المكان: المادة والفراغ
علي محمد اليوسف
2022-01-13 06:11
ملاحظة بدئية: المقال يعالج العنونة (علاقة المكان بالفراغ) وفق منهج فلسفي ميتافيزيقي وليس وفق قوانين فيزيائية ونظرية علمية كوزمولوجية.
تمهيد:
ما علاقة المكان بالخلاء (الفراغ) وايهما يدرك بدلالة الاخر؟ هل يدرك المكان بدلالة الفراغ ام يدرك الفراغ بدلالة المكان؟ ام لا فرق بين الاثنين في تبادل الدلالة المشتركة بينهما. وما هو الفرق بين الفراغ المكاني الافتراضي والعدم الوجودي الافتراضي ايضا؟ وهل الفراغ المكاني يكافيء معنى العدم الوجودي؟ الفراغ يدرك بدلالة الاحتواء المكاني المادي والعدم يدرك بملازمة افنائه للحياة في كل كائن حي. ولا ندرك الفراغ المكاني المحدود الا بدلالة المتعين المادي داخله.. ولا ندرك العدم الا بدلالة خاصية موت وفناء الكائنات الحيّة.
عليه يكون الفرق بين الفراغ الذي يعرف بخاصيته العلائقية الارتباطية بالمكان. ونعرف العدم بعلاقته الارتباطية الافنائية للموجودات والكائنات الحية منها وجود الانسان الذي يطاله العدم الافنائي له بالموت.
لذا العدم لا يشتغل كونيا بل ارضيا طبيعيا في الحياة بعلاقته الافنائية للاحياء فقط. الفراغ هو الحيز المحدود مكانا غير المشغول بالمادة ولم تستوطنه المادة امتلاءا. والفراغ هو الحيز المدرك بدلالة محدودية استيعابه المادة واحتوائه لها فيه. هل الفراغ محدود ام لا متناه وبدلالة ماذا ندرك الفراغ مكانيا؟ الفراغ المدرك عقليا هو مكان محدود تشغله المادة، والمكان المطلق غير المدرك بدلالة المادة التي تحتويه يكون لا متناه غير مدرك حتى على مستوى القصور التصوري له. الفراغ تحده المادة وجودا ولا يحده التصور المجرد غير المادي. الفراغ شكل مادي وليس شكلا بلا محتوى الدلالة.
الخلاء فراغ مكاني غير مدرك لا يطاله العدم الافنائي بسبب الفراغ كلازمة مكانية يفتقد الحياة. فالعدم هو فناء الموجودات الحيّة في مكان محدود هو الطبيعة من ضمنها إفناء الانسان بالموت. المكان المحدود هو فراغ مدرك يحتاج امتلاءا ماديا. من المحال اقتران الفراغ المكاني بالعدم الافنائي... بسبب ان الفراغ المكاني افتراض غير حي لا يطاله العدم الافنائي. كما ان العدم بمعنى الافناء البيولوجي لا يشتغل في الفضاء الكوني الذي تحكمه الانشطارات الكوكبية وعلاقاتها فيزيائيا في التمدد والانكماش والانفجار والتشظي وعلاقتها بقانون الجاذبية العام. وجميعها كواكب لموجودات كوزمولوجية غير حيّة. والثقوب السوداء في ابتلاعها تلك المخلفات الفضائية الناتجة عن انتهاء دورة وجودها الكوني بحكم قانون الجاذبية العام فهي ليست عدما افنائيا. وانما تحولات نوعية في اشكال من المادة تدّخر الطاقة ولا تفنيها.
المكان ومحدودية الامتلاء المادي
يطرح المفكر صادق جلال العظم اشكالية المكان والفراغ على لساني كلا من لايبنتيز وكلارك قوله: مشكلة لا نهائية الكون بالنسبة للايبنتيز تتلخص بالسؤال التالي: هل العالم متناه ام غير متناه بما فيه الزمان والمكان؟ ويعتبر لايبنتيز وجود المكان مرتبطا بوجود المادة، ولا يمكن اثارة مشكلة لا نهائية المادة دون اثارتها ايضا بالنسبة للمكان. وان كمية المادة الموجودة في الكون هي اقل مما يمكن ان تكون عليه، اي ان الله لم يملأ المكان المطلق بالمادة، لذا نجد كلارك يدافع عن وجود الخلاء بالطبيعة ويرفض القول ان الكون امتلاء.
ملاحظات تعقيبية:
- هل المكان يتعين بمحدودية الفراغ التي لا يمكن ادراكها ام بمحدودية المادة التي تشغل المكان وجودا انطولوجيا؟ العالم امتلاء مادي مكانيا – زمانيا ومن غير الامتلاء المادي لا نتمكن ادراك فراغ. العالم كفراغ الذي لا يحتوي المادة خال منها هو عالم افتراضي لا يمكن ادراكه والتاكد من وجوده. الفراغ دلالة مادية وليس دلالة وجودية مستقلة لحالها. الفراغ هو تصور يحتاج الامتلاء المادي على الدوام.
- قول كلارك لايوجد الخلاء بالطبيعة تعبير موفق، اما ان يرفض ان يكون الكون امتلاءا فهو تعبير يقوم على مبدا امكانية الاحاطة المحدودية بالكون الفضائي كما هو حال الاحاطة المحدودية بكينونة الطبيعة. القانون الفيزيائي الكوزمولوجي ان الكون لا زال في حال من التمدد نتيجة الانفجار العظيم يجعل فرضية كلارك ان المادة الموجودة في المطلق الكوني ناقصة وهذا المطلق غير ممتليء تعليل مقبول. لكن القول ارادة الله جعلت المادة في المطلق الكوني ناقصة يحتاج اثبات غير ميتافيزيقي.
- ملازمة المادة للمكان ملازمة ادراكية سليمة لكن كيف يتسنى لنا معرفة ملازمة الفراغ للمكان؟ اي كيف يتسنى لنا ادراك مطلق المكان بدلالة محدودية الفراغ؟ في حين يدرك فراغ المكان بدلالة إحتوائه المادة انطولوجيا.
- ان عبارة كمية المادة الموجودة في الكون هي اقل مما يتوجب ان تكون عليه في ملئها الفراغ المطلق يقودنا الى نتيجة فيزيائية تبدو غريبة فلسفيا هي ان الله جعل الانفجار الكوني العظيم بارادة مسبقة منه، ولم يحدث نتيجة صدفة عمياء. ولو لم يخلع الله على الكون صفة التمدد المادي لكان هذا توقف بانتظار الارتداد الانعكاسي في التقلص الانكماشي للفضاء الراجع. وامتلاء الكون بالمادة او نقصانها فيه لا يعني توقف الامتداد في ملئه الفراغ الكوني المزعوم ليعود بعد التوقف التراجع نحو الانكماش.
- في حال اقرارنا الفيزيائي العلمي ان الكون لازال في حالة من التمدد فهذا يلغي معنى محدودية المادة بالكون ومعنى ادراك الفراغ فيه ايضا. لذا ارجح نظرية كلارك ان كمية المادة الموجودة بالكون غير كاملة تماما، وان الكون غير ممتليء ودائما يوجد فراغ يتقدمه او يسبقه يتناغم مع القول ان الكون في حالة من التمدد المستمر الدائم.. اذ لا معنى بغير هذا التعليل ان نقول الكون المطلق ممتليء بالمادة وهو في حال تمدد مستمر يستلزم فراغا يسبقه.
- طالما لا يمكننا تحديد الفراغ الكوني نكون مجبرين اعتبار الكون امتلاءا ماديا غير ناقص كي يحتوي التمدد الحاصل بالكون الذي لا زال ساري المفعول ولم يتوقف ما يرتب على ان الفضاء الكوني هو ليس مطلقا ناقص الاحتواء المادي بالنسبة لنا لكنه نسبي محدود عند الله خالقه. والتمدد الكوني يكون بحاجة دائمة لفراغ يستوعبه. لذا جعل الله المادة ناقصة على الدوام في امتلاء المكان أي بالاحرى جعل فائض فراغ كوني على الدوام.
- ولا يعني هذا امكانية العقل ادراك الفراغ المكاني قبل استيعابه المادة سواء كاملة ام ناقصة. الفراغ لا يدرك بغير دلالة احتوائه المادة. هل من الممكن ان نتصور التمدد المادي الكوزمولوجي لا يجد امامه فراغا يستوطنه التمدد الجديد المستمر الحادث عليه؟ اعتقد هنا نصل الى باب موصد نكون نحن فيه من السذاجة مطالبة الفضاء الكوني التوقف عن التمدد بحجة انه لا يجد فراغا يستوعب تمدده.
- هذا الاستنتاج في الفقرة السابقة يجعلنا نتساءل اذا كانت كمية المادة الموجودة بالكون ناقصة، فهذا يلزم عنه ان تمدد الكون يكون بحاجة دائمية الى فراغ يسبقه يحتوي تمدده وهو تصور يمتلك مسوغاته لكنه يحتاج تحقق اثباته بدلالة موجودية فراغ دائمية بانتظار احتواء التمدد الاضافي الحاصل.
نيوتن والفراغ المكاني
يطرح المفكر صادق جلال العظم انه لكي نقيم علاقة مقارنة بين نظرية نيوتن مع رأي كانط " فقد اعتبر نيوتن المكان وعاءا فارغا يحتوي الاشياء، ولهذا الوعاء طبيعة وخصائص مطلقة لا تتاثر بنوعية الاشياء الموجودة فيه. اي ان الوعاء يحتفظ بجميع خصائصه مهما كانت طبيعة الاشياء التي يحتويها ومهما كانت القوانين التي تضبط تفاعل هذه الاشياء. لذلك يرى نيوتن ان وجود الوعاء الفارغ سابق على وجود المحتويات، وحتى لو ابيدت المادة الموزعة في انحاء المكان ابادة تامة لما مسّه أي تغيير أو تحول ويبقى على حاله دوما."
تعقيب ومداخلة:
- لا يمكن تصور المكان بابعاد فيزيائية مادية ثابتة او متغيرة بمعزل عن خواص الاشياء المادية داخله. المكان شكل لمحتوى مادي يتاثر به. القول بامكانية تعيين المكان فارغا من محتوى مادي فيه هو افتراض تصوري وهمي لا يتحقق فيزيائيا ولا حتى ميتافيزيائيا. الفراغ يدرك بدلالة المادة المحتواة فيه ولا تدرك المادة بدلالة احتواء الفراغ لها.
- لا يمكننا الجزم ان الفراغ المكاني يحتوي خواصا ثابتة لا تتغير هي غير خصائص المادة. كما ان محتويات الفراغ المكاني سابقة في وجودها على فراغها الوعائي. المادة هي التي تعيّن المكان بدلالة الاحتواء لها.
- الفراغ المكاني لا يمتلك خواصا انفرادية عن خواص محتوياته المادية. كما ان الابعاد الثلاثية للمادة كمتعين موجود هي ليست الابعاد الثلاثية للفراغ المكاني. لا يوجد ما يجعل الفراغ يمتلك ابعادا ثلاثية مادية قبل احتوائه المادة. الفراغ المكاني الاحتوائي هنا لا يمتلك جوهرا ماهويا لا يتاثر بمحتوياته المادية الموجودية فيه.
- لا يوجد فراغ محدود، ولا فراغ مطلق يسبق قابلية الاحتواء المادية له. الفراغ المكاني الكوزمولوجي هو تصور ميتافيزيقي ولا يعطيه صفة الادراك المادية الا المادة نفسها التي يحتويها. الفراغ هو شكل ميتافيزيقي لا يدرك الا بإحتواء مضمون مادي مدرك.
لايبنتيز والمكان المطلق لنيوتن
وجدت مقاربة بين ماذهبت له كان سبقني اليها بقرون عديدة لايبنتيز قوله (تصور المكان الذي نحصل عليه عن طريق التجريد من علاقة الاشياء الموجودة ببعضها). بمعنى ادراك المكان لا يتم بغير دلالة علاقات الاشياء المادية التي يحتويها. كما اجد انه لا يدرك المكان الا في الحالات التالية:
- يدرك المكان بدلالة تعالقه مع الزمن الادراكي له.
- ويدرك المكان بدلالة احتوائه المادة او بدلالة علاقات الاشياء داخله.
- ادراك المكاني كمتعين انطولوجي لا يشبه ادراك الفراغ المكاني ميتافيزيقيا. فعندما ندرك المكان انما نحن ندرك محتواه المادي ولا ندرك شكله المجرد كفراغ لا تحكمه متعينات من الابعاد.
يعقب المفكر العظم على عبارة لايبنتيز التي مررنا عليها قائلا:( تشير عبارة لايبنتيز هذه الى نظريته في المكان، فلقد عارض هذا الفيلسوف نظرية المكان المطلق التي قال بها نيوتن بشدة. وقال ان المكان هو نظام الاوضاع وينشا حين تدرك عدة ظواهر في وقت واحد، فاذا تلاشت هذه الظواهر تلاشى معها المكان. وتصور المكان نفسه ناتج عملية تجريد من علاقات الاشياء الموجودة).
لم اجد ارتباطا منطقيا في مقدمة عبارة لايبنتيز مع ختامها ان تصور المكان يكون ناتج تجريده من علاقات الاشياء، في حين سبق قوله في نفس العبارة اذا تلاشت ظواهر علاقات الاشياء يتلاشى معها المكان. ادراك المكان كما افهمه وثبته في حالتين سابقا هما ارتباط المكان بدلالة زمانية كما دعا له كانط، والثانية ادراك المكان بدلالة محتوياته كما أشار له لايبنتيز.
السؤال لماذا رفض لايبنتيز المكان او الفضاء المطلق في نظرية نيوتن قبل ان يدحضها انشتاين في النسبية العامة؟ ولماذا تبنى كانط الفضاء المطلق؟
اجابة هذا التساؤل نجد توضيحه لدى المفكر صادق العظم انه بالعودة الى كتاب اويلر "تاملات في الزمان والمكان" نجد دلالة القصور الذاتي هي السرعة الثابتة لجسم لا يقع تحت تاثير اي قوى خارجية. - المقصود قانون الجاذبية تحديدا – ولا تتحقق هذه الحالة الا اذا كان الجسم وحيدا بالكون لان وجود جسم اخر معه سيؤثر عليه وفقا لقانون الجاذبية العام. ان قانون القصور يفترض امكان وجود جسم واحد في المكان المطلق.
ويمضي صادق العظم ان قناعة كانط بمطلق المكان لدى نيوتن جاءت تلبية لقناعته بالاسباب التي اقام عليها اويلر حجته وهي:
- قانون القصور الذاتي يفترض امكانية وجود جسم واحد في المكان المطلق.
- وجود هذا الجسم منفردا محال لان المكان ناتج علاقة جسم باخر.
- حسب نيوتن وجود مثل هذا الجسم ممكن لان مطلق المكان يحتويه.
- قانون القصور الذاتي يفترض وجود المكان المطلق.
اجد في الفقرتين الثانية والثالثة تناقضا واضحا لم اجد تعليلا له لكن من المهم الاشارة الى تخلي كانط التسليم بمطلق المكان كما قال به نيوتن بعد تاييده له تحت ضغط حجج اويلر الخاطئة.
كانط والحدس الادراكي للمكان
يرد على لسان المفكر صادق العظم نقلا عن كانط قوله:
1. اننا نستطيع حدس غياب المكان.
2. اننا نستطيع حدس المكان خاليا من الاشياء.
نستطيع تخطئة العبارة الاولى من حيث ان الحدس هو خبرة قبلية في معرفة ما هو مادي يحتويه فراغ مكاني، ومن المتعذر علينا ان نحدس غياب المكان (الفراغ) من غير دلالة مادية تشير له، من غير محتوى مادي يحتويه. والقول في ثانيا امكانية ان نحدس المكان خاليا من الاشياء تلاعب لفظي في اعادة صياغة تركيب العبارة الاولى ما يرتب علينا امكانية حدس غياب المكان مع امكانية حدسه خاليا من الاشياء. الجملتان ينطبق عليهما نفس المعيار الفلسفي، فالعقل لا يحدس الا مادة متعينة في مكان محدود استوعبها احتوائيا. وهذا الحدس الذي نمتلكه هو تراكم خبرة قبلية عن المادة وليس في انفكاكها عن المكان فنحن لا نستطيع فصل المادة عن المكان الا في حالتين من التمظهر الموجودي الاولى حدس المادة بدلالة زمان مجرد يلازمها، ولا ينسحب الحدس على الفراغ مجردا من محتواه المادي. وحدس المادة مجردة عن شكلها المكاني الاستيعابي يعتبر تعجيز عقلي بما لا يستطيعه.
