القضية الحسينية والمسؤولية الاجتماعية

مصطفى ملا هذال

2023-07-27 07:53

يوجد من يضع خروج الإمام الحسين عليه السلام على الظلم، في خانة المصلحة الشخصية والبحث عن المكاسب الذاتية، وهنالك من يعتبره خارج لطلب السلطة وبحثا عن المال والجاه، وفي الحقيقة كلا الرأيين لا يقتربان من الصحة والهدف الأساس من ذلك الخروج، الذي لم يكن لولا شعور الامام عليه السلام بمسؤوليته الاجتماعية تجاه امة جده (ص).

الشعور بالمسؤولية الاجتماعية غرض اوجبته الشريعة الإسلامية، وفرضته القوانين الوضعية الهادفة لتنظيم حياة البشر وتحقيق نوع من العدالة الاجتماعية، يُفعّل ذلك الهدف او الغرض في حال حصول الانحرافات الفكرية والاجتماعية، اذ يتوجب على اهل الحق مواجهة هذه الانحرافات وارجاعها الى الجادة السليمة.

ولهذا الهدف السامي خرج الامام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء لمواجهة الظلم والطغيان واحقاق الحق ودحر الباطل، اذ تحمّل سيد الشهداء عليه السلام مسؤوليته في التصدي لمحاولات تشويه الرسالة السماوية والتعاليم الدينية التي جاء بها نبي الرحمة عليه وآله الصلاة والسلام.

وامتثالا لاوامر الخالق في النهي عن المنكر والامر بالمعروف، اختار أبا عبد الله الحسين عليه السلام كربلاء لتكون سراجا وطريقا لمن يريد السير نحو الهداية والخروج من براثن الظلم والاضطهاد، فمن كربلاء أطلق صرخته المدوية هيهات منا الذلة، وفي كربلاء أيضا قال إذا كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي فيا سيوف خذيني.

ولم يخش في الدفاع عن الحق لومة لائم ومضى مدافعا عن مفاهيم دين جده التي أرسى تعاليمها ومضامينها لتكون دستور الامة ومنهج فعلي لتطبيق العدالة الالهية بين البشر، وتجسد ذلك بصورة فعلية بمواجهته مع يزيد بن معاوية أعتى طاغية وأكثر الحكام ظلما وجورا على اهل البيت عليهم.

لقد وضعت النهضة الحسينية الخالدة للبشرية جمعاء قواعد عمل ولائحة خالية من الشوائب لمحاربة الأفكار الهادمة لجميع القيم الإنسانية، وبذلك فهي ثورة وعي وجلب للحق، أكثر مما يعتقد انها ثورة انبثقت لنوازع فردية ومصالح ضيقة.

الامام الحسين عليه السلام وما قدمه يوم عاشوراء، أراد ان يقول ان التضحية بالنفس لا تساوي شيء مقابل إيقاف الظلم ومنعه من الاستشراء في المجتمع، فالإمام عليه السلام لم يخرج حتى بلغ الظلم أقصاه، ولم يعلن ثورته حتى استشعر بخطورة المنزلق الذي تنزلق فيه الامة الإسلامية.

القضية الحسينية تحمل في طياتها دروس تربوية كثيرة لمن يريد ان ينهل منها، فهي منهج حياتي متكامل، ومشروع نهضوي يصلح لجميع الازمان ولشتى المجتمعات الإنسانية، وهي أيضا، (أي القضية الحسينية)، تعطي للفرد الحافز والدافع على تحمل المسؤولية الاجتماعية واتباع نهجها لتقويم الاعوجاج المجتمعي الحاصل في جميع المفاصل.

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا