كيف نفهم الحقّ في عيد الغدير الاغر؟

مروة الاسدي

2021-07-25 08:31

يمثل عيد الغدير الاغر أعظم الاعياد في الاسلام، حيث أصبح سيد العدالة الإنسانية أمير المؤمنين الامام علي عليه السلام وليا للمسلمين من بعد الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله)، وذلك في أثناء عودة المسلمين من حجة الوداع إلى المدينة المنورة، في مكان يُسمى بـ {غدير خم} سنة 10 هـ، إذ يحتفل المسلمون (وشيعة أمير المؤمنين منهم على وجه الخصوص) في عيد الغدير الذي يصادف يوم 18 من ذي الحجة، في كل عام هجري، احتفالا جليلا تتجسد ملامحه من خلال الزيارة التي يقوم بها الزوار الكرام بكثافة كبيرة جدا، لمرقد الامام علي عليه السلام، مع ترديد هتافات وأهازيج الولاء والبهجة، وتجديد البيعة لأمير المؤمنين وذلك لإحياء يوم الغدير الأغر وتجديد بيعة الولاية.

إن عيد الغدير الأغرّ من أهم الأعياد وأفضلها وأكبرها، فيجدر إحياء ذكراه بأحسن ما يمكن حتى يعلم الناس جميعاً قدره وشأنه.

لذلك من الأهمية أن نسعى في عيد الغدير الى ترسيخ الوعي الولائي الذي يغني مشروع الوحدة الإسلامية، وينقذ المجتمع الاسلامي من ترسبات الزيف والتحريف، الذي كان قائما آنذاك، ومن ثم تفاقم الغزو الثقافي والانحدار الاخلاقي وضعف القيم السامية في الوقت الراهن، وجهل الحق وأهله والغوص في التضليل، ودوّامة التسويف التي يتعرض لها الحق والحقائق في وقت واحد.

وعندما يتوه الناس عن الحق، بسبب سياسة خلط الاوراق، واعتماد اساليب الخداع والكذب، وتدمير القيم الاسلامية، فهناك معيار ثابت ينبغي أن يعتمده المسلمون وصولا الى الحق، يتمثل هذا المعيار في الحل المنطقي الذي وضعه أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب عليه السلام أمام الانسان، حتى لا يتوه ولا تختلط عليه الامور، فلا يعرف الحق بسبب أساليب الخداع التي يلجأ لها الاعداء والمغرضون من اهل الدجل والخديعة والكذب، وفي هذه الحالة قد يغيرون الحق الى باطل وبالعكس، لأنهم بارعون في عمليات التضليل.

لذلك يقول الامام حين يطالبه أحد البسطاء بسيف يفرّق بين أهل الحق وأهل الباطل، فيجيبه عليه‏ السلام: ("اعرف الحق تعرف أهله واعرف الباطل تعرف أهله، إنّ الحق لا يُعرف بالرجال‏ وانّما يُعرف الرجال بالحقّ").

ولكن كيف يا أبا الحسن وللرجال حق في أقوال النبي ‏صلى الله عليه وآله وثنائه عليهم ولهم حق القول الفصل، وحين يختلط حابل الأقوال بنابلها يأتي قوله الآخر (سلام اللَّه عليه): "ان الذي طلب الحق فأخطأه ليس كمن طلَب‏ الباطل فأصابه"، وهنا يضع امير المؤمنين اصبعه على الجرح، أي على المنطلق وعلى النية وعلى الهدف، فيسقط ما بأيدي المغرضين الذين يعرفون أنفسهم ويعرفون ‏منطلقاتهم وأهدافهم أكثر من غيرهم.

أي لا تغتر بشهرة الرجال وسمعتهم، وتظنّ أنهم على حق ولا يخطئون، فلا تغمض عينيك وتتبعهم دون تميزك الحق مِن الباطل - كما هو شأن كثير من الجهلاء في عصرنا الحاضر -، بل اعرف ما هو الحق وما هو الباطل؟، كي تعرف مَن مِن الناس على حقّ، ومَن مِنهم على الباطل!، فهذه النصيحة من مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) صالحة لكلّ عصر وزمان، فلنعرف الحق كي نعرف أهله، ولنعرف الباطل كي نعرف أهله!.

واعظم حق جهله الكثير من المسلمين وغفلوا عنه هو حق ولاية امير المؤمنين عليه سلام، وبعد مرور 25 سنة من حكم الخلفاء الذي سبقوه في الحكم، جاء الإمام علي (ع) الى سدة الحكم، وفي ظل اوضاع غير مستقرة تحيط بالامة من كل جهة آنذاك، استلم الامام (ع) زمام الحكم وأدار شؤون الناس سواسية وعدالة، وجعل للحريات حدودا سمح بها للمعارض قبل المؤيد، لذلك مطلوب من المسلمين معرفة الحق والتمسك به واعادة الامور الى نصابها، ومقارعة التحريف.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي