عن قانُون جرائِم المعلُوماتيَّة
نـــــزار حيدر
2020-12-16 08:17
يوماً بعد آخر تزداد تحدِّيات [الإِنترنيت] خاصَّةً على صعيد [جرائِم المعلوماتيَّة] الأَمر الذي دفعَ بالكثيرِ من شرِكات المنصَّات العالميَّة مثل [الواتس آب وتويتر والفيس بوك] وكذلكَ بالكثيرِ من دُول العالَم للبحثِ في تشريعات وقوانين ومعايير تُلزم المُستخدم وتحدِّد خياراته للحدِّ من الجرائم المعلوماتيَّة وعلى رأسِها نشر المعلومات الكاذِبة والمُضلِّلة التي تحرِّض على جرائمَ أَكبر وأَخطر كالإِبتزاز والتَّشهير والقتل.
العراق من جانبهِ يُحاول أَن يكونَ مِن هذهِ الدُّول التي تحمي مُجتمعها بمثلِ هذهِ التَّشريعات والقوانين واللَّوائح، نتيجة الفوضى العارِمة! وهو شيءٌ حَسنٌ وضروريٌّ لا ينبغي أَن نستهينَ أَو نطعنَ بهِ بذريعةِ حريَّة التَّعبير وما إِلى ذلكَ.
ولكن، ولكونِ الموضوع حسَّاسٌ جدّاً وخطير يختلط فيهِ الخيط الأَبيض من الخيطِ الأَسود من الحقُوقِ والواجِبات الدستوريَّة والقانونيَّة النَّافذة في البلادِ والتي لا يجوز المِساس بها، لذلك يلزم أَن لا يستفرِد مجلس النوَّاب بتدوينِ ومُناقشةِ وتشريعِ قانون [جرائِم المعلوماتيَّة] لوحدهِ وعلى عُجالةٍ تضرُّ.
إِنَّهُ قانونٌ خطيرٌ جدّاً بنفسِ مقدارِ أَهميَّتهِ، ولذلكَ يلزم عدم الإِستعجال أَو الإِهمال في تشريعهِ.
بهذا الصَّدد أَقترح أَن تُشرِك لجان البرلمان المعنيَّة بهذا التَّشريع؛
- جيشٌ من الأَكاديميِّين المُتخصِّصين في مجال القانُون والإِعلام والتَّربية والتَّعليم.
- جيشٌ من عُلماء النَّفس، فإِنَّ جانباً كبيراً من هذا القانُون يرتكز على علمِ النَّفس والذي نتجاهلهُ في دراساتِنا وبحوثِنا وقوانينِنا بشكلٍ مُلفت للنَّظر وللأَسف الشَّديد.
- جيشٌ من العُلماء والفُقهاء وعُلماء الأَخلاق.
- جيشٌ من النُّخبِ من خلالِ أَوراقٍ بحثيَّةٍ مُتخصِّصةٍ.
نحنُ لا نخشى من أَصلِ القانون، نصوصهُ ومحتوياتهُ وجوهر موادَّهُ، فقط، فقد تُفصِّلهُ [العِصابة الحاكمة] حسبَ مقاساتِها، وإِنَّما نخشى من طريقةِ تطبيقهِ، فلقد عوَّدنا مجلس النوَّاب على تشريعِ القوانين وتنفيذها بطريقةٍ تخدِمُ الأَحزاب والكُتل والزَّعامات الحاكِمة.
حصلَ هذا في قانون العفُو العام مثلاً وفي غيرِهِ.
الذي نخشاهُ هو أَن يَصدر القانُون بشكلٍ يحمي الفاسدين والفاشلين من رقابةِ الرَّأي العام ومُحاسبتهِ وفضحهِم بذريعةِ [جرائمِ المعلوماتيَّة].
نخشى أَن يَكمِّم الأَفواه ويُصادر حريَّة التَّعبير ويحول دون كسر [المُقدَّس الزَّائف] الذي يتلفَّع بهِ الفاسدون!.
هذا من جانبٍ، ومن جانبٍ آخر يتمُّ تشريعهُ بطريقةٍ تفلت منها [العِصابة الحاكِمة] وتُصيدُ شِراكهُ المواطن العادي! وكلُّنا نعرف فإِنَّ جُل [جرائِم المعلوماتيَّة] التي تتمثَّل حاليّاً بالتَّحريض على الطائفيَّة والعنصريَّة، ونشر الأَكاذيب والفضائح والغسيل القذِر للتَّسقيطِ والتَّشهيرِ، إِنَّما يُديرها ويُشرف عليها زُعماء وأَحزاب وكُتل من خلالِ جيوشهِم وذبابهِم الأَليكترُوني.
فهل سيُكافح القانون هذا الذُّباب الخطير! هل سيفضح مصادرهُ السياسيَّة والماليَّة المحميَّة بسُلطة [العِصابة الحاكمة]؟! أَم سيُلاحق المواطن البسيط فقط؟!.
السَّؤَال العريض الذي يقفز إِلى الأَذهان هو؛ لماذا في هذا الوَقتِ بالذَّات؟!.
الجواب واضحٌ وبسيطٌ جدّاً؛
إِنَّنا أَمامَ إِستحقاقٍ إِنتخابيٍّ جديدٍ، تسعى [العِصابة الحاكِمة] لحمايةِ نفسِها من فضائحِ الفسادِ والفشَل لأَنَّها تترك آثاراً سلبيَّة كبيرة على مصداقيَّتها وبالتَّالي على نتائجِ الإِنتخابات، ولذلكَ فهيَ تُحاول أَن تحمي [مُنجزاتها الإِستراتيجيَّة] بمثلِ هذا القانُون للحدِّ من ظاهرةِ إِنتشارِ الفضائح التي تتعرَّض لها على يدِ العراقيِّين المُتضرِّرين من فسادِها وفشلِها!.
فهل سيُسعفُها هذا القانون إِذا ما تمَّ تشريعهُ بالوقتِ المُتبقِّي للإِنتخاباتِ النيابيَّة المُبكِّرة؟!.