محاربة التطرف الاسلامي: جعل المسلمين شركاء وليس اعداء
مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
2017-02-14 08:01
عرض وتحليل: د. خالد عليوي العرداوي/مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
ترجمة: هبـــه عبــاس/بقلم: انتوني كوردسمان-مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية
في مقال للكاتب الأمريكي البارز انتوني كوردسمان تحت عنوان (محاربة التطرف الإسلامي جعل المسلمين شركاء وليس أعداء) نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي بتاريخ الخامس والعشرين من شهر يناير الماضي حاول فيه تقديم نصيحة للإدارة الامريكية الجديدة برئاسة ترامب حول طريقة تعاملها مع المسلمين، وجاء في المقال ما نصه:
"ان الحكومة الجديدة التي تسلمت مقاليد الحكم والتي تهدف الى تغيير العديد من الجوانب المهمة في السياسة الامريكية، من المحتمل ان تحقق هذه الاهداف في اقرب وقت ممكن، لكن اتخاذ قرار سريع ومفاجيء سيكون له ضرر وليس منفعة، وان الطريقة التي تسلكها الولايات المتحدة للتعامل مع التطرف الاسلامي العنيف والارهاب هي مثال على ذلك.
وان الدراسة الاخيرة التي اجراها كرسي ارليه بورك في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية بعنوان "اعادة التفكير بتهديد التطرف الاسلامي: التغيرات المطلوبة في الاستراتيجية الامريكية" تعالج وتتطرق الى هذه القضايا بشكل مفصل، وتدرس الميل الأخير تجاه التطرف الاسلامي العنيف والارهاب، وسبب التطرف والدور العنيف الذي لعبه شركاء امريكا الاستراتيجيين في العالم الاسلامي.
كما تُظهر الدراسة ان استراتيجية امريكا الناجحة-ووضع امريكا العالمي في التعامل مع مثل هذه التهديدات-لايمكن ان تعتمد على اقصاء المسلمين، بل على التعامل مع الحكومات المسلمة المعتدلة والشركاء في مكافحة الارهاب والأمن الاقليمي، كما تعتمد على كسب دعم المسلمين الذين يقطنون في الولايات المتحدة والغرب بدلاً من ابعادهم ودفع البعض منهم بين يدي المتطرفين.
قد يكون التركيز على تفويض البلدان الاسلامية أفضل من تبني مفاهيم خطرة مثل فرض الحظر عليها، وقد يكون تحسين التدقيق والحصول على تأشيرات الدخول أفضل من منع الدخول على اساس الدين والقومية، وفي الوقت ذاته فان جميع البلدان الاسلامية التي يمكن ان تخصها الولايات المتحدة بالذكر بسبب الاضطرابات والتهديدات هي بلدان تحتاجها الولايات المتحدة كشركاء وحلفاء.
ربما يكون حصول العديد من البلدان على معلومات وبيانات مهمة امر مستحيل، اذ ان الكلام أسهل من العمل، لذا ربما ستكون النتيجة النهائية منع الانضمام في صفوف من يتقبل خطر الدعم الفعلي للولايات المتحدة، بينما الاشخاص الذين يحملون جنسية مزدوجة (امريكية او اوروبية)، ويتدربون في معسكرات المتطرفين، هم اشخاص مجهولي الهوية، الأمر الذي يمكنهم من كسب دعم الجماعات المتطرفة لغرض الحصول على وثائق مزورة او مساعدتها على السفر.
وعلى نطاق واسع، فان الدراسة المفصلة للبيانات المتعلقة بالتطرف الاسلامي تدعم الادارة الجديدة من خلال القول بانه يشكل تهديداً رئيساً وتتجاهل الروابط بين الارهاب والنسخة المضللة من الاسلام وهذا امر مضلل وخطير، وفي الوقت ذاته تُظهر مدى اهمية وجود دول اسلامية كشركاء استراتيجيين في الوقت الحالي، لذا من المهم اخذ الديموغرافية الاسلامية بعين الاعتبار والتركيز على "داعش" بدلاً من التهديد العام.
ومن الواضح لا يمكن للحلول العسكرية ولا مكافحة الارهاب هزيمة التطرف الاسلامي العنيف بشكل سريع خلال العقد الحالي، ولا يمكن ان نطلق تسمية "الحرب الطويلة" على النضال ضد التطرف الاسلامي العنيف، لكنه سيكون صراعا طويلا في أحسن الأحوال، كما ستقوده الكثير من المشاكل العميقة في التسلط والحكم، والفساد، والضغط السكاني والتنمية الاقتصادية، فضلا على الانقسامات العرقية والطائفية والقبلية.
وإذا اهملت الولايات المتحدة التعامل مع الاسلام والعالم الاسلامي، ستساهم في نقل الصراع ضد الاقليات المتطرفة الصغيرة الى صراع فعلي أكثر خطورة بين الغرب والعالم الاسلامي، يصب في مصلحة العديد من التهديدات منها التهديد الايراني الذي يعد تطرفا من نوع اخر فضلا على التهديد الروسي".
نظرة تحليلية
يتضح من المقال عدد من الحقائق المهمة التي يعرضها الكاتب، ومنها:
- ان الارهاب لا يلتصق بالإسلام وانما بالنسخة المضللة من الاسلام، وكشف زيف هذه النسخة وتعريتها امر مفيد للمسلمين وغيرهم.
- اتهام المسلمين بالإرهاب، واقصاء دول اسلامية بكاملها لا يسهم بمعالجة المشكلة، بل سيقود الى تفاقمها وربما تحولها في مرحلة ما الى حرب مفتوحة بين الغرب والعالم الاسلامي، وهذا يحقق اهداف المتطرفين في كلا المعسكرين، وقطعا لا يخدم الانسانية، وعليه من الضروري التفريق في التعامل مع العالم الاسلامي بين الارهابي وغير الارهابي من الافراد والدول؛ من اجل اقامة شراكة استراتيجية مع المعتدلين من المسلمين تصب في محاربة الارهاب.
- مراجعة سيرة بعض حلفاء امريكا المتورطين في ملفات ارهابية مهمة، فهؤلاء قد يتطلبون مواقف صارمة تحد من نشاطهم، وتحتوي سياساتهم الخطرة.
- الارهاب ليس ناتج فقط عن اسباب دينية، بل هناك اسباب سياسية واقتصادية واجتماعية تكمن في بنية المجتمعات التي يتوالد منها الارهابيون تتطلب المعالجة من اجل تجفيف منابع الارهاب وحواضنه.
- السلاح لوحده غير قادر على تحقيق النصر النهائي على الارهاب، بل هناك ادوات اخرى ممكن إذا أحسن استعمالها تحقيق الهدف.
ان هذه النصائح التي يقدمها السيد كوردسمان ليست مفيدة للإدارة الامريكية الجديد فحسب، بل هي مفيدة لجميع الحكومات والشعوب، ولاسيما شعوب وحكومات الشرق الاوسط، ومن الضروري التمعن فيها ووضع السياسات المناسبة وفقا لها، إذا أردنا تحسين صورة الاسلام والمسلمين في نظر العالم، واردنا بناء دول جديرة بالاحترام والتقدير العالمي، فهل تجد لها اذان واعية تدركها، وتعمل على ضوئها؟