الفيس بوك والتجنيد الاجباري والازدحامات
اسعد عبد الله عبد علي
2018-11-29 04:45
نهار وليلتان قضيناها بصعوبة، بسبب عطل محولة الكهرباء بعد امطار السبت الماضي، لم يقم عمال الكهرباء بالإصلاح، الا بعد استلام رشوة جمعها اهالي الحي، هكذا تجري اغلب الامور في مؤسساتنا الحكومية، وتحت اوامر مشددة من المدراء والمسؤولين، على اجبار المواطن بدفع الرشوة مقابل القيام بواجبهم! وليس بغريب كل هذا على بلد تبتلعه الاحزاب والعصابات.
عادت الحياة لبيوت الحي مع عودة التيار الكهربائي، عندها قررت الهرب من العالم الواقعي نحو العالم الافتراضي (الفيسبوك)، علي اجد بعض الفائدة والترويح عن احزن واقعنا.
لكن صدمني عالم الفيسبوك بما يظهر فيه من اخبار ومنشورات، تدفع المواطن للهروب من هذا الوطن الغريب، الذي بخل على ابنائه بابسط سبل العيش الكريم، ومن اهم ما شاهدت في تلك الساعة الفيسبوكية:
اغتصاب وقتل الاطفال، حالة في توسع
خبر عن قيام رجل ثلاثيني بخطف طفل بالسابعة من العمر، ثم اغتصاب وقتله، وخبر اخر عن قيام امرأة وزوجها بقتل ابن طليقها البالغ خمس سنوات! وخبر اخر عن قيام بالغ بقتل طفلة ثم اغتصابها، في بشاعة لا يفعلها الا المجانين، والاخبار لا تنتهي وكلها بنفس النسق، وهي تدلل على مجتمع مريض يعاني من ابشع العقد النفسية، وما هؤلاء المجرمين الا نتاج المجتمع، الذي اثر في تكوينهم الشخص والنفسي، ليكونوا مؤهلين للقيام بابشع الجرائم.
ويعتبر الطفل الحلقة الاضعف في المجتمع، حيث يسهل اصطياده وحتى قتله، مع غياب اي اجراءات امنية لحماية الاطفال في العراق، وتفكك الاسرة نتيجة تراكمات العقود وفشل السلطة بحل ازمات المجتمع، وانتشار الفقر والجهل والبطالة، فأننا بانتظار استمرار هذا المسلسل البشع.
وتتحمل السلطة والاحزاب والطبقة السياسية ما يجري، لانها تدعم عملية تسفيه الوعي، وخلق الفوضى والاضطراب في حياة المجتمع، وهي ايضا تصر على خنق القانون وتعطيله، كي يستمر الظلم بالظهور في حياة الناس اليومية.
التجنيد الالزامي وعودة الفكر الصدامي
دفعة واحدة هبت ريح عسكرة المجتمع عبر اخبار التجنيد الالزامي، وتم تحديد سن العسكر الاجباري ما بين عمر 18 الى 45 عاما، تفاصيل الخبر كثيرة، وتم تناقله بكثافة عبر صفحات الفيسبوك، والتعليقات والمنشورات ما بين مؤيد ومعارض للخبر، الحقيقة اثار زوبعة من الهموم في داخلي، فالتجنيد الالزامي كان سوط صدام الذي سلطه على الشعب، وكان تاثيره مدمرا في حياة الناس، ويمكن القول كانت فكرة الخلاص من قيد التجنيد الالزام الحلم الاكبر كل عراقي، واعتبر اهم مكاسب التغيير هو خلاص من سجن العسكرة (التجنيد الاجباري).
ودعني اتسائل هل سيتم تنفيذ الالزامية على البرلمانيين والوزراء واولادهم؟ وهل سيلتحق قادة الكتل وابنائهم بإلزامية الجيش مثل باقي ابناء الشعب! ام سيكون محدودي الدخل والفقراء هم المقصودون فقط من الالزامية؟ حيث ستزداد عليهم صعوبات الحياة.
نعم انها طريقة صدام في عملية سحق الجماهير، ويحاول الساسة العودة اليها كحبل نجاة اخير، بعد احساسهم بخطر الحراك الجماهيري.
الاختناقات المرورية وغباء الحلول المقترحة
تعاني بغداد من اختناقات مرورية شديدة، بسبب ارتفاع عدد السيارات، مقابل اهمال الحكومة لتطوير الشوارع وانشاء مجسرات وانفاق كي تحل الاختناقات، ومما زاد من حجم المشكلة كثرة السيطرات الامنية واغلاق الكثير من الشوارع، مع استمرار غلق المنطقة الخضراء، لذلك المشكلة في تفاقم كبير مع استمرار جهد السلحفاة الذي تنتهجه الحكومات المتعاقبة، والضحية فقط المواطنين الذين يعيشون معاناة يومية.
وقد تم نشر اخبار مكثفة في الايام الماضية عبر صفحات الفيسبوك، عن اقتراحات حكومية لحل الاختناقات المرورية، عن عدة اجراءات من قبيل جعل الدوام لبعض الوزارات في السابعة صباحا! او جعل العطلة الاسبوعية بالتناوب بين الوزارات، والحقيقة هذه الحلول الترقيعية ليست حلول بل ستكون نتائجها وخيمة على الموظفين، وستزيد من الضغط اليومي.
ان الخبر كشف لنا الجانب الغبي من السلطة ومن يتم استشارتهم، حتى يخيل لنا اننا لسنا في دولة! بل في قضبة زمرة تحكم باجتهادات سطحية غير عقلانية.
اخيرا:
قررت مغادرة صفحة الفيسبوك والعودة للعالم الواقعي، فأخبار عالم الفيسبوك كدرت ساعتي وجعلتني مهموما، واظهرت لي جانب الحكومة الغبي والمقصر بمسؤولياته، وكشفت بشاعة بعض صور المجتمع ضد الطفولة، فكم حال العراق غريب بتواجد طبقة سياسية تمتهن الفساد، وحكام يعطلون القانون لتدوم ايام مسراتهم، وشعب يعيش فوضى تنتج ابشع الجرائم المجتمعية.
فقط نطلب اللطف اللهي، لينقذنا مما احاط بنا، وعندها تتغير الوان لوحة الحاضر من السواد والعتمة الى الوان الشمس الزاهرة.