بقاء الاسد .. لغز يختفي خلف موازين القوى الجديدة في الشرق الاوسط
كمال عبيد
2015-03-20 11:50
الازمة في سوريا على مشارف الولوج في عامها الخامس، ولا يزال الصراع في الداخل على حدته خصوصا مع استمرار القتال وتدخل الاطراف الخارجية، فضلا عن تنامي تنظيم داعش الارهابي، لكن على الرغم من كل ذلك يبدو أن مكانة الرئيس السوري بشار الأسد تحسنت على المستوى الدولي، وأنه سيبقى لاعبا أساسيا في بلده، إذ يرى الكثير من المحللين انه على الرغم من مقاطعة الدول الغربية والعربية له بعد رهانها على رحيله السريع وسقوط نظامه، يحظى الاسد في المرحلة الراهنة بفرص البقاء كرئيس لسوريا بدرجة أكبر من أي وقت مضى، منذ بدء الصراع السوري قبل أربع سنوات، فقد مضت تلك الأيام عندما كان ظهوره الاعلامي يعد حدثا إخباريا حيث توجد يوميا الان اخبار عن لقاءاته، ومن ضمن الوفود التي زارته مؤخرا أربعة نواب فرنسيين خالفوا سياسة حكومتهم.
ويرى المحللون ان من ابرز العوامل التي ترجح بقاء الاسد هو محاربة داعش الذي تنامى في الشرق الاوسط مؤخرا وبات يشكل تهديدا حتى للدول الغريبة، ومن خلال هذا العامل غيرت امريكا التي تقود تحالفا دوليا ضد داعش سياستها في التعامل مع الرئيس السوري، وذلك على خلفية تصريح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأن الرئيس بشار الأسد ينبغي أن يكون جزءا من المفاوضات بشأن الانتقال السياسي في سوريا.
ويعزو المحللون تغير الموقف الامريكي الى وجود مصالح مشتركة بين الجانبين وحلفائهما وربما هناك صفقات غير معلنة ايضا لاسيما استمرار الموقف الايراني الداعم للرئيس السوري مع إقتراب ذروة المباحثات مع الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي، فضلا عن محاربة داعش وكبح تمدده في منطقة الشرق الاوسط.
لذا يرى هؤلاء المحللون تغير الموقف امريكا التي كادت ان توجه ضربات الى سوريا قبل اكثر من عام، لكن تدخل روسيا الدبلوماسي ساهم في منع امريكا من توجيه ضربة عسكرية تطيح بالرئيس الاسد وتم تدمير ترسانة الاسلحة الكيميائية بدلا من ذلك، وخذ يبين وجود اجندة سرية من شأنها ان تسهم في تغيير موازين القوى في الشرق الاوسط، وهذا ما تخشاه دول الخليج العربي وخصوصا المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم وأهم حليف عربي للولايات المتحدة، أن تكون إدارة الرئيس باراك أوباما تفتقر للحزم في التعامل مع الأسد وتركز بدلا من ذلك على إبرام اتفاق نووي مع إيران الداعم الأساسي للرئيس السوري، في الوقت نفسه خاض الاسد بثقة عالية حملة من نوع آخر حيث أجرى خمس مقابلات منذ ديسمبر كانون الاول. وكانت ثلاث منها مع وسائل إعلامية مقراتها في الدول الغربية الأكثر معارضة لحكمه وهي فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، كما اظهرت تركيا القوة الاقليمية المناهضة لبقاء الاسد رئيسا لسوريا، امتعاضها من الموقف الامريكي تجاه بقاء الاسد، وفيما يتزايد التجاذب بين واشنطن وانقرة، عبر مسؤولون اميركيون عن خيبة املهم من الدعم المحدود الذي قدمته تركيا للتحالف الدولي الذي يقوم بحملة ضد تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، وامتنعت تركيا حتى الان عن اعطاء الولايات المتحدة الاذن باستخدام قاعدة انجرليك الجوية في جنوب تركيا كنقطة انطلاق للطائرات التي تشن غارات ضد الجهاديين في سوريا.
لذا يرى الكثير من المحللين ان المعطيات المذكورة اعلاه تشير الى معادلة سياسية جديدة من شانها ان تغيير موازين القوى في الشرق الاوسط الذي يشهد أعنف اضطراب امنية حاليا في العالم، وعليه يظهر بقاء الاسد اسرار وصفقات من شأنها ان تغير منحى الصراع السوري لتحقيق أجندات إستراتيجية وتسويات تكتيكية امنية وسياسية في المنطقة برمتها.
أمريكا مع الأسد
فقد أثار تصريح لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأن الرئيس بشار الأسد ينبغي أن يكون جزءا من المفاوضات بشأن الانتقال السياسي في سوريا القلق والاستياء بين مجموعة من المحللين المقربين من حكومات دول عربية بالخليج تعارض حكم الأسد، وقال عبد العزيز الصقر رئيس مركز أبحاث الخليج الذي له مقار في جدة وجنيف "بشار لم يعد له شرعية بعد قتل شعبه وطرد 11 مليونا من منازلهم. كيف تجلس وتتحدث معه وتبقيه في السلطة؟ هذه مزحة كبيرة بالنسبة لنا" وقال كيري "ينبغي علينا التفاوض في نهاية المطاف.. كنا على استعداد دوما للتفاوض في سياق عملية جنيف" في إشارة إلى مؤتمر عقد في 2012 دعا إلى تدشين مرحلة انتقالية عن طريق التفاوض لإنهاء الصراع. بحسب رويترز.
لكن حليفة وثيقة لواشنطن أبدت رأيا مختلفا. وقالت فرنسا إنها ستتمسك بمعارضتها لإجراء محادثات مع الأسد قائلة إن مثل هذه المحادثات ينبغي أن تشمل أفراد المعارضة السورية وعناصر من النظام الحالي -لكن ليس الأسد - لتمهيد الطريق لتشكيل حكومة وحدة، وقال سامي الفرج وهو مستشار كويتي لمجلس التعاون الخليجي "كون أن الأسد لايزال في المشهد فهو أمر تعايشنا معه وتقبلناه في إطار ترتيب مؤقت. إذا كان السيد كيري يتحدث عن هذا الترتيب المؤقت ذاته - عام أو عامان حتى تؤتي المفاوضات ثمارها - فنحن نتفهم"، وتابع قوله "لكن لو كان يعني أن الأسد سيبقى بعد المفاوضات فهذا غير مقبول"، وسبق أن قال السعديون إنه لا يمكن بدء أي تحول سياسي في سوريا ما لم يرحل الأسد عن السلطة واتهمه وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل بارتكاب إبادة جماعية للسوريين.
وزادت مخاوف الرياض من المفاوضات الجارية بين إيران والقوى الدولية بهدف التوصل لاتفاق بشأن برنامجها النووي والتي بلغت مرحلة حساسة، وكتب ناصر العمر وهو رجل دين محافظ له أكثر من 1.6 مليون متابع على تويتر في حسابه على الموقع يوم الاثنين بأن تصريحات كيري هي "أولى نتائج الاتفاق الذي تم مؤخرا بأن تكون إيران شرطي أمريكا في المنطقة".
الأسد ينتظر الأفعال بعد تصريحات كيري
من جانبه قال الرئيس السوري بشار الأسد إنه "ينتظر الأفعال"، وذلك ردا على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بضرورة الحوار معه، قال الرئيس السوري بشار الأسد اليوم الاثنين في رد على سؤال للتلفزيون الإيراني، نقلته وكالة "سانا" الرسمية بأنه "ينتظر الأفعال" بعد التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري "بوجوب الحوار مع الأسد"، وقال الأسد"ما زلنا نستمع لتصريحات، وعلينا أن ننتظر الأفعال وعندها نقرر"". بحسب فرانس برس.
وكان كيري صرح في مقابلة بثتها شبكة "سي بي اس" الأمريكية السبت ردا على سؤال حول احتمال التفاوض مع الأسد، "حسنا، علينا أن نتفاوض في النهاية. كنا دائما مستعدين للتفاوض في إطار مؤتمر جنيف 1". وتابع "الأسد لم يكن يريد التفاوض. (...) إذا كان مستعدا للدخول في مفاوضات جدية حول تنفيذ جنيف 1، فبالطبع. نحن نضغط من أجل حثه على أن يفعل ذلك"، "خيارنا الوحيد كان الدفاع عن وطننا". بحسب فرانس برس.
وعما إذا كانت هناك تغيرات في المواقف الدولية، قال الأسد في التصريحات التي نقلتها وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، "لا يوجد لدينا خيار سوى أن ندافع عن وطننا. لم يكن لدينا خيار آخر منذ اليوم الأول بالنسبة إلى هذه النقطة"، مضيفا "أي تغيرات دولية تأتي في هذا الإطار هي شيء إيجابي إن كانت صادقة وإن كانت لها مفاعيل على الأرض".
إلا أن الأسد شدد على أن هذه التغيرات يجب أن "تبدأ أولا بوقف الدعم السياسي للإرهابيين ووقف التمويل ووقف إرسال السلاح والضغط على الدول الأوروبية وعلى الدول التابعة لها في منطقتنا التي تقوم بتأمين الدعم اللوجستي والمالي وأيضا العسكري للإرهابيين. عندها نستطيع أن نقول أن هذا التغير أصبح تغيرا حقيقييا".
غضب أوربا وتركيا والخليج
في المقابل اكدت فرنسا انها ترغب "بتسوية سياسية متفاوض عليها بين مختلف الاطراف السورية" مشيرة الى ان الرئيس السوري "لا يمكن ان يكون ضمن هذا الاطار" فيما اثار موقف وزير الخارجية الاميركي جون كيري حول ضرورة التفاوض مع بشار الاسد الجدل مجددا حول هذه المسالة، وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال "موقفنا معروف ويندرج في اطار بيان جنيف 2012: هدفنا هو تسوية سياسية متفاوض عليها بين مختلف الاطراف السورية تؤدي الى حكومة وحدة"، واضاف ان مثل هذه الحكومة يجب ان تضم "بعض هيئات النظام القائم والائتلاف الوطني ومكونات اخرى لها عن سوريا رؤية معتدلة وشاملة وتحترم مختلف مجموعات البلاد"، وتابع "من الواضح بالنسبة الينا ان بشار الاسد لا يمكن ان يدرج في مثل هذا الاطار" مذكرا بمقالة نشرها في نهاية شباط/فبراير وزيرا خارجية فرنسا لوران فابيوس وبريطانيا فيليب هاموند وكررا فيها القول ان "بشار الاسد لا يمكن ان يكون مستقبل سوريا"، وكان كيري اعاد في مقابلة صحافية احياء الجدل حول فرص التحاور مع الرئيس السوري الذي تقاطعه القوى الغربية منذ بدء الحرب التي اوقعت اكثر من 215 الف قتيل منذ اربعة اعوام. بحسب فرانس برس.
وصرح كيري في مقابلة بثتها شبكة "سي بي اس" الاميركية السبت ردا على سؤال حول احتمال التفاوض مع الاسد، "حسنا، علينا ان نتفاوض في النهاية. كنا دائما مستعدين للتفاوض في اطار مؤتمر جنيف 1". وتابع "الاسد لم يكن يريد التفاوض. (...) اذا كان مستعدا للدخول في مفاوضات جدية حول تنفيذ جنيف 1، فبالطبع. نحن نضغط من اجل حثه على ان يفعل ذلك"، الا ان المتحدثة باسم الخارجية الاميركية ماري هارف نفت ان تكون تصريحات كيري تشكل تغييرا في السياسة الاميركية حيال سوريا، وكتبت هارف على تويتر ان كيري "جدد التاكيد على سياسة راسخة اننا بحاجة الى عملية تفاوضية مع وجود النظام على الطاولة - ولم يقل اننا سنتفاوض مباشرة مع الاسد".
كما جددت بريطانيا التأكيد على ان بشار الاسد "ليس له مكان" في مستقبل سوريا، وذلك بعيد إقرار الولايات المتحدة بأن التفاوض مع الرئيس السوري يبدو امرا لا مفر منه لانهاء الحرب الاهلية السورية التي دخلت عامها الخامس.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية ان "الاسد ليس له مكان في مستقبل سوريا"، وذلك ردا على ما كان اعلنه وزير الخارجية الاميركي جون كيري في وقت سابق الاحد بانه في النهاية سيكون على الولايات المتحدة ان تتفاوض مع الرئيس السوري لايجاد حل للنزاع في سوريا، واضافت المتحدثة "كما اعلن وزير الخارجية (البريطاني فيليب هاموند) الاسبوع الماضي فاننا مستمرون في ممارسة الضغوط على هذا النظام عبر العقوبات الى ان يضع حدا لاعمال العنف ويدخل في مفاوضات جدية مع المعارضة المعتدلة". بحسب فرانس برس.
