الامام الحسن (ع) في اخبار رسول الله (ص)
شبكة النبأ
2021-09-14 03:46
بقلم: الشيخ باقر شريف القرشي-مقتبس من كتاب حياة الإمام الحسن بن علي (ع) دراسة وتحليل
الأخبار التي أثرت عن النبيّ (ص) في سبطه الاكبر، وأشادت بعظيم شأنه، وبينت عما يكنه الرسول (ص) في نفسه من عميق الود، وخالص الحب فهي على طوائف ثلاثة « الاولى » إنها مختصة به « الثانية » وردت فيه وفي أخيه سيد الشهداء (ع) « الثالثة » في أهل بيته، ومن المعلوم ان الامام الحسن (ع) من أبرارهم فتشمله بالضرورة تلك الأخبار وهذه المناحي قد تضافرت بها النصوص وتواترت حتى افادت القطع واليقين، وإلى القراء ذلك.
الطائفة الاولى:
اما ما أثر عن النبي (ص) فيما يخص سبطه فهي روايات عدة نقتصر منها على ما يلي:
1 ـ روى البراء بن عازب (1) قال: رأيت النبي (ص) والحسن على عاتقه، يقول: « اللهم، إني أحبه فاحبه) (2)
2 ـ وروت عائشة قالت: إن النبيّ (ص) كان يأخذ حسنا، فيضمه إليه ثم يقول: « اللهم، إن هذا ابنى، وأنا أحبه، فأحبه، وأحب من يحبه.. » (3)
3 ـ وروى زهير بن الاقمر قال: بينما الحسن بن علي يخطب بعد ما قتل علي (ع) إذ قام إليه رجل من الأزد آدم طوال، فقال: لقد رأيت رسول الله (ص) واضعه في حبوته، يقول: (من أحبني فليحبه، فليبلغ الشاهد الغائب) ولولا عزمة من رسول الله (ص) ما حدثتكم (4).
4 ـ وروى أبو بكرة قال: رأيت رسول الله (ص) على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه، وهو يقبل على الناس مرة، وعليه أخرى، ويقول: (إن ابني هذا سيد. ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين » (5).
5 ـ وروى ابن عباس قال: اقبل النبيّ (ص) وقد حمل الحسن على رقبته فلقيه رجل، فقال نعم المركب ركبت يا غلام، فقال رسول الله (ص) ونعم الراكب هو. (6)
6 ـ وروى عبد الله بن عبد الرحمن بن الزبير قال: أشبه أهل النبي (ص) وأحبهم إليه الحسن رأيته يجيء وهو ساجد فيركب رقبته أو قال: ظهره فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل، ولقد رأيته وهو راكع فيفرج له بين رجليه حتى يخرج من الجانب الآخر (7)
7 ـ وروى ان النبي (صلى الله عليه وآله) صلى احدى صلاتي العشاء فسجد سجدة أطال فيها السجود، فلما سلم قال له الناس: في ذلك فقال: (إن ابنى هذا ـ يعنى الحسن ـ ارتحلنى فكرهت أن أعجله) (8)
8 ـ وصعد (صلى الله عليه وآله) على المنبر ليخطب، فجاء الحسن فصعد المنبر، فوضعه على رقبته حتى كان يرى بريق خلخاليه من اقصى المسجد، وهما يلمعان على صدر الرسول، ولم يزل على هذه الحالة حتى فرغ (صلى الله عليه وآله) من خطبته (9)
9 ـ وقال (صلى الله عليه وآله): « من سره أن ينظر إلى سيد شباب اهل الجنة فلينظر الى الحسن » (10)
10 ـ وقال (صلى الله عليه وآله): « الحسن ريحانتي من الدنيا » (11)
11 ـ وروى انس بن مالك قال دخل الحسن على النبي (صلى الله عليه وآله) فأردت أن أميطه عنه، فقال (صلى الله عليه وآله): « ويحك يا أنس دع ابنى، وثمرة فؤادي، فان من آذى هذا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله » (12)
هذه طائفة من الاخبار التي وردت عن النبي (صلى الله عليه وآله) في سبطه الاكبر، ويلمس فيها أسمى الوان التكريم والحفاوة والحب العميق.
