(نيسانُ) العِراقي.. أبو الثلج

نـــــزار حيدر

2015-04-20 01:32

في السّابع عشر من نيسان عام ٢٠١٥ قتلَ العراقيّون احد أتفه رموز نظام الطاغية الذليل صدام حسين، أبو الثّلج!.

لقد كتبتُ عن (نيسان العراقي) ستّ حلقاتٍ قبل أيام معدودة، ولكن شاء الله تعالى ان أضيف لها هذه الحلقة الجديدة التي تثير استغراب القارئ الكريم، لانّها المرّة الاولى، ربما، يضطر كاتب ان يستدرك مقالٍ له في حلقات فيكتب حلقة إضافية بأثرٍ رجعي!.

مُتمنّياً ان اشفعها بأُخرى لازفَّ البشرى للعراقيين في هذا الشّهر العجيب (نيسان)!.

على كلّ حال، لا اريد هنا ان اتحدّث عن هذا التّافه، فهو لا يستحق ان ننشغل به مقدار نقير، ولكنّني وددتُ ان استنتجَ من مقتلهِ وأتوقف عند ثلاثِ محطاتٍ انتبهتُ لها:

الاولى؛ عندما أثارني استفسار عدد من ابناء الجيل الجديد من العراقيين عن المقصود بلقب (ابو الثلج) ما يعني انهم لم يسمعوا بهذه الكنية من قبل، على الرغم من شيوع هذا الاسم في العراق اكثر من ثلاثة عقود من الزمن، هي فترة سلطة نظام الطاغية وعهده الاسود.

هذا يعني انّنا مقصّرون في نقل التاريخ المعاصر لأبنائنا من الجيل الجديد، بتفاصيله [الاسماء والاحداث والنكتة والصورة وكلّ شيء] ففي كل واحدة من هذه التفاصيل قصّة يجب ان يعرفها الجيل الجديد ليعرف ماذا فعل النظام البائد بالعراق وشعبه وخيراته وسيادته، من اجل ان لا تتكرّر المآسي على العراقيين.

يجب ان يعرف العراقيون، مثلاً، لماذا نصفُ الطاغية المقبور بالذلّيل؟ لانّه كان يحمل على صدره وعلى كتفيه كلّ نياشين العالم العسكرية، وكان يلقِّب نَفْسَهُ بكلّ ألقاب المجد والبطولة والابّهة والرجولة والشجاعة، وكان يحمِلُ معه مسدساً لا يفارقه حتى في بيت الراحة! وقد قتل ملايين الناس، منهم مسؤولون كبار في الحزب والدولة، بتهمة الهروب والجبن والتردد في معاركه العبثيّة، حتى اذا أفَلَت ساعة الحقيقة، استخرجه العراقيون من بالوعة، أشعث الوجه أغبر الصورة خائفٌ مرعوبٌ!.

اذا عرف الجيل الجديد كلّ هذا، فسيعرفون سرّ وصفِنا إياه بالذليل، وعندها سوف لن يصدّقوا ايتامه وابواقه من الذين ينعقون ليل نهار يصفون طاغيتهم ببطل القومية العربية وسيف العرب وما الى ذلك من الخزعبلات والاكاذيب.

كذلك ما يتعلّق بالمقبور عزّت الدوري الذي قتله العراقيون اليوم، فعندما يعرف الجيل الجديد سرّ تسميته (ابو الثلج) لكونه كان يبيع الثّلج ليتسلق، فجأة، اعلى المناصب في السلطة كونه اشهر (إمّعة) في التاريخ ربما!، سيعرفون وقتها سرّ تدمير النظام القومجي البوليسي البائد للعراق عندما يحكمهُ شُذّاذ الآفاق وأتفه ما خلق الله تعالى من بشر!.

الثانية؛ من خلال متابعتي لردود الأفعال ازاء خبر مقتله، لانتبه الى حقيقة في غاية الاهمية، الا وهي انّ كلّ ضحايا الطاغية الذليل في العالم، ومعهم الأحرار والشّرفاء، فرِحوا بالخبر، فيما أقام ايتامه في العالم، وعلى رأسهم الأُردن، حزنوا للخبر حزناً شديداً فأقاموا سرادق العزاء ومراسيم النواح والبكاء والعويل!.

سؤالي البريء هو؛

الى متى تبقى مثل هذه الاخبار الدليل الواضح والقاطع على خلفية الناس وهواهم وانتماءاتهم؟ الى متى يظلّ أيتام الطاغية يحزنون لمثل هذه الاخبار ولكل خبرٍ يتعلّق بمقتل ارهابي هنا وهناك في العراق، فيما تراهم يتراقصون فرحاً اذا حزنَ العراقيون لمصاب ومن ايّ نوعٍ كان؟ متى سيتجاوز هؤلاء عقدة الماضي؟ فيقرّروا الاندماج مع الواقع الجديد فلا يحنّوا الى الماضي ولا يتمنّوا ان لو تعود عقارب الزمن العراقي الى الوراء؟!.

الى متى تظلّ مثل هذه الاخبار تفضح نواياهم وتكشف عن حقائقهم التي يحاولون اخفاءها ببعض الميكياج والاصباغ التي سرعان ما يزيلها مثل هذا الخبر؟!.

امّا الثالثة؛ فهي همسة في أُذن المغفّلين والسُّذَّج الذين كانوا يصدقون الاخبار التي ينشرها الارهابيون على مواقع التواصل الاجتماعي لتدمير معنوياتنا، ومنها الخبر الذي تحدّث عن دفع (موزة) مبلغ (٥٠) مليار دولار للحكومة العراقية لتسمح لابنة الطاغية الذليل والمجرم القتيل اليوم بالهرب من حصار تكريت!!!.

اليوم وقد قتلَ العراقيّون احدَهما، فهل سيظلّ السذج والبسطاء والمغفّلون يصدّقون كلّ ما يصلهم ويتسابقون على نشره؟!.

أيّها المغفّلون؛ لكم في خبر اليوم عبرة وعظة، فلا تكرّروها بعد اليوم، ومن يكرّرها فقد استحمر نفسه قبل ان يستحمرَهُ الآخرون، ولله في خلقهِ شؤون!.

نسأله تعالى ان يثبّت علينا الدين والعقل، فلا نصدّق بكلّ ما نسمع او نقرأ او نرى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي