عيد الغدير.. هدية الله للمسلمين وفرصة لتوحدهم

محمد طاهر الصفار

2024-06-23 07:05

عيد الغدير هو أفضل الأعياد لأنه اليوم الذي أكمل الله به دينه وأتم نعمته على المسلمين واستخلف عليهم وليه أميراً وهو ليس عيداً يختص بالشيعة فقط بل هو عيد لكل المسلمين فقد وحّد رسول الله (صلى اله عليه وآله) المسلمين في ذلك اليوم وجعله عيداً لهم والاحتفال بهذا العيد هو شكر لله واقتداء برسول الله (صلى اله عليه وآله) وحباً لأمير المؤمنين (عليه السلام) علي بن أبي طالب.

الإمامة امتداد طبيعي للنبوة

قبل الخوض في حادثة الغدير لا بد من الاشارة الى مسألة في غاية الاهمية في حياة الامة الاسلامية الا وهي مسألة الإمامة وهذه المسألة هي من الضروريات لحاجة الناس الى امام يرجعون اليه بعد النبي (صلى اله عليه وآله) وهي الامتداد الطبيعي للنبوة حيث تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في حفظ الدين والدفاع عنه إضافة الى مسؤوليتها تجاه المسلمين في تطبيق الشريعة الاسلامية التي جاء بها النبي (صلى اله عليه وآله) فهي اذن في الصميم من حياة الامة.

 ونظراً للدور الهام الذي يمثله الإمام كان لا بد له ان يحمل صفات ومؤهلات تجعله في مقام الذروة من الكمال البشري فيكون للمسلمين قدوة بعد نبيهم (صلى اله عليه وآله) ولما كان الاسلام هو الدين الذي تكفلت قوانينه ببناء مجتمع مزدهر فقد كان من الضروري ان يعين قائداً للامة بعد نبيها يرجع اليه المسلمون في اخذ الاحكام وحلول المشكلات الفكرية والاجتماعية والسياسية ولو رجعنا الى القرآن الكريم، نجد أن اختيار الامام يكون من قبل الله عز وجل (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) القصص 68، لان هذا المنصب لا يكون باختيار الناس، فيكون اختيار الشخص لمن يرشحه نابعاً عن اهوائه أو قرابته أو مصلحته الشخصية وتشب المنازعات والخصومات التي تتحول تدريجياً الى حروب ومعارك طاحنة ودسائس واغتيالات ومكر وخديعة بين المرشحين تجر على الامة الويل والخراب كما جرى في عهد السلطتين الاموية والعباسية، ولا نريد الخوض في هذه الحوادث فكتب التاريخ مشحونة بها فقط أردنا أن ننوه الى اهمية هذا الدور في حياة الامة.

 لقد كفى الله سبحانه وتعالى المسلمين اختيار إمام لهم جامعاً للفضائل مطهراً من الرجس منزهاً عن الخطأ والظلم ليكون قدوة للناس وهادياً للأمة وقد اختار سبحانه وتعالى علي بن ابي طالب (عليه السلام) ليكون إماماً وقائداً وخليفة للمسلمين بعد رسول الله (صلى اله عليه وآله) بنص القرآن الكريم، أما الآيات الكريمة التي نزلت بحق أمير المؤمنين (عليه السلام) فهي كثيرة لا يسع المجال لذكرها والتي دلت على مواقفه الخالدة مع رسول الله (صلى اله عليه وآله) ولكن نشير الى واحدة من هذه الآيات والتي تتعلق بمسألة الولاية له (عليه السلام) على المسلمين من بعد رسول الله (صلى اله عليه وآله) حيث يقول سبحانه وتعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) المائدة 55، ونترك شرح هذه الآية لشهرتها فمن شاء فليراجع تفسيرها وسبب نزولها من التفاسير المعتبرة.

 واضافة الى الآيات الشريفة التي دلت على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) فقد أكد رسول الله (صلى اله عليه وآله) في احاديث كثيرة على ان علياً (عليه السلام) هو وصيه وخليفته ووارثه من بعده فقد نص (صلى اله عليه وآله) عليه (عليه السلام) يوم الدار في بداية الدعوة المباركة بقوله (صلى اله عليه وآله) مخاطباً اهله وعشيرته وقد أشار على علي (عليه السلام)(هذا اخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له واطيعوا)، وقوله (صلى اله عليه وآله) له (عليه السلام) (انت مني بمنزلة هارون من موسى)، وغيرها من الاحاديث الكثيرة حتى توجها (صلى اله عليه وآله) بحديثه يوم الغدير (من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) بعد أن أمره عز وجل ان يعلن ذلك لكل المسلمين بالآية الكريمة (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) المائدة 67، وبعد تنصيب الامام علي (عليه السلام) أميراً للمؤمنين من قبل رسول الله (صلى اله عليه وآله) نزلت هذه الآية الشريفة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) المائدة 3.

علي أجدر الناس بأمرة المؤمنين

ما قدمناه كان موجزاً في اختيار الامام من قبل الله عز وجل وتنصيبه من قبل الرسول الله (صلى اله عليه وآله) وحتى نلم بالموضوع بعض الالمام نرى انه من الضروري الاحاطة ببعض الجوانب من حياة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) بشكل مختصر اذ لا يسعنا هنا الحديث عن حياته بشكل مفصل فان ذلك يحتاج الى مجلدات ومجلدات وبعد ذلك نحن عاجزون كل العجز عن الاحاطة بهذا الانسان العظيم الذي لم ولن يلد التاريخ بمثله.

لقد حمل علي (عليه السلام) من الخصال والصفات ما لم تتهيأ لافذاذ الرجال ولو طالعنا الدعوة الاسلامية من اولها وحتى وفاة الرسول (صلى اله عليه وآله) نجد انه لم يكن لاحد من الصحابة على جلالتهم ما لعلي من الفضل والسبق الى الفضائل، فهو اول من اسلم وهو اول من صلى وهو اول مجيب لله ولرسوله في الحرب والسلم واحب الخلق الى الله ورسوله واحبهما اليه، أطل علي (عليه السلام) على هذه الدنيا من الكعبة المشرفة وشع نوره منها فكرم الله وجهه عن عبادة الاصنام فلم يعبد صنماً قط، وعندما بدأت الدعوة الاسلامية كان علي (عليه السلام) اول مجيب لها وقد ذكرنا حديث النبي (صلى اله عليه وآله) فيه يوم الدار عندما لم يستجب لرسوله الله (صلى اله عليه وآله) احد من اهله وعشيرته سوى علي (عليه السلام)، وكان (عليه السلام) مع النبي (صلى اله عليه وآله) يلازمه ملازمة الفصيل لامه كما عبر هو (عليه السلام) عن ذلك وعندما هاجر الرسول (صلى اله عليه وآله) وقاه علي (عليه السلام) بنفسه عندما بات على فراشه (صلى اله عليه وآله) فنزلت فيه (عليه السلام) هذه الآية المباركة (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاه الله).

 وكان (عليه السلام) بطل المسلمين في معاركهم كلها وبدون منازع ففي بدر كان عدد قتلى المشركين سبعين رجلاً قتلى علي (عليه السلام) وحده نصفهم وقتل النصف الأخر باقي المسلمين وفي أحد كانت الدماء على كتفيه كاكباد الابل وسيفه في يده كالصاعقة لا يدنو منه فارس الا مزقه ولا كتيبه الا فرقها وقد نص اكثر المؤرخين على انه لم يثبت مع النبي (صلى اله عليه وآله) في احرج ساعات المحنة سوى علي ونفر قليل من المهاجرين والانصار. 

وفي الاحزاب لم يجرؤ احد من المسلمين على منازلة عمرو بن عبد ود سوى علي (عليه السلام) وكفى الله المسلمين القتال به (عليه السلام). وفي خيبر كان رسول الله (صلى اله عليه وآله) يولي في كل يوم رجلاً من المسلمين قيادة المعركة فيرجع خائباً يجبن اصحابه ويجبنونه حتى صاح رسول الله (صلى اله عليه وآله) باعلى صوته (والله لاعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) فأعطاها لعلي (عليه السلام) فرجع (عليه السلام) مؤزراً بالنصر بعد ان قتل فارس اليهود مرحب وفي حنين اتجهت هوازن وثقيف واحلا فهما من مشركي العرب لقتال رسول الله (صلى اله عليه وآله) ويصف القرآن الكريم هذه المعركة حيث يقول عز وجل (ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين فانزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين)، والمؤمنون هنا هم علي ومن ثبت معه من بني هاشم حيث لم يثبت مع رسول الله في ذلك اليوم سوى تسعة اشخاص من بني هاشم بعد ان قتل أيمن بن أم أيمن الذي ثبت معهم وكان علي (عليه السلام) على راس من ثبت وقد قتل في ذلك اليوم أربعين رجلاً، كان علي (عليه السلام) هو الاسلام بروحه ومعناه لأنه تربى في البيت الذي خرج منه الاسلام الى الناس.

 وقد كان رسول الله (صلى اله عليه وآله) يوليه من الاهتمام مبلغاً عظيماً وينوه في احاديثه الشريفة على انه خليفته من بعده حتى اكملها بحديثه يوم الغدير.

الغدير خالد مع خلود القرآن

لم تكن حادثة الغدير حادثة عرضية أو مفاجئة في ذلك اليوم فقد سبقها كما ذكرنا الكثير من الآيات القرآنية والاحاديث الشريفة التي دلت على خلافة الامام علي (عليه السلام) للمسلمين وقد شهدوا تنصيب الامام علي (عليه السلام) أميراً للمؤمنين من قبل الله ورسوله اذ حضر ذلك الموقف اكثر من مئة الف مسلم ليشهدوا الخطبة الرسول (صلى اله عليه وآله) التي اوضحت لهم من يمثله بكل مقوماته (صلى اله عليه وآله) باستثناء الوحي حينما هتف (صلى اله عليه وآله) (من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)، عندما استعرضنا للتاريخ الاسلامي نجد انه لا توجد حادثة اسلامية بلغت في تواترها مبلغا كما بلغته هذه الحادثة حيث شغلت مساحة واسعة من التاريخ الاسلامي وحظيت باهتمام بالغ من علماء الاسلام من كافة المذاهب ورغم ان بعض الكتاب والمؤرخين ولدوافع سياسية وتعصبية قد حاولوا ان يحوطوا الحادثة بسحب التعتيم وان يحرفوها عن حقيقتها بتأويلهم المنحرفة الا ان الله سبحانه وتعالى أبى الا ان يخلد هذه الحادثة اذ ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بكتابه العزيز فلا يسع الخائض في الدراسات القرآنية واسباب النزول الا ان يشير اليها.

الحادثة والحديث

خرج رسول الله (صلى اله عليه وآله) الى الحج في سنة عشر واذن في الناس بذلك فقدم المدينة خلق كثير يأتمون به في حجته التي يطلق عليها حجة الوداع وحجة البلاغ واخرج (صلى اله عليه وآله) معه نساءه كلهن وسار معه اهل بيته وعامة المهاجرين والانصار فلما قضى (صلى اله عليه وآله) مناسكه انصرف راجعاً الى المدينة ومعه من كان من المجموع وفي منتصف الطريق بين مكة والمدينة في منطقة غدير خم التي تتشعب فيها طرق المدنيين والمصريين والعراقيين، توقف (صلى اله عليه وآله) وأمر أن يرد من تقدم منهم ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان حتى اذا نودي للصلاة -صلاة الظهر- صلى (صلى اله عليه وآله) بالناس وكان ذلك اليوم قائضاً يضع الرجل بعض ردائه على راسه وبعضه تحت قدميه من شدة الحر وظلل لرسوله الله (صلى اله عليه وآله) بثوب على شجرة فما قضى (صلى اله عليه وآله) صلاته قام خطيباً وسط الناس واسمع الجميع رافعاً صوته فقال (صلى اله عليه وآله):

 (الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونومن به، ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور انفسنا، ومن سيئات اعمالنا، الذي لا هادي لمن اضل، ولا مضل لمن هدى، وأشهد أن لا اله الا الله وان محمداً عبده ورسوله اما بعد ايها الناس إني أوشك أن أدعى فاجيب وأني مسؤول، وانتم مسؤولون، فماذا انتم قائلون؟) قالوا: نشهد انك قد بلغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيراً. فقال (صلى اله عليه وآله) (الستم تشهدون ان لا اله الا الله، وان محمد عبده ورسوله وان جنته حق وناره حق، وان الموت حق وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور؟) قالوا بلى نشهد بذلك. فقال (صلى اله عليه وآله) (فاني فرط على الحوض وانتم واردون عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين) فنادى مناد وما الثقلان يا رسول الله؟ فقال (صلى اله عليه وآله) (الثقل الاكبر كتاب الله طرف بيد الله عز وجل وطرف بايديكم فتمسكوا به ولا تضلوا، والآخر الاصغر عترتي، وان اللطيف الخبير نبأني انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا) ثم اخذ (صلى اله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) فرفعها وعرفه القوم اجمعون وقال (صلى اله عليه وآله) (ايها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من انفسهم؟) قالوا: قالوا الله ورسوله اعلم، قال (صلى اله عليه وآله) (ان الله مولاي، وانا مولى المؤمنين، انما اولى بهم من انفسهم فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، واحب من احبه، وابغض من ابغضه وانصر من نصره، واخل من خذله وادر الحق معه حيث دار، الا فيبلغ الشاهد الغائب، ثم لم يتفرقوا حتى نزل جبرائيل (عليه السلام) بهذه الآية (اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) فقال (صلى اله عليه وآله) (الله اكبر على اكمال الدين، واتمام النعمة ورضا الرب برسالتي والولاية لعلي من بعدي) ثم طفق القوم يهنؤون أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال حسان بن ثابت: إإذن لي يا رسول الله ان اقول في علي (عليه السلام) ابياتاً تسمعهن قال (صلى اله عليه وآله) قل على بركة الله فقال حسان:

يناديهم يوم الغدير نبيهم-----بخم واسمع بالرسول مناديا

فقال فمن مولاكم ونبيكم-----فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وانت نبينا-----ولم تلق منا في الولاية عاصيا

فقال له قم يا علي فانني-----رضيتك من بعدي اماماً وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليه-----فكونوا له اتباع صدق مواليا

هناك دعا اللهم وال وليه-----وكن للذي عادى علياً معاديا

هذا حديث الغدير الذي تواترت به السنة النبوية وتواصلت حلقات اسانيده منذ عهد النبي (صلى اله عليه وآله) والتابعين الى الان، هذه الحقيقة الناصعة والحق الصريح، هذه الولاية الالهية لأمير المؤمنين (عليه السلام).

احصائيات الأميني في الغدير

لا يسع كل من أراد أن يتحدث عن حديث الغدير الا ان يشير الى الجهد العظيم الذي بذله العلامة الشيخ عبد الحسين أحمد الاميني العاملي النجفي صاحب الموسوعة الخالدة -الغدير في الكتاب والسنة والادب- فقد بذلَ رحمه الله- جهودا مضنية وعانى سنين طوال في سبيل اخراج هذا السفر العظيم الذي أثرى المكتبة الاسلامية والعربية بمعلوماته فلا يمكن لمن أراد ان يلم بهذه الحادثة الا ان يراجع هذه الموسوعة اذ الم بالحادثة إلماماً وتناولها بالبحث والتدقيق التاريخي والروائي اضافة الى التحليل الموضوعي فتضمنت موسوعته تراجم أمة كبيرة من رجال العلم والدين والادب من الذين رووا الحادثة وألفوا وكتبوا عنها شعراً ونثراً وقد ذكر الاميني في موسوعته أسماء (110) من الصحابة الكبار رووا حديث الغدير و(84) من التابعين، و(360) من علماء الحديث و(26) ممن ألفوا في الحديث كما عد اسماء(24) من أئمة المؤرخين ذكروا الحادثة و(11) من المفسرين وإضافة لكل هؤلاء فقد جمع الاميني اسماء(104) من الشعراء الذين نظموا في حادثة الغدير موزعين على اثني عشر قرناً سوى أمير المؤمنين (عليه السلام) الي تيمن المؤلف بذكره في بدء الكتاب وذكر ان له (عليه السلام) شعراً يذكر فيه حادثة الغدير وتنصيبه من قبل رسول الله (صلى اله عليه وآله) ويعدد بعض فضائله ويشير الامام (عليه السلام) الى الحادثة من ضمن ابياته فيقول:

فأوجب لي ولايته عليكم-----رسول الله يوم غدير خم

ويذكر المؤلف اسماء (11) من علماء الامامية و(26) من علماء السنة ذكروا هذا الشعر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتبهم كما يذكر المؤلف الكثير من المناشدات والاحتجاجات بهذه الحديث وفي عصور مختلفة.

الغدير من جيل الى جيل

لقد أراد الله سبحانه وتعالى الخلود لهذا الحديث فسطع كالشمس وقد احاطه الله عز وجل بعناية خاصة وضمنه في آيات كريمة تتلى على مر العصور وتخلد أبد الدهر (ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون) وقد روته الاسانيد المعتبرة المتضافرة من ائمة الحديث والتاريخ والتفسير من الفريقين وقد اشتهر بين الناس وتداولته الالسن منذ ان صدح به الرسول الكريم (صلى اله عليه وآله) الى الان وأمر (صلى اله عليه وآله) ان يبلغ الشاهد الغائب ليكونوا كلهم رواة لهذا الحديث، وقد انتقل من جيل الى جيل وسيبقى وقد ذكرنا اعداد من رواه والف عنه وأرخه ونظم فيه من الصحابة والتابعين والمحدثين والمفسرين والمؤرخين والشعراء ونظراً لعددهم الكبير آثرنا ذكر اشهرهم مع الاخذ بنظر الاعتبار للباقين منهم إتماماً للحجة، فمن الصحابة الذين رووا حديث الغدير: ابو هريرة، والبراء من عازب، وجابر بن عبد الله الانصاري، وابو ذر الغفاري، وحذيفة بن اليمان، وحسان بن ثابت، وخالد بن الوليد، وخزيمة بن ثابت، والزبير بن العوام، وزيد بن ارقم، وزيد بن ثابت، وسعد بن ابي وقاص، وسعد بن عبادة، وسعيد بن زيد، وسلمان الفارسي، وسمرة بن جندب، وسهل بن حنيف، وسهل بن سعد، وطلحة بن عبد الله، والعباس بن عبد المطلب، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن عباس، وعثمان بن عفان، وعدي بن حاتم، وعلي بن ابي طالب (عليه السلام)، وعمار بن ياسر، وعمر بن الخطاب، وعمرو بن العاص، والمقداد بن الاسود، وقيس بن سعد بن عبادة، وهاشم بن عتبة بن ابي وقاص، والنعمان بن عجلان ومن الصحابيات ممن روى الحديث أم سلمة، وام هاني بنت أبي طالب، واسماء بنت عميس، وعائشة بنت ابي بكر، وفاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب، وفاطمة بنت محمد (عليه السلام)، واما اشهر من رواه من اعلام التابعين فهم: الاصبغ بن نباته، وزر بن حبيش، وسعد بن جبير، وسعد بن المسيب، وشهر بن حوشب، وطاووس اليماني، وعمر بن عبد العزيز الخليفة الاموي، واما من اعلام الرواة ممن روى الحديث فهم: احمد بن حنبل الشيباني امام الحنابلة، وابراهيم الجويني، وسفيان الثوري، وشريك القاضي، وابو عبد الله المروزي، ووكيع بن الجراح الرواسي، ومحمد بن ادريس الشافعي، والقندوزي الحنفي، والسيد احمد زيني دحلان، والنبهاني، والشبلنجي، ومحمد عبده، والالوسي، والشنقيطي، وعبد المسيح الانطاكي، وحسين بن علي الاعظمي أما أشهر من ألف في حديث الغدير فهم: الطبري ابو جعفر محمد بن جرير، والحافظ الدار قطني، والحافظ ابو سعيد السجستاني، والكراجكي، وشمس الدين المذهبي، والجزري الشافعي.

 اما اشهر المؤرخين الذين ذكروا حديث الغدير في تواريخهم فهم ابن قتيبة الدنيوري، والطبري، والخطيب البغدادي، وابن عبد البر، وابن العساكر، وياقوت الحمودي، وابن الاثير، وابن ابي حديد، وابن خلكان، وابن كثير، والمقريزي، وابن حجر العسقلاني، وابن الصباغ المالكي، والسيوطي، والحلبي.

 اما من الشعراء الذين ذكرهم الشيخ الاميني والذين ضمنوا حادثة الغدير في شعرهم فكانوا ألمع الاسماء في سماء الادب العربي طوال عصوره وأبرزهم حسان بن ثابت الانصاري، والكميت بن زيد الاسدي، والسيد الحميري، وسفيان بن مصعب العبدي الكوخي، وأبو تمام حبيب بن أوس الطائي، ودعبل الخزاعي، وابن الرومي علي بن عباس بن جريح، وابن الطباطبا الاصبهاني، واحمد بن محمد الصنبوري، وابو قاسم علي بن اسحق الزاهي، وأمير الشعراء ابو فراس الحمداني، وابو فتح كشاجم، والناشيء الصغير، والجرجاني، والبشنوي، والوزير صاحب بن عباد، وابن الحجاج البغدادي، والصنوبري، والانطاكي، والسروي، والعوني، والشريف المرتضى، والصوري، ومهيار الديلمي، والسيد المرتضى، والبصير النيسابوري، وأبو العلاء المعري، والراوندي، والشواء الكوفي،

عيد الغدير فرصة للتوحد

لو رجعنا الى المصادر التاريخية نجد أن رسول الله (صلى اله عليه وآله) هو أول من أمر باتخاذ هذا اليوم عيداً فقد ورد انه (صلى اله عليه وآله) علم المسلمين كيف يهنئون علياً (عليه السلام) بأمرة المؤمنين عندما قال لهم في ذلك اليوم (معاشر الناس قولوا: أعطيناك على ذلك عهداً عن أنفسنا، وميثاقاً بالسنتنا، وصفقة بأيدينا، ونؤديه الى اولادنا واهالينا، لا نبغي بذلك بدلا، وانت الشهيد علينا وكفى بالله شهيدا قولوا ما قلت لكم وسلموا على علي (عليه السلام) بأمرة المؤمنين) فقاموا بأجمعهم وسلموا على علي (عليه السلام) بأمرة المؤمنين.

 وقد ورد عن الامام الصادق (عليه السلام) ان رسول الله (صلى اله عليه وآله) أوصى علياً (عليه السلام) بان يتخذ ذلك اليوم عيداً وكذلك كانت الانبياء تفعل وكانوا يوصون اوصياءهم بذلك فيتخذونه عيداً ووردت روايات عن الأئمة (عليه السلام) انه افضل الاعياد ولا غرابة في ذلك فان اليوم الذي اكمل الله به دينه واتم نعمته على المسلمين واستخلف عليهم وليه أمير المؤمنين لحقيق بأن يكون أعظم الاعياد ان عيد الغدير الاغر ليس عيداً يختص بالشيعة فقط بل هو عيد لكل المسلمين.

 لقد وحد رسول الله (صلى اله عليه وآله) المسلمين في ذلك اليوم وجعله عيداً لهم والاحتفال بهذا العيد هو شكر لله واقتداء برسول الله (صلى اله عليه وآله) وحباً لأمير المؤمنين (عليه السلام) علي بن أبي طالب ولا نخال ان مسلماً بغض النظر عن مذهبه لا يشكر الله ولا يقتدي برسوله ولا يحب علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فهذا العيد هو هدية من الله لتجدد الامة الاسلامية اصالتها وايمانها بالله وحبها لرسوله واهل بيته فتتوحد بهذا العيد وتحتفل به سنة وشيعة.

* نشر في شبكة النبأ المعلوماتية- كانون الأول 2007 / ذو الحجة 1428

............................

المصادر

1. القرآن الكريم

2. نهج البلاغة - شرح ابن ابي حديد

3. سيرة الأئمة الاثني عشر - هاشم معروف الحسيني

4. الغدير في الكتاب والسنة، الادب - عبد الحسين الاميني

5. الفصول المهمة قي تأليف الامة - عبد الحسين شرف الدين

6. مفاتيح الجنان - الشيخ عباس القمي

7. الميزان في التفسير القرآن - الطباطبائي

ذات صلة

ما حجم خسارتنا للغدير؟الغَديرُ.. اختيار الرَّجُلِ المُناسبِ في المكانِ المُناسبِالحرية مسؤولية والمسؤولية حريةالاستثمارُ في الحُبّ صعبالدكتوراة الفخرية.. ما لها وما عليها