وبعد سنوات من التأكيد على ان ايام الاسد باتت معدودة، اعتبر كيري في مقابلة مع شبكة "سي بي اس" الاميركية بثت الاحد ان على واشنطن ان تتفاوض مع الاسد لانهاء الحرب، وقال كيري في المقابلة التي اجريت السبت "حسنا، علينا ان نتفاوض في النهاية. كنا دائما مستعدين للتفاوض في اطار مؤتمر جنيف 1"، مضيفا ان واشنطن تعمل بكل قوة من اجل "احياء" الجهود للتوصل الى حل سياسي لانهاء الحرب.
وحرص مسؤولون في وزارة الخارجية البريطانية على التذكير بأن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية ماري هارف نفت ان يكون تصريح كيري يمثل تغييرا في السياسة الاميركية المتعلقة بسوريا، وكانت هارف قالت في تغريدة على موقع تويتر ان كيري "جدد التأكيد على سياسة راسخة اننا بحاجة الى عملية تفاوضية مع وجود النظام على الطاولة - ولم يقل اننا سنتفاوض مباشرة مع الاسد"، واضافت "سياستنا لا تزال على حالها وهي واضحة: لا مستقبل للاسد في سوريا ونحن نقول هذا الكلام دوما".
من جهتها نددت تركيا بتصريحات وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي اعتبر انه على واشنطن ان تتفاوض مع الرئيس السوري بشار الاسد لانهاء النزاع في سوريا، وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو لوكالة انباء الاناضول ان مشاكل سوريا الحالية مع حلول الذكرى الرابعة لاندلاع النزاع في اذار/مارس 2001 سببها نظام الاسد، ونقلت عنه الوكالة قوله خلال زيارة الى كمبوديا "ماذا هناك لكي يتم التفاوض حوله مع الاسد؟"، وقال "اي مفاوضات ستجري مع نظام قتل اكثر من 200 الف شخص واستخدم اسلحة كيميائية"، وتساءل وزير الخارجية التركي "حتى الان، اي نتيجة تحققت (مع النظام) عبر المفاوضات؟". بحسب فرانس برس.
وقال ان كل الاطراف يجب ان تعمل من اجل "انتقال سياسي" في سوريا، ويدعو الرئيس التركي رجب طيب اردوغان باستمرار الى رحيل الاسد من اجل التوصل الى حل ينهي النزاع في سوريا، وقال وزير الخارجية التركي انه يجب حل مسالتين من اجل احلال السلام في سوريا: القضاء على تنظيم "الدولة الاسلامية" و"مجموعات ارهابية اخرى" وحصول انتقال سياسي في سوريا مع رحيل نظام الاسد.
الاسد بمساعدة حلفائه.. يبدو انه باق
الى ذلك قال مسؤول رفيع في الشرق الاوسط على اطلاع بالسياسة السورية والايرانية" الايرانيون ما زالوا يعتبرون الاسد الرجل الاول"، وأضاف المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته لان تقييمه استند الى محادثات خاصة "ان الاسد نقطة الارتكاز في علاقتهم مع سوريا".
ويشكل الدور البارز الذي لعبه حزب الله اللبناني المدعوم من ايران في المعركة بالجنوب أحدث مثال على عزم حلفاء الاسد الوقوف الى جانبه. كما ان المستشارين الايرانيين على أرض المعركة وهذا ما يتماشى مع الوضع في العراق حيث يساعد الايرانيون في الاشراف على العمليات ضد تنظيم الدولة الاسلامية.
وقال المسؤول "النظام سيبقى منشغلا وستبقى الخروقات هنا وهناك. المعركة في سوريا ما زالت طويلة جدا لكن من دون تهديدات وجودية على النظام"، ويقدر الآن عدد القتلى بحوالي 200 ألف شخص إضافة الى تشريد ما يقرب من نصف السكان وفقا لأرقام الأمم المتحدة ووصفها رئيس وكالة الامم المتحدة للاجئين بأنها أسوأ أزمة إنسانية في هذا العصر.
وقد تقلصت سيطرة الدولة لكن لا تزال تدير المناطق الأكثر اكتظاظا بالسكان، وينقسم الباقي بين المسلحين السنة المتشددين ومقاتلين آخرين والأكراد الذين ظهروا كشريك مهم في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد الدولة الاسلامية.
ومني الجيش السوري والقوات المتحالفة معه بخسائر كبيرة في العام الماضي. وحتى مع القوات الجوية فان الجيش لم يستطع توجيه ضربة قاضية للمسلحين في بعض المعارك المهمة مثل حلب، وقد صد المسلحون هجوم الجيش الاخير الذي كان يهدف الى تطويق اجزاء يسيطر عليها المقاتلون في حلب. ووفقا للمرصد السوري لحقوق الانسان فان 150 جنديا على الاقل قتلوا من الجيش والقوات المتحالفة معه في هذه العملية.
ولكن لا حلب ولا أجزاء من البلاد التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في الشرق تهم الاسد بقدر أهميته بالممر الارضي الذي يمتد من دمشق الى الشمال عبر مدينتي حمص وحماة ومن ثم غربا الى الساحل، والمعركة لسحق المسلحين التي تمتد من دمشق الى الجنوب الى الحدود مع الاردن واسرائيل من شأنها القضاء على واحدة من آخر التهديدات الكبيرة لحكم الاسد في حال فوز الجيش وحلفائه.
وفي حال قررت الولايات المتحدة وحلفاؤها العرب زيادة الضغط على الاسد فانها يمكن ان تزيد الدعم العسكري لما تسميه "المعارضة المعتدلة" في الجنوب عبر الاردن.
وبالنسبة للاسد فان استعادة الجنوب تقضي على ذلك الخطر وهو ما من شأنه أيضا ان يحافظ على الحدود مع اسرائيل وهذا هو احد الاعتبارات الكبيرة لكل من دمشق وحزب الله وايران الذين سعوا الى بناء مشروعية شعبية استنادا الى الصراع مع اسرائيل، وفي دمشق فان المراقبين يرون ان الحملة الجنوبية تشكل بداية هجوم استراتيجي مضاد من شأنه انهاء الحرب بشروط الحكومة.
وقال سليم حربا الباحث والخبير في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية السورية "بدأ الآن ما يسمى بالهجوم المعاكس الاستراتيجي على أكثر من اتجاه لتطهير وتحرير كل المناطق التي تتواجد فيها المجموعات الارهابية"، اضاف ان عملية الجنوب "تعتبر تحولا نوعيا في اطار الحرب"، وقال محمد كنايسي رئيس تحرير صحيفة البعث التي تديرها الدولة في مقابلة اجريت معه مؤخرا في مكتبه بدمشق "الظروف الموضوعية والتطورات في المنطقة تدعو الى تغيير الموقف الامريكي لكن المشكلة ان امريكا لا تغير بالسرعة المطلوبة لا زالت تلعب على أكثر من حبل".
وفكرة الانتصار العسكري تتعارض مع الرأي السائد على نطاق واسع بان الحرب يمكن فقط ان تنتهي بتسوية سياسية. فالجهود الدبلوماسية الرامية الى تعزيز مثل هذه النتيجة لم تستطع ان تحقق شيئا منذ انهيار محادثات جنيف للسلام عام 2014.
ويبحث مسؤولون غربيون عن سبل لدعم ما يسمونه "معارضة معتدلة" لتقويتها في أي مفاوضات مستقبلية، والولايات المتحدة على وشك البدء بتقديم التدريب والعتاد للمسلحين لمحاربة الدولة الاسلامية. ولكن لا يبدو أن حجم وهدف البرنامج سيغير من موازين القوى.
وحتى بعض معارضي الاسد أبدوا مرونة في مسألة توقيت رحيله في المرحلة الانتقالية التي يأملون ان تنهي حكمه. ويبدو ان الاسد يراهن على ان الحملة ضد تنظيم الدولة الاسلامية ستجبر في نهاية المطاف الولايات المتحدة على فتح قنوات إتصال معه خاصة وان القوات العراقية تستعد لاستعادة الموصل.
ويتم ابلاغ الاسد بالضربات الجوية التي يشنها التحالف في سوريا عبر أطراف ثالثة بما فيها العراق، ولكن هناك إنعدام عميق للثقة حيث يرى معارضو الاسد أنه إستغل موضوع التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة الاسلامية لصالحه، وقال مسؤول غربي "لا مفر من فكرة ان سوريا مع الاسد في سدة الحكم لن تكون موحدة. هو لا يستطيع إعادة توحيد سوريا. ولو تراجعنا فهذا لن يحل المشكلة".