شاهدت فيلم خيال مآتة

اسعد عبد الله عبد علي

2020-01-13 08:01

النجم المصري احمد حلمي اعتبره من اهم النجوم السينمائيين العرب في العقدين الاخيرين، والحقيقة شاهدت اغلب اعماله، والتي اعتبرها هادفة وناجحة وذات مضامين انسانية، وكنت متشوق لمشاهدة فلمه الاخير (خيال مآتة) الذي عرض في عيد الاضحى الماضي، وقد تمكنت من مشاهدته، الفيلم من اخراج خالد مرعي وهو الذي اخرج لأحمد حلمي سابقا ثلاثة من انجح افلامه وهي: (فيلم اسف على الازعاج، وفيلم عسل اسود، وفيلم بلبل حيران)، والفيلم من بطولة من شاركه النجاح سابقا (منة شلبي، حسن حسني، خالد الصاوي، لطفي لبيب، وبيومي فؤاد)، كل هذا جعلنا نتأمل فلم رائع.

تدور الأحداث حول كيان سري متخصص في سرقة الاشياء القيمة والتذكارية والاثار، ويقومون بضم يكن (احمد حلمي ) لذكائه في سرقة بروش ام كلثوم في الستينات، ثم يجتمعون بعد ثلاثون عامًا من عملية السرقة، لبيع البروش ويتذكرون تلك الفترة التي تمت فيها السرقة، ويتناقشون حول الأسباب التي دفعتهم للسرقة محاولين اعادة الزمن، والاحداث التي رافقت تلك الفترة لإعادة الذاكرة لمساعد (يكن) (حسن حسني)، كي يتمكنوا من العثور على تقليد البروش، وبالتالي يحتاج (يكن) الى مساعدة حفيده (احمد حلمي) وذلك للشبه بينه بين حفيده، واعادة الروابط الاسرية بينهما، هنالك مؤشرات عديدة تحدد نجاح الفيلم من فشله، وسنتكلم عنه بإيجاز كي يكون تقييمنا منصفا لفيلم احمد حلمي.

اولا: فكرة الفيلم

يهتم اغلب المتابعون بفكرة الفيلم، وطريقة طرحه لها والمعالجات المستخدمة، فكانت اول السلبيات فكرة الفيلم الضعيفة، والتي لا يمكنها ان تسند فيلما ناجحا، والبعض اعتبرها مسروقة من هوليود حيث تم تداولها في الكثير من الافلام، كان احمد حلمي في افلامه السابقة يختار بعناية القصة، بشخصيات عميقة الاثر، ويتم ضخ خلال حوارات الفيلم اسقاطات اجتماعية ونقد لسلوكيات سلبية، مع دعوته للأخلاق الحميدة ورسائل كبيرة الأهمية للعائلة، كل هذا غاب تماما في فيلمه (خيال مآتة)، مما تسبب بسقوط الفيلم واعتباره الاسوء لأحمد حلمي منذ 15 سنة.

ثانيا: اقحام الاسماء المسنة

كعادته احمد حلمي في افلامه يستطب اسم من الاسماء المخضرمة، لكن في هذا الفيلم لم يكتف باسم بل جاء بخمسة اسماء بأدوار صغيرة جدا وهم ( حسن حسني، لطفي لبيب، عبدالرحمن ابو زهرة، توفيق رشوان، وانعام سالوسة)، هذا الجمع من الاسماء من الجانب الانساني لفتة ممتازة كتكريم لجهودهم وعطائهم، لكن كثرة العدد من الفنانين الكبار مقارنة بالأدوار الصغيرة التي منحت لهم، فرغت حضورهم من اي معنى حتى اصبح حضورهم مقحما، مما اوهن بناء الفيلم، واضاف سلبية اخرى له.

ثالثا: حب غير مقنع

جاء في سياق الفيلم قصتين حب، الاول للعجوز يكن وحبيبته التي ظن انها سرقته، وبقي سنوات طويلة يعيش بفكرة الخيانة، الى ان يكتشف انها لم تخنه، مع انها لصة احبت لص، لكن الفيلم يحاول ان يقفز عن هذه الجزئية، ويصور لنا ان حبهم راسخ عبر سماع العجوز يكن لأغاني ام كلثوم والتي اشترك هو وحبيبته في سرقتها.

قصة الحب الثانية بين الحفيد ومنة شلبي، التي لا معنى لها وغير مقنعة، بل تدفع المشاهد للتساؤل والمقارنة عن منة شلبي: هل هي نفسها التي شاركت احمد حلمي قصة الحب في فيلم "اسف على الازعاج" او فنانة اخرى!

رابعا: افتراضات الفيلم الساذجة

الفيلم يتمحور حول واقعة سرقة قام بها يكن في الماضي، لتعود للحاضر في محاولة للعثور على نسخة طبق الاصل من البروش، فيأتي هنا الفيلم ليعامل المشاهد بكل سذاجة مستخفا بذكاء الجمهور، حيث يجعل مساعد يكن في الماضي "حسن حسني" مريض بمرض غير موجود بالطلب اصلا، من ان ذاكرته متوقفة عند يوم السرقة في الماضي البعيد، ولا يفسر لنا الفيلم كيف يعيش هذا الرجل بهذا المرض الخرافي!

المصادفات السعيدة الاخرى والغير منطقية، ان يكون للجد حفيد طبق الاصل، يتناسب مع خطته العجيبة، لذلك تسهل خطته في تجميد الزمن وارسال حفيده لمساعده الذي يعيش بالماضي، ليسرق منه البروش الذي يفترض الفيلم بقائه في مكانه منذ اكثر من نصف قرن!

خامسا: الشخصيات سطحية

المتابع للفيلم ان شخصيات الفيلم لا ترسخ بالذاكرة، ننساها تماما مع نهاية الفيلم، اي انها لم تنجح في التأثير بالمتلقي، بسبب السطحية الفاضحة للشخصيات المركزية في الفيلم، جميع شخصيات الفيلم من دون ماض او دوافع باستثناء يكن، كان وجودها محصور على المشهد الذي تؤديه، وبعد المشهد تختفي بلا اي اثر على الفيلم، حتى حفيده بقي شخصية سطحية لا نعرف عنها شيء فقط انه صاحب دكان صغير، وهذا يضعف الفيلم.

شخصية "اسيا" منة شلبي ليس لها اي دور محوري في الفيلم، فقط تم وضعها لتكمل الخط الرومانسي المزعوم للفيلم! شخصية سطحية تماما، هذا حال الشخصيات المهمة في الفيلم! فتصور معي الادوار الثانوية كيف درجة سطحيتها.

سادسا: الايرادات

ينقل موقع وشوشة المتخصص بالفن والسينما واخبار الفنانين، ان الفيلم ومنذ طرح في دور العرض السينمائية واجه تباين شديد في الآراء! فلم يحقق النجاح المنشود، ولم يقدم المحتوى الذي ينتظره الجمهور من النجم احمد حلمي، والحقيقة ان اختياره للقصة كان خطأ كبير، وكشف الموزع السينمائي محمد الدفراوي في تصريح اعلامي قائلا : " تم رفع الفيلم بعد خمسة اشهر من طرحه بدور العرض السينمائية والذي لم يحقق سوى اجمالي ايرادات (38440061) مليون جنيه مصري.

ويمكن عد سبب عدم الاقبال على الفيلم بسبب تسريب نسخة من الفيلم بجودة عالية، والسبب الاخر للهجة الكبيرة التي تعرض لها الفيلم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما سقطه واعتبر من اسوأ افلام حلمي، والذي يعد اخر افضل افلامه (اكس لارج ) عام 2011.

سابعا: الازمات التي لاحقت الفيلم

تعرض الفيلم لازمات متلاحقة منذ طرح في دور العرض السينمائية، مما ادى لتراجعه بشباك التذاكر، الازمة الاولى كانت مصوبة لسيناريو الفيلم فقد تعرض لانتقادات شديدة من جمهور السوشيال ميديا، اذ تم نعته بانه أسوأ افلام حلمي، بالإضافة لتسريب نسخة بدقة عالية للمواقع الالكترونية، ويمكن عد تصريحات النخبة الفنية حول الفيلم السلبية ادى لعزف الجمهور عن مشاهدته، ثم ازمة اتهامه بسرقة فكرة الفيلم، بعد اتهامات المؤلفة المصرية نهال سماحة بسرقة فكرتها،

ويمكن عد هجوم النقاد الازمة الاكبر التي حصلت للفيلم، حيث اعتبره النقاد من أسوأ الافلام، وان الفيلم لم يخرج الفنان احمد حلمي من سلسلة الافلام الفقيرة والتي ظهر بها في السنوات الاخيرة.

المحصلة:

كل هذه النقاط السبعة تثبت لنا فشل الفيلم، وتهد فكرة ان افلام النجوم لا تفشل، فها هو فيلم مدجج بالنجوم المحبوبين عند الجمهور العربي، يفشل في تحقيق القبول عند المشاهد، والسبب الثغرات الفظيعة في قصة الفيلم، وعلى احمد حلمي ان يعتني أكثر باختيار القصة، لان النجاح يعتمد على القصة، ننتظر فيلم جديد للنجم المحبوب احمد حلمي يكون متكامل الاركان وهو يستطيع فعل ذلك.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي