تجنيد الأطفال: وقود حرب لحرق اجيال المستقبل

عبد الامير رويح

2016-09-07 07:19

ظاهرة تجنيد الأطفال من قبل التنظيمات والجماعات الارهابية، مثل داعش والقاعدة وبوكو حرام وغيرها، اصبحت تشكل كارثة إنسانية وخطر كبير يهدد الجميع دون استثناء، يضاف الى ذلك الاضرار الاخرى التي يتعرض لها الاطفال جراء الحروب والصراعات المستمرة، وبحسب بعض المصادر فقد تتنوعت اساليب التنظيمات الارهابية في تجنيد الأطفال، فداعش يعتمد سياسة التجويع وإغراء الأهالي بإرسال أطفالهم مقابل المال، كما هو الحال مع أهالي الرقة بسوريا، فمن يعمل لدى داعش يتقاضى راتب مقاتل يترواح بين ٤٠٠- ١٠٠٠ دولار شهريا.

ومن اساليب التجنيد ايضا، التغرير بالأطفال من خلال المخيمات الدعوية وتوزيع هدايا عليهم والسماح لهم باستخدام أسلحتهم واللعب بها، وقد يخطفون الأطفال ويجرى تجنيدهم ودون علم الأهالي، كما يتم تجنيد أعداد كبيرة من الاطفال الأيتام أو أطفال الشوارع، كذلك يتم تجنيد أعداد كبيرة من الاطفال عن طريق الانترنت والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتواجد الأطفال للتسلية والاستكشاف والتواصل مع الآخرين.

وبعد التجنيد يتولى التنظيم تعليمهم وتدريبهم على القتال ويجري تخريج دفعات جاهزة للقتال لا تتجاوز أعمارهم ١٦ عاما في مجموعات قتالية، وغالباً ما يتم تجنيدهم كعناصر انتحارية أو جواسيس، بسبب قدرتهم على التنقل والتخفي ومعرفة الطرق على الأرض، ويلعب الجانب الاقتصادي دوراً في الاستفادة من فئة الأطفال لدى التنظيمات الارهابية، حيث أن أجر الصغار أقل بكثير من الأكبر سنا، كما أن انضباطهم وحماسهم يمكن استغلاله في إقناعهم بالعمليات الانتحارية عبر التأثير على عقولهم.

ومن أشد وسائل تجنيد الصغار لدى المنظمات الارهابية هو غسيل الادمغة عبر المدارس التعليمية، فقد رصدت التقارير الدولية وجود أكثر من ١٢ ألف مدرسة تابعة لتنظيمات القاعدة وداعش في سوريا، بما يعني ان هؤلاء الصغار تعرضوا لحالة مسخ للهويّة بأفكار العنف والقتال، مما يجلعهم قنابل موقوتة تنجي وجه مجتمعاتها ووجه المجتمع العالمي بما تشربوه من فكر التكفير والتفجير.

وتعد عمليات تجنيد الأطفال دون ١٥ سنة للقتال أمرا محظورا بموجب القانون الدولي الإنساني وطبقًا للمعاهدات والأعراف، كما يجري تعريفه بوصفه جريمة حرب من جانب المحكمة الجنائية الدولية، كما يُعلِن قانون حقوق الإنسان سن ١٨ سنة بوصفها الحد القانونى الأدنى للعمر بالنسبة للتجنيد ولاستخدام الأطفال في الأعمال الحربية، وتضاف أطراف النزاع التي تجنِّد وتستخدِم الأطفال بواسطة الأمين العام في قائمة العار التي يصدرها سنويا.

عمليات انتحارية

وفي هذا الشأن فجر انتحاري في سن المراهقة حزامه الناسف وسط ضيوف يرقصون في حفل زفاف تركي، ويقول المسؤولون إن الهجوم أودى بحياة 51 شخصا نصفهم تقريبا من الأطفال، ويعد الهجوم الذي وقع في حفل زفاف في غازي عنتاب الأكثر دموية في تركيا هذا العام كما أنها المرة الأولى في تركيا التي يستخدم فيها المتشددون طفلا انتحاريا بطريقة استخدمت بالفعل لإحداث أثر مميت في حروب من أفريقيا إلى سوريا.

وفي أفغانستان دأبت حركة طالبان على استخدام الأطفال منذ وقت طويل. ونفذ انتحاري (14 عاما) هجوما بدراجة ملغومة على قاعدة لحلف شمال الأطلسي في كابول في عام 2012 مما أدى إلى مقتل ستة أشخاص. وبعد ذلك بعامين فجر مراهق نفسه في مركز ثقافي فرنسي بالعاصمة الأفغانية. ويقول باحثون ومسؤولون إن تنظيم داعش ومتشددين آخرين يستخدمون الآن وعلى نحو متزايد نفس الأساليب ربما لبناء صفوف استنزفتها الخسائر أو الحفاظ على المقاتلين البالغين أو مباغتة قوات الأمن.

وفي غرب أفريقيا تنقض بوكو حرام على الأطفال المشردين أو الفتيات الصغيرات اللاتي خطفتها الجماعة لإرغامهم على أن يصبحوا مفجرين انتحاريين. وفي العراق وسوريا يقول ناشطون إن تنظيم داعش ضم أطفالا من بلدات سيطر عليها أو من عائلات تم تجنيدها في أراضيه وقام بتلقين أطفالها بأفكاره في مدارسه ومعسكراته. والداعش على وجه الخصوص تسلط الضوء على المجندين الأطفال التابعين لها وذلك من أجل كتائب "أشبال الخلافة" وتنشر صورا وتسجيلات مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي لأطفال يتدربون ويتلقون تعليمات وينفذون تفجيرات أو عمليات إعدام.

وقالت جوليت توما المتحدثة الإقليمية باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) "يتزايد تجنيد الأطفال في أنحاء المنطقة... الأطفال يضطلعون بدور أكثر نشاطا... يتلقون التدريبات على استخدام الأسلحة الثقيلة وحراسة نقاط التفتيش على الخطوط الأمامية ويتم استخدامهم كقناصة كما يتم استخدامهم في الحالات القصوى كمفجرين انتحاريين." ولم ينشر الكثير عن المهاجم الذي نفذ عملية غازي عنتاب. وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن المهاجم يتراوح عمره بين 12 و14 عاما وأضاف أن داعش هي التي تقف على الأرجح وراء الهجوم.

وقع الانفجار خلال الاحتفال بزفاف كردي في الشارع في وقت متأخر من الليل. وكان نحو 22 من القتلى دون سن الرابعة عشر. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم لكن داعش استهدفت في السابق تجمعات كردية لإثارة التوترات العرقية. واتخذ رئيس الوزراء التركي موقفا أكثر تحفظا وقال إن من السابق لأوانه أن نقول من الذي نفذ الهجوم رغم أن مصادر أمنية وشهود قالوا إن المهاجم كان طفلا. وتحقق السلطات التركية أيضا فيما إذا كان المتشددون لغموا المشتبه به بدون علمه أو علمها قبل تفجير العبوة الناسفة من مسافة بعيدة.

وتحدث مجندون أطفال فروا من داعش في قاعدتها في الرقة كيف تعلموا استخدام الأسلحة وسبل تفجير أحزمة ناسفة. وخلصت دراسة في فبراير شباط أعدها مركز مكافحة الإرهاب في أكاديمية وست بوينت ودرست الدعاية التي ينشرها التنظيم عن الأطفال والشباب خلال الفترة بين يناير كانون الثاني 2015 و2016 إلى أن العمليات الانتحارية التي شملت أطفالا خلال هذا العام زادت لثلاثة أمثالها.

وقالت الدراسة "إنهم يمثلون شكلا فعالا من الحرب النفسية - عرض القوة واختراق الدفاعات ونشر الخوف في قلوب جنود العدو... وداعش تجند أطفالا وشبابا بمعدل مثير للقلق." وانعكست هذه الأساليب في غرب أفريقيا حيث تعقب مسؤولون في الأمم المتحدة زيادة في الهجمات مثل الهجوم الذي نفذته فتاة تبلغ من العمر عشرة أعوام حين فجرت قنبلة العام الماضي في سوق مزدحمة في مدينة مايدوجوري النيجيرية مما أسفر عن مقتل 16 شخصا. وقالت مصادر أمنية في ذلك الوقت إنها كانت ترتدي حزاما ناسفا.

وفي تقرير نشر في أبريل نيسان قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن الهجمات التي تورط فيها مفجرون أطفال خلال الفترة بين عام 2014 و2016 زادت لأربعة أمثالها في شمال شرق نيجيريا حيث تتمركز جماعة بوكو حرام النيجيرية وفي الكاميرون المجاورة والنيجر وتشاد. وأبلغت فتاة نيجيرية تبلغ من العمر 12 عاما في الكاميرون في مارس آذار الشرطة بعد إلقاء القبض عليها إن بوكو حرام خطفتها بعد اجتياح الجماعة لقريتها في العام السابق. بحسب روبترز.

ويقول تقرير اليونيسف إن نحو ثلثي المهاجمين الأطفال الذين تتبعهم من الفتيات. وفي الأشهر الستة الأولى من العام الجاري وحده تقول المنظمة إنها سجلت 38 مفجرا انتحاريا من الأطفال في غرب أفريقيا. وقال تيري ديلفين جان المسؤول بالمنظمة بمكتب غرب ووسط أفريقيا "هذه سمة رئيسية لهذا الصراع."

اشبال الخلافة

على صعيد متصل اعتقلت قوات الشرطة العراقية فتى عمره 15 عاما يضع حزاما ناسفا ينتمي الى "اشبال الخلافة" التابع لتنظيم داعش قبل تفجير نفسه حسبما افاد مسؤولون امنيون. وياتي احباط الهجوم بعد سلسلة من الاحداث الامنية في كركوك. وقال قائد شرطة كركوك العميد خطاب عمر عارف في مؤتمر صحافي بمقر قيادة الشرطة وسط المدينة "القينا القبض على انتحاري يرتدي حزاما ناسفا كان يروم تفجير نفسه في حسينية وسط كركوك". واضاف "جرت ملاحقته والقبض عليه وتفكيك الحزام وهو رهن التحقيق".

وشهدت مدينة كركوك تفجيرا انتحاريا حاول منفذه الدخول الى حسينية جعفر الصادق في راس دوميز بحي الواسطي، جنوب، لكنه قتل بعد ان اكتشفه شرطي حاول منعه و اصيب في التفجير. وانفجرت عبوتان ناسفتان اسفرتا عن اصابة ثلاثة اشخاص بجروح. وبثت التلفزيونات العراقية صورا للفتى وهو يرفع يديه الى الاعلى فيما يقوم فريق المتفجرات برفع الحزام الناسف الملفوف على بطنه. من جهته، اوضح العقيد اركان حمد لطيف مفتش عام وزارة الداخلية بكركوك ان "الانتحاري الذي قبض عليه هو حسين راضي علوان مواليد 2001 من اهالي الموصل وهو نازح". واكد ان "الصبي ادعى تعرضه للخطف وجرى تخديره والباسه حزاما ناسفا ودفعه باتجاه شارع الحسينية ومكتب المفتش العام بحي تسعين ذي الغالبية التركمانية الشيعية" .

وتقع مدينة كركوك على مسافة 240 كلم شمال بغداد وتضم نسيجا من طوائف واديان مختلفة. وتجمع العشرات من عناصر الشرطة والامن الكردي امام الانتحاري الذي كان يصرخ وهو يقول للشرطة "لا تضربوني انا بريء انا بريء لقد خدعوني لا اعرف من انا". وقال الخبير الامني نجم عبد الله الجبوري تعليقا على الحادث "نواجة اخطر مراحل داعش (...) تأخر عمليات التحرير وترك الموصل والحويجة وتلعفر بيد داعش خلال اكثر من عامين جعله يجند مئات الاطفال الذين دفعهم مع النازحين". بحسب فرانس برس.

بدوره، اكد شاهد عيان هو قنبر محمد تسنلي من حي تسعين ان "الشرطة طلبت من الصبي التوقف لكنه رفض وكان يركض ويهتف الله اكبر ولكن تمت مطاردته ومحاصرته بالشارع العام". وتخوض القوات العراقية معارك شرسة ضد الجهاديين جنوب مدينة الموصل المعقل الرئيسي للتنظيم المتطرف. ويستخدم الجهاديون المتطرفون الاطفال بشكل متكرر بعد تدريبهم ضمن ما يسمى "اشبال الخلافة".

واستخدم هذا الأسلوب من قبل في العراق حيث يتم إرسال الأطفال أو حتى البالغين الذين يعانون من إعاقة ذهنية وهم يحملون قنابل دون علمهم إلى الأسواق ونقاط التفتيش قبل أن يتم تفجيرهم عن بعد. ويقول هشام الهاشمي الباحث والكاتب الذي يقدم المشورة للحكومة العراقية عن داعش إن المتشددين أعادوا هذا العام تنشيط كتائب الشباب كرد فعل على الخسائر التي منيت بها في ساحات القتال في العراق وسوريا. وقال إن المراهقين يسهل تجنيدهم في مهام "انتحارية" خاصة في لحظات المعاناة أو اليأس لفقد أحبائهم. وأضاف أن الصبية أقل لفتا للانتباه والشك مقارنة بغيرهم من البالغين.

تجنيد المراهقين

قال مدير مخيم للنازحين وجماعة حقوقية إن مجموعات عشائرية مسلحة بالعراق تجند شبانا في سن المراهقة من المخيم للقتال في المعركة لطرد تنظيم داعش من الموصل. وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير إن ما لا يقل عن سبعة مراهقين دون 18 عاما جندتهم هذا الشهر وحدتان تابعتان لقوة تدعمها بغداد وواشنطن وتتألف في الغالب من مقاتلين من مناطق سنية في شمال العراق وغربه. وقال ممثل لهيومن رايتس ووتش إن المجندين في "منتصف سن المراهقة."

وينص بروتوكول لاتفاقية للأمم المتحدة صدر عام 2002 على أن من هم دون الثامنة عشرة يجب ألا يرسلوا إلى ساحات المعارك. ويجند بعض الجيوش الوطنية بالفعل شبانا في سن السادسة عشرة لكن ليس في مهام قتالية. وأبلغ مدير مخيم ديبكة الذي يبعد 40 كيلومترا إلى الجنوب من أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق أن التقارير بشأن تجنيد الشبان في المخيم من جانب مقاتلين أكبر سنا دقيقة. وقال رزكار عبيد من خلال مترجم "لا أستطيع القول إننا نسيطر على الوضع مئة في المئة لكننا نفعل كل ما في وسعنا. "المشكلة هي أن المقاتلين يعيشون هنا مع أسرهم. لا نستطيع طردهم".

ويدرب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم داعش بضعة الاف من مقاتلي العشائر السنية استعدادا للزحف نحو الموصل المعقل الرئيسي للتنظيم في العراق. وتعهدت السلطات العراقية باستعادة الموصل هذا العام. وقال جنرال أمريكي كبير ي إنها في طريقها للوفاء بهذا الهدف. وذكر تقرير هيومن رايتس ووتش إن اثنين من الفصائل العشائرية في ديبكة يقودهما نشوان الجبوري ومقداد السبعاوي على الترتيب يتألفان بالكامل من سكان المخيم. وتجند الفصائل سكانا من المخيم منذ أشهر حيث زاد عدد السكان من بضعة آلاف إلى أكثر من 36 ألفا. بحسب روبترز.

