حرب المدن.. استراتيجية جديدة لتدمير الشرق الاوسط

عبد الامير رويح

2016-06-12 01:55

مع اتساع رقعة الصراعات والحروب وتنامي نشاط المجاميع الارهابية المسلحة في العديد من دول العالم، تعرضت الكثير من المدن للدمار والتخريب حيث خلفت هذه الحروب وبحسب بعض الخبراء، الكثير من الكوارث والاضرار المادية والبشرية وقضت على البنى التحتية، كما انها تسببت بحدوث خلافات ونزاعات داخلية، خصوصا في المدن التي تضم نسيج مختلط من القوميات والأديان والمذاهب. وفي عام 2016 كما تنقل بعض المصادر أثرت الحرب مباشرة على نحو 87 مليون شخص من أربعة بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي العراق وليبيا وسوريا واليمن أي نحو ثلث سكان المنطقة.

وفي هذه البلدان، تضرَّرت كل مناحي حياة الناس المنازل والمستشفيات والمدارس والأعمال والغذاء والمياه من شدة القتال في هذه الحروب المنفصلة فهناك نحو 13.5 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية في سوريا، وفي اليمن 21.1 مليون، وفي ليبيا 2.4 مليون، وفي العراق 8.2 مليون. وفي اليمن ايضا، أصبح الآن 80% من سكان البلاد أو 20 مليونا من 24 مليون نسمة في عداد الفقراء، وهي زيادة نسبتها 30% منذ أبريل/نيسان 2015 حينما اشتدت المعارك.

وفي سوريا والعراق، انخفض متوسط نصيب الفرد من الدخل بنسبة 23% و28% على الترتيب، أو تقريبا ربع ما كان من الممكن أن يتحقَّق لو لم تنشب الصراعات، وأدت الآثار المباشرة للحرب إلى انخفاض نسبته 14% و16% في متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي على الترتيب. وتشير التقديرات إلى أن المنطقة خسرت ما تصل قيمته إلى 35 مليار دولار (بأسعار عام 2007) من الناتج أو النمو بسبب الأزمة السورية أو ما يعادل إجمالي الناتج المحلي لسوريا في عام 2007. وألحقت الحروب في المنطقة أضرارا بالبلدان المجاورة. وتواجه تركيا ولبنان والأردن ومصر التي تعاني بالفعل من مُعوِّقات اقتصادية ضغوطا هائلة على موارد ميزانياتها. وتذهب تقديرات البنك الدولي إلى أن تدفق ما يربو على 630 ألف لاجئ سوري يُكلِّف الأردن أكثر من 2.5 مليار دولار سنويا. ويعادل هذا ستة في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ورُبْع الإيرادات السنوية للحكومة.

العراق

في بعض المواقع يأخذ الخط الذي يقسم هذه المدينة في شمال العراق إلى شطرين شكل الجدران الواقية من الشظايا والمتاريس التي تصنع نهايات مفاجئة للشوارع المتربة. وفي مواقع أخرى لا يرى هذا الخط سوى أهل طوز خورماتو الذين يدركون بالفطرة أين ينتهي عالمهم في هذه المدينة وأين تبدأ الأرض المعادية.

ويسيطر الأكراد على أحد الشطرين أما الشطر الآخر فيخضع لسيطرة التركمان الشيعة. ويخوض الطرفان حربا من أجل فرض النفوذ في المدينة التي يتجاوز عدد سكانها 100 ألف نسمة من المحتمل أن تنزلق للمشاركة فيها جماعات مسلحة قوية لتتحول إلى مواجهة أوسع نطاقا في الفراغ الذي خلفته الدولة العراقية. وتتيح طوز خورماتو فرصة لتذوق ما يعنيه التقسيم على أرض الواقع بعد عامين من اجتياح تنظيم داعش شمال العراق وغربه لتحيي توترات طائفية وعرقية وتفتح بابا لصراعات جديدة معقدة على السلطة من شأنها أن تزيد من تفتت البلاد.

