نحو مفهوم شامل للتنمية المستدامة والسعادة

محمد عبد الجبار الشبوط

2024-01-25 06:10

تزخر التحولات العالمية في القرن الحادي والعشرين بالتحديات التي تتطلب الاهتمام بالتنمية المستدامة والسعي نحو تحقيق الرخاء والسعادة للمجتمعات. تعتبر فكرة الدولة الحضارية الحديثة نموذجًا معياريًا يمكن من خلاله قياس مستوى ونوعية أداء الدول في توظيف مواردها البشرية والطبيعية لتحقيق التنمية المستدامة والسعادة لمواطنيها. هذا المقال يهدف إلى استكشاف الفكرة المتمثلة في الدولة الحضارية الحديثة كنموذج معياري لتحقيق التنمية المستدامة والسعادة.

تعزز الدولة الحضارية الحديثة فكرة التنمية المستدامة، وهي تلتزم بتحقيق التوازن بين الاحتياجات الحالية والاحتياجات المستقبلية من خلال استخدام الموارد الطبيعية بشكل مستدام وفعال.

تعني التنمية المستدامة تعني تلبية الاحتياجات الحالية من دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها. وبمعنى آخر، فإنها تعتمد على الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية، وتعزيز العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وتحسين جودة الحياة للسكان دون التأثير الضار على البيئة والموارد. في جوهرها، تهدف التنمية المستدامة تهدف إلى تحقيق التوازن بين الجوانب الاقتصادية والبيئية والاجتماعية لضمان استدامة التنمية على المدى الطويل.

وقد اتفقت الدول الاعضاء في الامم المتحدة على ١٧ هدفا للتنمية المستدامة ينبغي تحقيقها بحلول عام 2030.

وتقوم الدولة الحضارية الحديثة على ضوابط منظومة القيم العليا الحافة بالمركب الحضاري وعناصره الخمسة، أي الإنسان والأرض والزمن والعلم والعمل.

الإنسان هو أساس الدولة الحضارية الحديثة، حيث تسعى الدولة إلى تحقيق رفاهية ورعاية لمواطنيها من خلال توفير فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية والعدالة الاجتماعية. تتجلى جهود الدولة الحضارية في تعزيز قدرات الإنسان ومكافأته وتمكينه من المساهمة الفاعلة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

تُعتبر الأرض موردا حيويا للدولة الحضارية الحديثة، وتسعى هذه الدولة إلى الاستدامة واحترام التوازن البيئي من خلال تطوير سياسات واستراتيجيات للحفاظ على البيئة وتنميتها بشكل مستدام. تعتمد الدولة على التنوع البيولوجي وحماية الموارد الطبيعية وتعزيز الوعي البيئي والاستدامة في استخدام الطاقة والموارد.

الزمن يلعب دورا حيويا في رؤية الدولة الحضارية الحديثة، حيث تسعى الدولة إلى رؤية طويلة المدى وتخطيط متكامل لتحقيق التنمية المستدامة. من خلال وضع استراتيجيات زمنية وإدارة فعالة للمشاريع والبرامج، تلتزم الدولة بتحقيق أهداف قومية طموحة وتطوير البنية التحتية والمؤسسات الحكومية والخاصة.

تعزز العلم والتكنولوجيا الابتكار والتطور في الدولة الحضارية الحديثة، حيث تسعى الدولة إلى دعم البحث العلمي وتطبيق التقنيات الحديثة في مختلف المجالات. تسعى الدولة إلى تشجيع ريادة الأعمال والابتكار وتوفير البيئات الملائمة للابتكار وتطوير الصناعات الحديثة والمعرفة.

العمل يعتبر عنصرا أساسيا في مفهوم الدولة الحضارية الحديثة، حيث تسعى الدولة إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق فرص العمل الكريمة والمساواة في الفرص. تسعى الدولة إلى تعزيز الاقتصاد المنتج وتحفيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتطوير سياسات العمل القوية وإدارة الموارد بفاعلية.

من خلال هذه الجوانب الخمسة، تقدم الدولة الحضارية الحديثة نموذجًا معياريًا يمكن من خلاله قياس مستوى ونوعية أداء الدول. حيث تعتبر قدرة الدولة على تحقيق التنمية المستدامة والسعادة لمواطنيها هي مقياس الأداء الحضاري الحديث. تشير التطورات الحديثة للدولة الحضارية إلى التزامها بتحقيق الرخاء للجميع وتوفير الفرص والخدمات الأساسية وتنمية النظم البيئية والاجتماعية.

في ختام هذا المقال، يمكن القول إن فكرة الدولة الحضارية الحديثة تشكل إطارا شاملا لتحقيق التنمية المستدامة والسعادة لمواطنيها. وتساهم هذه الفكرة في تعزيز الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية وتعزيز القدرات البشرية وتحفيز الابتكار والتقدم.

ذات صلة

مستقبل عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وآثارهاالتعليم العالي: المشهد المحذوفضرورة الشراكة العراقية التركيةالخواطر النفسانية والوساوس الشيطانيةالسياسية الامريكية في المنطقة فقاعة ضارة