تسعيرة أم عقوبة جماعية؟!
عبدالرضا الساعدي
2015-04-16 12:47
إذا صحّت المعلومات الواردة عن التسعيرة الجديدة لخدمات الكهرباء، فنقول الآتي وبإيجاز شديد:
أولا.. ما أنفق على الكهرباء ولحد الآن من مليارات خرافية، من شأنه -وبدون مبالغة- أن يبني بلدا كاملا من دون نقص في بنيته التحتية والفوقية!.. وليس تأسيس محطات كهرباء لوحدها..
ثانيا.. توقيت هذا الارتفاع المخيف بالتسعيرة، يعتبر توقيتا سيئا للغاية - بصرف النظر عن حالة التقشف الذي يمر به البلد، لأن الشعب يمر بحالة حرب ومواجهة حقيقية ضد الإرهاب وداعش المجرم، ويقدم فيها مئات الضحايا والشهداء يوميا، فأي مكافأة هذه تقدمها الحكومة لهذا الشعب المضحّي؟!..
وثالثا.. ليس من الإنصاف بمكان أن يدفع هذا الشعب المضحّي ضريبة فساد حكومي كبير، لا ذنب له فيها، لتنهال عليه قرارات غير صائبة تبحث عن تعويض غير واقعي من خلال خدمة هي من مسؤوليات الدولة، وهي جزء من حقوق الناس الذين حرموا منها بشكل غير طبيعي طيلة سنوات طويلة معتمة وجافة كجفاف الصحراء..
انخفاض أسعار النفط وضعف الموازنة حاليا والسيولة المالية لا يبرر بأي شكل من الأشكال هذه الإجراءات غير الحكيمة التي تدل على غياب المعالجات العلمية والإنسانية -في آن معا- من قبل أصحاب ذوي الشأن، وليس من الحق في شيء أن يرمى على كاهل الشعب المتعب هذا الثقل اليومي، بينما السياسيون يعيشون حياة مترفة بلا مشاركة لمعاناتهم، وكان الأولى أن يخففوا من هذه المعاناة بدلا من زياداتها، وكأننا مطية أخطائهم التي ندفع ثمنها يوميا، أو كأن السياسيين لا يجيدون قراءة الواقع بشكله التفصيلي والواقعي، ويعيشون في كوكب آخر بعيدا عن الناس المتلهفين لمن ينصفهم في كل شيء..
لهذا ومن باب الحرص والمسؤولية والمهنية الملقاة علينا كإعلاميين وأصحاب سلطة أيضا تسمى (السلطة الرابعة)، أن نحافظ على ديمومة الحياة وديمومة النصر على الإرهاب، وهذه الديمومة تبدأ من مراعاة حقوق الناس الأبطال الذين يقاتلون المجرمين في جبهات الحق ضد الباطل، وخدمات الكهرباء جزء من حقوقهم الطبيعية وليست معجزة يراد لنا أن نُعجب لها أو ندفع لها قرابين جيوبنا الفارغة أصلا، طالما الحالة المعيشية لم يحصل فيها تطور أو تحسن يبرر هذه الزيادة غير المنطقية في تسعيرة الكهرباء التي نتمنى صادقين أن تكون كذبة.. لأنها إن لم تكن كذلك، فستؤدي إلى نتائج وخيمة على البلد -لا سامح الله-، وستكون ردود أفعال الشارع العراقي بالضد حتما منها، وهذا الرأي ليس فرديا أبدا، إنما يأتي من خلال تماسنا المباشر مع الشارع الذي بدأ يقلق بشكل جدي من هذه الإجراءات الأخيرة بخصوص التغيير المخيف والسلبي القادم في تسعيرة الكهرباء.
ولهذا كله.. نطالب بإعادة النظر بكل رقم أو حرف أو خطوة ومن أجل مصلحة المواطن.. المواطن أولا وأخيرا.. والحكومات الحكيمة هي التي تراعي شعبها ومواطنيها أولا وليس جيوبها.. بعكس ذلك تصبح إجراءاتها وكأنها عقوبة جماعية لدماء تنزف، وهذا ما لا نتوقعه أو نتمناه من حكومة جديدة جاءت من رحم الشعب نفسه الذي يترقب ما يستحقه..
فهل هذا ما يستحقه فعلا؟