ويواجه رئيس البلدية الكردي صعوبات شديدة في فرض سلطته على الجانب التركماني من الخط الفاصل كما أن الشرطة أضعف من الجماعات المسلحة التي تجوب الشوارع. وقال كريم شكور المسؤول الكردي في الإدارة المحلية في مكتبه داخل مجمع محصن في طوز خورماتو الواقعة على مسافة 175 كيلومترا تقريبا شمالي بغداد "المؤسف أنها أصبحت مدينتين."

وأصبحت بيوت كثيرة في كل الشوارع تقريبا على الجانبين معروضة للبيع لأن الأسر تفر من المدينة خوفا من تزايد العنف. ويقف شبان يحملون بنادق والقلق باد على وجوههم خارج قواعد الفصائل المسلحة بينما كتبت على الجدران عبارات تشير إلى أن الدماء ستسيل. وقال شيخ من التركمان الشيعة "لم تحدث هذه العداوة من قبل." وأضاف أنه كان يعيش في أحياء مختلطة إلى أن حرق أكراد منزله عندما بدأت أعمال العنف بين الجانبين في نوفمبر تشرين الثاني الماضي.

أما الآن فهو يعيش في منطقة بها أغلبية تركمانية انتقل منها الأكراد إلى حي آخر. وأصبح السوق الرئيسي الذي اعتاد الطرفان إتمام تعاملاتهما من خلاله تحت سيطرة التركمان وبات الأكراد يخشون الذهاب إليه ففتحوا مجموعة جديدة من المتاجر في الشطر الخاص بهم من المدينة. وقال محمد عباس رئيس بلدية المدينة إنه قسم عماله إلى جماعتين حتى يمكنهم تنظيف الشوارع في أمان. وقال "نحن نوزعهم حسب الطائفة والعرق حتى يمكنهم الوصول إلى جميع المناطق. فنرسل الأكراد إلى المناطق الكردية والتركمان إلى المناطق التركمانية."

وهجر المدرسون والتلاميد التركمان المدارس الواقعة في الشطر الكردي وانسحب الأكراد من مدارس الشطر التركماني. وأصبح المستشفى الرئيسي محظورا على الأكراد ولا تجروء سوى قلة قليلة على دخول المحكمة أو مكتب التوثيق لأنهما يقعان قرب قاعدة للفصائل والوقف الشيعي. وتدهورت الصداقات بين التركمان والأكراد ومن يتجاوز الخط الفاصل بين الشطرين يجازف بالتعرض للإهانة أو الاعتداء الجسدي أو الخطف أو حتى القتل. والخط الفاصل الذي يتشكل عبر طوز خورماتو جزء من جبهة أطول طرفاها الحكومة العراقية في بغداد والأكراد الذين يديرون إقليمهم في شمال البلاد.

وفي السنوات التي انقضت منذ الاجتياح الأمريكي للعراق سعى الطرفان لتدعيم مطالبتهما بأحقية كل منهما في المدينة ومناطق أوسع موضع نزاع فضما إليها جماعات محلية أو أرغماها على الإذعان لهما وفي كثير من الأحيان خلق ذلك عداوات بين هذه الجماعات. وتغيرت اللعبة عندما اجتاح مقاتلو تنظيم داعش نحو ثلث العراق عام 2014 واستولوا على مدن من بينها الفلوجة غربي بغداد وتفكك الجيش جزئيا مما خلق فراغا في السلطة.

وسيطر الأكراد على مناطق واسعة في الشمال وأرسلوا قوات البشمركة إلى عمق المناطق المتنازع عليها ومن بينها طوز خورماتو التي دافعوا عنها في مواجهة داعش. ولم يتقبل التركمان الشيعة احتمال ضمهم إلى الإقليم شبه المستقل الذي يأمل الأكراد تحويله إلى دولة وانضموا إلى مجموعة من الفصائل المسلحة التي انضوت تحت لواء الحشد الشعبي الذي يخضع لتوجيهات بغداد.

وقال الحاج رضا القائد المحلي لفصيل شهداء الصدر "الأكراد يزعمون أن طوز خورماتو جزء من إقليم كردستان ونحن نعتقد أنه يخص حكومة العراق المركزية. ولن نتهاون في ذلك." ويرتاب الأكراد في مساعي التركمان للسيطرة على المدينة خشية أن تكون جزءا من برنامج إقليمي أوسع نطاقا للشيعة لتحدي نفوذهم في مدينة كركوك النفطية المتنازع عليها والتي تقع على مسافة 80 كيلومترا إلى الشمال.

