اليمن والسعودية: حرب النفوذ تفتح ابواب العنف الطائفي

عبد الامير رويح

2016-10-23 09:17

الجرائم الكبيرة التي ارتكبتها قوات التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، بسبب الغارات الجوية والقصف العشوائي الذي اودى بحياة الآلاف من المدنيين فضلا عن تدميرواستهداف العديد من المستشفيات والمدارس والمؤسسات والبنية التحتية، ماتزال محط اهتمام اعلامي واسع خصوصا وانها قد اثارت في الفترة الاخيرة انتقادات واسعة من قبل المنظمات الانسانية والحقوقية، التي وصفت ما يحدث بانه انتهاك صريح للقانون الدولي، ولعل اخر هذه الجرائم المجزرة المروعة التي وقعت في العاصمة اليمنية صنعاء، عندما استهدفت الطائرات السعودية مواطنين احتشدوا خلال مجلس عزاء، ما أدى مقتل وإصابة مئات المدنيين. هو ما اثار ردود أفعال غاضبة خصوصا بعد ان اعترف التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية رسميا وكما نقلت بعض المصادر، بارتكاب عملية قصف القاعة الكبرى في صنعاء بعد ان حاول في وقت سابق تبرأة نفسه من التعمد في ارتكاب هذه العملية ، قد أعلن التحالف العربي في بيان رسمي أنه تم استهداف الموقع بشكل خاطئ مما نتج عنه خسائر في أرواح المدنيين وإصابات بينهم. وأرجع أسباب ذلك إلى العديد من الحقائق والأدلة والبراهين، التي ثبت صحتها لفريق التحقيق أن هذه العملية ارتكبت بسبب المعلومات التي تبين أنها مغلوطة وبسبب عدم الالتزام بالتعليمات وقواعد الاشتباك المعتمدة.

وفي هذا الشأن وصفت منظمة هيومان رايتس ووتش الغارة بأنها جريمة حرب ودعت إلى إجراء تحقيق دولي. وقالت المنظمة في بيان إن تواجد مدنيين في مجلس العزاء يؤكد أن الهجوم الذي أسفر عن مقتل وإصابة المئات بجروح غير قانوني. وأضاف البيان أن الغارة تؤكد الحاجة الملحة إلى تحقيقات دولية موثوقة في انتهاكات قوانين الحرب المزعومة في اليمن. كما دعت هيومان رايتس ووتش الولايات المتحدة وبريطانيا إلى وقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية.

التحالف والقانون الإنساني

من جانب اخر أبلغ مراقبون للعقوبات تابعون للأمم المتحدة مجلس الأمن الدولي أن الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن انتهكت القانون الإنساني الدولي في ضربة جوية "ثنائية" استهدفت مجلس عزاء في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون. وقال مراقبو الأمم المتحدة إن ضربتين جويتين في تعاقب سريع استهدفتا مجلس العزاء في الثامن من أكتوبر تشرين الأول والذي حضره سياسيون كبار وشخصيات أمنية من الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح.

وفي تقرير صدر بتاريخ 17 أكتوبر تشرين الأول قال المراقبون إنهم خلصوا إلى أنه "فيما يخص الضربة الجوية الثانية انتهك التحالف الذي تقوده السعودية التزاماته فيما يتعلق بحماية من هم خارج القتال والمصابين في هذا الهجوم الثنائي. ويحظر القانون الإنساني الدولي الهجمات على من هم خارج القتال وهم المقاتلون غير القادرين على الدفاع عن أنفسهم والمصابون والطواقم والوحدات الطبية. وتقول الأمم المتحدة إن نحو 140 شخصا قتلوا في الهجوم وأصيب بضع مئات.

