صالح قتيلا والحوثي مهنئا؟ لا منافسة بعد اليوم

مسلم عباس

2017-12-06 05:20

نشرت حركة انصار الله الحوثيين شريط فيديو قصير جدا، اعلنت من خلاله نهاية حقبة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، حيث اكدت وزارة الداخلية مقتله بعد ثلاثة ايام من الاشتباكات بين انصاره والحوثيين.

بسرعة مرت الثلاثة ايام الماضية من المواجهات وانهت ما كان متوقعا ان يستمر لاشهر وربما سنوات، هكذا يرى الحوثيون، يقولون انهم قضوا على حرب اهلية اردا التحالف السعودي اشعالها، وكان علي عبد الله صالح هو عود الثقاب لها وقبل اشتعالها عجلوا في رحيله، اغلب المسؤولين ووسائل الاعلام الحوثية تتبنى هذه النظرية.

زعيم أنصار الله "عبدالملك بدرالدين الحوثي"، وصف مقتل صالح بأنّه يوم استثنائي وتاريخي وتوجه بالتهاني لكل أبناء الشعب اليمني وبالشكر لله، واشاد بما اعتبره "الموقف المسؤول لقيادات وجمهور حزب المؤتمر ووعيه أمام هذه المحنة"، قائلا: "اليوم هو يوم سقوط مؤامرة الغدر والخيانة واليوم الأسود لقوى العدوان". واكد أن حزب صالح سيظل قائما في اليمن بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وأن المؤامرة الكبرى ضد اليمن أحبطت في ثلاثة أيام، والمعركة كانت مع مليشيات محددة وزعيمها وليست مع حزب المؤتمر الشعبي العام.

في خطابه العام يبدو زعيم انصار الله متيقنا ويعرف جيدا بوجود مؤامرة حقيقية من قبل السعودية التي تريد جر اليمن الى الاحتراب الداخلي مستخدمة صالح كورقة لحرق ما تبقى من البلاد "ان بقي هنالك شيء قابل للاشتعال، لكن لغة التهنئة التي استخدمها في وصف مقتل صالح تكشف عن مدى الخطر الذي كان يحيق بالحوثيين وكانه تخلص من رفيق غير موثوق به، وقد يكون تشفيا به اذ ان صالح قتل زعيم حركة انصار الله السيد حسين بدر الدين الحوثي عام 2004 ونعرف ان العرب لا تنسى ثارها.

ومن الطبيعي ان يحمل خطاب الحوثي رسائل سلام لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه صالح، كونه لا يريد استمرار دائرة الحرب بما يؤثر سلبيا على سير المعارك على الحدود ضد السعودية والامارات، وفي ظل هذه التوترات يثار التساؤل عن مدى رغبة انصار صالح بالرد على مقتل زعيمهم واين تتجه الامور في البلاد هل تخدم الحوثيين ام اعدائهم.

تحالف الحوثيون مع صالح كان ضرورة مؤقتة لمواجهة السعودية والامارات، وقد استفادوا من تبادل الخبرات بين الطرفين في شن حرب عصابات والحر بالنظامية معا، الا ان اعظم الكبائر هو تحول صالح الى جهة السعودية فالحوثيون ينظرون لحربهم على انها حرب وجودية (نكون او لا نكون)، وهذا ما دعى السيد الحوثي الى التهنئة بمقتل صالح، واعتبره نهاية المؤامرة.

متابعة سريعة للخطاب السعودي ازاء ما حدث في الايام الماضية تؤكد ان كلام السيد الحوثي لم يكن عبثيا بل انه جاء بناء على معلومات دقيقة يدعمها التغيير الكبير في الخطاب، اذ وصفت الصحف السعودية، التطورات في العاصمة اليمنية صنعاء بـ"انتفاضة الشرفاء"، معتبرة أن تخلّي الرئيس علي عبدالله صالح، الذي تحوّل بين ليلة وضحاها من "الرئيس المخلوع" إلى "الرئيس السابق"؛ عن تحالفه مع "أنصار الله"، هو في الواقع "انتفاضة لشرفاء اليمن في وجه ميليشيات الفرس". بحسب تقرير لصحيفة الاخبار اللبنانية.