وقد نحى الطرفان خلافاتهما جانبا لطرد تنظيم داعش من طوز خورماتو في أواخر عام 2014 ثم ظهرت احتكاكات بين الفصائل المسلحة المتعددة. وتزايدت الفوضى في المدينة ووقعت عمليات خطف وقتل استهدفت في الغالب العرب من السنة الذين فر عدد كبير منهم من المدينة.

واشتعل الفتيل في ابريل نيسان عندما ألقى أفراد من فصيل شهداء الصدر قنبلة على قاعدة لأحد قادة البشمركة الأكراد ورد رجاله بقذائف صاروخية ما أدى إلى تدخل فصائل أخرى ومسلحين من أهل المدينة وتحولت الاشتباكات إلى معارك ضارية في الشوارع. ويتنبأ البعض بأن ما حدث ما هو إلا بداية لصراع أكبر سيحدث بين فصائل الحشد الشعبي والبشمركة بمجرد أن يقل الخطر الذي يمثله العدو المشترك تنظيم داعش.

ومع كل جولة من جولات العنف تتزايد صعوبة إعادة توحيد طوز خورماتو وتتسع الهوة بين المقاتلين ومن يتولون مسؤولية المدينة. وأحبط أحدث جولة من الاشتباكات اتفاق بين كبار القادة الشيعة والأكراد حثتهم عليه إيران التي تحتفظ بعلاقات طبية مع الجانبين. ورغم اختلاف أهداف كل من الفريقين فلكل من الطرفين الرئيسيين - منظمة بدر الشيعية والاتحاد الوطني الكردستاني - مصلحة في الحفاظ على الاستقرار. لكن ثمة فصائل أخرى في كل جانب من الجانبين تستفيد من المواجهة باكتساب مكانة بين أهل المدينة الذين لم يعد أي منهم يؤمن بالحلول الوسط. بحسب رويترز.

وفي الوقت الحالي ما زال وقف إطلاق النار صامدا لكن اتضح أن من الصعب تنفيذ عدة شروط من الاتفاق وأصبحت الشكوك تساور كل طرف أن الطرف الآخر يستعد لجولة جديدة من القتال. وقال مدني كردي عاد من بلجيكا للمشاركة في القتال في سبيل بلدته "الحكومتان في بغداد واربيل تقول إن علينا العيش معا مثلما كنا من قبل لكن هذا لن يحدث. فالدم يفصل بيننا وبينهم".

اليمن

الى جانب ذلك يسود القلق في العاصمة اليمنية صنعاء حيث يترقب عامة الناس نتيجة نحو شهر من محادثات السلام التي يأملون في أن تضع نهاية للحرب المدمرة. وكانت الحياة صعبة بالفعل بالنسبة لكثير من سكان البلد أحد أفقر الدول العربية لكن نشوب الصراع قبل أكثر من عام جعل مجرد البقاء على قيد الحياة أولوية والمعاناة الشديدة هي الوضع السائد.

وبات دوي الضربات الجوية وانقطاع الكهرباء والخوف الشديد من احتمال ألا يتمكن المجتمع من التعافي مجددا جزءا من الحياة اليومية. وكاد الأمل يتبدد وبات ما تبقى منه معلقا بأيدي وفود السلام التي تمثل جماعة الحوثي المسلحة- التي تسيطر على صنعاء- وحلفائها من جهة وبين خصومهم من الحكومة اليمنية المدعومة من المملكة العربية السعودية في المفاوضات بالكويت.

وفي صنعاء التاريخية التي تنتشر بها الأبراج العريقة المبنية بالطوب اللبن يبدو الماضي أكثر إشراقا من المستقبل. وبرغم ذلك فإن بصيصا من الأمل مازال يسري بين أهالي المدينة. وقال عبد السلام حمد الحارثي (39 عاما) الذي يبيع التحف والهدايا التذكارية والفضيات "متفائلون بأن مفاوضات الكويت ستوقف الحرب.. خصوصا مع انخفاض عدد الضربات الجوية."

لكن أحمد السعودي (75) الذي يبيع الخناجر التقليدية اليمنية كان أقل تفاؤلا بعض الشيء وقال إنه يأمل أن تسود الحكمة بين الطرفين المتفاوضين في الكويت. وقال "ندعو الله أن يرفع عنا هذه المحنة التي لم تكن في الحسبان." وأضاف "إن شاء الله سيتوصلون لاتفاق.. لأننا تعبنا. وإذا كانوا يحبون البلد فسوف تتوقف الحرب التي أتت بالخراب والدمار على شعب اليمن."

وهذه المعنويات منتشرة. فقد طفح الكيل بالنشطاء الشبان بسبب العداء الدموي بين النخبة السياسية والعسكرية اليمنية والذي أرهقت عواقبه 25 مليون مواطن فحذروا المتفاوضين على وسائل التواصل الاجتماعي قائلين "لا تعودوا إلى اليمن إلا بالسلام". وتحدثت وفاء منصور مدرسة الرياضيات وهي بين طلابها الذين هم مستقبل اليمن لتعبر عن وجهة نظر يؤمن بها الكثيرون. وقالت إن الصراع تدخلت فيه قوى أجنبية كثيرة وإنه لا سبيل لتسويته إلا بتدخل دبلوماسي خارجي. وأضافت قائلة "إذا لم تقدم كل الأطراف تنازلات .. فلا أعتقد أنه سيتم التوصل لحل مناسب دون تدخل من إحدى الدول الكبرى التي ترعى الحوار." بحسب رويترز.

وفي جناح الولادة بمستشفى في صنعاء تعتني الممرضة هندية عبد ربه (28 عاما) ببعض من أصغر أبناء البلد وأكثر فئاته ضعفا ويحدوها الأمل أيضا في أن يدرك كبار الساسة حجم المهمة الملقاة على عاتقهم. وقالت "أنا متفائلة بأن المحادثات الجارية في الكويت ستوحدنا من جديد وتضع نهاية لعام من الحرب والصراع.. ورسالتي لهم هي ‘اليمن أمانة في أعناقكم‘".

ليبيا

على صعيد متصل يتنقل عبد المطلب التويجري بسرعة ومهارة بين طاولات مطعمه في طرابلس، فيضع قطعة بيتزا على احداها، وخبزا طازجا على اخرى، ثم ينزل الى المطبخ ليحمّل ذراعيه مزيدا من الاطباق ويصعد بها الى الطابق العلوي. ولا يمنع الارهاق عبد المطلب من ان يعيد الكرة، نزولا وصعودا من دون كلل، ووجهه يشع سعادة، مبتسما للضيوف ليلة افتتاح مطعمه "توكان" المطل على البحر في مدينة تجهد لتستعيد مجرى حياتها الطبيعي. ويقول الرجل الاربعيني "لو قررت ان انتظر حكومة ما لتحقق لي ما انشده، فسانتظر طويلا". ويضيف امام مدخل مطعمه الجديد "الحياة لا تستمر الا من خلال الناس".

و"توكان" واحد من نحو 15 مطعما ومقهى فتحت ابوابها خلال الاشهر الثلاثة الماضية في منطقة حي الاندلس السكنية الراقية على طريق تمتد لحوالى 15 كلم، قوامها شارع قرقارش في شمال غرب العاصمة الليبية. وقرر اصحاب هذه المطاعم والمقاهي افتتاحها رغم عدم الاستقرار الاقتصادي والترقب الامني في المدينة بفعل الازمات السياسية والنزاعات المسلحة المتواصلة في ليبيا منذ الاطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011.

ودخلت طرابلس في نهاية اذار/مارس حكومة وفاق وطني مدعومة من المجتمع الدولي، لتحل مكان سلطة الامر الواقع التي حكمت المدينة لاكثر من عام ونصف وتسببت بعزلها عن العالم بعدما لم تحظ باعتراف دولي. ودفعت النزاعات الاف الليبيين الى مغادرة بلادهم الغنية بالنفط والمعالم الاثرية والشواطئ، بينما اجبرت من بقوا وخصوصا في طرابلس على ان يحصروا نمط حياتهم اليومية بمكانين: العمل والمنزل.

لكن منذ وصول حكومة الوفاق الوطني، يسود طرابلس امل جديد بان تشهد ليبيا اخيرا بداية نهاية ازماتها السياسية والامنية والاقتصادية المتواصلة منذ خمس سنوات. ويتنفس الطرابلسيون الصعداء مع الهدوء الذي يعم مدينتهم منذ وصول حكومة الوفاق الوطني التي لم تحظ بعد بثقة البرلمان، لكنها تمكنت بدعم قوي من الامم المتحدة ودول غربية عديدة، من بسط سيطرتها على المؤسسات واجتذاب معظم الجماعات المسلحة التي كانت تدين بالولاء الى السلطات السابقة.

ويقول عبد القادر وهو يتناول العشاء مع عائلته في "توكان"، ان سكان العاصمة الليبية "ما ان يشعروا بالامان، حتى يبداوا بالاستثمار". ولا تحول الازمات السياسية الاقتصادية وحتى الامنية بين سكان طرابلس وشغفهم بالقهوة والطعام. لذا فان المقاهي والمطاعم في طرابلس غالبا ما تكون الاقل تاثرا بالازمات والاضطرابات. ويستورد تجار طرابلس البن من ايطاليا، القوة الاستعمارية السابقة، وكذلك الالات التي تصنع القهوة وتستقطب الزبائن في المقاهي، وعلى الارصفة المقابلة لها، وفي السيارات. امام مقهى "هارلي ديفيدسون"، تصطف ثماني دراجات نارية ضخمة، وبالقرب منها تقف مجموعة من الشبان ارتدوا سترات جلدية ووضعوا نظارات شمسية.

وينشغل الشبان لدقائق بالتقاط الصور لبعضهم ولدراجاتهم، قبل ان ينتقلوا الى داخل المقهى ويجلسوا حول طاولة خشبية ويتبادلوا الحديث وهم يشربون القهوة. ويقول صاحب المقهى محمد عقيلي ان الليبيين "يشربون القهوة في الصباح، وعند الظهر، وفي المساء". ورغم المخاطر الامنية والاقتصادية، قرر محمد ان يفتتح المقهى قبل شهرين. وبالنسبة الى هذا الشاب، في قطاع الاعمال "يجب ان نتحلى بالشجاعة. ننطلق في العمل، وقد نصيب، او قد نخيب".

وفي القسم المخصص للعائلات في مقهى "فيراندا" المشهور بالحلويات التي لا يزال يقدمها رغم مغادرة طباخه الايطالي عام 2011، تجلس هند وميرا ولمعان حول طاولة وتحاولن تبادل الحديث وسط ضجيج الحاضرين. وتقول ميرا (23 عاما) التي تدرس الصيدلة وقد غطت جزءا من راسها بمنديل حريري "في طرابلس، خيارات الترفيه محدودة. هناك المقاهي، وهناك ايضا تمضية ساعات على فيسبوك. او الاثنان معا". بحسب فرانس برس.

وترى هند ان المقاهي والمطاعم تتيح لسكان طرابلس "ان يشعروا بان لديهم حياة اجتماعية. عندما تكون المقاهي مفتوحة فمعنى ذلك ان كل شيء يسير بشكل طبيعي". وتتابع "حتى مع سقوط القنابل، وفي خضم الازمات الاقتصادية، الناس هنا لن يتوقفوا عن شرب القهوة". وبالنسبة الى عبد المطلب، يتعلق الامر بارادة الناس بان يمضوا بحياتهم رغم كل شيء. ويقول "نريد ان نعيش". ويضيف وهو يتحدث قرب مجموعة من اشجار النخيل زرعت مكان سور بناه ابناء القذافي على الشاطئ لمنع سكان طرابلس من بلوغ البحر "نحن قد ننحني لكننا لا ننكسر".

ذات صلة

فن صناعة النسيج الاجتماعي الرصينالصراط المستقيم بين المنهج والنموذجالشرق الاوسط على موعد ساخن متجدد مع ترامبالتعداد السكاني: لبنة أساسية لبناء مستقبل العراق وتحقيق رفاهية المواطنالايدلوجيا اللّيبرالية الأمريكية والمسار الشعبوي