وأبلغ السبعاوي الذي يعيش في المخيم مع أسرته أن أطفالا في سن صغيرة تصل إلى 14 عاما جرى استبعادهم بعدما تطوعوا للانضمام للفصائل العشائرية. وقال "داعش تجند أطفالا دون السادسة والسابعة للقتال." وأضاف سبعاوي في إشارة إلى الشبان في صفوف الجماعات السنية المناهضة لداعش "لذلك عندما (من هم دون الثامنة عشرة) يرون داعش تجند يتوقعون أنه يجب أن يتم تجنيدهم أيضا." وبث التنظيم تسجيلات مصورة لمجندين أطفال وهم يعدمون السجناء كما يستخدمهم التنظيم كمفجرين انتحاريين.

الموت جوعا

من جانب اخرقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن نحو ربع مليون طفل في ولاية بورنو في شمال شرق نيجيريا يعانون من سوء تغذية يهدد حياتهم. وتشهد تلك المنطقة تمردا من جماعة بوكو حرام أعاق التجارة والرعاية الصحية. وأضافت المنظمة أن حجم المشكلات الناجمة عن سوء التغذية التي يواجهها الأطفال في بورنو بات أكثر وضوحا لأن المساعدات الإنسانية أصبحت تصل إلى مزيد من المناطق في الشمال الشرقي. وكانت بوكو حرام قد سيطرت بحلول 2014 على أراض في نحو حجم بلجيكا في شمال شرق نيجيريا إلى أن استعاد الجيش النيجيري وقوات من دول مجاورة معظم تلك المناطق العام الماضي.

وذكرت يونيسيف أنه من بين 244 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد في بورنو هذا العام هناك واحد من بين كل خمسة سيلقى حتفه إذا لم يحصل على العلاج. وأضافت الوكالة أن هناك زيادة كبيرة في عدد الأطفال الذين يعانون من هذا الوضع في ولاية بورنو من 35 ألفا في 2013 و 57500 في 2014. وقال مانويل فونتين المدير الإقليمي ليونيسيف لغرب ووسط أفريقيا الذي عاد من زيارة لبورنو في الآونة الأخيرة "نحو 134 طفلا في المتوسط سيموتون كل يوم من أسباب مرتبطة بسوء التغذية الحاد إذا لم تتزايد الاستجابة سريعا." بحسب روبترز.

وأردف فونتين أن الأشخاص في بورنو فقدوا مصدر أرزاقهم وباتوا معزولين عن الشبكات التجارية والرعاية الصحية حيث لم يتمكن كثيرون منهم من الحصول على مياه نظيفة وهي عوامل زادت من خطورة المشكلات الصحية التي يواجهها الأطفال. وأضاف أن يونيسيف لا يمكنها الوصول إلى نحو مليوني شخص في الشمال الشرقي بسبب انعدام الأمن وضعف البنية التحتية. وتقدر الوكالة أن نحو 2.5 مليون طفل يعانون من نقص التغذية الحاد في نيجيريا وتدعم العلاج لهذه الحالة في 12 من ولاياتها البالغ عددها 36. وتابع فونتين خلال إفادة صحفية أن يونيسيف تراجع ميزانيتها لبورنو والتي ستزيد على الأرجج إلى نحو 200 مليون دولار غير أنه لم يذكر حجم الأموال المخصصة حاليا.

الطفل عمران

على صعيد متصل يجلس الطفل السوري عمران ذو السنوات الاربع داخل سيارة اسعاف مغطى بالغبار والدماء تسيل من وجهه، قبل ان يحدق مذهولا في عدسة المصور محمود رسلان، بعد دقائق على انقاذه من غارة استهدفت منزله في مدينة حلب. ويقول رسلان (27 عاما) "التقطت العديد من صور الاطفال القتلى او الجرحى جراء الغارات اليومية" التي تستهدف الاحياء تحت سيطرة الفصائل في حلب. ويضيف "في العادة يفقدون وعيهم او يصرخون لكن عمران كان يجلس صامتا. يحدق مذهولا كما لو انه لم يفهم ابدا ما حل به".

وغزت الصورة التي توثق هذه اللحظة المأسوية مواقع التواصل الاجتماعي، الى جانب مقاطع فيديو نشرها مركز حلب الاعلامي الموالي للمعارضة، تظهر عمران وهو يجلس على مقعد داخل سيارة اسعاف. الغبار يغطي جسده والدماء على وجهه. يبدو مذهولا ولا ينطق بكلمة. يمسح الدماء عن جبينه بيده الصغيرة ثم يعاينها بهدوء ويمسحها بالمقعد من دون ان يبدي اي ردة فعل. ويعتبر رسلان ان الطفل "يلخص معاناة الاطفال في حلب الذين يتعرضون يوميا للقصف حتى وهم داخل منازلهم". وكان المصور الفوتوغرافي قريبا من حي القاطرجي حيث يقطن عمران مع عائلته في الطابق الاول من احد المباني، حين تعرض لغارة جوية.

وتتعرض الاحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل في حلب لغارات جوية ادت الى مقتل المئات منذ العام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين احياء شرقية واخرى غربية تحت سيطرة قوات النظام. وترد الفصائل بقصف الاحياء الغربية بالقذائف موقعة عددا كبيرا من القتلى. ويوضح المصور "حين سمعت دوي غارة وتوجهت فورا الى مكان القصف" مضيفا "كان الظلام قد حل لكنني رايت مبنى تدمر بالكامل وقربه مبنى اخر مدمر جزئيا" في اشارة الى المبنى حيث منزل عائلة عمران. ويروي "كان علينا تخطي ثلاث جثث مع مسعفي الدفاع المدني قبل دخول المبنى (...) اردنا الصعود الى الطابق الاول لكن الدرج انهار تماما".

وازاء ذلك، اضطروا للتوجه الى مبنى ملاصق "وسحب افراد عائلة عمران الواحد تلو الاخر من شرفة لشرفة". وانتشل المسعفون في بادئ الامر عمران ثم شقيقه (5 سنوات) وشقيقتيه (8 و11 عاما) وبعدها الاب والام وجميعهم احياء. ويتابع رسلان "عندما وضعوا عمران داخل سيارة الاسعاف، كانت الانارة جيدة واستطعت التقاط الصور". ويوضح ان الطفل كان "تحت هول الصدمة لان حائط الغرفة انهار عليه وعلى عائلته" لافتا الى ان والده وبعد انقاذه رفض التقاط الصور او الكشف عن شهرة العائلة. وبحسب رسلان، فإن "هذا الطفل كما سائر اطفال سوريا هم رمز للبراءة ولا علاقة لهم بالحرب". بحسب روبترز.

وتعيد صورة عمران الى الاذهان لناحية رمزيتها صورة الطفل ايلان الكردي اللاجئ السوري ذو الاعوام الثلاثة، الذي جرفته المياه بعد غرقه الى احد الشواطئ التركية في ايلول/سبتمبر. وتحولت صورته رمزا لمعاناة اللاجئين السوريين الهاربين في زوارق الموت باتجاه اوروبا. وتشهد سوريا نزاعا داميا بدأ في اذار/مارس 2011 بحركة احتجاج سلمية ضد النظام، تطورت لاحقا الى نزاع متشعب الاطراف، اسفر عن مقتل اكثر من 290 الف شخص وتسبب بدمار هائل في البنى التحتية وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي