معركة الموصل: انتصارات مضطردة تُعجل بحتمية النهاية لداعش
عبد الامير رويح
2016-11-08 07:46
تواصل القوات العراقية المشتركة عملياتها العسكرية وانتصاراتها المستمرة لتحرير مدينة الموصل من عصابات تنظيم داعش الإرهابي، الذي تكبد خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات حيث أكدت بعض التقارير مقتل أكثر من ألف عنصر من داعش، هذا بالإضافة الى استعادة العديد من القرى والمناطق في محيط المدينة بعد هروب عناصر التنظيم منها، ويرى بعض الخبراء ان انتصارات وتقدم الجيش العراقي في معركة الموصل فاقت التوقعات، حيث سجلت معارك الموصل التي دخلت يومها الثاني والعشرين، تطورات جديدة، أبرزها وبحسب بعض المصادر، وصول قوات عراقية جديدة إلى مشارف المدينة وتضييق الخناق عليها من محاور عدة.
وقد أعلنت العمليات المشتركة أنها باتت على بعد كيلومترات قليلة من مطار الموصل، إثر تحرير ناحية حمام العليل آخر معقل لداعش في المحور الجنوبي، وذلك بعد استعادتها إحدى عشرة قرية رئيسة في ناحية حمام العليل، التي تعد آخر الخطوط الدفاعية لتنظيم داعش جنوب الموصل، وبعد هذه الانتصارات لقواتنا البطلة أفاد مصدر من داخل الموصل، بأن داعش نكل بمجموعة من عناصره عبر ذبحهم بسكاكين عمياء غير حادة بتهمة "التخاذل" وسط الموصل. وقال المصدر إن "عصابات داعش عمدت الى إعدام سبعة من عناصرها الفارين من المعارك في منطقة كوكجلي في الساحل الأيسر لمدينة الموصل"، موضحا أن "ما يسمى المحكمة الشرعية التابعة للتنظيم أصدرت حكما بإعدامهم بتهمة التخاذل". وأضاف المصدر أن "هؤلاء العناصر جرى إعدامهم وذلك عن طريق وضعهم وهم مكبلو الأيدي والأرجل في احد مقرات التنظيم وسط مدينة الموصل وحز رقابهم بسكاكين غير حادة مستشهدين بتفاسير سطحية تحض على حز رقاب الكفار معتبرين من انسحب بأنهم كفار. ويرى بعض الخبراء ان تنظيم داعش سيعمد ايضا الى تغير خططة القتالية وسيعود الى تكثيف عملياته الانتحارية واستهداف المدن العراقية الأخرى، هذا بالاضافة الى استخدام المدنيين كدروع بشرية في الموصل.
تقدم وانتصارات
وفيما يخص اخر تطورات المعركة فقد قال قائد كبير في قوات الأمن العراقية إن القوات طردت تنظيم داعش من وسط مدينة تقع إلى الجنوب من الموصل معقل التنظيم وباتت على بعد بضعة كيلومترات من مطار يقع على مشارف المدينة. وقال الفريق رائد شاكر جودت إن قوات الأمن تسيطر على وسط مدينة حمام العليل الواقعة على بعد 15 كيلومترا جنوبي الموصل رغم أنه لم يوضح ما إذا كان المقاتلون قد طردوا تماما.
وقال مسؤولون عراقيون إن التقدم على الطرف الجنوبي يأتي بعد أيام من اجتياح قوات عراقية خاصة الطرف الشرقي من الموصل وسيطرتهم على ستة أحياء منحتهم موطئ قدم في المدينة للمرة الأولى منذ فرار الجيش من المنطقة قبل عامين. وقال جودت إن وحدة أخرى تقدمت شمالا على الضفة الغربية لنهر دجلة. وقال لتلفزيون الحرة إن قوات خاصة وصلت إلى منطقة تبعد أربعة كيلومترات عن مطار الموصل.
والسيطرة على الموصل سيسحق فعليا الشطر العراقي من دولة "الخلافة" التي أعلنها زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي من على منبر في مسجد بالموصل قبل عامين. ويسيطر التنظيم أيضا على مساحات واسعة في شرق سوريا. ولم ترد تقارير عن مزيد من المكاسب في شرق المدينة وقال ضباط إن الجيش يطهر المناطق التي سيطر عليها في مؤخرا.
وخلال زيارة للجبهة الشرقية للقتال قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إنه يحمل رسالة طمأنة للسكان داخل الموصل الذين وصفهم بالرهائن في يد "داعش". وقال العبادي "أنا اطمئن المواطنين وبالأخص في الموصل اللي هم رهائن بيد داعش .. قريبا سنحرركم .. انتظروا اللحظة التي يدخل فيها هؤلاء الأبطال ليحرروكم. هؤلاء معكم لحمايتكم .. لرعايتكم .. وإن شاء الله سنقطع رأس داعش. العراقيون سيوجهون الضربة القاصمة لداعش الإرهابية."
وقال إن التقدم في حملة استعادة السيطرة على الموصل المستمرة منذ ما يقرب من ثلاثة أسابيع وداخل الموصل ذاتها أسرع من المتوقع. لكنه أشار إلى أن وتيرة التقدم قد لا تستمر بهذا الشكل في وجه المقاومة الشرسة التي تشمل تفجير سيارات ملغومة ورصاص قناصة وزرع قنابل على جانب الطرق. وأضاف العبادي "اطمئن المواطنين هذه قواتنا البطلة لن تتراجع ولن تنكسر. ربما أمام الأعمال الإجرامية لداعش يوجد تأخير ولكن أؤكد انه لا يوجد تأخير بناء على الخطة".
وقال الفريق جودت إن قواته دمرت 17 سيارة محملة بقنابل استهدفت الجنود أثناء تقدمهم شمالا. وحتى الآن تعتبر المنطقة التي يقول الجيش إنه سيطر عليها شرق الموصل جزءا صغيرا من المدينة التي كان يقطنها نحو مليوني نسمة قبل أن تسيطر داعش عليها في 2014. وهناك أكثر من مليون في المدينة حاليا وهي الأكبر على الإطلاق التي يسيطر عليها التنظيم في العراق أو سوريا.
قال اللواء نجم الجبوري قائد عمليات الموصل إن هجوم على حمام العليل التي تقع على بعد نحو 15 كيلومترا جنوبي الموصل يستهدف قوة تضم 70 مسلحا على الأقل من داعش في المدينة الواقعة على نهر دجلة. وقال الجبوري للصحفيين إن المعركة "مهمة جدا. إنها آخر مدينة أمامنا قبل الموصل". وأضاف أن طائرات هليكوبتر عراقية تساند قوات الجيش المدعوم أيضا بمقاتلات من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الذي يضرب أهدافا لداعش.
وقال قرويون إن مقاتلي داعش أجبروا السكان على البقاء وقت تعرضهم للهجوم في حمام العليل كما أرغموا الآلاف على السير معهم لدى تقهقرهم شمالا على مدى الأسبوعين الماضيين كدروع بشرية لاتقاء الضربات الجوية. وذكرت الأمم المتحدة أن المتشددين اصطحبوا 1600 مدني اختطفوهم من حمام العليل إلى تلعفر غربي الموصل وأخذوا 150 أسرة أخرى من تلعفر للموصل في اليوم التالي. بحسب رويترز.
وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني إن داعش أمرت السكان بتسليم الصبية الذين تزيد أعمارهم عن تسع سنوات في مسعى على ما يبدو لتجنيد أطفال. وقال الجبوري إن قوات الشرطة الاتحادية التي تقاتل مع الجيش في حمام العليل قتلت رجلا وصفه بأنه شخصية بارزة في داعش ويدعى عمار صالح أحمد أبو بكر لدى محاولته الفرار من المدينة في سيارة. وقال إن الكثير من المتشددين الباقين في المدينة ليسوا عراقيين. وأضاف "هناك 70 مقاتلا من داعش على الأقل في المدينة أغلبهم من المقاتلين الأجانب لذلك لا يعرفون إلى أين يتوجهون. إنهم يتنقلون فقط من مكان لآخر."
داخل المدينة
من جانب اخر تخوض القوات العراقية اشتباكات مع عصابات داعش الاجرامية داخل مدينة الموصل، وابدى تنظيم داعش مقاومة شرسة في الدفاع عن اهم آخر معاقله امام الهجوم الذي تقوده قوات مكافحة الإرهاب على الجبهة الشرقية للمدينة في أكبر عملية عسكرية يشهدها العراق منذ سنوات. وقال قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الغني الأسدي إن "قواتنا تواصل تطهير أحياء بينها السماح وكركوكلي والملايين وشقق الخضراء". وسبق للتنظيم المتطرف ان خسر معاقل في العراق وسوريا خلال الاشهر الاخيرة لكن الامر مختلف في الموصل. وأكد الاسدي أن "المقاومة شديدة جدا وقدموا (الجهاديون) خسائر كبيرة". وفي حي الانتصار في جنوب شرق المدينة، خاضت الفرقة التاسعة المدرعة من الجيش معارك مع الجهاديين.
ودخلت القوات العراقية إلى شوارع الموصل للمرة الأولى، وواجهت مقاومة شرسة غير متوقعة من الجهاديين، بحسب ما قال أحد الضباط. وسمح هجوم القوات العراقية لبعض المدنيين بالفرار من المدينة، لكن معظم هؤلاء الذين يقدر عددهم باكثر من مليون شخص ما زالوا محاصرين في الداخل وعالقين بين الجهاديين والقوات المدعومة من طائرات التحالف. وتمكن بعض المدنيين الذين نجحوا بالهروب من المدينة، من الوصول إلى مخيم قرب الخازر داخل المناطق التي يسيطر عليها الأكراد.
وتحت القصف ونيران القناصة وقذائف الهاون، غادر أبو سارة حي السماح في شرق الموصل، حاملا بين ذراعيه طفله الذي لم يتجاوز 15 يوماً. وقال العراقي البالغ 34 عاما "مشينا كيلومترات عدة بثيابنا ورايات بيض لوحنا بها طوال الطريق". وفيما لم تلق دعوات المنظمات الإنسانية لفتح ممرات آمنة للمدنيين الخارجين من الموصل صدى، ارتفعت أعداد النازحين في الأيام الأخيرة. وأعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية في بيان "استقبال تسعة الاف نازح خلال اليومين الماضيين".
وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن عدد النازحين بلغ نحو 34 ألفا منذ بدء هجوم الموصل في 17 تشرين الأول/أكتوبر. وخاضت المنظمات الإنسانية سباقا مع الزمن من أجل بناء مخيمات لاستيعاب النازحين. وبدا من الصعب التكهن بوتيرة سير المعارك، وخصوصا بعد التسجيل الصوتي لزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي الذي دعا مقاتليه إلى الثبات والمواجهة. ويقدر عدد الجهاديين المتواجدين في الموصل بين ثلاثة الى خمسة آلاف مقاتل. ويبدو أن قدرة التنظيم على الرد بهجمات برية قد تلاشت، ويلجأ إلى تنفيذ هجمات على غرار ما قام به في مدينتي كركوك والرطبة شمال وغرب بغداد.
عمليات انتحارية
الى جانب ذلك قال مسؤولون إن سيارتي إسعاف ملغومتين يقودهما انتحاريان انفجرتا عند نقطة تفتيش ومرأب سيارات لزوار شيعة في مدينتين عراقيتين مما أسفر عن سقوط 21 شهيدا على الأقل وإصابة العشرات. ووقع الهجومان في تكريت وسامراء بينما تحاول القوات العراقية وقوات الأمن انتزاع السيطرة على مدينة الموصل الشمالية من تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على المدينة منذ أكثر من عامين.
ويأتي التفجيران فيما يبدو ضمن سلسلة هجمات للمتشددين السنة تهدف إلى تشتيت الانتباه ومن بينها هجوم في مدينة كركوك الواقعة تحت سيطرة الأكراد وفي العاصمة بغداد وفي بلدة صحراوية غربية خلال حملة الموصل التي بدأت قبل ثلاثة أسابيع. وأعلنت وكالة أعماق للأنباء مسؤولية التنظيم عن الهجومين. وقالت مصادر من الشرطة ومستشفى إن مهاجما فجر سيارة إسعاف ملغومة في تكريت عند المدخل الجنوبي للمدينة خلال ساعة الذروة الصباحية مما أسفر عن مقتل 13 شخصا. بحسب رويترز.
وقال مسؤولون محليون إن مهاجما آخر قتل ثمانية أشخاص بينهم زائران إيرانيان. وقالت قيادة العمليات المحلية وهي وحدة مشتركة بين الجيش والشرطة إن السيارة المستخدمة في هجوم سامراء كانت سيارة إسعاف أيضا. وأعلنت السلطات في المدينتين حظر التجول خوفا من وقوع المزيد من الهجمات. وقالت وكالة أعماق "ضرب الاستشهادي الأول تجمع حافلات نقل تقل الزوار بسيارة مفخخة واتبعه استشهادي ثان ليستهدف بسترة ناسفة تحشدا للزوار الذين نجوا من الانفجار الأول." وأضافت "من جهة أخرى وبالتزامن مع هجومي سامراء ضربت عملية استشهادية ثالثة سيطرة الأنواء جنوبي مدينة تكريت بسيارة مفخخة." وتقاتل قوات الجيش وقوات الأمن العراقية مدعومة بتحالف دولي تقوده الولايات المتحدة تنظيم داعش في الموصل. ودخلت قوات خاصة أحياء شرقية بالمدينة حيث واجهت مقاومة شرسة من المتشددين الذين نشروا سيارات ملغومة وقناصة وأطلقوا نيران قذائف مورتر على القوات.