اعلام الامة انها ستقتل ابن بنت نبيها مع البينة
محسن وهيب عبد
2017-10-02 05:12
المتتبع للتاريخ والسير وكتب الحديث الصحاح يستغرب اشد الاستغراب وهو يجد ان الامة قد قتلت ابن بنت نبيها (الحسين عليه السلام) على علم وقصد وسبق اصرار وليس على عمى وجهل وغفلة.
فق كان الرسول صلى الله عليه واله يحذر ويقدم البينة على ما سيجري على الحسين عليه السلام ويقدم لهم البينة ويصف الزمان والمكان ايضا لذلك.
فهذه كل كتب الصحاح عند المسلمين تتحدث عن بلاغ خطير عن الله تعالى يحمله جبرائيل الى الرسول صلى الله عليه واله:
(امتك يا رسول الله تقتل ابنك هذا (اشار الى الحسين عليه السلام)، وهذه البينة قارورة فيها تربة من كربلاء حيث يستشهد وستحصل فيها معجزة اذ تتحول دما عبيطا عند استشهاد الحسين عليه السلام) ولننظر فيما يلي من الاحاديث:
1- جاء في المعجم الكبير للطبراني:
((عن أم سلمة قالت: كان الحسن و الحسين رضي الله عنهما يلعبان بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيتي فنزل جبريل عليه السلام فقال: يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك فأومأ بيده إلى الحسين فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وضمه إلى صدره ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وديعة عندك هذه التربة فشمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ويح كرب وبلاء قالت: وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قد قتل قال: فجعلتها أم سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول: إن يوما تحولين دما ليوم عظيم)(1).
ومثله ايضا: (حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني عباد بن زياد الأسدي ثنا عمرو بن ثابت عن الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن أم سلمة قالت * كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي فنزل جبريل عليه السلام فقال يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك فأوما بيده إلى الحسين فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وضمه إلى صدره ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وديعة عندك هذه التربة فشمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ويح كرب وبلاء قالت وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قد قتل قال فجعلتها أم سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول إن يوما تحولين دما ليوم عظيم)(2).
اذن فهو اعلام على مستوى الامة بأنها ستقتل ابن نبيها صلى الله عليه واله مع البينة والتوقيت، وفي تلك البينة معجزة تظهر بعدما تحتفظ بها(ام سلمة) زوج النبي صلى الله عليه واله عندها وفي بيتها ويعلم الجميع بذلك بما في ذلك المتخلفين من بعد الرسول صلى الله عليه واله. يا لها من حجة بالغة!!!
اذن؛ هي جريمة كبرى مع سبق الاصرار. وإلا فهناك تساؤلات في غاية الاهمية تعمد كبار الصحابة عدم اثارتها مع قضية القارورة المعجزة البينة ومع حزن الرسول وإجهاشه بالبكاء... كلها تشير الى ان انتهاكات كبرى تنتظر الامة!
الحريصون على الاسلام والنعمة التي أنعمها الله عليهم كان عليهم ومع هذا البيان المعجز ومع حزن الرسول وبكائه ان يسالوا الاسئلة التالية:
- الا يمكننا يا رسول الله من دفع هذا البلاء القادم بشيء؟
- لماذا لم تفزع الامة لهذا البيان وهذا الحدث الذي ستصحبه المعجزة وصاحب الرسالة بين ظهرانيهم والبيان ينتهكهم ويتهمهم!؟
لماذا لم تسال الامة - اثر هذا البيان الصارخ المعجز- نبيها عن كيفية حدوث ذلك؟ ومتى ولماذا؟ ومن هم قتلة ابن النبي الاكرم صلوات الله عليهم؟
لماذا لم تسأل الامة عن امكان تفادي هذا البلاء الراتب بعبادة او دعاء او التزام الحسين عليه السلام وهو ريحانة نبيهم وحمايته بأرواحهم؟
ان المنطق يدل؛ ان الامة التي تقدم على قتل ابن نبيها وريحانته فيها خلل عقائدي، فلا يحصل ذلك الا عند الانحراف عما يريده نبيها!! فهم يشهدون السنة تقرر: ان النبي من الحسين والحسين من النبي، والحسين سيد شباب اهل الجنة والامام المعصوم المفترض الطاعة وريحانة الرسول حبه حب الرسول وبغضه بغض الرسول وحربه حرب الرسول وسلمه سلم الرسول... الخ وهذه من المسلمات التي كانت الامة كلها على علم بها.
وبيان القارورة المعجز والإنذار المبكر يستدعي على الاقل هما من الامة ومن كبار الصحابة بالخصوص يستدعي مسالة الرسول صلى الله عليه وطلب مشورته في امر خطير جدا كهذا!.
الخلافة محرمة على ال ابي سفيان
(عندما كان مروان بن الحكم يدعو الى بيعة يزيد). قال له الحسين عليه السلام: (إليك عني يا عدو الله ؟ فإنا أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله والحق فينا وبالحق تنطق ألسنتنا، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الخلافة محرمة على آل أبى سفيان، وعلى الطلقاء أبناء الطلقاء، فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه، فو الله لقد رآه أهل المدينة على منبر جدي فلم يفعلوا ما أمروا به، فابتلاهم الله بابنه يزيد! زاده الله في النار عذابا)(3).
وقال ابن نما: إنه عليه السلام قال: (انا لله وإنا إليه راجعون وعلى الاسلام السلام إذ قد بليت الامة براع مثل يزيد، ولقد سمعت جدى رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الخلافة محرمة على آل ابى سفيان)(4). فغضب مروان بن الحكم من كلام الحسين، ثم قال: والله! لا تفارقني، أو تبايع ليزيد بن معاوية صاغرا، فإنكم آل أبي تراب قد ملئتم كلاما وأشربتم بغض آل بني سفيان، وحق عليكم أن تبغضوهم وحق عليهم أن يبغضوكم. فقال له الحسين عليه السلام: (ويلك يا مروان! إليك عني فإنك رجس، وإنإ أهل بيت الطهارة الذين أنزل الله عزوجل على نبيه محمد صلى الله عليه وآله فقال: انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (5)، فنكس مروان رأسه لا ينطق بشيء، فقال له الحسين عليه السلام: (أبشر يا ابن الزرقاء بكل ما تكره من الرسول صلى الله عليه وآله يوم تقدم على ربك فيسألك جدي عن حقي وحق يزيد). فمضى مروان مغضبا حتى دخل على الوليد بن عتبة فخبره بما سمع من الحسين بن علي عليهما السلام(6).
فقال له الوليد: امرءا يحاسب بدم الحسين خفيف الميزان عند الله يوم القيامة؟ فقال له مروان: فإذا كان هذا رأيك فقد أصبت فيما صنعت، يقول هذا وهو غير الحامد له على رأيه (7).
الا ان الحقيقة تشير الى ان هناك امر مبيت ومدبر بليل واضح في محاولة الافاكين تغيير تلك المسلمات التي لا يمكن تغيرها بسهولة؛ ظهرت بمنع تدوين السنة بعد الانقلاب عليها، وبعد فهذا البيان المعجز - عن قتل الامة لابن بنت نبيها بالذات - استفاض في الافاق ووسع كل شرائح الامة، فقاموا بعد رفع المنع بتغير هذا الحديث والإبقاء على بينة القارورة لكن في حلم او رؤيا او وفيما يرى النائم لكي لا تلقي اللوم على كبراء الامة وعلى حقيقة ما يبيتون لأهل البيت عليهم السلام، وكلهم ملتصقون بالنبي صلى الله عليه واله لدرجة لا يصح معها عذر بوجه.. وفي الامة ايضا علماء عليهم واجب درء الفتنة!! فوضع الحديث على الشكل التالي وقد نسوا انهم اوردوه على صيغته الاولى:
جاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم:
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: « رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم نصف النهار، أشعث أغبر معه قارورة فيها دم، فقلت: يا نبي الله ما هذا ؟ قال: هذا دم الحسين وأصحابه، لم أزل ألتقطه منذ اليوم »، قال: « فأحصي ذلك اليوم فوجدوه قتل قبل ذلك بيوم » « هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه)(8)(9).
فاذا كان حتى النواصب يعلمون ان هذا الحديث صحيح وان النبي اشعث اغبر لقتل ابنه السبط سيد شباب اهل الجنة، فما كان موقفهم من قاتليه؟!
لا شيء مطلقا، بل حصل العكس حين امعنوا في قتل ال محمد صلوات الله عليهم وتشريدهم دون ادنى رفض من الامة باسرها، وقد سموا المؤمنين خصوصا من يستقبح هذا العمل الفظيع بالرافضة ورموهم بأبشع الصفاة. ووصف زين العابدين عليه السلام لحالهم بعد عودتهم من السبي يفي بما حصل:
قال الامام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام في ذلك بعد عودته من السبي على باب مدينة رسول الله صلى الله عليه واله:
(الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين بارئ الخلائق أجمعين الذي بعد فارتفع في السماوات العلى وقرب فشهد النجوى نحمده على عظائم الأمور وفجائع الدهور وجليل الرزء وعظيم المصائب أيها القوم إن الله وله الحمد ابتلانا بمصيبة جليلة وثلمة في الإسلام عظيمة قتل أبو عبد الله وعترته وسبي نساؤه وصبيته وداروا برأسه في البلدان من فوق عالي السنان، أيها الناس فأي رجالات منكم يسرون بعد قتله أم أية عين تحبس دمعها وتصن عن انهمالها فلقد بكت السبع الشداد لقتله وبكت البحار والسماوات والأرض والأشجار والحيتان والملائكة المقربون وأهل السماوات أجمعون أيها الناس أي قلب لا يتصدع لقتله أم أي فؤاد لا يحن إليه أم أي سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام أيها الناس أصبحنا مطرودين مشردين مذودين شاسعين كأنا أولاد ترك أو كابل من غير جرم اجترمناه و لا مكروه ارتكبناه ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين إن هذا إلا اختلاق و الله لو أن النبي تقدم إليهم في قتالنا كما تقدم إليهم في الوصاة بنا لما زادوا على ما فعلوه فإنا لله و إنا إليه راجعون)(10).