الطائفة الثانية:
أما ما أثر عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حق السبطين 8 فكوكبة من الروايات الصحاح التي دونها الثقات والحفاظ، وهي صريحة الدلالة في أنهما (عليهما السلام) من أعز الناس عند رسول الله صلى عليه وآله ومن أحبهم له، ونذكر منها ما يلي:
1 ـ روى سعيد بن راشد، قال: جاء الحسن والحسين (عليهما السلام) يسعيان الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخذ أحدهما فضمه الى إبطه، ثم جاء الآخر فضمه إلى إبطه الاخرى، وقال: (هذان ريحانتي من الدنيا من أحبنى فليحبهما) (13) وكان النبي (صلى الله عليه وآله) دوما يضفى عليهما هذا اللقب، وقد وردت بذلك روايات عديدة (14)
2 ـ وروى انس بن مالك قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أي أهل بيتك أحب إليك؟ قال (صلى الله عليه وآله): « الحسن والحسين » وكان يقول: لفاطمة ادعي ابني فيشمهما ويضمهما إليه (15)
3 ـ وروى أسامة بن زيد قال: طرقت النبي (صلى الله عليه وآله) ذات ليلد في بعض الحاجة فخرج النبيّ (صلى الله عليه وآله) وهو مشتمل على شيء لا ادري ما هو؟ فلما فرغت من حاجتي، قلت: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ قال فكشفه فاذا هو حسن وحسين على وركيه، فقال: (هذان ابناي، وابنا ابنتي، اللهم، إني احبهما فأحبهما وأحب من يحبهما) (16)
4 ـ وروى سلمان الفارسي قال سمعت رسول الله 6(صلى الله عليه وآله) يقول: (الحسن والحسين ابناي من احبهما احبني، ومن احبني أحبه الله، ومن أحبه الله ادخله الجنة، ومن أبغضهما ابغضني ومن ابغضني ابغضه الله، ومن ابغضه الله ادخله النار » (17)
5 ـ وروى ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما » (18)
6 ـ واعتلى (صلى الله عليه وآله) أعواد المنبر يخطب، فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران، وهما يمشيان ويعثران، فنزل (صلى الله عليه وآله) عن المنبر فحملهما، ووضعهما بين يديه، وقال: صدق الله إذ يقول: (أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) (لقد نظرت إلى هذين الصبيين وهما يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما) (19)
7 ـ وروى ابن عباس قال: بينا نحن ذات يوم مع النبي (صلى الله عليه وآله) إذ أقبلت فاطمة سلام الله عليها تبكى، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): فداك أبوك، ما يبكيك؟ قالت إن الحسن والحسين خرجا، ولا أدرى أين باتا، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تبكين فان خالقهما ألطف بهما مني ومنك، ثم رفع يديه، فقال: اللهم احفظهما وسلمهما، فهبط جبرئيل، وقال يا محمد، لا تحزن فانهما في حظيرة بني النجار، نائمان، وقد وكل الله بهما ملكا يحفظهما، فقام النبي (صلى الله عليه وآله) ومعه أصحابه حتى أتى الحظيرة فاذا الحسن والحسين (عليهما السلام) معتنقان نائمان، وإذا الملك الموكل بهما قد جعل أحد جناحيه تحتهما والآخر فوقهما، يظلهما، فأكب النبي (صلى الله عليه وآله) عليهما يقبلهما، حتى انتبها من نومهما، ثم جعل الحسن على عاتقه الايمن، والحسين على عاتقه الايسر، فتلقاه أبو بكر، وقال يا رسول الله: ناولني أحد الصبيين أحمله عنك، فقال (صلى الله عليه وآله) نعم المطي مطيهما، ونعم الراكبان هما، وأبوهما خير منهما، حتى أتى المسجد فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) على قدميه وهما على عاتقيه ثم قال:
« معاشر المسلمين، ألا أدلكم على خير الناس جدا وجدة؟
« بلى يا رسول الله »
« الحسن والحسين، جدهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) خاتم المرسلين، وجدتهما خديجة بنت خويلد، سيدة نساء أهل الجنة »
ثم قال (صلى الله عليه وآله): « ألا أدلكم على خير الناس عما وعمة؟ » قالوا: بلى يا رسول الله « الحسن والحسين عمهما جعفر بن أبي طالب، وعمتهما أم هاني بنت أبي طالب. »
ثم قال: « أيها الناس، ألا أدلكم على خير الناس خالا وخالة؟ » قالوا: بلى يا رسول الله «الحسن والحسين، خالهما القاسم بن رسول الله، وخالتهما زينب بنت رسول الله ».
ثم قال: اللهم، انك تعلم أن الحسن والحسين في الجنة، وعمهما، في الجنة، وعمتهما في الجنة، ومن أحبهما في الجنة، ومن أبغضهما في النار. (20)
ودل الحديث على مدى حبه (صلى الله عليه وآله) لسبطيه، وانهما أحب أهل بيته إليه، وآثرهما عليه، ومن المعلوم أن شأن النبوة بعيد عن الاندفاع بعواطف الحب، فانه (صلى الله عليه وآله) لم يمنحهما هذا الحب الا لانهما مصدرا كل فضيلة، ومنبعا كل خير.
8 ـ وروى جابر، قال دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله) والحسن والحسين على ظهره، وهو يقول: « نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما » (21) وبهذا المضمون روى عمر قال رأيت الحسن والحسين 8 على عاتقي النبي (صلى الله عليه وآله) فقلت نعم الفرس تحتكما فقال النبي (صلى الله عليه وآله) ونعم الفارسان هما (22) وقد نظم ذلك شاعر العقيدة السيد الحميرى فى قوله:
اتى حسنا والحسين الرسول
وقد برزا ضحوة يلعبان
فضمهما وتفداهما
وكانا لديه بذاك المكان
ومرا وتحتهما عاتقاه
فنعم المطية والراكبان
9 ـ وروى يعلى بن مرة الثقفي (23) قال: جاء الحسن والحسين يستبقان الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فضمهما إليه، وقال: إن الولد مبخلة مجبنة (24)
10 ـ وقال (صلى الله عليه وآله): (الحسن والحسين سبطان من الاسباط) (25)
11 ـ وبلغ من مزيد حبه واشفاقه على سبطيه أنه كان يعوذهما خوفا عليهما من الحسد، فقد روى أبو نعيم بسنده عن عبد الله، قال: كنا جلوسا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ مرّ الحسن والحسين وهما صبيان، فقال: هات ابنى أعوذهما بما عوذ به إبراهيم ابنيه اسماعيل، واسحاق، فقال: « اعيذكما بكلمات الله التامة من كل عين لامة، ومن كل شيطان وهامة » (26) وليس في سجل المودة الانسانية أجمل من هذا الحنان، ولا أكرم من هذا العطف.
12 ـ ومما اشتهر بين المسلمين قوله (صلى الله عليه وآله): « الحسن والحسين إمامان إن قاما وان قعدا » (27) واضفى (صلى الله عليه وآله) على حفيديه حلة الامامة، وهي من أهم الصفات الماثلة فيهما وذلك لما تستدعيه من المثل العليا التي لا تتوفر إلا عند من اختاره الله واصطفاه من بين عباده، فقد خص الله بها خليله إبراهيم قال تعالى: (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (28) وسنتحدث عن الامامة، وما يعتبر في الامام من المؤهلات، والصفات عند عرض مثله.