صحيفة عكاظ قالت ان "العاصمة اليمنية انتفضت على نطاق واسع ضد ميليشيات الحوثي الإرهابية، وبدأت أول مشاهد الانتفاضة المسلحة بسيطرة قوات حزب المؤتمر الشعبي على مطار صنعاء، ومبان حكومية عدة كانت قد سقطت في يد الحوثيين بعيد انقلابهم على الشرعية". كذلك رأت في افتتاحيتها المعنونة: "صنعاء العروبة تنتفض" أن صنعاء "تقترب إلى العودة لعروبتها أكثر من أي وقت مضى... فسطوة الميليشيا الطائفية المدعومة من إيران إلى زوال"، مضيفة: "يعول التحالف العربي على أبناء المؤتمر الشرفاء وقياداته وأبناء الشعب اليمني الأصيل... وقد قال الشعب كلمته: لا حوثي بعد اليوم".

أما صحيفة "الرياض" فقد قالت إن "الشراكة في الانقلاب على الشرعية في اليمن لم تكن في الأساس سوى تقاطع لمصالح بعيدة تماماً عن المصلحة العليا للبلاد، ومن خلالها وضع الرئيس السابق أتباعه في خندق العميل الإيراني عبد الملك الحوثي، رغم الحروب الست التي خاضها ضد جماعته". واعتبرت أن صالح "أعلن الحرب رسمياً ضد جماعة الحوثي وبدأ في تطهير العديد من المواقع من الميليشيات الطائفية، داعياً رجال القبائل إلى التوحد والوقوف ضد مخطط صفوي".

هكذا كانت البداية لازمة اختلقتها السعودية او دعمتها على الاقل وانتهت بمقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وعجل الحوثيون بحكم خبرتهم بسياسة الرياض غير المحسوبة من اجل اثبات انهم اكثر حزما وقوة من محمد بن سلمان الذي يوصف برجل الحزم، اذ لم يتوقع اي شخص ان تصل الامور الى هذا الحد.

الحوثيون اليوم لا يخشون احدا وخرجوا اكثر قوة وعزيمة امام السعودية لسببين بسيطين، الاول انهم اصبحوا المتحكم الوحيد بالمناطق الخاضعة لسيطرتهم وبالتالي لا يمكن اجراء اي تفاوض الا معهم وهي عقدة لازمتهم طوال الحرب منذ عام 2015 حيث كانوا يخشون من انقلاب صالح عليهم الذي شن عليهم 6 حروب خلال فترة حكمه وهو لا يعجبه بقاء العاصمة تحت سيطرة الحوثيين.

والسبب الثاني انهم اعطوا رسالة للداخل والخارج بان كل الخيارات مفتوحة وان لديهم خطوطا حمراء تحول من يجتازها الى جثة هامدة كما فعلوا مع صالح، او انهم سوف يضربون اي منطقة يشاؤون بالصواريخ البالسيتة ان كانت الرياض او ابو ظبي وربما القواعد الامريكية في المنطقة.

الازمة اليمنية تزداد تعقيدا والشعب يزداد جوعا، وموجات البرد غير كافية لتجميد المعارك الجديدة، فالشتاء اليمني سيكون ساخنا جدا هذه المرة وقد يتحول الى صيف مبكر يحرق كل من لا يجيد فن التاقلم وادارة الازمات.

ذات صلة

التقية المداراتيّةأثر التعداد السكاني على حقوق المواطنينبناء النظرية الدينية النقديةأهمية التعداد العام للسكان في داخل وخارج العراقالأيديولوجية الجندرية في عقيدة فرويد