عاشوراء ومقارعة الفساد
مروة خالد
2015-11-02 03:00
"اني لم اخرج اشرا وﻻبطرا وﻻمفسدا وﻻ ظالما وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي اريد ان امر بالمعروف وانهى عن المنكر"
ﻻ يخفى على احد ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعدان من الفرائض التي ﻻتسقط عن احد الا اذا تصدى للعمل به اناس تكون فيهم الكفاية، لذا اعتبرا من الواجبات الكفائية. فللامر بالمعروف والنهي عن المنكر دور في قيادة المجتمع، فهما بالنسبة لباقي الفرائض كالقلب اتجاه الجسد فلو توقف القلب عن العمل انتهى الجسد.
مثلا أن الصلاة التي لا تنهى عن الفحشاء والمنكر ليست مقبولة فعن الامام الصادق (ع) (ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض). كذلك يعد الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروع الدين ومن اهمها، وهي من صفات المؤمنين ﻷن من اخلاق الامر والناهي.. ان يكون مؤتمِرا بما يُأمَر منتهيا عما ينهى، حتى يؤثر كلامه ويكون له وقع في نفوس الاخرين، حيث يقول الامام علي (ع) (وانهوا عن المنكر وتناهوا عنه فإنما امرتم بالنهي بعد التناهي)، بل لعنهم الامام علي (ع) حيث قال: (لعن الله الامرين بالمعروف التاركين له والناهين عن المنكر العاملين به).
لذا من الواجب تفعيل هذه الفريضة والحث عليها في المدارس والجامعات، كذلك انشاء منظمات انسانية يعمل بها من ذوي الاختصاص لنشر تعاليم ومنهج الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وانشاء مراكز استشارية كمؤسسات التنمية البشرية، واطباء النفس لتقديم النصيح.
وهي دعوة لنا لنكون كما كان الحسين (ع) وان نمشي على خطاه فقد مُلئ في وقتنا الحالي ما حولنا جورا وظلما وشاعت فواحش الظالمين واصبحت علنية، فدعوة الحسين (ع) وخروجه هي دعوة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي تكاد تكون بعيدة كل البعد عن واقعنا اليوم، حيث تركنا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى شاعت في مجتمعاتنا كل انواع الفتن والانحرافات والفساد والظلم والسكوت على الظالمين.
فعن الرسول (ص) قال (اذا تركتم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر سلط الله عليكم شرار خلقكم)، وهذا ما تفشى في مجتمعاتنا خلال هذه الحقبة الزمنية، ان اقل ما يمكننا فعله هو نشر هذه الفريضة والاهتمام بتفعيلها من خلا المنابر ونشر ثقافة مقارعة الطغاة مهما كان الثمن.
هذا من جانب، ومن جانب اخر الحث على ابتكار اساليب وطرق جديدة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونبدأ من الاسرة اولا فتقديم هدية لإبني ونهيه عن تأخير الصلاة ونصحه ان لا يؤخرها وكيف ان الامام الحسين قتل من اجل الصلاة وانه كان في يوم العاشر وفي المعركة وصلى وأدى الفريضة ولم يؤخرها.
ثم الجار من خلال الكلام الجميل معه، ونصحه بالطيب والرقة والاخلاق وتوجيهه ونصحه دون ان يشعر، او خلال خدمة اقوم بها بدلا عنه حتى لا يغتاب المقصر مع قليل من النصائح واصلاح ذات البين.
او من خلال افعالي وﻷني طبقت هذا الواجب على نفسي فأنهم يقتدون بي دون ان يشعروا ودون نصح مني، فلو جلس احد منا بين يديّ عالم ديني هل يستطيع ان يغتاب مؤمنا، بالطبع لا.. ﻷنه يذكرك بالله.. او من تجتمع به منتهي عن هذه الخصلة فأنا سأنتهي على الاقل امامه فقط.
فلو اردنا ان نحيي هذه الفريضة التي ان لم تكن تعطلت تماما فأن العاملين بها قليلون جدا.
لذا علينا ان نبدأ بخطوات، والخطوة الاولى تبدأ بنفسك، والثانية بالعائلة، والثالثة التحرك نحو المجتمع من حولك وهكذا ستتسع الدائرة شيئا فشيئا، هذا بالنسبة للناس في ما بينهم اما اذا كان بين الحاكم والرعية، على الناس ايضا لا يسكتوا على الظلم وان يخرجوا بوجه الحاكم الظالم كما صنع سيد الشهداء. ولمن اراد ان يبدأ فليبدأ في هذا الشهر وهو شهر قتل فيه سيد الشهداء من اجل احياء هذه الفريضة.
وليكن هدفه الاصلاح، ويبدأ بإصلاح الذات واصلاح المجتمع، مع عدم الاستسلام والاصرار على مواصلة هذا الهدف واكماله وبالنتيجة يكون التأثير على حياتك نحو الافضل، مع مرور الوقت تعتاد ويعتاد المجتمع عليها، وﻷنها من صفات المؤمنين وقدا ذكر الله في القرآن المؤمنين العاملين بهذه الفريضة (والمؤمنين والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله).
لقد ذكر الله صفات المؤمنين في هذه الآية ومن اول الصفات هي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، لقد كان اهل البيت (ع) هم الحاملون لواء الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والمثال الاوضح هو الحسين (ع) فهو ملهم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر حيث خرج سلام الله عليه لطلب الاصلاح امرا بالمعروف ناهيا عن المنكر قائلا لكلمة الحق غير مبالي بما سيحصل بعد قول الحق مضحيا بالغالي والنفيس، لذا فمن اراد ان يسير على هذا الدرب فليتخذ من الحسين قدوة له في طريق الاصلاح.