طائرات الحوثيين المسيرة: هل تشكل تحولا في الحرب مع السعودية؟
مصطفى ملا هذال
2019-07-03 04:45
المطارات السعودية من جديد في مرمى الطائرات اليمنية المسيرة وعلى ما يبدو ان الهجمات التي تستهدف المطارات والمواقع العسكرية في السعودية في تصاعد مستمر، هجمات الطائرات من دون طيار على مطاري ابها وجيزان ادت الى تعطل حركة الملاحة الجوية فيهما بحسب تأكيدات وزارة الدفاع في صنعاء التي اشارت الى ان هذه العمليات تأتي ردا على استمرار الحرب والحصار المفروض من قبل التحالف الذي تقوده السعودية.
جماعة انصار الله اعلنوا انهم وراء الهجوم وسيواصلون ذلك في قادم الايام فهل تشي هذه التطورات بقدرة الحوثيين ليس على المواجهة فحسب وانما على التفوق في المجال العسكري كذلك؟، بينما تعد السعودية العمليات الاخيرة عديمة الأثر في ساحة المعركة وتعكس ما تراه حقيقة من تدخل للنظام الايراني في الشأن العربي وهو ما دفعها لاطلاق عاصفة الحزم منذ عام 2015.
وزارة الدفاع اليمنية اكدت ان الهجمات قد تتوسع وتشمل اهدافا اكثر حساسية، ولا يعتبرون اهدافهم للمطارات استهدافا لمواقع عسكرية كون الجانب السعودي يستخدم تلك المطارات لشن الهجمات على المدنيين.
وفق تأكيدات الخبراء في المجال العسكري فأن صنعاء باتت تمتلك ترسانة عسكرية كبيرة من الطائرات المسيرة باشكال واحجام مختلفة، بأمكانها التحليق مئات الكيلو مترات وهي تحمل الكثير من المواد المتفجرة وتستطيع تحديد الاهداف بدقة كبيرة.
ويرى هؤلاء الخبراء يرى أن استهداف الحوثيين لأهداف في العمقين السعودي والإماراتي " يمثل تحولا استراتيجيا يمكن ان يغير من قواعد اللعبة الحالية"، وان الرسالة التي أوصلها الحوثييون هي أن هذه الدول لم تعد آمنة ما سيؤثر بالتأكيد على الاستثمار فيها، خاصة أن الهجمات وصلت للعمق. كما أن دقة إصابة الأهداف كانت مرتفعة للغاية بما يسمى عامل مضاعفة القوة بالتعبير العسكري، بمعنى أنه بدلاً من إرسال عدة طائرات لتنفيذ مهمة عسكرية يتم إرسال طائرة مسيرة صغيرة تصيب الهدف بدقة وبأقل تكلفة.
ويشير الخبراء إلى أن الأهداف كانت متعلقة بالبنية التحتية ما ضاعف من حجم القلق الناتج عن هذه العمليات والتي قد تتطور لاحقاً لتصل إلى محطات الاتصالات ومضخات المياه. وأكد الخبير العسكري الأردني أن الطائرات المسيرة رغم صغر حجمها وتكلفتها المنخفضة قد تسبب أضراراً هائلة.
لاشك ان دخول الطائرات المسيرة لميدان المعركة احدث بشكل او بآخر نوعا من التوازن بالقوى، ووفق رؤية مراقبين يبدوا ان صنعاء في طريقها لأدخال منظومات جديدة لتنتقل بصورة اكبر من المواقف الدفاعية الى الهجومية.
السعودية ترى ان الحوثي وجماعته (انصار الله)، لا يستطيعون تصنيع مثل هذه الطائرات مالم تمد يد العون الايرانية ويد حزب الله لهم، اذ تتمثل تلك المساعدات بالخبرات والاستشارات التقنية في التصنيع، ومن ثم استخدامهم كأداة لازعاج المملكة العربية، لكن من المتوقع ان السعودية لم تقف عاجزة امام الهجمات الحوثية العميقة بل توجد فسحة امامها للرد بصورة سريعة لاسيما وانها تمتلك المعدات والادوات الكفيلة بالرد بالصورة المناسبة ان صح هذا التوقع.
الارادة اليمينة اليوم حققت ما لم يحققه التحالف العربي الذي تقوده السعودية منذ سنوات فقد استطاعت ان ترد وبقوة على الهجمات السعودية وتلحق الضرر بأهم المنشئآت في البلاد.
اليمنيون يقولون ان الخيارات السعودية باتت تتلاشى وان اهدافهم لا تزال في البداية، ومرحلة من التصعيد تلوح في الافق القريب من اجل انهاء تلك المعاناة والعودة بالحياة الى ما اقبل الهجوم على بعض المدن اليمينية.
الهدف الاساس من الهجوم هو جعل السعودية تدرك جيدا ان لا خيار امامها سوى وقف العدوان والركون الى طاولة النقاش للخروج من الازمة التي عصفت بالبلاد، ووفق هذا ربما تشهد الايام القادمة تحول في وجهة الاهداف الموضوعة ضمن الثلاث مئة فقد تكون من بينها اهداف اقتصادية تؤثر وبشكل كبير على حركة الحياة في بعض البلدان العربية.
السؤال الذي يجب ان يطرح هنا هو ماهي الخيارات المتاحة امام السعودية لوقف الهجمات المستمرة على المطارات وغيرها من الاهداف المهددة ولماذا باتت تتكرر هذه الهجمات؟
الاجابة تحمل اوجه عدة لكن الاقرب للواقع هو ايضاح وجهة النظر الايرانية بما يدور من صراع في المنطقة، او يأتي ضمن مساعيها الرامية لتأكيد هيبتها وقوتها التي لا تستطيع الولايات المتحدة وعبر حلفاءها ان تقهرها.
يعول الحوثيون وعبر تلك الضربات المتكررة على تغيير ميزان المعركة العسكرية وهو ما ظهر واضحا على السلطات العربية ورورد فعلها القائلة بأنها سترد بقوة وتدحر النفوذ الايراني في المنطقة لانه اصبح بمثابة المرض المزمن الجاثم في جسد الامة العربية.
تقليص بعض الدول العربية مثل المغرب وقطر والبحرين وانباء عن قيام الامارات العربية المتحدة حجم مشاركتها في التحالف العربي يأتي نتيجة توالي الضربات الموجعة من قبل الحوثيين، وربما يفضي الامر الى تراجع البعض الآخر من القوى المشاركة وترك السعودية في مواجهة الهجمات المتزايدة يوما بعد آخر، حينها يتوجب على السعودية التأني ومعرفة الى ماذا ستؤول الامور واين تستقر بوصلة المعركة.
قدرات عسكرية لم تكن متوقعة من جانب انصار الله الحوثي واستمرار عاصفة الحزم دون تحقيق اهداف تذكر يؤكد عدم التكاتف الحقيقي بين القوات المشتركة وغياب التخطيط المركزي لوضع خطة من شأنها احداث تغيير على ارض الواقع ذلك لدفع سحابة خيبة الامل التي خيمت بمساء الاقطار العربية المشاركة في تحالف استعادة الشرعية في اليمن.