرى معاقبة السعودية بهذه الطريقة؟

ربما يمكن قراءة عدة تصورات تتناول طبيعة هذه التسريبات:

- هل يمكن ان تكون الولايات المتحدة الامريكية نفسها هي من تقف خلف عملية التسريب كنوع من الاجراء العقابي او التحذيري لحليفها الخليجي... ومن باب الضغط على السعودية التي ذهبت بعيدا في حربها ضد اليمن... او دعم الجماعات المسلحة في سوريا... وتشنجها المزمن من الاتفاق النووي المزمع توقيعه بين إيران والقوى الكبرى برعاية الولايات المتحدة الامريكية.

- لا يمكن اهمال جملة التسريبات والقرصنة التي جرت داخل الولايات المتحدة الامريكية، يمكن اعتباره كنوع من حرب الوكالات الأمنية والاستخبارية... التي تضخمت بصورة كبيرة لتنافس السلطات التنفيذية الأخرى داخل الولايات المتحدة الامريكية، وهو ما عانى منه الرئيس الأمريكي "أوباما" وحاول إصلاحه... ولعل تسريبات "سنودن" احدى الوسائل التي استخدمتها إدارة أوباما لمكافحة هذا التضخم، إضافة الى الاتهامات المتبادلة بين امريكا وكل من الاتحاد الأوربي والصين وكوريا الشمالية وروسيا، حول تجاوزات وتنصت وقرصنة... يمكن ان تكون السعودية على هامش هذه الحرب او تلك.

- هل يمكن تصور الامر على انه فعلا جرى على يد الحوثيون وبتخطيط من إيران مثلا، وفي ضربة جديدة تستهدف امن المملكة الرقمي... وفي حال كان الامر كذلك... فهل هي (السعودية) عاجزة الى هذه الدرجة لمنع جماعة الحوثي من اختراق مراسلاتها الالكترونية السرية والحساسة؟.

ذات صلة

التنمية المتوازنة في نصوص الإمام علي (ع)أهمية التعداد السكاني وأهدافهالموازنة في العراق.. الدور والحجم والاثرفرصة الصعود في قطار الثقافةموقع العراق في سياسة إدارة ترامب الجديدة