استعداد مادي وروحي لاستقبال محرم الحرام
فهيمة رضا
2017-09-25 05:30
كثيرا ما تصاب البيوت بالقلق حيال الامتحانات وتمنع الذهاب والإياب والسهرات وتدخل في حالة الطوارئ لأجل الامتحانات، ويتم غلق التلفاز وتتم مصادرة ومنع الأجهزة الذكية لأجل الدراسة وحسن المذاكرة، وتسعى الأسرة الى عدم استماع الأطفال لأي عوائق قد تضعف أو تزلزل تركيزهم، ويرفع البيت شعار النجاح والتفوق ويهتم الوالدان بتوفير الأكل الصحي والمواد الغذائية المفيدة لتغذية أطفالهم كي يحصلوا على نتائج مرضية.
إذن الإهتمام يكون من الناحية المادية والروحية مع تهيئة الأجواء المناسبة، وهذا يجعل الطالب يشعر بقدوم أيام الامتحانات ويستعد أكثر فأكثر للعبور من هذه المرحلة بأحسن وجه، وكلما ينظر إلى أجواء البيت يتذكر بأن هناك إمتحان ينتظره في نهاية المطاف وعليه أن يقدم أفضل ما لديه ويحصل على أعلى العلامات والدرجات.
ليس فقط الطالب، وإنما الوالدين هم من يهيئون الأجواء حتى العرسان قبل العرس يقومان بألف عمل، ليس فقط هما وحدهما بل عائلة العرسان والمقربين أيضا يدخلون في هذه الحلبة، ويصابون بالقلق حيال المراسيم والبيت وأثاث المنزل لمستقبل حياتهما تهيئة الأجواء لمراسيم الزواج، لها نكهة خاصة تبعث الفرح في القلوب رغم القلق الموجود.
لكل شيء مستلزمات ومقدمات
إذن هذه الأعمال وشراء الأثاث تمهد الأرضية المناسبة للوصول إلى الحياة الزوجية التي هي "المقصد" الذي سعى الطرفان للوصول إليه، فهل هناك من يعترض على تهيئة الأجواء المناسبة ويذم الآباء على تهيئة أجواء الإمتحان أو يذم العرسان على تهيئة أجواء الفرح والسعادة لأجل مستقبلهم؟.
لا نتكلم هنا عن الإفراط والتفريط، ولكن جميل أن نعرف لكل شيء مستلزمات ومقدمات وهذه المستلزمات توصلنا إلى الرقي وتجعلنا ندرك طعم النجاح والسعادة، ونتعرف على الأمور بشكل أفضل لذلك يذهب الانسان في بداية حياته إلى المرحلة التمهيدية ثم يذهب إلى الصف الأول والثاني، وهكذا يتعلم تدريجياً ويرتقي، وهكذا الحال في الواجبات أيضا، حيث يجب أن يطهر المرء نفسه قبل الصلاة ويتوضأ ليستطيع أن يقف أمام ربه، ويجب أن يكون مستطيعا كي يتوجب عليه الحج، ويجب أن يغتنم أشياء ليتوجب عليه الخمس وهكذا.
إذن هنالك استعداد مادي لشهر محرم من حيث شراء ملابس السواد ونصب الخيام ورفع الأعلام فوق السطوح إعلانا للحزن، وهذه مقدمة تهيئ المرء للاستعداد الفكري والروحي لإستقبال نهضة الحسين (عليه السلام) التي كانت عِبرة وعَبرة، ولا نستطيع أن نغض الطرف عنها وبما إن العدو يدرك إستراتيجية الأمر، فيشكك في قضية لبس السواد، أو يقول ما لا يعجبني في محرم أن نستعد ماديا لاستقبال يوم العاشر (يوم الشهادة)، من ملابس وغيرها وننسى أن نهيئ أنفسنا فكريا وروحيا لدروس الثورة الحسينية.
وينسى إن هذا الإستعداد المادي يُرغّب المرء ويجعله مستعدا روحيا، كي يصلي في محراب حب الحسين بكل خضوع وخشوع وإيمان عميق.
مسؤولية التهيئة النفسية
وتنقسم على الجوانب التالية:
- الأسرة.
- الإعلام.
- الحسينيات والمساجد.
- المدرسة.
- الأصدقاء.
- الشخص ذاته.
- لبس السواد شعار للحزن ومقدمة للإستعداد الروحي لإدراك الرسالة الحسينية.
بعضُ الأدلّة المنقولة في لبس السواد
- لبسُ الحَسنان السواد على أبيهما بعد شهادته (عليه الس81) .
- وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج : وكان قد خرج الحسن بن علي (عليه السلام) إليهم ـ إلى الناس بعد شهادة أبيه ـ وعليه ثياب سود* (1) .
ما جرى في الشام على قافلة سيّد الشهداء (عليه السلام)، بعدما أذِن لهم يزيد بالرجوع وطلبوا منه النوح على الحسين (عليه السلام): فلم تبقَ هاشميّة ولا قريشيّة إلاّ ولَبست السواد على الحسين وندبوه (2).
- لبس نسُاء بني هاشم السواد والمسوح حُزناً على سيّد الشهداء (عليه السلام)، كما ورد ذلك في كتاب المحاسن للبرقي، بسنده عن عمر بن علي بن الحسين (عليهم السلام) قال: لمّا قُتل الحسين بن علي (عليه السلام) لبسنَ نساء بني هاشم السواد والمسوح، وكنّ لا يشتكينَ من حرّ ولا برد، وكان علي بن الحسين (عليه السلام) يعمل لهنّ الطعام للمأتم)3) ووجه الدلالة على الاستحباب وعلى رفع الكراهة: هو أنّ ذلك الفعل كان بإمضائه وتقرير الإمام المعصوم (عليه السلام)، إضافةً لدلالة الخبر على أنّ لبس السواد هو من شعار الحزن والعزاء على المفقود العزيز الجليل من قديم الزمان وسالف العصر والأوان، وكما هو المرسوم اليوم في جميع نقاط العالم (4).
الأسود يليق بالجميع في كل مكان ولكن في مجالس الحسين يسبب الحزن والكآبة.
الإستعداد لجميع الأشياء جيد ولكن عندما يصل الأمر إلى الحسين عليه السلام، يصبح إسرافاً ويفكر فاعل الخير أن يحث الجميع بالجانب الروحي، لم يعرف أن الجانب المادي أيضا يؤثر في الجانب الروحي، وتمهيدا لذلك إن الحسين نور يهتدي به المهتدون ومصباح ينير الدروب.