دولة للأكراد ولما لا

هادي جلو مرعي

2017-04-09 08:16

هل تعد المطالبة بقيامة دولة للكرد في العراق وبقية دول المنطقة جريمة، أم هو نوع من الرفض للفكرة مرتبط بمصالح وجودية تخشى عليها حكومات، وربما شعوب قد تنهار في حال إستقلال شعوب كردستان عن أمم مجاورة قضمت الجغرافيا الكردية عبر تاريخ طويل لم يؤد الى قتل الحلم الكردي بل ساهم في تأجيجه حيث يحافظ الأكراد على ثقافة نوعية، وجغرافيا سكانية هائلة، وطموحات لاتنهي بحروب وإبادات.

ويمكن القول أن سبيل الإعتراض الوحيد على الكرد فيما يذهبون إليه من طموح في إنشاء كيان سياسي خاص بهم يتعلق بالخشية من تفتت المنظومات التقليدية للدول الموجودة في المنطقة كتركيا وإيران والعراق وسوريا التي تشهد حربا مخيفة مكنت الأكراد من الإحتفاظ ببعض الجغرافيا التي أغضب الترك سيطرة قوات حماية الشعب عليها بدعم أمريكي مباشر وهو دعم مماثل نوعا ما للذي يحصل عليه أكراد العراق.

الإيرانيون لايرحبون بأي فكرة من هذا النوع، بينما الوضع في العراق كان مختلفا وساعد في إستقلال واقعي للأكراد في إقليم يضم عديد المحافظات التي تتمتع بميزات عديدة لكن ينقصها الإستقرار الإقتصادي الذي لايمكن الوصول إليه إلا بالسيطرة على كركوك بوصفها مصدرا للنفط والغاز وهما مهمان لتنمية الإقتصاد الكردي الذي لايمكن الوثوق به إلا في حال وجود مصادر للدخل القومي كالنفط الذي يتواجد بكثافة في المنطقة وهو مايثير المخاوف من صدام ممكن مع التركمان والعرب، وربما حالة من التأزم مع دول الجوار التي يتواجد فيه الكرد.

القومية التركمانية والأقلية العربية في كركوك لايمكن أن تمنع المشروع الكردي الذي تتصاعد مطالب القادة الكرد لترسيخه مهما كانت الظروف التي تحيط بهم والتحديات التي تواجه ذلك الطموح المنتظر والمتنامي، وهم يتحدثون كذلك عن إمكانية إنفصال توافقي دون صراع ودماء.

وفي هذا السبيل تحضر وفود كردية من حين الى آخر وهي بإنتظار أن تنضج بعض المعطيات لتحقيق ذلك الهدف، بينما الأطراف العراقية العربية لاتبدو متحمسة لمناقشة ذلك، ولكنها مدركة للعواقب في حال الرفض أو القبول، ويبقى أن نتذكر جميعا أن الدم لايمكن أن يكون حلا بل هو علامة سيئة للخراب.

الدولة الكردية حلم يبدو أنه ممكن التحقيق، لكنه يواجه مصاعب جمة، وعلى الأكراد والعرب والتركمان في العراق التحضر للأيام القادمة.

لبيك يا علم كردستان

لاخلاف على حق الشعب الكردي في العراق وبقية شعوب كردستان في تقرير المصير وتحقيق أماني وتطلعات الأمة الكردية ولكن ذلك يفرض جملة تحديات على الأكراد أن يدرسوها بعمق، ويقررون بعد ذلك ماهي الخطوة التالية.

تتصاعد وتيرة الخلاف الكردي مع بقية الأقليات في كركوك من عرب وتركمان. الأكراد يطالبون من سنوات بإعتبار المدينة جزءا من الإقليم الذي يرتب له ليكون منفصلا عن بقية العراق لكن التطورات الأخيرة خاصة بعد حزيران 2014 تشير الى عزم مضاعف لتحقيق معظم الأهداف الكردية في الإنفصال وضم المناطق المتنازع عليها.

رفع علم كردستان فوق مبان الحكومة والتصويت على إستفتاء حول ضم كركوك للإقليم وإنفصال كردستان مثل ذلك تحولا أكثر دراماتيكية في سلسلة التطورات التي أزمت الموقف أكثر، وفرضت واقعا سياسيا مختلفا عن المألوف فالبرلمان العراقي رفض قرار المحافظ برفع علم كردستان على مبنى الحكومة هناك أعقبه رفض من رئاسة كردستان لقرار البرلمان، ثم إعلان مجلس المحافظة عن العزم على إجراء إستفتاء شعبي لضم كركوك الى كردستان، وآخر لإنفصال الإقليم بالكامل عن بغداد.

كل هذه الأحداث تمثل محاولة لجس نبض المكونات المنافسة ومعها الحكومة، وإستباق الحسم المتوقع لمعركة الموصل لفرض أمر واقع في المناطق المتنازع عليها وإستغلال الظروف الإقليمية لتحقيق الطموحات الكردية دون التردد في إستثمار الأزمات وتوظيفها في الميدان، وصناعة مستقبل كردستان الذي تهدده الخلافات الداخلية، ونوع المنافسة بين القوى الكردية والصراعات الإقليمية التي تفرض واقعا لايمكن تجاهله، وكل ذلك لايعني أبدا أن المباديء الإنسانية ومواثيق الحقوق العالمية لاتعترف بحق الشعب الكردي في تحديد مصيره، وبناء مستقبله وفقا للقواعد التي يعتمدها التراث القومي للأمة الكردية، وتطلعات شعوب كردستان..

أتذكر أن الفنان السوري الجميل موفق بهجت غنى للعلم العربي

لبيك ياعلم العروبة كل نفدي الحمى

وها نحن اليوم نسمع لأغنية بلغة كردية كأنها تتردد على سفوح الجبال وقممها العالية لبيك ياعلم كردستان.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا