ذكرى ولادة سلطان العصر والزمان

مجاهد منعثر منشد

2015-06-01 12:26

ولد الامام المهدي (عليه السلام) عند السّحر سنة خمس وخمسين ومائتين في سرّ مَن رأى في فجر يوم الجمعة في 15 شعبان عام 255 من الهجرة، وهو بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (سلام الله تعالى عليهم أجمعين).

والدته

تسمى مليكه، وهي بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وهي من ولد الحواريين، تنسب إلى وصي المسيح (عليه السلام) (شمعون)، وأحد أبرز حوارييه، واسمها في الإسلام السيدة نرجس. وقد رأت في المنام رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطبها من المسيح (عليه السلام) ووصيه شمعون (رضي الله عنه) لولده الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، ووافق شمعون ووافقت هي. وقد تعلق قلبها بالإمام (عليه السلام) بعد هذا المنام وهي ببلاد الروم، وهو (عليه السلام) في سامراء، إلى أن شاء الله تعالى أن يوجه أبوها جيشاً إلى العراق لمحاربة المسلمين، وأن تكون هي في ذلك الجيش متنكرة فيه بزي الخدم، وأن تقع في الأسر، وتكون في غنيمة شيخ من المسلمين عرضها للبيع، ولكنها كانت تمتنع عن الظهور لتُعرض للبيع، وترفض أن يلمسها أو يمسها أحد من الراغبين في الشراء، رغم كثرة الراغبين لشراءها لِما رأوا فيها من العفة والحياء.

وقد وجه الإمام الهادي (عليه السلام) أحد خاصته من سامراء إلى بغداد مع كتاب منه (عليه السلام) باللغة الرومية، وأوصاه بتسليمها إياه بعد أن وصف للرسول المكان والشيخ البائع والأسيرة الجليلة، وحمّله مائتين وعشرين ديناراً ليدفعها ثمناً لها. فلما ناولها الكتاب بلغتها الرومية بكت السيدة نرجس وهددت الشيخ بأن تقتل نفسها إن لم يبعها لصاحب الكتاب، فساوم الرسول الشيخ البائع، حتى توقف عند الثمن الذي أرسله الإمام الهادي (عليه السلام) فدفعه إليه، ونقلها بتجليل واحترام إلى سامراء.

فلما دخلت على الإمام الهادي (عليه السلام) رحب بها كثيراً، ثم بشرها بولد يولد لها من ابنه أبي محمد العسكري (عليه السلام) يملك الدنيا شرقاً وغرباً ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ثم أودعها عند أخته السيدة (حكيمه) بنت الإمام الجواد (عليه السلام) لتُعلمها الفرائض والأحكام، فبقيت عندها أياماً، وهبها الإمام الهادي (عليه السلام) بعدها ابنه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) فتزوجها الإمام (عليه السلام) ولما دخل بها حملت بالحجة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف).

كنيته

يكنى الامام المنتظر (روحي لتراب مقدمه الفداء) بكنية جده المصطفى محمد (صلى الله عليه واله وسلم),فهو ابو القاسم.

القابه

كثيرة جداً، منها: المهدي وهو أشهرها، والمنتظر، والقائم، والحجة، وصاحب العصر والزمان، والخاتم، وصاحب الدار، وصاحب الأمر، والخلف الصالح، والناطق، والثاير، والمأمول، والوتر، والدليل، والمعتصم، والمنتقم، والكرار، وصاحب الرجعة البيضاء، والدولة الزهراء، والوارث، وسدرة المنتهى، والغاية القصوى، وغاية الطالبين، وفرج المؤمنين، ومنتهى العبر، وكاشف الغطاء، والأذن السامعة، واليد الباسطة.

أوصافه (عليه السلام) أنه ممتلئ الجثة، طويل القامة، وجهه كأنه كوكب دري، أقنى الأنف، ضخم العينين، كثب اللحية، على خده الأيمن خال أسود، وعلى يده خال.

ذكره (عليه السلام) عند علماء الانساب

1. جاء في عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب للنسابة ابن عِنَبَه السيد جمال الدين أحمد بن علي الحسيني:

أما علي الهادي فيلقب العسكري لمقامه بسُرَّ من رأى، وكانت تسمى العسكر، وأُمّه أُم ولد، وكان في غاية الفضل ونهاية النبل، أشخصه المتوكل إلى سُرَّ من رأى فأقام بها إلى أن تُوفي، وأعقب من رجلين هما:

الإمام أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام)، وكان من الزهد والعلم على أمر عظيم، وهو والد الإمام محمد المهدي (صلوات الله عليه) ثاني عشر الأئمة عند الاِمامية، وهو القائم المنتظر عندهم من أُم ولد اسمها نرجس.

وقال في الفصول الفخرية (مطبوع باللغة الفارسية) ما ترجمته:ـ

أبو محمد الحسن الذي يقال له العسكري، والعسكر هو سامراء، جلبه المتوكل وأباه إلى سامراء من المدينة، واعتقلهما. وهو الحادي عشر من الأئمة الإثني عشر، وهو والد محمد المهدي (عليه السلام)، ثاني عشرهم.

2. وجاء عن النسابة أبو نصر سهل بن عبد الله بن داود بن سليمان البخاري من أعلام القرن الرابع الهجري:ـ

قال في (سر السلسلة العلوية):

وولد علي بن محمد التقي (عليه السلام): الحسن ابن علي العسكري (عليه السلام) من أُم ولد نوبيّة تدعى: ريحانة، وولد سنة احدى وثلاثين ومائتين وقبض سنة ستين ومائتين بسامراء، وهو ابن تسع وعشرين سنة..

3. النسابة الزيدي السيد أبو الحسن محمد الحسيني اليماني الصنعاني من أعيان القرن الحادي عشر.

ذكر في المشجرة التي رسمها لبيان نسب أولاد أبي جعفر محمد بن علي الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وتحت اسم الاِمام علي التقي المعروف بالهادي (عليه السلام) خمسة من البنين وهم: الاِمام العسكري، الحسين، موسى، محمد، علي. وتحت اسم الاِمام العسكري (عليه السلام) مباشرة كتب: "محمد بن" وبإزائه: "منتظر الإمامية".

4- وفي سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب لمحمد أمين السويدي:

محمد المهدي: "وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، وكان مربوع القامة، حسن الوجه والشَّعر، أقنى الأنف، صبيح الجبهة".

5 - في كتاب الشجرة المباركة في أنساب الطالبية للفخر الرازي الشافعي تحت عنوان: أولاد الامام العسكري (عليه السلام):ـ

أما الحسن العسكري الامام (عليه السلام) فله ابنان وبنتان: اما الإبنان، فأحدهما: صاحب الزمان (عجل الله فرجه الشريف)، والثاني موسى درج في حياة أبيه. وأما البنتان: ففاطمة درجت في حياة أبيها، وأم موسى درجت أيضاً..

6- وعن النسابة محمد ويس الحيدري السوري قال في الدرر البهية في الأنساب الحيدريّة والاَوَيسيّة في بيان أولاد الاِمام الهادي (عليه السلام): أعقب خمسة أولاد: محمد وجعفر والحسين والاِمام الحسن العسكري وعائشة.

فالحسن العسكري أعقب محمد المهدي صاحب السرداب. ثم قال بعد ذلك مباشرة وتحت عنوان: (الإمامان محمد المهدي والحسن العسكري):

الإمام الحسن العسكري: ولد بالمدينة سنة 231 هـ، وتوفي بسامراء سنة 260 هـ.

الاِمام محمد المهدي: لم يذكر له ذرية ولا أولاد له أبداً..

ثم علق في هامش العبارة الأخيرة بما هذا نصه: ولد في النصف من شعبان سنة 255 هـ، وأُمّه نرجس، وُصِفَ فقالوا عنه:

"ناصع اللون، واضح الجبين، أبلج الحاجب، مسنون الخد، أقنى الاَنف، أشم، أروع، كأنّه غصن بان، وكأنَّ غرّته كوكب دريّ، في خده الاَيمن خال كأنه فتات مسك على بياض الفضّة، وله وفرة سمحاء تطالع شحمة أذنه، ما رأت العيون أقصد منه ولا أكثر حسناً وسكينةً وحياءً"..

7- ومن أعلام القرن الخامس الهجري النسابة المشهور السيد العمري قال ما نصه: ومات أبو محمد (عليه السلام)، وولده من السيدة نرجس (عليها السلام) معلوم عند خاصة أصحابه وثقات أهله..

8- قال الذهبي:

أ. في كتابه العبر ولد محمد بن الحسن بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحُسَيْني، أبو القاسم الذي تلقّبه الرافضة الخلف الحجة، وتلقّبه بالمهدي، والمنتظر، وتلقبه بصاحب الزمان، وهو خاتمة الإثني عشر.

ب. وقال في تاريخ دول الاِسلام في ترجمة الاِمام الحسن العسكري:

"الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا بن موسى بن جعفر الصادق، أبو محمد الهاشمي الحُسَيْني، أحد أئمة الشيعة الذي تدعي الشيعة عصمتهم، ويقال له: الحسن العسكري، لكونه سكن سامراء، فإنها يقال لها العسكر. وهو والد منتظر الرافضة، توفي إلى رضوان الله بسامراء في ثامن ربيع الاَوّل سنة ستين ومائتين وله تسع وعشرون سنة، ودفن إلى جانب والده. وأما ابنه محمد بن الحسن الذي يدعوه الرافضة القائم الخلف الحجة فولد سنة ثمان وخمسين، وقيل سنة ست وخمسين.

ج. وقال في سير أعلام النبلاء:

"المنتظر الشريف أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن علي ابن الحسين الشهيد ابن الاِمام علي بن أبي طالب، العلوي، الحُسَيْني خاتمة الاثني عشر سيداً".

9. و في كتاب (الصواعق المحرقة) أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي في آخر الفصل الثالث من الباب الحادي عشر ما هذا نصه:

"أبو محمد الحسن الخالص، وجعل ابن خلكان هذا هو العسكري، ولد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين... مات بسُرَّ من رأى، ودفن عند أبيه وعمه، وعمره ثمانية وعشرون سنة، ويقال: إنّه سُمَّ أيضاً، ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين لكن أتاه الله فيها الحكمة، ويسمى القائم المنتظر، قيل: لاَنّه سُتِرَ بالمدينة وغاب فلم يعرف أين ذهب"..

10. في كتاب (نور الأبصار) لمؤمن بن حسن الشبلنجي باسم الاِمام المهدي، ونسبه الشريف الطاهر، وكنيته، وألقابه في كلام طويل الى أن قال: "وهو آخر الأئمة الإثني عشر على ما ذهب إليه الاِمامية"، ثم نقل عن تاريخ "ابن الوردي ما تقدم برقم (4).

إنَّ ولادة أي انسان في هذا الوجود تثبت بإقرار أبيه، وشهادة القابلة، وإن لم يره أحد قط غيرهما.. والامام بقية الله المهدي (عليه السلام) شهد ولادته المئات ومنهم:

السيدة العلوية الطاهرة حكيمة بنت الاِمام الجواد وأُخت الاِمام الهادي وعمة الاِمام العسكري (عليهم السلام). وهي التي تولّت أمر السيدة نرجس أُم الاِمام المهدي (عليه السلام)ي ساعة الولادة..

وقد ساعدتها بعض النسوة في عملية الولادة، منهن جارية أبي علي الخيزراني التي أهداها إلى الإمام العسكري (عليه السلام) فيما صرح بذلك الثقة محمد بن يحيى ومارية، ونسيم خادمة الاِمام العسكري (عليه السلام). كما شاهد الإمام المهدي (عليه السلام) من كان يخدم أباه العسكري (عليه السلام) في داره مع بعض الجواري والاِماء، كطريف الخادم أبي نصر. وخادمة ابراهيم بن عبدة النيسابوري التي شاهدت مع سيدها الاِمام المهدي (عليه السلام). وأبي الاَديان الخادم. وأبي غانم الخادم الذي قال:

"ولد لأبي محمد (عليه السلام) ولد فسماه محمداً، فعرضه على أصحابه يوم الثالث، وقال: هذا صاحبكم من بعدي، وخليفتي عليكم، وهو القائم الذي تمتد اليه الأعناق بالانتظار، فاذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً خرج فملاَها قسطاً وعدلاً". كما شهد بذلك مسرور الطباخ مولى أبي الحسن (عليه السلام).

وأخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) بمولده الشريف. والإمام الحسن العسكري (عليهم السلام) والده قد ذكر إمامته.. ويشهد للإمام العسكري (عليه السلام) القاصي والداني في كافة الفرق الإسلامية وغيرها بسلامة صدقه ونقله ناخيك عن أنه إمام معصوم.. ومع ذلك اعترف المؤرخون بولادته كما مر أعلاه إضافة الى صدور بعض الأمور المعلنة والمشهورة بين المسلمين من قبل الإمام (عليه السلام) منها:

وصايا وتعليمات وأدعية وصلوات. ونصائح وإرشادات. ورسائل وتوجيهات. وأقوال مشهورة، وكلمات مأثورة وكان وكلاؤه معروفين، وسفراؤه معلومين، وأنصاره في كل عصر وجيل بالملايين. وهذا وحده كافياً وخير دليل.

روي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال في حديث طويل مع جُندَب بن جُنادة، سأله فيه عن الأوصياء بعده من ذريّته، فقرأ (صلّى الله عليه وآله) الآية "وَعَد اللهُ الذينَ آمنوا منكم وعَمِلوا الصالحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم في الأرض كما استَخلَفَ الذينَ مِن قَبلِهم ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دِينَهمُ الذي ارتضى لهم ولَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعد خَوفِهم أمْناً يَعبُدونَني لا يُشرِكونَ بي شيئاً" ثمّ قال: (صلى الله عليه وآله) يا جُندَب! في زمن كلّ واحدٍ منهم (أي من الأئمّة) سلطانٌ يعتريه ويُؤذيه، فإذا عجّل اللهُ خُروج قائمنا يملأ الأرضَ قِسطاً وعدلاً كما مُلئت جَوراً وظلماً.

ثمّ قال (عليه السّلام): "طُوبى للصابرين في غيبته، طُوبى للمتّقين على مَحَجّتهم"..

وروي عن الإمام الحسين (عليه السّلام) في قوله تعالى: "ويقولونَ متى هذا الوعدُ إن كُنتم صادقين" أنّه ذكر القائم (عليه السّلام) في حديث، ثمّ قال: "له غَيبة يرتدّ فيها أقوام ويَثبُت فيها على الدِّين آخَرون، فيُؤذَون ويُقال لهم: متى هذا الوَعدُ إن كُنتم صادقين؟ أما إنّ الصابر في غَيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يَدَي رسول الله (صلّى الله عليه وآله)..

وعن الإمام الرضا (عليه السّلام) أنّه قال (في حديث دِعبِل الخُزاعي):

"قيل للنبيّ (صلّى الله عليه وآله): يا رسول الله، متى يخرج القائم من ذَريّتك؟ فقال: مَثَلُه مَثَل الساعة التي لا يُجلّيها لوقتِها إلاّ هو ثَقُلَت في السماوات والأرض، لا تأتيكم إلاّ بغتةً".

وروي عن الإمام الصادق (عليه السّلام) في قوله تعالى: "وقاتِلوهم حتّى لا تكونَ فِتنةٌ ويكونَ الدِّين كُلُّه لله". قال: "إنّه لم يجئ تأويل هذه الآية، ولو قد قام قائمُنا بعده سيرى مَن يُدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، وليَبلُغَنّ دينُ محمّد ما بَلَغ الليلُ، حتّى لا يكون مُشركٌ على ظهر الأرض، كما قال الله تعالى"..

الاعمال في ليلة الولادة (النصف من شعبان)

قال الرسول الاكرم محمد (صلى الله عليه واله):ـ إذا كانت ليلة النصف من شعبان، فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فإنّ الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء فيقول: ألا مستغفر فأغفر له؟.. ألا مسترزق فأرزقه؟.. حتى يطلع الفجر.

يقول الشيخ المفيد (قدس سره):ـ وهذه الليلة ـ ليلة النصف من شعبان ـ من الليالي المشرفات المعظمات، اللواتي جعلن علامات لنزول الخيرات والبركات، وروي أن أمير المؤمنين لم يكن ينام فيها محيياً لعبادة الله عز وجل بالصلاة والدعاء وتلاوة القرآن...

وجاء في سنن ابن ماجة عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله(صلى الله عليه واله): إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها...

وعن زيد بن علي (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يجمعنا ليلة النصف من شعبان، ثم يجزئ الليل أجزاء ثلاثة، فيصلي بنا جزءاً، ثم يدعو فنؤمن على دعائه، ثم يستغفر الله ونستغفره، ونسأله الجنة حتى ينفجر الفجر...

ومن عظيم بركات هذه اللّيلة المباركة انّها ميلاد سلطان العصر وامام الزّمان أرواحنا له الفداء، ولد عند السّحر سنة خمس وخمسين ومائتين في سرّ مَن رأى، وهذا ما يزيد هذه اللّيلة شرفاً وفضلاً.

روى عن الامام الصّادق (عليه السلام) قال: سُئل الباقر (عليه السلام) عن فضل ليلة النّصف من شعبان، فقال (عليه السلام): هي أفضل اللّيالي بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله العباد فضله ويغفر لهم بمنّه، فاجتهدوا في القربة الى الله تعالى فيها فانّها ليلة آلى الله عزوجل على نفسه أن لا يردّ سائلاً فيها ما لم يسأل الله المعصية، وانّها اللّيلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بازاء ما جعل ليلة القدر لنبيّنا (عليه السلام)، فاجتهدوا في دعاء الله تعالى والثّناء عليه.

وعن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام)يقول: من احب ان يصافحه مائة ألف نبي واربعة وعشرون ألف نبي، فليزر الحسين عليه السلام ليلة النصف من شعبان، فان الملائكة وارواح النبيين يستأذنون الله في زياته فيأذن لهم، فطوبى لمن صافحهم وصافحوه، منهم خمسة اولوا العزم من المرسلين: نوح وابرهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وعليهم اجمعين، قلت: لم سموا اولوا العزم؟ قال: لأنهم بعثوا الى شرقها وغربها وجنها وانسها4

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كان اول يوم من شعبان نادى مناد من تحت العرش: يا وفد الحسين لا تخلو ليلة النصف من شعبان من زيارة الحسين (عليه السلام)، فلو تعلمون ما فيها لطالت عليكم السنة حتى يجئ النصف.

وعن ابن ابي نصر قال: سألت الرّضا (عليه السلام): أيّ الاوقات أفضل أن تزُور فيه الحسين (عليه السلام)؟ قال: النّصف من رجب والنّصف من شعبان.

قُل مائة مرّة: اَللهُ اَكْبَرُ ثمّ قُل:اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ خاتَمِ النَّبِيّينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ سَيِّدِ الْمُرْسَلينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا بْنَ سَيِّدِ الْوَصِيّينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِاللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللهِ وَابْنَ وَلِيِّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا صَفِيَّ اللهِ وَابْنَ صَفِيِّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللهِ وَابْنَ حُجَّتِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبيبَ اللهِ وابْنَ حَبيبِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَفيرَ اللهِ وَابْنَ سَفيرِهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا خازِنَ الْكِتابَ الْمَسْطُورِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ التَّوْراةِ وَالاِْنْجيلِ وَالزَّبُورِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا اَمينَ الرَّحْمنِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا شَريكَ الْقُرْآنِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَمُودَ الدِّينِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بابَ حِكْمَةِ رَبِّ الْعالَمينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بابَ حِطَّة الَّذي مَنْ دَخَلَهُ كانَ مِنَ الاْمِنينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا عَيْبَةَ عِلْمِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَوْضِعَ سِرِّ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا ثارَ اللهِ وَابْنَ ثارِهِ وَالْوِتْرَ الْمَوْتُورَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى الاَْرْواحِ الّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَاَناخَتْ بِرَحْلِكَ، بِاَبي اَنْتَ وَاُمّي وَنَفْسي يا اَبا عَبْدِاللهِ لَقَدْ عَظُمَتِ الْمُصيبَةُ وَجَلَّتِ الرَّزِيَّةُ بِكَ عَلَيْنا وَعَلى جَميعِ اَهْلِ الاِْسْلامِ، فَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً اَسَّسَتْ اَساسَ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ عَلَيْكُمْ اَهْلَ الْبَيْتِ، وَلَعَنَ اللهُ اُمَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقامِكُمْ وَاَزالَتْكُمْ عَنْ مَراتِبِكُمْ الَّتي رَتَّبَكُمُ اللهُ فيها، بِاَبي اَنْتَ وَاُمّي وَنَفْسي يا اَبا عَبْدِاللهِ اَشْهَدُ لَقَدِ اقْشَعَرَّتْ لِدِمائِكُمْ اَظِلَّةَ الْعَرْشِ مَعَ اَظِلَّةُ الْخَلائِقِ، وَبَكَتْكُمُ السَّماءُ وَالاَْرْضُ وَسُكّانُ الْجِنانِ وَالْبَرِّ وَالْبَحْرِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَدَدَ ما فِي عِلْمِ اللهِ، لَبَّيْكَ داعِيَ اللهِ اِنْ كانَ لَمْ يُجِبْكَ بَدَني عِنْدَ اسْتِغاثَتِكَ وَلِساني عِنْدَ اسْتِنْصارِكَ، فَقَدْ اَجابَكَ قَلْبي وَسَمْعي وَبَصَرَي، سُبْحانَ رَبِّنا اِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً، اَشْهَدُ اَنَّكَ طُهْرٌ طاهِرٌ مُطَهَّرٌ مِنْ طُهْر طاهِر مُطَهَّر، طَهُرْتَ وَطَهُرَتْ بِكَ الْبِلادُ وَطَهُرَتْ اَرْضٌ اَنْتَ بِها وَطَهُرَ حَرَمُكَ، اَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ اَمَرْتَ بِالْقِسْطِ وَالْعَدْلِ وَدَعَوْتَ اِلَيْهِما، وَاَنَّكَ صادِقٌ صِدّيقٌ صَدَقْتَ فيـما دَعَوْتَ اِلَيْهِ، وَاَنَّكَ ثارُ اللهِ فِي الاَْرْضِ، وَاَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ عَنِ اللهِ وَعَنْ جَدِّكَ رَسُولِ اللهِ وَعَنْ اَبيكَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَعَنْ اَخيكَ الْحَسَنِ، وَنَصَحْتَ وَجاهَدْتَ فِي سَبيلِ اللهِ وَعَبَدْتَهُ مُخْلِصاً حَتّى اَتيكَ الْيَقينُ، فَجَزاكَ اللهُ خَيْرَ جَزاءِ السّابِقينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ تَسْليماً، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَصَلِّ عَلَى الْحُسَيْنِ الْمَظْلُومِ الشَّهيدِ الرَّشيدِ قَتيلِ الْعَبَراتِ وَاَسيرِ الْكُرُباتِ، صَلاةً نامِيَةً زاكِيَةً مُبارَكَةً يَصْعَدُ اَوَّلُها وَلا يَنْفَدُ آخِرُها، اَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى اَحَد مِنْ اَوْلادِ اَنْبِيائِكَ الْمُرْسَلينَ يا اِلـهَ الْعالَمينَ.

ثمّ قبّل الضّريح وضع خدّك الايمن عليه ثمّ الايسر ثمّ طف حول الضّريح وقبّله من جوانبه الاربعة وقال المفيد (رحمه الله): ثمّ امض الى ضريح عليّ بن الحسين (عليه السلام) وقِف عليه وقُل:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الصِّدّيقُ الطَّيِّبُ الزَّكِيُّ الْحَبيبُ الْمُقَرَّبُ وَابْنَ رَيْحانَةِ رَسُولِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهيد مُحْتَسِب وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، ما اَكْرَمَ مَقامَكَ وَاَشْرَفَ مُنْقَلَبَكَ، اَشْهَدُ لَقَدْ شَكَرَ اللهُ سَعْيَكَ وَاَجْزَلَ ثَوابَكَ، وَاَلْحَقَكَ بِالذِّرْوَةِ الْعالِيَةِ، حَيْثُ الشَّرَفُ كُلُّ الشَّرفِ وَفِي الْغُرَفِ السّامِيَةِ كَما مَنَّ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَكَ مِنْ اَهْلِ الْبَيْتِ الَّذينَ اَذْهَبَ اللهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهيراً، صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ وَرِضْوانُهُ، فَاشْفَعْ اَيُّهَا السَّيِّدُ الطّاهِرُ اِلى رَبِّكَ فِي حَطِّ الاَْثْقالِ عَنْ ظَهْري وَتَخْفيفِها عَنّي وَارْحَمْ ذُلّي وَخُضُوعي لَكَ وَلِلسَّيِّدِ اَبيكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْكُما.

ثمّ انكب على القبر وقل:

زادَ اللهُ فِي شَرَفِكُمْ فِي الاْخِرَةِ كَما شَرَّفَكُمْ فِي الدُّنْيا، وَاَسْعَدَكُمْ كَما اَسْعَدَ بِكُمْ، وَاَشْهَدُ اَنَّكُمْ اَعْلامُ الدّينِ وَنُجُومُ الْعالَمينَ، وَاَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

ثمّ توجّه الى الشّهداء وقل:

اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَنْصارَ اللهِ وَاَنْصارَ رَسُولِهِ وَاَنْصارَ عَلِيّ بْنِ اَبي طالِب وَاَنْصارَ فاطِمَةَ وَاَنْصارَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَاَنْصارَ الاِْسْلامِ، اَشْهَدُ اَنَّكُمْ قَدْ نَصَحْتُمْ للهِ وَجاهَدْتُمْ فِي سَبيلِهِ فَجَزاكُمُ اللهُ عَنِ الاِْسْلامِ وَاَهْلِهِ اَفْضَلَ الْجَزاءِ، فُزْتُمْ وَاللهِ فَوْزاً عَظيماً، يا لَيْتَني كُنْتُ مَعَكُمْ فَاَفُوزَ فَوْزاً عَظيماً، اَشْهَدُ اَنَّكُمْ اَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّكُمْ تُرْزَقُونَ، اَشْهَدُ اَنَّكُمُ الشُّهَداءُ وَالسُّعَداءُ وَاَنَّكُمُ الْفائِزوُنَ فِي دَرَجاتِ الْعُلى، واَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

ثمّ عُد الى عند الرّأس فَصَلِّ صلاة الزّيارة وادعُ لنفسك ولوالديك ولاخوانك المؤمنين.

ومن اعمال ليلة النصف من شعبان كما ورد في كامل الزيارات ومفاتيح الجنان:ـ

أوّلها: الغسل، فانّه يوجب تخفيف الذّنوب.

الثّاني: احياؤها بالصّلاة والدّعاء والاستغفار كما كان يصنع الامام زين العابدين (عليه السلام)، وفي الحديث من أحيا هذه اللّيلة لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب

الثّالث: زيارة الحسين (عليه السلام) وهي أفضل أعمال هذه اللّيلة، وتوجب غفران الذّنوب، وأقلّ ما يزار به (عليه السلام) أن يصعد الزائر سطحاً مرتفعاً فينظر يمنة ويسرة ثمّ يرفع رأسه الى السّماء فيزوره (عليه السلام) بهذه الكلمات:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، ويرجى لمن زار الحسين (عليه السلام) حيثما كان بهذه الزيارة أن يكتب له أجر حجّة وعمرة.

الرّابع: أن يدعو بهذا الدّعاء الذي رواه الشّيخ والسّيد وهو بمثابة زيارة للامام الغائب صلوات الله عليه:

اَللّـهُمَّ بِحَقِّ لَيْلَتِنا وَمَوْلُودِها، وَحُجَّتِكَ وَمَوْعُودِها، الَّتي قَرَنْتَ اِلى فَضْلِها، فَضْلاً فَتَمَّتْ كَلِمَتُكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِكَ، وَلا مُعَقِّبَ لاِياتِكَ، نُورُكَ الْمُتَاَلِّقُ، وَضِياؤُكَ الْمُشْرِقُ، وَالْعَلَمُ النُّورُ في طَخْياءِ الدَّيْجُورِ، الْغائِبُ الْمَسْتُورُ، جَلَّ مَوْلِدُهُ وَكَرمَ مَحْتِدُهُ، وَالْمَلائِكَةُ شُهَّدُهُ، وَاللهُ ناصِرُهُ وَمُؤَيِّدُهُ، اِذا آن ميعادُهُ، وَالْمَلائِكَةُ اَمْدادُهُ، سَيْفُ الله الَّذي لا يَنْبُو، وَنُورُهُ الَّذي لا يَخْبُو، وَذُو الْحِلْمِ الَّذي لا يَصْبُو، مَدارُ الَّدهْرِ، وَنَواميسُ الْعَصْرِ، وَوُلاةُ الاَمْرِ، وَالْمُنَزَّلُ عَلَيْهِمْ ما يَتَنَزَّلُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَاَصْحابُ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ، تَراجِمَةَ وَحْيِهِ، وَوُلاةُ اَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، اَللّـهُمَّ فَصَلِّ عَلى خاتِمِهم وَقائِمِهِمْ الْمَسْتُورِ عَوالِمِهِمْ، اَللّـهُمَّ وَاَدْرِكَ بِنا أَيّامَهُ وَظُهُورَهُ وَقِيامَهُ، وَاجْعَلْنا مِنْ اَنْصارِهِ، وَاقْرِنْ ثارَنا بِثارِهِ، وَاكْتُبْنا في اَعْوانِهِ وَخُلَصائِهِ، وَاَحْيِنا في دَوْلَتِهِ ناعِمينَ، وَبِصُحْبَتِهِ غانِمينَ وَبِحَقِّهِ قائِمينَ، وَمِنَ السُّوءِ سالِمينَ، يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ وَصَلَواتُهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّد خاتَمِ النَّبِيّينَ وَالْمُرْسَلينَ، وَعَلى اَهْلِ بَيْتِهِ الصّادِقينَ وَعِتْرَتِهَ النّاطِقينَ، وَالْعَنْ جَميعَ الظّالِمينَ، واحْكُمْ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ يا اَحْكَمَ الْحاكِمينَ.

الخامس: الدعاء المروي عن الامام الصّادق (عليه السلام)هذا الدّعاء ليلة النّصف من شعبان:

اَللّـهُمَّ اَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، الْعَلِيُّ الْعَظيمُ، الْخالِقُ الرّازِقُ، الُْمحْيِي الْمُميتُ، الْبَديءُ الْبَديعُ، لَكَ الْجَلالُ، وَلَكَ الْفَضْلُ، وَلكَ الْحَمْدُ، وَلَكَ الْمَنُّ، وَلَكَ الْجُودُ، وَلَكَ الْكَرَمُ، وَلَكَ الاَْمْرُ، وَلَكَ الَمجْدُ، وَلَكَ الْشُّكْرُ، وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، يا واحِدُ يا اَحَدُ، يا صَمَدُ، يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً اَحَدٌ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاْغفِرْ لي وَارْحَمْني، وَاكْفِني ما اَهَمَّني، وَاقْضِ دَيْني، وَوَسِّعْ عَليَّ في رِزْقي، فَاِنَّكَ في هذِهِ اللَّيْلَةِ كُلَّ اَمْر حَكيم تَفْرُقُ، وَمَنْ تَشاءُ مِنْ خلْقِكَ تَرْزُقُ، فَارْزُقْني وَاَنْتَ خَيْرُ الرّازِقينَ، فَاِنَّكَ قُلْتَ وَاَنْتَ خَيْرُ الْقائِلينَ النّاطِقينَ واسْأَلُو اللهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَمِنْ فَضْلِكَ أسْأَلُ، وَاِيّاكَ قَصَدْتُ، وابْنَ نَبِيِّكَ اعْتَمَدْتُ، وَلَكَ رَجَوْتُ، فَارْحَمْني يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ.

السّادس: اُدع بهذا الدّعاء الذي كان يدعو به النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الليلة:

اَللّـهُمَّ اقْسِمْ مِنْ خَشْيَتِكَ ما يَحُولُ بَيْنَنا وَبَيْنَ مَعْصِيَتِكَ، وَمِنْ طْاعَتِكَ ما تُبَلِّغُنا بِهِ رِضْوانَكَ، وَمِنَ الْيَقينِ ما يَهُونُ عَلَيْنا بِهِ مُصيباتُ الدُّنْيا، اَللّـهُمَّ اَمْتِعْنا بِاَسْماعِنا وَاَبْصارِنا وَقُوَّتِنا ما اَحْيَيْتَنا، وَاجْعَلْهُ الْوارِثَ مِنّا، واجْعَلْ ثأرَنا عَلى مَنْ ظَلَمَنا، وَانْصُرنا عَلى مَنْ عادانا، وَلا تَجْعَلْ مُصيبَتَنا في دينِنا، وَلا تَجْعَلِ الدُّنْيا اَكْبَرَ هَمِّنا، وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنا، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيْنا مَنْ لا يَرْحَمُنا، بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ.

السّابع: أن يقرأ الصّلوات التي يدعى بها عند الزّوال في كلّ يوم.

الثّامن: أن ندعو بدعاء كميل.

التّاسع: أن يذكر الله بكلّ من هذه الاذكار مائة مرّة، سُبْحانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلا اِلـهَ إلاَّ اللهُ واللهُ اَكْبَرُ ليغفر الله له ما سلف من معاصيه، ويقضي له حوائج الدّنيا والاخرة.

العاشر: روى الشّيخ في المصباح عن أبي يحيى في حديث في فضل ليلة النّصف من شعبان انّه قال: قلت لمولاي الصّادق (عليه السلام): ما هو أفضل الادعية في هذه اللّيلة، فقال: اذا صلّيت العشاء فصلّ ركعتين تقرأ في الاُولى الحمد وسورة الجحد وهي سورة «قل يا أيّها الكافرون»، وفي الثّانية الحمد وسورة التّوحيد وهي سورة «قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ»، فاذا سلّمت قلت: «سُبْحانَ اللهِ» ثلاثاً وثلاثين مرّة، و«الْحَمْدُ للهِ» ثلاثاً وثلاثين مرّة، و «اللهُ اَكْبَرُ» أربعاً وثلاثين مرّة، ثمّ قل:

يا مَنْ اِلَيْهِ مَلْجَأُ الْعِبادِ في الْمُهِمّاتِ، وَاِلَيْهَ يَفْزَعُ الْخَلْقُ فىِ الْمُلِمّاتِ، يا عالِمَ الْجَهْرِ وَالْخَفِيّاتِ، يا مَنْ لا تَخْفى عَلَيْهِ خَواطِرُ الاَْوْهامِ وَتَصَرُّفُ الْخَطَراتِ، يا رَبَّ الْخَلايِقِ وَالْبَرِيّاتِ، يا مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ الاَْرَضينَ وَالسَّماواتِ، اَنْتَ اللهُ لا اِلـهَ إِلاّ اَنْتَ، اَمُتُّ اِلَيْكَ بِلا اِلـهَ إِلاّ اَنْتَ، فَيا لا اِلـهَ اِلاّ اَنْتَ اجْعَلْني في هِذِهِ اللَّيْلَةِ مِمَّنْ نَظَرْتَ اِلَيْهِ فَرَحِمْتَهُ وَسَمِعْتَ دُعاءَهُ فَاَجَبْتَهُ، وَعَلِمْتَ اسْتِقالَتَهُ فَاَقَلْتَهُ، وَتَجاوَزْتَ عَنْ سالِفِ خَطيئَتِهِ وَعَظيمِ جَريرَتِهِ، فَقَدِ اسْتَجَرْتُ بِكَ مِنْ ذُنُوبي، وَلَجَأتُ اِلَيْكَ في سَتْرِ عُيُوبي، اَللّـهُمَّ فَجُدْ عَلَيَّ بِكَرَمِكَ وَفَضْلِكَ، وَاحْطُطْ خَطايايَ بِحِلْمِكَ وَعَفْوِكَ، وَتَغَمَّدْني في هذِهِ اللَّيْلَةِ بِسابِغِ كَرامَتِكَ، وَاجْعَلْني فيها مِنْ اَوْلِيائِكَ الَّذينَ اجْتَبَيْتَهُمْ لِطاعَتِكَ، واخْتَرْتَهُمْ لِعِبادَتِكَ، وَجَعَلْتَهُمْ خالِصَتَكَ وَصِفْوَتَكَ، اَللّـهُمَّ اجْعَلْني مِمَّنْ سَعَدَ جَدُّهُ، وَتَوَفَّرَ مِنَ الْخَيْراتِ حَظُّهُ، وَاجْعَلْني مِمَّنْ سَلِمَ فَنَعِمَ، وَفازَ فَغَنِمَ، وَاكْفِني شَرَّ ما اَسْلَفْتُ، وَاعْصِمْني مِنَ الاْزدِيادِ في مَعْصِيَتِكَ، وَحَبِّبْ اِلَيَّ طاعَتَكَ وَما يُقَرِّبُني مِنْكَ وَيُزْلِفُني عِنْدَكَ، سَيِّدي اِلَيْكَ يَلْجَأُ الْهارِبُ، وَمِنْكَ يَلْتَمِسُ الطّالِبُ، وَعَلى كَرَمِكَ يُعَوِّلُ الْمُسْتَقْيِلُ التّائِبُ، اَدَّبْتَ عِبادَكَ بالتَّكَرُّمِ، وَاَنْتَ اَكْرَمُ الاَْكْرَمينَ، وَاَمَرْتَ بِالْعَفْوِ عِبادَكَ وَاَنْتَ الْغَفُورُ الَّرحيمُ، اَللّـهُمَّ فَلاتَحْرِمْني ما رَجَوْتُ مِنْ كَرَمِكَ، وَلا تُؤْيِسْني مِنْ سابِغِ نِعَمِكَ، وَلا تُخَيِّبْني مِنْ جَزيلِ قِسْمِكَ في هذِهِ اللَّيْلَةِ لاَهْلِ طاعَتِكَ، وَاجْعَلْني في جُنَّة مِنْ شِرارِ بَرِيَّتِكَ، رَبِّ اِنْ لَمْ اَكُنْ مِنْ اَهْلِ ذلِكَ فَاَنْتَ اَهْلُ الْكَرَمِ وَالْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ، وَجُدْ عَلَيَّ بِما اَنْتَ اَهْلُهُ لا بِما اَسْتَحِقُّهُ، فَقَدْ حَسُنَ ظَنّي بِكَ، وَتَحَقَّقَ رَجائي لَكَ، وَعَلِقَتْ نَفْسي بِكَرَمِكَ، فَاَنْتَ اَرْحَمُ الرّاحِمينَ وَاَكْرَمُ الاَْكْرَمينَ، اَللّـهُمَّ واخْصُصْني مِنْ كَرمِكَ بِجَزيلِ قِسْمِكَ، وَاَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَاغْفِر لِيَ الَّذنْبَ الَّذي يَحْبِسُ عَلَيَّ الْخُلُقَ، وَيُضَيِّقُ عَليَّ الرِّزْقَ، حَتى اَقُومَ بِصالِحِ رِضاكَ، وَاَنْعَمَ بِجَزيلِ عَطائِكَ، وَاَسْعَدَ بِسابِغِ نَعْمائِكَ، فَقَدْ لُذْتُ بِحَرَمِكَ، وَتَعَرَّضْتُ لِكَرَمِكَ، واَسْتَعَذْتُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِحِلْمِكَ مِنْ غَضَبِكَ، فَجُدْ بِما سَأَلْتُكَ وَاَنِلْ مَا الَْتمَسْتُ مِنْكَ، اَساَلُكَ بِكَ لا بِشَيء هُوَ اَعْظَمُ مِنْكَ.

ثمّ تسجد وتقول: «يا رَبُّ» عشرين مرّة، «يا اَللهُ» سبع مرّات، «لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ» سبع مرّات، «مآ شاءَ اللهُ» عشر مرّات، «لا قُوّةَ إِلاّ بِاللهِ» عشر مرّات، ثمّ تصلّي على النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم(وآله وتسأل حاجتك فو الله لو سألت بها بعدد القطر لبلّغك الله عزوجل ايّاها بكرمه وفضله.

الحادي عشر: قال الطّوسي والكفعمي: يقال في هذه اللّيلة:

اِلـهي تَعَرَّضَ لَكَ في هذَ اللَّيْلِ الْمُتَعَرِّضُونَ، وَقَصَدَكَ الْقاصِدُونَ، وَاَمَّلَ فَضْلَكَ وَمَعْرُوفَكَ الطّالِبُونَ، وَلَكَ في هذَا اللّيْلِ نَفَحاتٌ وَجَوائِزُ وَعَطايا وَمَواهِبُ تَمُنُّ بِها عَلى مَنْ تَشاءُ مِنْ عِبادِكَ، وَتَمْنَعُها مَنْ لَمْ تَسْبِقْ لَهُ الْعِنايَةُ مِنْكَ، وَها اَنَا ذا عُبَيْدُكَ الْفَقيرُ اِلَيْكَ، الْمُؤَمِّلُ فَضْلَكَ وَمَعْرُوفَكَ، فَاِنْ كُنْتَ يا مَولايَ تَفَضَّلْتَ في هذِهِ اللَّيْلَةِ عَلى اَحَد مِنْ خَلْقِكَ، وَعُدْتَ عَلَيْهِ بِعائِدَة مِنْ عَطْفِكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ، الْخَيِّرينَ الْفاضِلينَ، وَجُدْ عَلَيَّ بِطَولِكَ وَمَعْرُوفِكَ يا رَبَّ الْعالَمينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّد خاتَمِ النَّبيّينَ وَآلِهِ الطّاهِرينَ وَسَلَّمَ تَسْليماً، اِنَّ اللهَ حَميدٌ مَجيدٌ، اَللّـهُمَّ اِنّي اَدْعُوكَ كَما اَمَرْتَ فَاسْتَجِبْ لي كَما وَعَدْتَ اِنَّكَ لا تُخْلِف الْميعادَ.

قال كميل بن زياد: كنت جالسا مع مولاي أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد البصرة ومعه جماعة من اصحابه فقال بعضهم: ما معنى قول الله عز وجل: (فيها يفرق كل أمر حكيم)؟

قال عليه السلام: ليلة النصف من شعبان، والذي نفس علي بيده انه ما من عبد الا وجميع ما يجري عليه من خير وشر مقسوم له في ليلة النصف من شعبان إلى آخر السنة في مثل تلك الليلة المقبلة، وما من عبد يحييها ويدعو بدعاء الخضر عليه السلام الا اجيب له. فلما انصرف طرقته ليلا، فقال عليه السلام: ما جاء بك يا كميل؟ قلت: يا أمير المؤمنين دعاء الخضر، فقال: اجلس يا كميل، إذا حفظت هذا الدعاء فادع به كل ليلة جمعة أو في الشهر مرة أو في السنة مرة أو في عمرك مرة تكف وتنصر وترزق ولن تعدم المغفرة، يا كميل اوجب لك طول الصحبة لنا ان نجود لك بما سألت، ثم قال: اكتب: فكتب دعاء كميل.

ومما يعمل ليلة النصف من شعبان بارض كربلاء ما رويناه عن أبي القاسم رحمه الله من كتاب الزيارات عن سالم بن عبد الرحمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من بات ليلة النصف من شعبان بأرض كربلاء، يقرء ألف مرة (قل هو الله أحد) ويستغفر الله ألف مرة ويحمد الله ألف مرة، ثم يقوم فيصلي اربع ركعات، يقرء في كل ركعة ألف مرة آية الكرسي، وكل الله عز وجل به ملكين يحفظانه من كل سوء ومن كل شيطان وسلطان، ويكتبان له حسناته، ولا يكتب عليه سيئة ويستغفران له ماداما معه.

اللهم بحق ليلتنا هذه ومولودها، وحجتك وموعدها، التي قرنت الى فضلها فضلا، فتمت كلمتك صدقا وعدلا، لا مبدل لكلماتك ولا معقب لاياتك، نورك المتألق وضياؤك المشرق، والعلم النور في طخياء الديجور، الغائب المستور، جل مولده وكرم محتده، والملائكة شهده، والله ناصره ومؤيده إذا آن ميعاده والملائكة امداده. سيف الله الذي لا ينبو، ونوره الذي لا يخبو، وذو الحلم الذي لا يصبو، مدار الدهر ونواميس العصر وولاة الامر وولاة الامر والمنزل عليهم ما ينزل

في ليلة القدر واصحاب الحشر والنشر، وتراجمه وحيه وولاة امره ونهيه. اللهم فصل على خاتمهم وقائمهم، المستور عن عوالمهم، وادرك بنا ايامه وظهوره وقيامه، واجعلنا من انصاره، واقرن ثارنا بثاره، واكتبنا في اعوانه وخلصائه، واحينا في دولته ناعمين وبصحبته غانمين، وبحقه قائمين، ومن السوء سالمين يا ارحم الراحمين. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد خاتم النبيين والمرسلين وعلى اهل بيته الصادقين وعشرته الناطقين، والعن جميع الظالمين، واحكم بيننا وبينهم يا احكم الحاكمين.

اعمال يوم النّصف من شعبان

وهو عيد الميلاد قد ولد فيه الإمام الثّاني عشر إمامنا المهديّ الحجّة بن الحسن صاحب الزّمان صلوات الله عليه وعلى آبائه ويستحبّ زيارته (عليه السلام) في كلّ زمان ومكان والدّعاء بتعجيلِ الفرَج عند زيارته وتتأكّد زيارته في السّرداب بسرّ من رأى وهو المتيقّنُ ظهوره وتملّكُهُ وانّه يملا الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. العجل العجل ياصاحب الزمان ادركنا ادركنا..

ذات صلة

عالم الإسلام متماثلا اجتماعيا وثقافيا.. الطاقة الممكنةصناعة الاستبداد بطريقة صامتةوزارتا التربية والتعليم العالي في العراق مذاكرةٌ في تجاذبات الوصل والفصلالجنائية الدولية وأوامر الاعتقال.. هل هي خطوة على طريق العدالة؟التناص بوصفه جزءاً فاعلاً في حياتنا