وقال مراقبو الأمم المتحدة "الضربة الجوية الثانية التي نفذت بفاصل ثلاث إلى ثماني دقائق بعد الضربة الجوية الاولى في حكم المؤكد انها تسببت في المزيد من الخسائر البشرية بين المصابين بالفعل وفي صفوف أول المستجيبين." وأضاف التقرير "من بين أول المستجيبين هؤلاء مدنيون سارعوا لدخول المنطقة فور وقوع الضربة الجوية الاولى لتقديم إسعافات أولية عاجلة والشروع في إجلاء المصابين." وأوصى المراقبون بأن يبحث مجلس الأمن أن يطلب من اعضاء التحالف الذي تقوده السعودية التوقف عن الهجمات "الثنائية". ويضم التحالف الكويت والبحرين والإمارات وقطر ومصر والأردن والمغرب والسنغال والسودان.

وخلص مراقبو الأمم المتحدة إلى أن التحالف بقيادة السعودية "لم يتخذ إجراءات وقائية فعالة لتقليل الضرر بالمدنيين -ومن بينهم أول المستجيبين- في الضربة الثانية." وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن الرياض حريصة على الالتزام بالقانون الإنساني الدولي وستعاقب المسؤولين عن قصف دار العزاء وستدفع تعويضات للضحايا. ويقاتل التحالف الحوثيين والقوات الموالية لصالح في اليمن منذ مارس آذار 2015 في محاولة لاعادة الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي إلى السلطة. بحسب رويترز.

وقال مراقبو الأمم المتحدة إن تقارير ذكرت أن صالح وأحد أنجاله حضرا العزاء في ذلك اليوم لكنهما غادرا قبل الضربتين الجويتين مما يشير إلى أن الهجوم كاد أن "يوجه ضربة عسكرية وسياسية مدمرة" لتحالف الحوثيين-صالح. واتهم مراقبو العقوبات التابعون للأمم المتحدة في السابق كلا من التحالف الذي تقوده السعودية والمتمردين الحوثيين والقوات الموالية لصالح وقوات الحكومة اليمنية بانتهاك القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان.

وقف القتال

الى جانب ذلك قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن السعودية مستعدة للموافقة على وقف لإطلاق النار في اليمن إذا وافق الحوثيون مضيفا أنه متشكك بشأن جهود إحلال السلام بعد محاولات سابقة لوقف إطلاق النار لكنها باءت بالفشل. وتعرضت الحملة التي تقودها السعودية في اليمن لانتقادات شديدة. ودعت الولايات المتحدة وبريطانيا إلى وقف فوري غير مشروط لإطلاق النار في اليمن لإنهاء العنف بين الحوثيين والحكومة اليمنية التي تحظى بدعم دول خليجية.

وقال الجبير "نود لو رأينا وقفا لإطلاق النار أمس. الكل يريد وقفا لإطلاق النار في اليمن وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية وأعضاء التحالف." واتهم الجبير الحوثيين بنقض اتفاقات سابقة. وقال الوزير السعودي "نعم لقد وصلنا إلى ذلك بكثير من التهكم لكننا مستعدون والحكومة اليمنية مستعدة للموافقة على وقف القتال إذا وافق الحوثيون عليه. دول التحالف ستحترم رغبة الحكومة اليمنية."

واجتمع وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون ونظيره الأمريكي جون كيري بالجبير ومسؤولين من الإمارات وقال إن الصراع في اليمن يثير قلقا دوليا متزايدا. وقال جونسون "القتلى الذين نراهم هناك (أمر) غير مقبول." وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن نهج السعودية تجاه القانون الإنساني سيكون عاملا في استمرار تقييم لندن لمبيعات الأسلحة إلى المملكة وإنها ستنظر في الضربة الجوية على مجلس العزاء في إطار هذه العملية.

ومنذ مارس آذار 2015 تشن السعودية وحلفاؤها من الخليج ضربات جوية دعما لحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ضد المقاتلين الحوثيين الذي يدعمهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح. ونشرت بعض دول الخليج قوات برية في اليمن. وتتهم السعودية وحكومة هادي إيران الشيعية بتزويد الحوثيين بالسلاح كي يساهموا في نشر نفوذ طهران على حساب الرياض خصمها الإقليمي اللدود. وتنفي إيران التهم. بحسب رويترز.

ولا يزال يسيطر الحوثيون على صنعاء ومساحات كبيرة من شمال وغرب اليمن لكن الجبير قال إن خسارتهم باتت مسألة وقت. وقال الجبير "الزخم يسير ضدهم في اليمن. إنهم يخسرون المزيد من الأراضي كما احتشد الكثير من الناس ضدهم." وقال الجبير إن المملكة تحرص بشدة على الالتزام بالقانون الإنساني في الصراع اليمني. وأضاف أن المسؤولين عن قصف مجلس العزاء سيُعاقبون وسيتم تعويض الضحايا.

الهدنة في اليمن

في السياق ذاته قالت الولايات المتحدة إن هدنة لمدة 72 ساعة في اليمن تعرضت لضغوط عندما قتلت صواريخ أطلقت من اليمن اثنين من المدنيين في السعودية بينما قال المقاتلون الحوثيون المتحالفون مع إيران إن غارة جوية شنها التحالف بقيادة السعودية قتلت ثلاثة أشخاص. وتقاتل السعودية وحلفاؤها من دول الخليج العربية في الحرب الأهلية الدائرة في اليمن منذ مارس آذار 2015 لدعم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا ضد جماعة الحوثي التي تسيطر على العاصمة صنعاء.

وبدأ سريان هدنة توسطت فيها الأمم المتحدة لتزيد الآمال في إمكانية إنهاء الحرب التي دمرت أفقر بلد عربي وأوصلته إلى حافة المجاعة. لكن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية قال في بيان إن جماعة الحوثي أطلقت صواريخ على جازان ونجران في السعودية. وتحدث البيان عن "وقوع أكثر من 43 حالة خرق لاتفاق وقف إطلاق النار .... وكانت هذه الخروقات على الشريط الحدودي بين السعودية واليمن وتحديدا في منطقتي نجران وجازان وذلك باستخدام أسلحة متنوعة تمثلت في اطلاق صواريخ ومقذوفات ورماية مباشرة وقناصين."

وفي واشنطن حث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الحوثيين على احترام وقف إطلاق النار بعد اجتماعه مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير. وقال كيري إن هجوما صاروخيا من الأراضي الخاضعة لسيطرة الحوثيين أدى إلى مقتل اثنين من المدنيين السعوديين رغم إنه لم يتضح على الفور أين سقط القتيلان. وقال كيري للصحفيين "من الضروري أن يلتزم الحوثيون بوقف إطلاق النار بعد أن قالوا إنهم سيدعمونه." وأضاف كيري "لذا فإن أي خرق لهذا يعرض للخطر إمكانية العودة إلى المحادثات" قائلا إن يجب إعطاء وقف إطلاق النار الوقت كي يصمد.

وقال الوزير الأمريكي إن السعودية "لها الحق في وقف هجمات الصواريخ التي تطلق من اليمن" ودعا الحوثيين إلى سحب قواتهم وصواريخهم. وقال الحوثيون إنهم شنوا هجمات على معسكرات عسكرية سعودية عبر الحدود خلال اليومين الماضيين وإن ضربة جوية شنها التحالف اليوم الخميس قتلت ثلاثة مدنيين في محافظة صعدة بشمال اليمن. وفي مدينة زنجبار في الجنوب قال مسؤول محلي إن متشددي تنظيم القاعدة شنوا هجوما مباغتا على نقطة تفتيش وقتلوا خمسة جنود وأصابوا بضعة جنود آخرين. بحسب رويترز.

واستغل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الفوضى في اليمن لتوسيع وجوده في المدن والبلدات الجنوبية قرب أحد أكثر الممرات الملاحية ازدحاما في العالم. وقال التحالف في بيان إنه ملتزم بالهدنة رغم "الانتهاكات المستمرة". وقال سكان إن التحالف الذي تقوده السعودية شن غارات جوية على صنعاء كل يوم منذ السابع من أغسطس آب بعد انهيار محادثات السلام مع جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي