ثورة الامام الحسين (ع) وموقف الفاسدين المضاد منها
القاضي سالم روضان الموسوي
2024-07-18 02:55
ان ثورة الامام الحسين ثورة ضد الظلم والطغيان وليس لمنافع شخصية أو للتكالب على المواقع التنفيذية والاستحواذ على مقدرات الأمة، بل كان الامام الحسين (ع) ثائراً ومصلحاً حقاً عندما قال (إني لم أخرج أَشِراً ولا بَطراً ولا مُفسداً ولا ظالماً، وإنّما خَرَجْتُ لطَلب الإصلاح في أمّة جدّي)، وعنوان هذه الثورة التي اعلنها الامام (ع) هو الإصلاح في امة الإسلام، ولم تكن ثورة لمطالب او منافع دنيوية، وحجم هذه الثورة هو بحجم الرسالة المحمدية في الإصلاح وكانت هذه الثورة من مصاديق المنهج النبوي في محاربة الفساد، لان الفساد يمثل أسوأ أنواع الظلم.
وفي فقه القانون أشار عدد من الفقهاء وشراح القانون الى ان الفساد هو (إساءة استعمال السلطة العامة أو الوظيفة العامة في تحقيق كسب خاص)، بينما الإصلاح كما عرفه الفقهاء بانه (إرجاع الشيء إلى حالة اعتداله بإزالة ما طرأ عليه من الفساد).
والامام الحسين (ع) قد اعلن عن عنوان ثورته، بانها ثورة اصلاح ووثبة ضد الفساد من اجل امة رسول الله امة الإسلام الحنيف عندما قال (إني لم أخرج أَشِراً ولا بَطراً ولا مُفسداً ولا ظالماً، وإنّما خَرَجْتُ لطَلب الإصلاح في أمّة جدّي)، حيث اعلن بوضوح عن مقاصد ثورته بأنها ثورة ضد الظلم، وكان يعلم ان ثمن هذه الثورة سيكون غالي جداً، وليقينه الثابت والمستند الى قول رسول الله (ص) الذي قوله هو الحق، بانه سيكون شهيداً من اجل اصلاح الامة، فانه أراد ان يوضح ان ثمن الإصلاح غالي وثمين، فجعل من اهل بيته قرباناً تذبح على محراب الإصلاح ضد الفساد، وحدثت الثورة، ومضى على ذكراها اكثر من الف واربعمائة عام، ولم تنطفئ جذوتها.
والملفت للنظر ان ديمومتها كانت ومازالت بإمكانات بشرية بسيطة، ومشاعر إنسانية عفوية، ومع ذلك قاومت الهجمات والارتدادات الناصبية تجاهها، وكل من درس أسباب بقاء ونمو هذه الزيارة يعلم وبوضوح تام ان السبب الأساس، هو الايمان المطلق بعدالة ثورة الامام الحسين ومنهجها الإصلاحي، الذي كان سبباً لبقاء جذوة الفكر الاسلامي الملتزم بمنهج النبوة متقدة.
لكن هل كف الفاسدون عن سعيهم للقضاء على ذكراها؟
الجواب كلا بل وظفت كل الإمكانيات لمنعها او طمس معالمها، وهي إمكانات دول عظمى مثل الدولة الاموية والعباسية ومن بعدها الدول التي هيمنت على المشهد الإسلامي ولغاية هذا اليوم، والمشترك بين من ناصب العداء لثورة الامام الحسين (ع) هو الفساد، فان جميع من اعلن العداء لها او وقف بالضد منها تجده من الفاسدين، ولم يقتصر الامر على من ناصب العداء جهاراً نهارا، بل حتى من بعض من يقول انه من اتباع الامام الحسين (ع)، لإن بعض ممن ينسب نفسه إلى الثورة الحسينية وهو في مواقع الحكم على الرعية، ايضاً لم يلتزم بمبادئ هذه الثورة الخالدة، ووظف الشعائر لأغراضه النفعية، وهو بذلك قد غش الرعية لأنه يعلن تمسكه بالحسين الثائر(ع) وفي نشاطه اليومي يخالف مبادئ الامام الحسين (ع) الإصلاحية ومنهجه ضد الفساد، لذلك فان من غش الرعية فانه يغش الإمام الحسين عليه السلام ويغش نبيه الأكرم (ص) وسوف يكون مصيره نار جهنم في الآخرة وداره مآلها الخراب في الدنيا.
لذلك تجد الأصوات تتعالى من الفاسدين، وبوسائل متعددة، منهم من يزعم انها ضد اللبرالية والتحرر، لكن فات على هؤلاء اهم الوسائل الليبرالية في تثبيت أسس الديمقراطية هو الاستفتاء الشعبي، وكلما كان الاستفتاء عفوياً كان اكثر صدقاً وتعبيراً عن مشاعر الناس، ويطلق عليه المختصون (التصديق الشعبي) على تنصيب شخصاً ما في منصب معين، وذكرى عاشوراء وثورة الطف وفي كل عام هي تصديق شعبي (استفتاء) على تنصيب امير القلوب وسيد الشهداء الامام الحسين (ع) اماماً للناس وثورته منهجاً للإصلاح واستشهاده مسيراً للحياة وديمومتها.
وهذه العفوية الشعبية التي خرجت من كل بقاع الأرض والتي تزداد في كل سنة وتدعمه الملايين من الجماهير العاشقة لثورة ونهج الامام الحسين، في كل انحاء المعمورة، هي خير رد على الفاسدين بان فسادهم زائل حتماً، ومصيرهم جنهم، وسعيهم لإطفاء جذوة ثورة الإصلاح الحسيني خائب، وكانت زينب الحوراء (ع) التي غذتها مدرسة النبوة بالحكمة والمعرفة، قد أعلنت وفي مقر رمز الطغيان والظلم في مجلس الحكم الاموي، (كِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوَاللهِ لا تمحو ذِكْرَنا، ولا تُميت وحيَنا، ولا تُدرِكُ أمَدَنا، ولا تَرحضُ عنك عارها، وهل رأيُك إلاّ فَنَد، وأيّامك إلاّ عَدَد، وجمعك إلاّ بَدَد، يوم ينادي المنادي، ألاَ لَعنةُ اللهِ علَى الظالمين).