المكان والمطلق
نظرية نيوتن حول المكان المطلق التي ايدها كانط ليرفضها لاحقا، اما لايبنتيز فهو كان عارضها بشدة ولم يتراجع عن موقفه المناوىء لها. حتى مجيء انشتاين الذي دحضها تماما في النسبية العامة.
اسئلة عديدة تتعالق بمقولة المكان هل هو مطلق بلا فراغ ولا امتلاء مادي؟ وهل نستطيع حد المكان بمطلق افتراضي؟ ثم هل المكان المقصود به الطبيعة ام المطلق هو الكوني؟ بضوء ان العالم الارضي اصبح محدودا ادراكيا ولا يطاله مطلق بذاته بل يطاله مطلق بدلالة انه كوكب يدور حول نفسه وحول الشمس من مجموع ملايين بل المليارات من مجرات كونية كوكبية غير محدودة ادراكيا لنا.
هل المحدود المتعين يختلف عن المطلق المتماوج الحركة غير المتعين بخاصية التمدد ثلاثي الابعاد الذي يحكم علاقة المادة بالمكان. كوكب الارض محدود بدلاله كونه جسم دائري غير مسطح افقيا – اي منبسط وجه وظهر فقط – فالمستقيم الذي نرسمه على شكل دائري لا يسير بخط مستقيم لامتناه بل يسير بخط منحني يقوده بالمحصلة الاخيرة الى نفس النقطة التي انطلق منها رسمنا المستقيم على سطح كروي.
السؤال الفيزيائي العلمي والفلسفي معا هل المطلق الكوني فراغ غير ممتليء بالمادة ناقص بدلالة ان الكون في حال حركة مستمرة من التمدد الدائمي الذي يحتاج فراغا مكانيا يستوعبه ويحتويه في تمدده؟ بعض الفلاسفة يذهبون الى ان المادة الموجودة في المكان المطلق ناقصة بقدرة الهية والا نكون لا نتصور تمدد الكون.
هل نستطيع اعتبار الامتلاء المادي الطبيعي في الارض امتلاءا تاما لا نقص يعتريه ولا فراغ يداخله؟ وعلى هذا التساؤل هل يمكننا الاستنتاج فيزيائيا ان كوكب الارض في دورانه حول نفسه وحول الشمس لا يتمدد ولا يتقلص تحكمه محدودية عدم وجود فراغ يملاه بالمادة. انشتاين اثبت ان الكون يتمدد ويتقلص وهو ما لا نلحظه في حركة الارض الثابتة.
الطبيعة النسبي والكوني المطلق
اذا كان النسبي(الطبيعة) والمطلق (الكوزمولوجي) الزمانيين لا يمكن التفريق بينهما بدلالة الماهية الكلية الموحدة للزمان، فان النسبي المحدود والمطلق غير المحدود المكانيين متاح التفريق بينهما بدلالة الفراغ والامتلاء المادي. فالامتلاء المادي مكانيا في الطبيعة المحدودة والكوني المطلق اللامتناهي انما يتم بدلالة (الفراغ).
السؤال هل الطبيعة امتلاء مادي بدلالة الفراغ غير الموجود فيها، فكوكب الارض الكروي لا ينبسط في امتداد حركي لا افقي ولا في اي اتجاه من الابعاد. الارض مادة كروية واحدة لا مجال فراغ خال خارج عنها يمكنها ان تشغله. اما الامتلاء الكوني بالمادة فهو امتلاء ناقص يستوعب حركة الامتداد الانبساطية للكون.
هل الطبيعة المحدودة امتلاء مادي ناقص تحتوي فراغات لم تشغلها المادة؟ ام هي كما اوضحنا سابقا انها امتلاء مادي كامل مكتف بنفسه ولا يحتوي فراغا. طبعا الطبيعة وجود مادي ممتليء تماما ولا يحكمه قانون التمدد. بخلاف الكوني الذي هو امتلاء ناقص بسبب حركة التمدد الدائمية التي تحكمه. لماذا لا يمكن حد الكوني بالامتلاء المادي كما نفعل مع الطبيعة؟ ان التمدد الكوني المستمر لا يمكن ان يكون امتلاءا ماديا تماما. بل يجب ان يكون التمدد داخل فضاء من الفراغ الذي يلازمه ويحتويه مكانيا.